نهاية موسم الضحك على ذقون العراقيين

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
ما زال الدم العراقي يُسفك بالمجان على عتبات ديمقراطية المحتلّين وعملائهم ومرّوجي مشروعهم العدواني في العراق والمنطقة, ومن يقف خلفهم من دول مجاورة لها ثارات وأحقاد قديمة ومتأصّلة, ودول بعيدة لم تجد في عراق الحضارات والتاريخ العريق والثراء البشري والثقافي غير مصالح أنانية ضيّقة ومنافع إقتصادية زائلة. فقدعقد هؤلاء القتلة المجرمون العزم, منذ اليوم الأول للاحتلال الأمريكي للعراق وبعضهم قبل هذا التاريخ بعدة سنوات, على تحجيم دور العراق العظيم وإلغاءأي تأثير فعّال وملموس له على الصعيدين الأقليمي والدولي, حتى وأن إقتضى الأمر إبادة أهله عن بكرة أبيهم.


وبدا واضحا إن المحتل الأمريكي, بعد أن ضاق طعم الهزيمة والانكسار والذلّ على يد أسود المقاومة العراقية الباسلة, أوكل المهمّة الشريرة في الاستمرار في ذبح وقتل العراقيين الى أتباعه ومأجوريه وخدمه الذين بذل من أجلهم الجهود والأموال والدعم السياسي والاعلامي ونصّبهم على حكم العراق. وما الجرائم والمجازر التي تحصل بشكل شبه يومي وفي أكثر من مكان الاّ دليلا على إن "حكام" المنطقة الخضراء وأسيادهم من جارة السوء إيران لم يشفوا غليلهم بعد رغم أنهم إرتكبوا من الجرائم والمجازر والانتهاكات والدمار, الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والنفسي, ما لم يحصل في أي بلد تعرّض لاحتلال خارجي. بل أنهم ماضون في مسلكهم الاجرامي هذا, حتى أصبح قتل العراقي وهدر دمه قاعدة بلا إستثناء, الاّ ما ندر.


وأصبحت جميع أيام الشعب العراقي, وليس الأحد أو الأربعاء أو الثلاثاء, كلّها دامية وقابلة للتكرار في ظل حكم"دولة القانون" المسيّرة من الخارج وعصاباتها المحشورة في"هيكل" المنطقة الخضراء والذي حذّر العميل نوري المالكي من سقوطه على رؤوس الجميع بعد آخر مجزرة حصلت في بغداد المحتلّة. ورغم أن المجرمين والقتلة معروفون جيدا سواء للشعب العراقي أو لما يُسمى بالأجهزة الأمنية "الوطنية" الاّ أن العميل نوري المالكي, المُصاب بفيروس الحقد والانتقام الغير قابل للشفاء, ما زال يوجّه الاتهامات يمينا وشمالا, علّه يتمكّن من خداع بعض السذج والبسطاء, رغم أنه هذه الفئة من البشر لم تعد موجودا أصلا, بانه وحكومته الطائفية بريء براءة الذئب من دم يوسف. وإن من يقف خلف تلك الجرائم االارهابية هم دائما, كما يعتقد المالكي وحده, هم البعثيون والصداميون والتكفيريون.


لكن "دولة" رئيس وزراء الحضيرة الخضراء يتناسى أو يتجاهل إن جرائما بهذا الحجم والتخطيط والدقّة والكلفة والنتائج التدميرية الهائلة لا يمكن أن يديرها أناس من خارج البلد مهما كانت درجة ومقدار التعاون والتواطيء مع المنفّذين الفعليين في الداخل. ولو كان المالكي العميل يملك ذرّة من الشرف والشعور بالمسؤولية أزاء أرواح وممتلكات العراقيين لقام أولا وقبل كلّ شيء بوضع بعض الضباط الكبار المسؤولين عن أمن بغداد في السجن, قبل أن يوجّه التُهم بالمجان لهذا الطرف أو ذاك. لأن اجراءا من هذا النوع, أي وضع الضباط المسؤولين عن الأمن رهن الاعتقال تحت ذمّة التحقيق, تتخذه أية دولة في العالم في مثل هذه الحالات. ناهيك عن إن جريمة يوم الثلاثاء الماضي ليست الأولى وقد لا تكون الأخيرة خصوصا وإن جميع أجهزة الوزارات الأمنية مخترقة بالكامل بل تتحكّم فيها المليشيات والعصابات التابعة لجمهورية الملالي في طهران.


وحتى لو تمّ إستدعاء رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والدفاع للاستجواب في البرلمان أو لتقديم ما لديهم من وجهات نظر أو معلومات "مهمّة" بخصوص آخر جريمة "ديمقراطية" في العراق الجديد, فمالذي سوف يتغيّر يا ترى؟ خصوصا وإن الجميع, داخل وخارج العراق بما فيهم أمريكا نفسها, يعرفون جيدا إن برلمان المنطقة الخضراء لا يملك السلطة ولا الصلاحية ولا الهيبة ولا حتى الوسائل لكي يؤثر ولو قليلا سواءا على مجرى الأحداث الجارية في العراق المحتل أو على مجمل نشاط وعمل الحكومة التي يُفترض أن تكون كلّ خطواتها, خصوصا في الأمور التي تتعلّق بالمصلحة العامة للوطن والمواطن, وعلى رأسها حماية أرواح وممتلكات الناس, خاضعة لرقابة البرلمان الشديدة ومسائلته الجديّة


وقبل أيام صرّح وزير داخلية العراق الجديد جواد البولاني, وهذه أحدى مهازل ديمقراطية المحاصصة الطائفية العرقية, قائلا أن "دولة" رئيس الحكومة نوري المالكي منح قائد عمليات بغداد صلاحيات أكبر بكثير من صلاحيات وزير داخلية. وهدّد الوزيرالبولاني بانه سوف يكشف الحقائق في جلسة برلمانية علنية مطالبا بأن"يكون الاستجواب في البرلمان علنيا لكي يكشف حقائق الوضع الأمني الى العراقيين". والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو إذا كانت لدى الوزير جواد البولاني معلومات خطيرة ومهمّة حول الوضع الأمنى وتجاهلتها حكومة المالكي, أما كان عليه أو باستطاعته تقديم إستقالته إحتجاجا؟


أم أن الاستقالة من المنصب, كما هو متّبع في أية دولة تحترم مواطنيها ودستورها عند حصول جرائم مماثلة, تُعتبر من الخطوط الحمراء بالنسبة للوزير البولاني وأمثاله, أم أن تحمّل المسؤولية بشرف وأمانة, مع مايترتّب على ذلك من تبعات قانونية وأخلاقية وسياسية, لا تدخل في قاموسهم "الديمقراطي جدا" مهما حصل أو جرى من جرائم ومجازر وإنتهاكات بحق الشعب العراقي. لكن هؤلاء العملاء والخونة وعديمي الشرف والشعور بالمسؤولية لم يعوا بعد إن موسم الضحك على ذقون وعقول العراقيين قد إنتهى الى الأبد.

 
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٦ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٣ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور