عقود النفط  لمن وما هي الأهداف

 
 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

كل الشعب العراقي يعارض بقوة سيطرة أمريكا والشركات الاحتكارية على النفط إلا مجموعة المالكي والعملاء ممن يوافقوا على بيع رخيص لجهاد الأجيال وما تحقق في عهد ثورة تموز 1968 بقيادة البعث الذي تمخض عن تحرير كامل ثروات العراق وامتلاك الشعب لثرواته. أما عملية إعادته لسيطرة الشركات الأجنبية التي لن تخضع فيه تلك الشركات للمحاكم العراقية، ولا للتدقيق العام، ولا للرقابة الوطنية. فهذا أمر لا يمثل فقط استباحة ثروات الشعب بل التنازل عن استقلال الوطن كله.

 

العقود تشكل هدرا المال العام :

 

العقود تمثل هدرا للمال دون تفكير بإمكانية تحقيق مردود مستمر ونافع للبلد وتوسيع شركة النفط الوطنية وتطوير قدرات العراق بشريا وتقنيا واقتصاديا. 

 

هل خمنت الحكومة كلفة العقود من ثروات النفط التي سيؤول مرددوها للشركات متعددة الجنسيات ومقارنتها بإمكانية توفير استثمارات عراقية لتحقيق هذا الطموح عراقيا عن طريق استثمار محدود ولأجل محدود لبعض تلك الحقول والعمل على إعداد بنية عراقية بشريا وماديا لتنفيذ الأمر، تماما كما فعل العراق إبان تنفيذ خطة التنمية الانفجارية للأعوام 1975-1979 والتي استطاع العراق أن يؤسس لتشكيل مجاميع من شركات التنفيذ المباشر في كل القطاعات وما كانت تنهي شركة أجنبية عقد عملها حتى تكون قد تشكلت نواة لشركة عراقية في نفس النشاط ، كمشاريع الري استصلاح الأراضي والإسكان والطرق والمجاري ومشاريع الماء حتى وصلت الخبرات العراقية لمستوى عالمي في القدرة على التنفيذ والتخطيط والتصميم وتخمين الكلفة وحساب الجدوى الاقتصادية. فلماذا ذهبت وزارة النفط إلى الخيار المجحف والمكلف؟

 

هل هو توجه للخصخصة ؟

 

إن اتجاه الحكومة حسب الوقائع هو خصخصة النفط وإلغاء التأميم، وهنا أريد أن اسأل هل الخصخصة مقبولة أو معمول بها بأي بلدان العالم بالثروات العامة؟ وكل ما يطرح من تبريرات ونقاشات هي مجرد تضليل فما هي دوافع ذلك؟ وما هي الفوائد المتوقعة منه؟ أما ما تطرحه الحكومة وبعض التكنوقراط المستأجرين فلا تتعدى الكذب والتضليل وكلام مدفوع الأجر من قبل شركات النفط الاحتكارية لأنها المستفيدة ولكون عملية النفط محدودة المعرفة بتفاصيلها من قبل عامة الناس فان التضليل بان إدخال الشركات عملية إنقاذ وإجراء اقتصادي ووطني سليم فهذا من باب جني المنافع الشخصية من قبل ناس تمكنوا في غفلة من الزمن الوصول إلى السلطة فهمهم الوحيد تحقيق اكبر منفعة متاحة على حساب الشعب وثرواته، وان العقود أو التصاريح النفطية كما يحاول المؤيدين لها تضليل الشعب بهذه التسميات هي عقود شراكة بالإنتاج بالتعريف الاقتصادي والفني لها وليسأل أي خبير اقتصادي غير مستفيد من الصفقة وليس له منفعة شخصية عراقي أو عربي أو أجنبي سيعرفها كما قلت، ويتفق خبراء النفط أن غرضها سياسي في المقام الأول: فشكليا احتياطيات النفط  ملك الدولة، لكنها عمليا تعطي الشركات النفط نفس نتائج اتفاقيات الامتياز التي كانت قبل عملية التأميم.فهذه العقود الضخمة من حيث توصيف بنود تلك الاتفاقات من الناحية الفنية والانتاحية والقانونية والمالية والتحفظات والشروط الملحقة بها، هل تمت دراستها بشكل كامل حتى الجانب اللغوي وحددت من هي اللغة المعتمدة بشكل نهائي أمام المحاكم، وهل ستنظر الخلافات أو النزاعات أمام المحاكم الوطنية؟ آم إن الشركات اشترطت أن تكون محاكم الاستثمار الدولي ؟ وما هي الشروط السرية للشركات في تلك العقود وهل ستكون خاضعة للرقابة والتدقيق الوطني ؟ وما هي الشروط التي وضعتها لضمان استمرار عقودها وعدم إمكانية تعديلها أو تغييرها لعقود مقبلة من قبل العراق، والتي تمت بظروف سياسية وأمنية غير مستقرة وحكومة خبرتها ضعيفة وخاضعة لاحتلال عسكري. وهذا يجعل الشركات تضع شروط مجحفة لتلك العقود، خاصة وإنها عقود تمتد لأكثر من عقدين من الزمن، إضافة إلى استثناءات قد تتضمنها تلك العقود لصالح الشركات على غرار التسهيلات التي تمنح لشركات الاستثمار في قطاعات خدمية غير مضمونة النتائج لا في استثمارات نفطية لحقول عاملة أو مكتشفة ومعروفة الكنوز والأرباح.

 

عقود مشاركة الإنتاج سياسة أمريكية ينفذها العملاء:

 

لقد طرحت أمريكا هذا الشكل من الاتفاقيات في العراق ضمن مشروع "مستقبل العراق" الذي كان ضمن مخطط وزارة الخارجية الأميركية قبل غزو العراق عام2003. وتمت تداولها وتعديل بعض فقراتها من قبل حكومة بريمر والحكومة العراقية الحالية. كما أن الدستور الذي وضعه الاحتلال يجيز ذلك رغم عدم الوضوح والضبابية بتعبيراته الخاصة بذلك، لكن تلك العقود تأجل العمل للمباشرة بها بسبب الوضع السياسي والأمني للبلد، وعلى موافقة الشركات النفط الاستثمار في ظل وضع امني غير مستقر. لكن أمريكا تضغط على الحكومة التي نصبتها بالعراق لتبني عقود مشاركة الإنتاج وكان واحد من أسباب إطلاق يد إيران ومليشياتها وتنصيب حكومة موالية لها هو تنفيذ هذه السياسة النفطية. وما صمت أمريكا والحكومة الحالية عن انتهاك إيران لحدود العراق باحتلال جزء من حقل الفكه إلا نموذج لموافقة إيران على ذلك ولكن عندما جرت تلك العقود دون دور إيراني قامت إيران باحتلال الفكه لتعلن الفيتو بالقوة على تلك العقود بغيابها،  ولهذا السبب أيضا يحث مالكي وشهسرتاني الخطى ويسابقوا الزمن لانجاز تلك العقود النفطية بضغط ووعود أمريكية لهما بالحصول على دورة انتخابية لاحقة في حال إتمام تلك العقود، وهذا مؤشر مقدما على أن الانتخابات قضية شكلية والنتائج معدة مسبقا.

 

كما إن الدستور الذي وضعه الاحتلال يقترح لا مركزية السلطة في مجال عقود النفط، مما أتاح لحكومة اربيل المباشرة بإبرام عقود على مستوى الإقليم، وهذا السبب نفسه الذي يجعل الائتلاف العراقي والمالكي يعملوا بالخفاء لإحياء مخطط الأقاليم في جنوب وغرب ووسط العراق، وهذه السياسة أي عدم مركزية تلك العقود ستجعل موقف المفاوض العراقي ضعيف ويتقبل إملاء شروط مجحفة عليه.

 

لماذا وعلى أي قياس أو مثال قاس المالكي:

 

تحاول حكومة المالي أن توحي بأن عقود مشاركة الإنتاج  سياسة معتادة في الاستثمار والصناعة النفطية وان العراق مضطر ضمن ظرفه الاقتصادي الحالي إتباع تلك السياسة لتمويل تطوير النفط، وهذا يدل على أمرين إما جهل وأمية القائمين على السلطة والعملية النفطية والمالية العراقية أو اعتبارهم شعب العراق جاهلا خسئوا ففي العراق عقول تزن أكثر منهم ومن حماتهم وأسيادهم، وشعب العراق واع للمؤامرة والبيع الشخصي من قبلكم لثرواته.فأرقام وكالة الطاقة الدولية تؤكد إن 12% فقط من الاحتياطي النفطي العالمي يعمل بهذه الصيغة وفي دول فقيرة وحقول صغيرة ومعظمها في أعماق البحار حيث تكون كلفة الإنتاج كبيرة ونتائج التنقيب والاكتشاف عبارة عن مغامرة أو مقامرة وهذا لا ينطبق على حقول العراق المضمونة والغنية الاحتياط، وفي دول تتواجد فيها حقول النفط الصغيرة (والبحرية بشكل غالب) حيث تكون تكاليف الإنتاج عالية، واحتمالات اكتشاف النفط مشكوك فيها. ولا ينطبق أي من هذه الأوضاع على العراق، ولا يوجد في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط عموما عقود مشابهة ، إن استثمار الشركات الحالي ستقابله خسائر جسيمة تلحق بعائدات العراق فيما نعد ستشكل نسيا كبيرة أو كل عائداته من الإنتاج، والعراق غير مجبر على تلك العقود بل هو يمتلك خيارات عديدة منها التعاقد لأجل قصير كان تكون عقود الخدمة لثلاث أو خمس سنوات على شكل مقاولات قد يمتد سدادها لسنوات على غرار كثير من القروض، العمل على تطوير استثمار الدولة في قطاع النفط وذلك من خلال الاستثمار الحكومي وتطوير إمكانات شركة النفط الوطنية ذات الخبرة والكفاءة وتعزيز ملاكها البشري بعمالة عربية وأجنبية بعقود تتعهد الشركات الحكومية بزج عراقيين معها كمتدربين لحين اكتسابهم الخبرات الكاملة ليكونوا بدائل لهم وإكمال كافة متطلبات المعدات والمكائن اللازمة عن طريق عقود آجلة خصوصا والعالم يمر بأزمة اقتصادية خانقة يمكن للعراق استثمارها لإبرام عقود مريحة من ناحية الأسعار والشروط، والاعتماد على الثروات التي ستتدفق نتيجة رفع مستوى الإنتاج للنفط وتصديره والتي يمكن اعتمادها كضمانة للاقتراض.

 

العقود لمصلحة الشركات الاحتكارية ودول الاحتلال :

 

إن عقود النفط هو عبارة عن تنازل عراقي عن ثرواته وسيادته، وخصخصة لنفطه بنقل ملكيته والتحكم به إلى الشركات متعددة الجنسية، وتحقيق إستراتيجية دول الامبريالية لتحقيق "أمن الطاقة وحجز احتياطيات العراق الضخمة لتأمين نموها المستقبلي وتحكمها بالاقتصاد العالمي ومن خلالها بالسياسة الدولية كلها، وان هذه السياسة مفروضة على العراق من قبل أمريكا ومن خلفها الشركات الاحتكارية، وأؤكد إن شروط وأسلوب تطوير إنتاج النفط يجب أن يكون حقا وطنيا للشعب ولا يحق لحكومة أو برلمان يركعا تحت الاحتلال أن يقررا ذلك، وان تجري مناقشات وندوات وحوارات علنية ومنقولة ومكتوبة ولا صوت أعلى من صوت الشعب.

 

إذ اكتب هذا فهو احتجاج مني كعراقي على المخطط الذي تنفذه حكومة الاحتلال ورفض لها وتوضيح الأمر كاملا لأهلي في العراق، اللهم اشهد إني قد بلغت.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ١٥ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور