من الإمام الحسين عليه السلام إلى وريثه وحفيده صدام حسين رضي الله عنه

 
 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

بسم الله الرحمن الرحيم
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا

 

 

عندما يريد أي كاتب أو محلل أو روائي أن يكتب عن قمم في التاريخ الإنساني يتهيب كثيرا لا لعجزه اللغوي ولا لعدم قدرته الخطابية أو لأمر يتعلق به شخصيا فحسب بل حتى في استخدام المفردات والجمل والعبارات، فإنها ستظل دون القدرة على الوصف والتعبير أمام أولئك العظماء الذين خلدهم الناس والتاريخ والموقف، فلا يمكن أن تكون الكلمات قادرة عن التعبير عن موقف إنسان يعطي للموت معنى الخلود له لا بالجسد بل بالمبادئ التي رسمها بدمه وموقفه وتعبيره الراقي عن المعنى الأخلاقي للحياة والموت، وهنا يعجز الكلام عن الوصف والتعبير والرقي إلى مستوى الموقف لذا يعجز الكتاب والروائيين لأنهم يعيشوا شيئا لا يمكنهم التعبير عنه، وأي مفردات استخدموها تظل دون القدرة عن التعبير.


نعم كنت أتأمل في ذكرى تقدم صدام حسين إلى المشنقة التي أعدها له الطامعين بالعراق منذ زمن بعيد، قد يكون منذ تفجير ثورة 17تموز1968 أو منذ إعلان العفو العام عن السياسيين وإصدار قانون العمل الوطني وقيام الجبهة القومية الاشتراكية، أو منذ إصدار قانون التأميم لنفط العراق، أو منذ زحف جيش لرد عدوان الصهاينة على الأمة العربية 1973 أو وضع قاعدة وأسس قيام نموذج الدولة العربية التي يناضل الشعب وطلائعه بقيادة البعث العربي الاشتراكي لتحقيقها أو.. كثيرة هي الأسباب التي تطلب حياة صدام حسين وحزب البعث وجيشه وتريد القصاص منهم، لأنهم يناهضوا ويرفضوا الهيمنة الامبريالية والاستسلام للمشروع الامبريالي الصهيوني الساعي لاستباحة العرب شعبا وأرضا وثروات، قفز أمام ناظري ذكرى قتال سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، كم كان هذا الرجل مؤمنا بما أوصله أن يذهب إلى كربلاء ومعه أهل بيته ونساء بني هاشم وأطفالهم وهو يعلم إلى أين هو ذاهب ويعرف تفصيلا من جده صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن جبريل عليه السلام، وهو بذلك الإصرار السامي الراقي المهيب لتحدي الجموع التي أعدت لقتاله، انه يعرف انه سيلاقي جيشا لا تناسب بينه وبين الرجال المعدودين ولكنهم الراسخين بالعلم الذي جعل كل منهم يجسد ويفقه رسالة الحسين عليه السلام، لكنه أراد أن لا يموت موت عاديا فانه أمام المسلمين ومثلهم وابن بني رسولهم الذي هداهم للحق وابلغهم إن الله اعد للصادقين بإيمانهم منزلة في جنات النعيم لا تعادلها درجة إلا الأنبياء، ولكن هل الحسين عليه السلام كان يشك في أن تسعه رحمة الله في جنته وإذا لم يكن الحسين فيها فمن يكون منا فيها؟ إذن لم يكن الدافع الأكبر والأعلى هو طلب الجنة ورضي الله فحسب لان ذلك حاصل نتيجة قول الله لهم (نما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ولكنه أراد أن يجعل للمؤمنين منهجا في الحياة والموت ويعطي للبشرية درسا ويمنح الموت قيمة اكبر مما يراها الآخرين انه نهاية الإنسان لا بل هو كتاب من الله له فيه بينان لأولي الألباب، وان يجيب على سؤال طالما حير البشرية جوابه ما هو الخلود وهل هناك خلود للإنسان، نعم لقد أجاب الحسين عليه السلام عن السؤال ووضع للبشرية الجواب انه تجسيد كامل للقيم والمبادئ في موقف، وافهم البشرية المعنى العميق للإيمان وما هي العبودية الحق لله ومعنى قول الله(إني جاعل في الأرض خليفة).


نعم لقد جسدها الحسين الثائر .. جسدها الحسين الإنسان .. جسدها الحسين المجسد لمعنى المؤمن من خلال موقفه يوم ألطف وهو يقول :


إن كان دين محمد لايسقم ألا بقتلي فيا سيوف خذيني


ما هو دين محمد أيها المؤمنون انه دين الرحمة والعدالة والمساواة وتحقيق إنسانية الإنسان من خلال جهده وتقواه (والتقوى بمضامينها العظيمة والواسعة تعني الرقي الأخلاقي للإنسان عن كل باطل في العمل والسلوك والقلب) والأمر بالمعروف والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي إضافة إلى ثوابت الدين منذ أبونا ادم وإبراهيم وهي التوحيد والإيمان المطلق بوحدانية الله والمناسك والعبادات، انه دين الحق والقيم والفضيلة والسمو الإنساني للنفس البشرية، انه جمع كل القيم التي أرادها الله من البشر عبر كل رسله وأنبيائه، انه الدين الذي يصدق ما قبله ويهيمن عليه أي تحوي ما جاء به كل الرسل والأنبياء عليهم السلام ويزيد عليها في الجوانب الإيمانية والإنسانية والخلقية والاجتماعية، فهذا كله جسده أبا عبد الله يوم ألطف كي يدرك الإنسان كل إنسان معنى خلقه لهذا استحق الخلود في قلوب كل أحرار ومؤمني الكون إن كانوا مسلمين أو غيرهم، هناك فهمت بعمق ما الذي جعل صدام حسين رضي الله عنه يتقدم مبتسما للمشنقة وكأني به يردد ما ردده جده الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يوم ضربه ابن ملجم بالسيف على رأسه (فزت ورب الكعبة فزت ورب الكعبة).


القيم التي جسدها صدام حسين رضي الله عنه ليكون وريثا لجده الحسين عليه السلام:


1. الثبات بالموقف ورفض المساومة.
2. العفو عن المخطأ وقتال المجرم والباغي.


3. عدم الحقد على المغرر بهم والمخطئين فالإمام عليه السلام يوصي الحوراء عليها السلام (اخية لا تدعي بسوء على امة جدك)، وصدام حسين قال أعفوا عن كل مخطئ وأنا أولكم أعفوا عمن وشي بعدي وقصي ومصعب وأسامحه.


4. رفض الحسين عليه السلام البغي والفجور وامتهان الناس ووصى حتى بعد قتل كل آل بيته وصحابته الكرام بالدين والتقوى وظل يحاجج الناس بالقرآن ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعوا للتمسك بقيم الدين الحنيف، وصدام حسين في رسالته لشعب العراق لا تحقدوا على الشعوب لجرائم حكامها بل استمروا بقيم الإنسانية التي هي قيم العرب والمسلمين.


5. بقي الحسين أخر من قتل في يوم ألطف بكربلاء ولم يفت من عضده إن كل آل بيته وأصحابه قتلوا فيصفه كل المؤرخين بأنه كان رابط الجأش قوي العزيمة غزير الإيمان كرار غير فرار ولم يهاب الموت، وكان صدام قد جسد في نعيه لأبنائه وحفيده تلك القيم.


فسلام عليك فديتها بالروح والأولاد يا صدام، وهنيئا لك رضا الله وجزاءه.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور