استباقا لعودتها ، قناة العربي الفضائية توضّح

 
 
 
شبكة المنصور
إدارة قناة العربي الفضائية
المتأمل في مسار الأحداث وظلالها في العراق لا يجد صعوبة في الوصول إلى حقيقة هشاشة النظام الضعيف الذي يراد له أن يُحكم سيطرته على بلد عُرف تاريخيا بالعنفوان والقوة .


وفي ظل هذا الضعف والهشاشة يتحول هذا النظام من مهمة إدارة البلاد إلى مهمة إدارة الأزمة، ومن التعمير والبناء إلى الانغماس في  تحويل البلد ومقدراته إلى أكبر وحدة للإطفاء والإسعاف في العالم.


وبمرور السنوات تأكدت الحكومة وطواقمها السياسية والأمنية أنّ الحل ليس في الساعة العاشرة من مساء الغد ولا مساء اليوم الذي يليه، ولم يكن أمام هؤلاء في هذه الحال إلا أن يستبدلوا المطلوب بالممكن، ليتحولوا عن تحقيق انشغالات العراق والعراقيين إلى ربح الوقت بلوحات استعراضية وصرعات دعائية تحمل كل يوم اسما جديدا عبر فتح معارك مع أطراف كثيرة لتعويم اسم النظام إقليميا عبر الخصومة بعد الفشل في تعويمه عبر العلاقات الصافية.


بمعنى آخر و خلال الدراسة المتأنية يبدو حلفاء واشنطن وإيران في العراق مذهولين وسط واقع داخلي وإقليمي يصادم أهدافهم ومشاريعهم، وهو ما تحوّل إلى منظومة سياسية منبوذة لا يقوم لها سوق إلا على صب الماء في كل الاتجاهات، وإلقاء التهم صوب كل الحدود.


في ظل كل هذا، فإن قضية قناة العربي كشفت وجود اختلال كبير في التوازن لدى النظام، كما أعطت انطباعا مفاده أنّ أي صرخة كفيلة بأن تهز قلب النظام وتخلط أوراقه وتخلط حابله بنابله لدرجة إقدامه هذا الأسبوع على منع استيراد لعب الأطفال التي تأخذ أشكال أسلحة، وهو ما ينمّ عن واقع يرثى له في الفشل على كل الأصعدة.


ألقى القمر الصناعي بأولى صور البث التجريبي لقناة العربي إلى شاشات المنطقة، وتحركت الآلة الدعائية الطائفية لتتهم الجميع كما هي عادتها في كل ما لا تستطيع أن لا تعبّر فيه عن لحمتها الحاقدة وسداها المتورم، وطارت السهام شرقا وغربا متهمة السعودية وليبيا والبحرين والإمارات وسوريا والأردن ومصر واليمن، بأنها هي من يقف وراء هذه القنوات بتوزيع الأدوار بينها بين ممول ومستضيف وداعم.


هذا الحس الحاقد المتخم بالمعطيات التاريخية والطائفية جعل العرب والمسلمين في المنطقة يتضامنون مع القناة ويعتبرونها علامة فارقة من علامات كثيرة في ملفات ومسميات يدور حولها الصراع اليوم بين المشروع الإسلامي والعربي والمشروع الطائفي والفارسي الذي شكّل ماركة مسجّلة محلية لمشروع الاحتلال عبر تماهٍ كبير بين المشروعين.


لقد كشفت قنوات القوم الفضائية وصحفهم ومنتدياتهم مرة أخرى عن محاولة للضغط على القوة الأمّ في المنطقة وهي القوة الإسلامية والعربية لتركيعها للمراد الطائفي العراقي الذي لم يعد خافيا أنه مجرد واجهة للمشروع الصفوي الفارسي، وكان ذلك استفزازا كبيرا للمسلمين والعرب ليعتبروا القناتين، اللافتة والعرب تحديا يدخل في إطار التكاسر الطائفي لا غير.


كانت كلمة "العربي" أكبر من أن يتحمّلها هؤلاء الذين قاموا حتى على كلمة "الخليج العربي" فحوّلوها إلى الخليج الفارسي، وفي امتحان صعب أدرك هؤلاء أن الدول العربية لم تعد تواجه اسم صدام بالتشنج والرفض لأسباب جعلتنا نعتمد الرجل رمزا ، ومن تلك الأسباب أنّ صدام حسين يعد اليوم علامة للمشروع الذي يقف في وجه الاحتلال وفي وجه التمدد الصفوي الفارسي في المنطقة كما يقف في وجه المتخمين بالهاجس الطائفي المستدعي لأحقاد التاريخ التي أريدَ لها أن تحكم العقيدة والشريعة.


 لم تعلّق الولايات المتحدة ولا الغرب على إطلاق القناة، وفي ظل المراجعات الغربية لاحتلال العراق والموقف المخزي الذي يعيشه توني بلير بدا أنّ تسرّب الشك إلى يقين الغربيين فيما يخص نظرتهم إلى صدام حسين وإلى الكثير من أساطيرهم المؤسسة لأفكارهم حول العرب والمسلمين قد زلزل الصورة التي سوّقها الطائفيون اللبراليون العراقيون للغرب حين كانوا يعيشون في أحضانه قبل غزو العراق.


أخذت قناة العربي أبعادا واسعة لكنها لم تكن خطيرة باعتبار أنها لم تكن تصنع لنفسها قوالب جديدة في توسعها ذاك بقدر ما كانت تصب في قالب قديم ومعروف هو القالب الطائفي الشعوبي الفارسي الذي دمّر العراق ويقوم اليوم بتدمير كيانات أخرى مستعملا شعار الدين تماما كما استعمله من قبل (حزب الدعوة) و(المجلس الإسلامي) وغيرها من المسميات التي يعرف تلاميذ الابتدائي في أمتنا مغزاها وأهدافها.


في حملتهم ضد القناة، وجد الطائفيون في العراق وغيره من وكلاء المد الفارسي أنفسهم في عزلة رهيبة في منطقة عملوا طويلا على تدمير أمنها واستعداء الغرب على شعوبها، وهو ما فسّر تهافتهم وفشلهم في إدانة قناة التف حولها جمهور عريض في أيام معدودات باعتبارها قلعة متميزة في مواجهة مشروع الاحتلال المتهالك ، والمشروع الطائفي الشعوبي والصفوي المتمدد في العراق والمنطقة رغم ما يعانيه في مساحاته الداخلية من الاحتراقات والاهتزازات.


ارتبط  الحقد على القناة بالحقد على كل ما هو إسلامي وعربي وانكشفت طبيعة المشروع الشاحذ سكاكينه ضدها، ولبست قناة اللافتة أو قناة العربي صورة مسلم عربي تطارده ميليشيا الحقد الطائفي المشحونة بثارات التواريخ والقرون ، تماما كما تفعل بالعرب والمسلمين في ليل العراق عبر فيلق بدر أو غيره.


أما التيار الإسلامي الذي كان طوال عقود لا يأبه بمعطى العروبة فقد أردك أنّ هذه العروبة هي الميزة الواضحة والضربة القاضية لمشاريع العجم في المنطقة من روم وفرس ، لذلك استوعب هذا التيار من الصراع حول قناة اللافتة وقناة العربي أن العروبة عنصر هام من العناصر الضامنة في مشروع الأمة في كل زمان.


إنّ أهمّ ما ميّز قناة العربي  أنها تقوم على استهجان البكائية وعقدة الضعف، كونها ترفع للمرحلة ما تستحقه وهو شعار الانتصار والعزة في ظل فشل مشاريع الاحتلال في العراق وأفغانستان وفلسطين، واستعادة الأمة مكانتها في التحرر، وهذا ما جعل الملايين من الأحرار يلتفون حول قناة وضعت أيديهم على سر المرحلة وعلى سر التوق في النفوس... ولئن كان النظام العراقي قد اهتز بمجرد ساعات من بث القناة فإن تلك مشكلته لا مشكلة القناة، وليس من المنطق أن تتحمل قناة حديثة الولادة مسؤولية فشل دام ست سنوات وحوّل العراق العظيم إلى أكثر المناطق بؤسا في العالم كله.


أما ما قيل عن تأثير القناة على العملية السياسية وتشويشها على الاستحقاقات الانتخابية القادمة التي تهتز مع كل عطسة عاطس، فإن ذلك يكشف جليا واقع كِلية هجينة لم يتقبلها الجسد الذي زُرعت فيه، مع استفراغ القوم ومن يقف خلفهم للجهد والمال خلال ست سنوات لتطويع الجسد كله لصالح الكلْية الدخيلة الغريبة.


إنّ من حق أبناء الأمة إبراز تخوفهم من ورم ميليشياوي حاقد يعمل على الاستشراء في أمتهم مدرعا بأحقاد طائفية وشعوبية لا ترقب في مسلم ولا في عربي إلا ولا ذمة، ولا تستثني نسلا ولا دينا ولا حرمة.


إن الذين يراهنون على الدعم الرومي والفارسي الذي يسندهم داخل العراق ليفرضوا مشيئتهم على العراق وأهله لا يدركون أنّهم خارج إطار العراق لا يملكون من النفوذ ما يستعملونه في تصفية هذا القناة أو إبادة هذا الكيان.


ويمكن لمحاولات الإرهاب التي يستعملونها ضد هذا المنبر الإعلامي أن تبعث عش الدبابير من سباته فتتحرك المنطقة كلها منددة باستضافة قنوات طائفية وشعوبية تسب رموز الأمة وتقدح في مسلّماتها الدينية صباح مساء وتطعن في شرفها وتستفز شعورها العقدي.


أما عن عدم التصريح بأماكن بث القناة أو أماكن تواجد مكاتبها فلاعتبار واحد تكرّسه صورة الإرهاب الطائفي الدموي الشرس  وهو الخوف من التصفية والاعتداء الإرهابي الطائفي في ظل تراكم أعمال سابقة تجبر على مثل هذا التخوف وتدفع إلى مثل هذا الحذر وهذه الحيطة، فلقد تمت تصفية الكثير من علماء العراق بطرق بشعة ودون ذنب غير ذنب العلم، أما عن تصفيات الإعلاميين ووسائل الإعلام فالحديث ذو مآس يعرفه العام والخاص ويدرك أسرار ملفاته الكثيرون.


إننا ونحن نستعد للعودة لإطلاق قناة العربي نحذّر أصحاب الحس الطائفي من أن يعلقوا فشلهم على القناتين كما علقوه من قبل على دول وشعوب وصلوا إلى حد استعداء الغرب عليها.


ودفاعا عن نفسها وحقها في الوجود ستضطر القناة إلى تحريك الشارع العربي والإسلامي ضد كل القنوات الطائفية التي لا تحترم الشعور الديني لمئات الملايين من المسلمين والعرب، فتطعن في رموزهم وتاريخهم ومعتقداتهم وتستعمل مكاتبها في دولهم لاستقطاب عصابات وميليشيا تعدها لتهز مستقبل أمن هذا البلد أو ذاك.
إن محاولة وأد قناة العربي هي بمعناها الحقيقي تحد سافر لإرادة أبناء المنطقة في التعبير عن أنفسهم بوضوح ومن خلال حقهم في البث الفضائي البعيد عن الدهاليز، وإبداء رفضهم للاحتلال مهما كان مصدره ولونه، واستهجانهم للتمدد الصفوي الذي بدأ من العراق باتجاه المنطقة، إذ لا فرق بين احتلال واحتلال ولا بين ظالم وآخر.


وستعود القناة لتحقق إرادة الأمة في وجه إرادة أقلية منبوذة وضعت يدها في يد كل احتلال.

 

 
الأربعاء ١٦-١٢-٢٠٠٩
إدارة قناة العربي الفضائية

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٠١ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٨ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور