كيف يجب أن نحي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

 
 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد
تمر سنويا على المسلمين ذكرى ملهمة للنفوس والعقول هي ذكرى استشهاد سيد الثائرين وإمام المتقين ورمز الرافضين للمنكر والفساد والانحراف ومصادرة حريات الناس وتصرف الملوك وكأنهم عقول ورقاب الناس يملكون، فهل وعى الناس الموقف والدرس والمعنى الأخلاقي والإيماني والاجتماعي لذاك الموقف وعملوا به، أم ظلوا سلبيين يتصرفوا على أساس إن الحسين عليه السلام رجل ظلم باغتصاب حقه في الخلافة وظلم عندما دعاه الناس وتبرؤا من التزامهم أمام الله وأنفسهم وله شخصيا عبر رسائلهم التي وعدوا فيها بالبيعة والنصرة، وبذلك أضاعوا المعاني والدروس التي انتصر بها الحق على الباطل والفكر على السيف والحياة على الموت.


إن معاني استشهاد الحسين عليه السلام اكبر من نتعامل معها بضرب الصدور والظهور أو تطيير القامات أو البكاء والعبرات، استشهاد الحسين تلخيص لقيم الخلق كلها، بموقف على المفكرين والمثقفين ورجال الدين والدعاة والمصلحين أن يهضموه بشكل دقيق ويبينوه للبشر وأولهم العرب والمسلمين، وان يضعوا على ضوء ذلك الوعي الإيماني الأخلاقي السياسي الاجتماعي التحرري برامج على أن تتبعها لتعمل بها وتلزمها طريقا للخلاص الحقيقي من كل بغي وانحراف وفجور.


أنا عربي مؤمن والحمد لله ويرجع نسبي لسيد الشهداء وهذا شرف لكن قد لا يتصور كثير من الناس كم أتألم وأنا أرى الناس يحيون ذكرى استشهاد رجل عظيم جسد الإيمان والإنسانية والقيم والخلق والمبادئ بموقف رهيب صعب على البشر الاعتياديين بهذا الشكل الذي لا يعني غير السلبية والجهل بمعنى ذلك الموقف الذي لا يمكن وصفه إلا انه رسالة عظيمة وصيحة حق ستظل تدوي في الكون عبر الزمن أن الله اكبر لا اله إلا هو وان الإسلام دين الحرية والعدالة والمثل العليا وان كل ما جاء من الله حق لابد أن نرتقي بفهمنا لتجسيده والدفاع عنه مهما كان حجم قوى الكفر والبغي والعدوان وكثرة عدد جيوشها وفتك قوتها وسلاحها وان كان عددنا لا يمثل نسبة منهم لان الحق ينتصر بمعنى الرفض أي كان نوعه ويظل التصدي بالسيف والقتال أعلى صور الرفض الايجابي المستند لقيم الإيمان، لتدرك البشرية المعاني السامية لتلك الصيحة وتعمل بموجبها.


أيها العرب والمؤمنين منهم أيا من أنبياء الله اتبعوا: انتم الآن أكثر عددا من أصحاب الحسين الذي قاتلوا معه، وتتعرضوا لظلم وإرهاب وبغي وتربص لا يقل عما تعرض له الصالحين في عهد الحسين عليه وعلى آله وصحبه السلام فلماذا لا يعملوا بما عمل وفقا للنهج العظيم الذي جسده في وقفته يوم عاشوراء وفي معركة ألطف؟ لا أن يحاولوا عبر قنواتهم الفضائية المحرفة لكل معنى عميق في تاريخنا وسيرة مصلحي هذه الأمة إلى مجرد ذكرى حزينة وجلد للذات، إن أول من عمل على تحويل إحياء ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام من رسالة ومنهج جهادي كفاحي إلى ذكرى مؤلمة تستحق النواح والبكاء وإطلاق القرائح بالشعر الحزين كان إما جاهلا غير مدرك للمعنى الإيماني الأخلاقي لها أو هو مغرض في قصده لنقلها من زلزلال أخلاقي عظيم للنفوس والضمائر، وتحويلها إلا مجرد ذكرى لمظلومية شخصية ضيقة طالت ثلة من الأبرار، مطلوب العودة للمعاني الكبيرة لموقف الحسين واستلهامه بشكل صحيح وهذه مسؤولية كل مصلح في الكون، وهو ما قصده الإمام الحسين عليه السلام، فهل نحن بهذا المستوى من الرقي أيها المدعون بالعلم والحب للحرية والثقافة؟ إنها دعوة للعودة إلى فهم واع عميق لرسالة الحسين عليه السلام.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ١٠ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٧ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور