لحظات أستذكار لأيام حرب أكتوبر زهو مشاعر وعصف ألم ؟!

 
 

شبكة المنصور

ضياء حسن

المثل العراقي يقول الشوف غير السماع

 

يمتلكني شعور بالأعتزاز وأنا أستذكر صورا عربية طافحة بالأمل ,على الرغم من انها , لم تستمر طويلا بهمة الانظمة العربية الرسمية ألتي أتفقت على محاصرتها وطعنها ,بدلا من تطوير فعلها بأتجاه تحرير الأراضي العربية ألمحتلة !. بل جعلت منها خطوة للتراجع المهين الذي توج بقرار ساداتي , مفرط بالحق العربي , فتح الأبواب امام قرارهجين يعترف بألوجود الصهيوني الغاصب لفلسطين , والمحتل للجولان السوري ولمزارع شبعة اللبنانية مقابل الانسحاب من سيناء المصرية !


والصور التي أعنيها تلك التي عايشتها ،وانا أتابع ميدانيا ما اداه الجيش العراقي من فعل قتالي كبير بالغ التأثير في أسناد وقفة أشقائنا السوريين على الجبهة الشرقية في معارك حرب تشرين أول – أكتوبر1973 في مواجهة
قوات العدو الصهيوني المسندة بدعم تسليحيى واستخباري لوجستي اميركيين لتحقيق هدفين سوقيين مهمين :


أولا :مفاجأة العدو بتواجد سريع في ساحة المعارك المحتدمة بين قوات سوري , مندفعة تحاول تعزيز مواقعها , وبين قوات صهيونة تعمد لشن هجوم يتيح لها منع ذلك .


ثانيا : البدء فورا بشن هجوم ,مباغت على العدو , أربك قواته وجعلها تتراجع امام زخم قتالي عراقي لم تألفه من قبل. مع ملاحظة أن القوات العراقية دخلت المعركة بعد أن قطعت مسافة تجاوزت الألف كيلو متر على طريق ضيق لا يسهل حركة الدروع التي سار أغلبها على السرف لعدم توفر الحاملات الخاصة !

 

فالقوات العراقية المدرعة كانت البادئة بأطلاق النار ومن موضع الحركة , بمجرد ما استطاعت المدفعية أن تستمكن العدو وتصليه نارا حامية أوقعت فيه أصابات مباشرة وموجعة , أشعرت قيادته الميدانية ان قواتهم تواجه فعلا قتاليا من نمط غير أعتيادي , أتسم بالقوة والأندفاع وألقدرة على المناورة والسرعة في التناوب في أستخدام الأسلحة المختلفة لتوجيه الضربات الدقيقة للأهداف المقابلة , من دون أن تعطيهم الفرصة لاسترداد الأنفاس .


وبدخول القوات العراقية حومة القتال, سرعان ما تغير ميزان المعركة , بتخفيف الضغط على الأشقاء السوريين , وأعادة تنظيم خطوطهم بعد دخول عامل أسناد لقدراتهم ألميدانية , تمثل بالألوية القتالية العراقية وزخمها الناري عالي التأثير , وبسالة المقاتلين وهو يمسكون بالأرض ,دفاعا عنها وتبعا لذلك تغير مجرى المعارك من مواجهة عدو يحاول أستخدام الدعم الأميركي لوقف زخم قتالي عربي , يسعى لأسترجاع ما أحتل بالقوة من الأراضي العربية بقوة أفعل , تعيد الحق الى نصابه الحقيقي , تغير ألى هدوء غير مفهوم في الساحة القتالية.


فعلى غفلة ساد الجبهة صمت غريب , فسره لي أحد قادة الدروع العراقيين الميدانيين بأنه يتوقع أن يكون صمتا يسبق العاصفة , فالتنسيق بين القادة العسكريين العراقيين والسوريين يتطلب تعاونا بين القطعات المختافة ينظم العمليات الحربية وأتجاهاتها الجديدة وصولا الى الأهداف النهائية لحرب تشرين والتي تفترض تحرير كامل الأراضي العربية المحتلة , بعيدا عن اللعب الانتهازية الخيانية .


وما ادرانا ان اللعب كانت – شغالة- وقد أكتشفنا ذلك بعد وقت ليس بالطويل , عندما شمل الصمت المدافع العربية , فلم تعد توجه قذائفها لمشاغلة العدو وأرباك أستعدادته لمواجهة هجوما كبيرا وموحدا , ومرتقبا للقوات السورية والعراقية المتوغلة في الميدان القتالي أنتصارا للاشقاء المقاتلين السوريين ,شعورا بالمسؤولية القومية التي تقتضي وقوف الأشقاء معا في معركة المصير الواحد !! .


ولم ننتظر كثيرا لمعرفة الحقيقة فقد قطع علينا ضباط دروعنا ونحن نتواجد معهم في الميدان الصمت , وهم يشيرون علينا أن ننظر الى سماء المعركة لنشاهد ما أسفر عنه صمت المدافع .


وأذا بها خطوط بيضاء تملأ السماء, وقبل أن نسألهم , ماذا يعني ذلك أبلغنا أحد أمراء سرايا دروعنا , هذا يعني أن القتال قد توقف بعد أمساكنا بزمام الأمور ونستعد لبدء صولات التحرير , مما دعانا لأن نستفهم منه .


وما علاقة الخطوط البيض بوقف القتال , هل تحررت الأراضي ,هل قرر العدو الأنسحاب منها لنوقف القتال من دون اراقة للدماء ؟!..


وجاءنا الجواب سريعا من هؤلاء الضباط وقد عصرهم احساس مشوب بالألم والانزعاج , وهم يشرحون لنا معنى ظهور تلك الخطوط , أي أسبابها ؟!


قالوا , انها خطوط تصدر عن طائرات أستطلاع للعدو تطير في أجوائنا بفضل صمت مدافعنا التي كانت تتصدى لها قبل هذا , أما الأن فيبدو أن سكوتها قد بدأ ,والطائرات تحلق لمراقبة وقف أطلاق النار.


فلا تندهشوا , هو قرار عربي لا يثير الأستغراب , بل العكس المصحح له يمثل حقيقة من أدعى نية تحرير الأرض المفرط بها بأرادة رسمية عربيا !!


وكان علينا كأعلاميين مرافقين لقواتنا ان ننسحب من الجبهة الى دمشق لنتعرف على حقيقة الأمر ,بدلا من الاستغراق في وصف معركة لم تعد قائمة ؟!


وفي السفارة العراقية كان الجواب حاضرا ووجدناه لدى الرفيق المرحوم الراحل شفيق الكمالي والرفيق , محمد سعيد الصحاف حيث أبلغانا بأن قرارا دوليا صدربوقف العمليات العسكرية ووافق السادات عليه , وأضطرت سورية للموافقة عليه أيضا , من دون أستشارة للعراق ألذي هب للوقوف الى جانبها كشريك قتالي , و بكل قدراته القتالية !!


وكما ابلغت بالقرارالصدمة ,أبلغني الرفيقان أن أستعد للعودة معهما الى بغداد , قبل أن يحين الموعد الرسمي للأعلان عن وقف العمليات العسكرية على الجبهتين المصرية والسورية , لأنني كنت قد جئت برفقتهما, بصفتي موفدا لجريدة الجمهورية ألذي كان يرأس تحريرها الزميل نقيب الصحفيين الراحل سعد قاسم حمودي رحمه الله وتواجدي في الجبهة لتغطية أحداثها , ولا بد أن أعود لأنه لم يعد لوجودي هنا أي معنى أو ضرورة .


وقي طريق عودتنا برا توقفتا لوقت قصير في نقطة الكيلو160 للراحة , فأستمعنا بالصدفة لموجز انباء بثته أذاعة دمشق لتبشر العرب بلحظة الأنحناء العربي الرسمي امام ذلك القرارالأميركي ألمشبوه !!


وعدنا الى بغداد الرشيدة بقرارها مشاركة الأشقاء واجبا , وأملا لم يكتمل , وقد شابنا عصف ألم عميق ,يعلمنا درسا أن لا ينسى أبدا , بأن لا نتورط بالمراهنة على افعال لأشقاء وأصدقاء , قد تبدأ ولكنها غيرمحددة المرامي و المراسي مسبقا ؟!!


ولكن والحقائق تؤكد أننا لم نتعظ ,وربما لن نتعظ ,فحماستنا للأخرين تسبق وتتجاوز حساباتنا لنواياهم !!

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢١ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور