امين الحافظ .. رحلة لم تكتمل ؟

 
 
 
شبكة المنصور
احمد صبري
في اول لقاء جمعني بالرئيس السوري الاسبق امين الحافظ في منفاه ببغداد صيف عام 1994 خرجت بأنطباع ان هذا الرجل شاهد حي وصادق على فترة هي من اشد فترات الاثارة في تأريخ سورية والمنطقة كان له دوره المؤثر في صنعها رغم تباين الاراء حول هذا الدور , الا ان شهادته التي رواها لي منذ فترة انصهاره بالعمل السياسي في سوريا وحتى تربعه على  سدة الرئاسة السورية في ستينيات القرن الماضي وماتلاها من احداث جديرة بالتامل ماحفزني على مواصلة اللقاء مع هذا الرجل الذي غيبه الموت قبل ايام وابو عبدو كما اصطلح على تسميته كرس حياته في منفاه لتوضيح ملابسات الاحداث التي رافقت وصوله الى المنصب الاول في سوريا والصفحة التي تلت هذه الاحداث قادته الى كتابة مذكراته عن تلك الحقبة كنت متابعا لتفاصيلها بطلب منه وبعد ان اكتملت فصولها كلف احد الصحفيين العرب بنشرها في صحيفة عربية لاطلاع الرأي العام عليها ونشرت فعلا  وفاجأ الراحل امين الحافظ الصحفي المذكور بالتأكيد على ان ريع النشر والمذكرات يتبرع به لاطفال العراق وفلسطين ورفض استلام فلسا واحدا عن ذلك في لفتة تعكس موقفه القومي الأنساني ازاء مايتعرض له اطفال العراق وفلسطين من حصار وطيلة ثلاثة عقود قضاها الرئيس الراحل امين الحافظ في العراق ولغاية مغادرته عام 2003 بسبب الاحتلال الامريكي كانت حياته بسيطة حظي برعاية واهتمام الدولة العراقية الا انه فضل هذه الحياة على سواها


وطبقا لما رواه لي فأن الرئيس الراحل صدام حسين اوعز للجهات ذات العلاقة بزيادة المخصصات الممنوحة لابي عبدو بأثر رجعي ومنحه مسكنا لائقا وتلبية جميع متطلباته وما كان من ابي عبدو الا ان عبر عن امتنانه لهذه الالتفاتة الكريمة وقرر الاعتذار عن استلام المستحقات المالية التي تراكمت بعد احتسابها بأثر رجعي وقام بالتبرع بها للخزينة العراقية نظرا لظروف الحصار المفروض على العراق


اما بخصوص المسكن فقد استأذن وزارة المالية وقام ببيعه وتوزيع امواله على العوائل السورية المتعففة
لقد كان الرئيس الراحل امين الحافظ شخصية عفوية تحن للماضي لكن بنظرة جديدة عسى ان يصلح الزمن اخطاء  الماضي التي اوصلت الامة الى الحال التي تعيشه كما يقول لمحدثيه


وكان يرى في صمود العراقيين ومواجهتهم للحصار والعدوان املا وخلاصا من المأزق الذي تعيشه الامة ويردد بأستمرار ان قدر العراق هو ان يكون طليعة الامة


وفي صيف عام 2003 زرته في شقة بسيطة لاحد اصدقائه في شارع حيفا بكرخ بغداد فوجدته حزينا الا انه كان مؤمنا ان ماجرى للعراق سينجلى لامحال وان العراقيين قادرون على طرد المحتل مهما طال الزمن مشيدا باهل الكرخ الذي حل ضيفا عليهم وشجاعتهم في تامين الحماية له وللعوائل السورية التي كانت تسكن في شارع حيفا في ظل الفوضى التي شهدتها بغداد بعد الاحتلال


وامين الحافظ الذي رحل عنا بهدوء في مسقط رأسه بمدينة حلب كما كان يتمنى بعد ان عاد الى وطنه معززا مكرما الا ان ابا عبدو اصر على عودة من كان معه في المنفى من اشقائه السوريين في محاولة لفتح صحفة جديدة وطي صفحة الماضي .. فكان له ما أراد


رحم الله امين الحافظ
واسكنه فسيح جناته

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٠٣ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور