صدام حسين بطل من هذا الزمان !
أضاعوني وأيّ فتىً أضاعوا - ليومِ كريهةٍ وسدادِ ثغرِ

 
 
 
شبكة المنصور
محمد العماري
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثالثة لأستشهاد الرئيس البطل صدام حسين. الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس, في حياته كما في مماته. رجل لا يُقارن الاّ بامثاله من الأبطال, بل أنه زاد عليهم بكونه جسّد خصال ومعاني من النادر أن تتوفر في رجل واحد. وكأن أبى الطيب المتنبى قال فيه هذا البيت الجميل "يدلُّ بمعنى واحدٍ كلُّ فاخرٍ - وقد جمع الرحمنُ فيك المعانيا".


وبالرغم من غيوم التضليل والتشويه السوداء وسموم الأحقاد والضغائن الأكثر منها سوادا وقتامة والتي أراد من خلالها العملاء والخونة وحثالات الحثلات البشرية تشويه المعدن النقي الذي جُبل منه صدام حسين المجيد, الاّ أن محاولاتهم جميعا باءت بالفشل الذريع وخابت آمالهم وإضمحلّت قاماتهم, القزمية المشوّهةأصلا, أمام سمو وكبرياء قامته الشامخة كنخيل العراق.


وشأن كلّ العظام في التاريخ لم يكن موته, الذي جاء بعد عميلة إغتيال سياسي مشحونة بكم هائل من الأحقاد الشريرة, الاّ بداية لولادة اسطورة جديدة تُضاف الى تراثنا الثري باجمل الأساطير والحكايات والقصص عن أبطال ورموز أصيلة سوف نتوارثها ونتداولها من جيل الى جيل, الى يوم يُبعثون. وصدام حسين لم ينتهِ بموته, كما توهّم قاتليه السفهاء, بل أنه بدا أكثر تألقا وبهاءا وعنفوانا, وتسامى وإنتشر كالضياء الذي يملأ الأفاق. إنتصر على أكثر الخصوم والأعداء شراسة وبربرية وعنفا وتسليحا رغم أنه كان أعزلا الاّ من قلب عامر بالايمان ونفس أبيّة وإرادة صُنعت من الفولاذ.


أرهب أعداءه وهو في الحكم, وأرعبهم في سوح القتال وخلف قضبان السجون, وهزّممهم وهو أمام محكمتهم الصورية المهزلة. وأذلّ قُضاتهم المأجورين وقوانينهم المشبوهة. حتى جسده الطاهر المسجى هناك في سكون المكان والموت أرعبهم وجعل فرائصهم ترتعد هلها وخوفا, رغم أنهم أفرغوا عليه كلّ ما في غرائزهم البربرية ونزواتهم الحيوانية وما ملكت نفوسهم المتوحشة من دناءة وإنحطاط وخسّة ليعبّروا بذلك عن إنتمائهم لفصيلة من"البشر" ما زالت تعيش في الغابات والكهوف والحُفر. وإفتضح أمرهم أمام العالم وإنكشفت صورتهم الحقيقية كقتلة ومجرمين وسرّاق وفاسدين ومفسدين ومصّاصي دماء.


لقد كانت جميع حسابات حكام المنطقة الخضراء وأسيادهم على خطأ, وعلى خطأ كبير قاتل في كلّ ما خطّطوا له سابقا بشأن العراق وقيادته الوطنية, وما قاموا به لاحقا وما يفعلون حاليا في ظل حماية سيّدهم الأمريكي وشريكه الايراني المجوسي. فقد أثبتت أيام وسنوات الاحتلال المريرة إن صدام حسين, رحمه الله, كان دائما الوحيد على صواب, وصوته الذي أريد له أن يتلاشى ويتبعثر وسط عواصف وحملات التشويه والتضليل والتزويرالتي إثيرت في أكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد. كان هو الصوت الوحيد الصادق المدوّي. فصمت جميع أعدائه خجلا وعارا وطأطأوا رؤوسهم المحشوة بالغباء والشر, ولفظهم الشعب العراقي وأدار لهم لهم ظهره, وظلت كلمات الرئيس الشهيد الصادقة الآسرة تملأ القلوب والأفواه والعقول, لا في العراق وحده ولا في الوطن العربي وحده, بل تخطّت الآفاق والحدود والأسوار, الى زوايا وأصقاع نائية.


ومهما تكن قوة وضخامة محاولات حكام المنطقة الخضراء وأسيادهم المحتلّين في"كسب عقول وقلوب" العراقيين, والتي باءت كلّها بالفشل الذريع منذ بدايتها, سيبقى الشرفاء من العراقيين, وهم بالملايين داخل وخارج العراق, أوفياء لرئيسهم الشهيد الذي لم يخذلهم أبدا ولم يتخلّ عنهم في الشدائد والمصائب والرزايا, كما يفعل اليوم ما يُسمى بقادة العراق الجديد. ولم تغريه سلطة ولا جاه ولا مال, وكانت بين يديه خزائن العراق كلّه. عاش عزيز النفس نبيل الخِصال وإستشهد صافي القلب, نظيف اليدين والضمير والنوايا.


ضحى صدام حسين رحمه الله, بكل غالي ونفيس وإنطبق عليه قول الشاعر"يجودُ بالنفسِ إن صحَّ الجوادُ بها - والجودُ بالنفسِ أقصى غايةَ الجودِ" من أجل أن يبقى إسم العراق شامخا وشعب العراق أبيّا عزيزا مكرّما. وقدّم حياته هِبة لوطن أحبه وعشقه حتى الموت "نحن قومٌ إذا عشقنا مُتنا". وكان العراق قبل غزوه وإحتلاله من قبل أمريكا وإسرائيل وجمهورية الملالي في طهران, دولة يُشار لها بالبنان ويحسدها الآخرون. دولة بالمعنى الحضاري للكلمة, بغض النظر عن إحتلاف المرء أو إتفاقه مع نظام الرئيس الشهيد صدام حسين المجيد.


تمرّ هذه الأيام الذكرى الثالثة لإستشهاده البطولي, فتأبى أن تكون مجرّد ذكرى. فهي ماثلة للعيان كما لو أنها تتكرر في كل لحظة. وكما لو أن الزمن توقّف فجاءة هناك, في تلك اللحظات التي نطق به الرئيس الشهيد كلماته الأخير"إشهد أن لا إله الاّ الله..". تلك الكلمات التي إرتجف لها, إجلالا ورهبة وتعظيما وخشوعا, قلب وضمير كلّ إنسان شريف في هذا الكون. كلمات رجل أبى في دنياه أن يقول كلمة نعم, ولو همسا أو في السر, لأعداء شعبه والطامعين في وطنه, وإختار مصيره بنفسه مهمّا كانت النتائج: "أعطى الزمانُ فما قبِلتُ عطاءه - وأراد لي فأردتُ أن اتخيّرا".


وقبل أن يودّع صدام حسين, رحمة الله عليه, هذا العالم الذي تحجّرت فيه المشاعر وتبلّدت فيه الأحاسيس وسقطت فيه معظم القيم السامية وأصبح فيه العميل الخائن الوضيع سيّدا على قومه, صرخ في وجوه أعدائه المُصابين بالرعب والهلع, وهو يتقدّم نحو مشنقة الأبطال الخالدين, بخطى ثابتة ونظرات إزدراء وتحدّي وعزيمة إسطورية: "هيهات منّا الذلّلة !".

 

وفعلا, فقد إستلم رفاقه وأنصاره ومحبيه وشعبه الصابر راية "الله أكبر" وفتحوا أبواب جهنم على العدو الأمريكي المحتل وعملائه وأزلامه وأذاقوهم علقم الهزيمة ومرارة المذلّة والخذلان. ولم يتركوا لهم مترا مربّعا من أرض العراق الطاهرة الاّ وأشعلوا فيه نيران التمرّد والمقاومة والتحدّي.

 

فنم قرين العين, أيها الرئيس البطل, فشعبك ماضٍ على العهد وسائر بخطى ثابتة نحو الهدف المنشود, النصر الكامل على قوى الاحتلال والعمالة والفساد والشعوذة, وإعادة العراق, كما كان بل أحلى وأجمل, الى أهله الشرفاء المخلصين.

 
mkhalaf@alice.it
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور