يا مالكاً صُرَّة الديناميت والموت تعجَّل

 
 
 
شبكة المنصور
أ.د. عبد الكاظم العبودي
ينام المالكي ويصحو على عزف التفجيرات في أطراف بغداد بضواحي المنطقة الخضراء التي باتت عاصمة للمماليك وأسيادهم الامريكيين . الموت على مدار أيام الاسبوع متقطع كدوائر توزيع التيار الكهربائي الموزع على أحياء بغداد دون ان يقترب من أسوار وكر الاحتلال في كرادة مريم.


يظن المالكي ان المايسترو والعازفين اليوم لحن الجنائز سيظلون في دائرة الخفاء والعتمة الى الأبد. وفي كل مرة يظن أن تسلم الجَرَّة المملوءة بالدولارات تارة والمعبئة بأكداس الديناميت والصاعق الجاهز للتفجير تارة أُخرى. والخيار المملوكي ما بينهما إما للبقاء في عبودية الاحتلال أو الرحيل الابدي عن العراق.


ولأن لأصحاب المعالي من الملالي والعمائم بكل الوانها قد أُعلموا بأجندة المئآتم وعناوين مجالس الفاتحة مسبقا فخرجوا مبكرين من مواقع دوائرهم وأوكارهم ووزاراتهم المُستَهدَفة بعيدا عن مدى حتف التفجيرات ومواقعها. وفي كل مرة تسلم جَرَّة رؤوس عملاء الاحتلال بعد ان توزع صُرَّة الديناميت وأشلاء الموتى على مقاسات أحياء الفقراء والوزارات الخدمية والأحياء الشعبية المجاورة لها تبعا للتصنيف والتوتر الطائفي المطلوب إستثارته، وبموازاة مرحلة إعداد الخطاب الانتخابي للكيانات المتهالكة على كراسي النيابة عن كوم الجثث من الاحياء والموتى الموزعة على مقاعد المحافظات حسب إحصاءات الجوع في البطاقة التموينية ومفاسد قوائم وزارة التجارة والنفط والكهرباء والداخلية والدفاع وصفقاتهم.


بعد الاحد الدامي مباشرة تمت فبركة التهم على سوريا وللصداميين وبقايا البعث والقاعدة وقدمت الداخلية وناطقها بضاعتها المستهلكة من إعترافات تخالف القاعدة العراقية المعروفة: " كذب مصفط أفضل من صدق مخربط"؛ فلم يفلحوا في اقناع أحد وذهب مندول الامم المتحدة من حيث أتى بخفي حنين. وراودت أطراف العصابة الحاكمة ظنون الاتهامات لكل طرف من اطراف اللعبة السياسية التي بدأت تَستدرج البعض الى اللعب في حلقة الموت والتصفيات الجسدية مهما كانت كلفتها الدموية.


في البدء فُجِّرت وزارة الخارجية وأخواتها، كان زيباري خارجها، فلم نسمع عن مقتل مسؤول كبير من القناصل والسفراء، وكأنهم تعلموا الدرس والخبرة والتجربة من مدرسة تفجير 11 سبتمبر الامريكية التي أوصت بخروج كل اليهود من البرجين قبل موعد إقلاع الطائرات المهاجمة واصطدامها ببرجي التجارة في نيويورك. ومرت زفة الموت من دون ان نعرف اسما معروفا من بين الضحايا وتم دفن الفقراء بصمت وريبة فتحت كثير من الاسئلة أمام الرأي العام الوطني والعربي والعالمي عن حكاية دولة القانون وصولة الفرسان ومثيلاتها في أكثر من محافظة من محافظات العراق.


وجاءالاربعاء الدامي فاقتربت التفجيرات من مبنى وزارة العدل ومعها وزارة التجارة وأمانة بغداد في الكرخ. ولم نقرأ في قائمة الموتى أي إسم من رجال ومسؤولي هذه المؤسسات المحسوبين على حكام دولة الطوائف. قالوا لنا والعهدة على الراوي يومها ان جميعهم كانوا في إحتفال التأبين المكرس لذكرى مصرع " شهيد المحراب" الذي جمعهم في محرابه وحماهم من تفجيرات الاربعاء الدامي. ومرت عاصفة التفجيرات من دون حساب لما ظل في البيدر من رؤوس أينعت وما حصد في دوائر الموت المريعة لرؤوس الغلابى والمسحوقين. المهم سلامة رأس الجماعة وعمائمهم المحفوظين بشفاعة أهل البيت حسب تعبير أحد الملالي.


وعندما تكررت فاجعة الثلاثاء الأخيرة، إستكملت شاحنات الموت تفجير دوائر وزارة العدل ومؤسساتها ممثلة بمحكمة الاستئناف العليا وقضاتها في الكرخ ومحلة القاهرة ولاحقت وزارة مالية صولاغ في الشورجة. وعلى نفس صيغة بيانات النعي المعدة سلفاً تسابقت وزارات الصحة والداخلية والحماية المدنية بنشر الأرقام للضحايا من قتلى وجرحى ولم نسمع من بين الأسماء مسؤولا واحداً كنا قد عرفناه او سمعنا عنه. ولا ندري هذه المرة من هو الشفيع لحماية رؤوس القتلة من أمثال صولاغ هل بركة ملا مصطفى البرزاني أم غيرها، لكن الخبر العاجل الذي نقلته قناة الحرة الامريكية نقل الينا مشهد صولاغ وبرهم صالح والبرزاني في حفل مريح مبتسم جرى فيه اقتسام الريوع النفطية بين أطراف اللعبة السياسية بعد اتفاق توزيع محاصصات دورة البرلمان القادم. هل الشفاعة الكردستانية الملائية انقذت صولاغ من الذهاب الى مقر وزارة المالية المؤقت في ذلك الثلاثاء الاسود بعد أن إستزرع وزارته المالية بين الاحياء الفقيرة في الشورجة لكي يدمر ما تبقى من بيوت الفقراء ويقسم أشلائهم على مستشفيات بغداد بانتظار فرز الحمض النووي لكتلة اللحم والطين وفحوم الإجساد المحترقة .


وانتظرنا هذه المرة طلعة قاسم العطا البهية او غيره لنسمع منه إتهام ثالثة الأثافي وبفعلة الصداميين وبقايا البعث والقاعدة في اليوم الدموي الثالث ببغداد. لكن مجلس نواب النوائب نظم على عٌجالة من أمره جلسة للطم الخدود والندب على كثرة المعاصي الامنية. اجتمع المجلس من دون "رادود" فعلي. أين سكت رئيس لجنة الأمن والدفاع هادي العامري وتكلم نوابه من دون معطيات وبانتظار غدا الخميس اطلالة المالكي على مجلسه او ينتدب وزرائه الأمنيين يفاجأ المالكي الجميع صباح الاربعاء الثامن من كانون الاول بطلبه من دون مقدمات مجلس القضاء الأعلى بتسريع تصديق أحكام الاعدام وعلى الفور، ومن دون تباطؤ، وكأن حفلات الموت الجماعي في الايام الثلاث الدامية ببغداد لم تكفيه بكل شلالات دمائها.


وللعودة لما تقدم من هذه المقالة لا بد من إعادة السؤال: لماذا استهدفت مؤسسات ودوائر ومدارس وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى مرتين في الاحد والثلاثاء الدمويين من دون الاعلان عن مقتل اي من قضاة المحكمة العليا أو موظفيها الكبار. وهل ان ترهيب هذه المؤسسات ورجالها قد تم تخطيطه مسبقاً للوصول الى لب خطاب المالكي اليوم عبر قناته "العراقية" ليقول شيئا محددا واحدا هو مطالبته بوحدة عصابات الدم من جهة أمام عاصفة الشعب العراقي المرتقبة من جهة ودعوة المجلس الاعلى للقضاء حصرياً ببدء الشروع بمجازر الاعدامات للمحكومين بالاعدام بدون وجه حق او عدل.


هكذا بدأ المالكي خطابه الافتتاحي للحملة الانتخابية لقائمة دولة القانون والمجازر الجماعية. وهكذا تفرز قائمة دولة القانون والمجازر برنامجها طارحة على حلفائها وخصومها خيارها التحالف وفق خيارين: أما صُرَّة الـ (تي ان تي) المتفجرة أو بريق صرة الدولار. والخيار لمن أحسن السلامة بالهرب من جحيم الديمقراطية الامريكية في العراق.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٢٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور