تأملات / هويية التفجيرات .. بين العجز الفكري و الضياع السياسي

﴿ الجزء الحادي عشر ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

الحقيقة الثانية في تناولنا لهذا الموضوع هوعدم الوضوح السياسي لبنية السلطات الحاكمة في العراق المحتل, فمثلا ما يسمى بالبرلمان في العراق المحتل يمثل السلطة التشريعية والمرجعية القانونية الدستورية لكل التشريعات, وحتى لو صرفنا النظر عن مشروعيته وهو أمر في حكم المنطق لن يغفر لي أحد هذا التغافل, ولكني سوف أحاول أن أتبع منهجا هندسيا في الوصول الى ما اريده وهو أن نفترض نتيجة ما ونعمل على وضع السياقات أو الخطوات فأن تطابقة النتائج مع الفرضيات يمكن أن يكون عملنا صحيحا ولكن ضمن القوانين والمعادلات العلمية,وهذا السياق شبيه بما يسمى بالهندسة العكسية.  فأذا أفترضنا أن هذا البرلمان منتخب من قبل الشعب بوسائل ديمقراطية ,فأن كل الحقائق والمؤشرات على التركيبة لهذا البرلمان و منذ الاحتلال في عام 2003 ولغاية اليوم تؤكد أن التعددية التي يضمها لا تمثل تعددية في التوجهات السياسية والعقائديةلانه بالاصل هاتين الميزتين اللتين تعطيان شرعية ديمقراطية لاي مؤسسة  وهي بألاساس غير موجودة في مكونات هذا البرلمان,و حيث أن تركيبة البرلمان الحالي هي عبارةعن تجمع من الافراد و الاحزاب التقوا مع  الطامعين من الاجانب الحاقدين سواء الذين جاءوا من الشرق أو من الغرب على هدم الشخصية العراقية الوطنية القومية وأقصاء المصدر والاداة الثقافية والنضالية المسببة لتبلور هذه الشخصية العراقية الفريدة والقوية.أن هذا التجمع يحمل ثقافات ومبادئ  متباينة وغريبة بشكل كبير ولا يمكن أن يكون بينها أي مشترك ألا رغبات الشيطان.فمن أقصى اليسار الراديكالي المادي الى التطرف الديني بل الى أبعد من ذلك الى التطرف المذهبي الاعمى, وأن هذا هو الهجين الثقافي والسياسي يساهم في تشكيل برلمان من حوالي 300 مكون سياسي والغالبية المطلقة لهذه المكونات تدين بالولاء للاجنبي,فهو أي الاجنبي أما كان له السبب الرئيسي في ولادة هذه الكيانات وأعطائها الديمومة في الاستمرار من خلال الدعم العقائدي والعسكري والاعلامي, أوأن منبع مرجعية هذه الكيانات العقائدية ومن ثم السياسية هي بالاساس ذات منطلقات فلسفية أجنبية لتؤكد وتضمن تحقيق الاجندات الاجنبية ومصالحها ,أي أن النشأة والاستمرارية لهذه الاحزاب أجنبية,وهوالاجنبي أيظا أعطى لهذه المكونات فرصة للسيطرة على الحكم في العراق بعد غزوه في عام 2003وتحقيق أهدافه,وأن هذه مكونات  لم يكن يرادوهم حتى في الاحلام أن يحكموا في عراق النهضةوالتطور لفقدانهم لابسط قواعد وأساليب الحكم ولعدم وجود الارضية الجماهيرية لهم في العراق.وبالتالي يمكنا أن نقول ان هذا البرلمان لا يمثل الشعب العراقي بل يمثل مجاميع سياسية أوليغارشية مصلحية جاء بها الاحتلال لضرورات مرحلة الاحتلال,واعطاء صبغة ولو كاذبة على جريمته في غزو بلد واحتلاله.  وأذا ما تفحصنا اهمانجازات هذا البرلمان على مدى عام مضى فيكون موافقته على أتفاقية الذل وريط العراق بالتزامات وقيدود عسكرية واقتصادية (غير معلنة عنها) هي أول الخيانات لهذه المؤسسة,ومن ثم ومضاعفة رواتب ومخصصات اعضائه بهدف أعطاء غطاء شرعي لغسل الاموال التي يسرقونها من الشعب هي ايظا تصطف مع أنحرافات هذه المؤسسة.

 

ومن ثم أعداد ترتيبات هزيمتهم ومغادرتهم وعوائلهم للعراق في يوم لفظهم من قبل شعب العراق وذلك بالموافقة على منحهم وعوائلهم جوازات سفر دبلوماسية, في حين وجود على ما يزيد على 180 قانونا لم يبت بهم  وعلى مدى الاربعة سنوات الماضية هذا الذي يسمى بالبرلمان ,فعلى سبيل المثال لا الحصر , لم يتخذ أي خطوة في مجال تحديث قانون الضمان الاجتماعي الذي يهم كل عراقي و الذي يضمن حقوق المواطن منذ اليوم  ولادته وحتي أيامه الأخيرة في سن التقاعد، بل الى وفاته ليحصل علي كافة حقوقه مابين الفترة الأولي والأخيرة أعلاه محفوظة ومُصانة بقوة القانون وعدالة الدستور ولا يحتاج  فيها المواطن لتحقيق ذلك ان يرشي أو ينتمي لا حزب من الأحزاب الحاكمة وأن الدستور يكفل له ذلك ، و يعطيه الحق في اختيار كل المؤسسات التنفيذية من خلال  مشاركته الفعّالة في اختيار الإدارة العامة لإدارة الدولة التي تحافظ علي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ومنح الاستقلالية التامة للقضاء العراقي، من أجل الحفاظ علي القوانين المدنية وأن فشل المجاميع التي في السلطة اليوم في أعداد دستور بتوافق العراقيون عليه وليس هذا بل ان من اشد الغرائب في ما يسمى بالدستور الحالي هو أباحته لتقسيم العراق فاي دستور يسمح بتقسيم العراق ويقال انه دستور للعراق؟

 

فأي برلمان هذا الذي يلهث وراء مصالحه ومصالح كتله السياسية تاركا قضاياالشعب العراقي على رف النسيان,اذن هو فرصة للمجاميع التي جاء بها المحتل للاثراء الغير المشروع بعيدا عن مراقبة الشعب لهم..  وأما فقرة الفشل في أعداد او تصحيح هذا الدستور الاعور والاعرج,يجعلنا أن نقف وأن نفكر بكل جدية في موضوعة الدستورهذا.أريدها كلمة لليوم وللمستقبل بأن يري العراقيون أن الطريق إلي المستقبل يبدأ من الدستور الجديد، الذي لا يجب أن يضم أية إشارة إلي الطوائف والأعراق، وإنما إلي الشعب العراقي والهوية العراقية..

 

وأن يكون العراق ذا حكومةٍ مركزيةٍ قوية، تقاد من قِبل وطنيين أكفّاء يتمتعون بحس وانتماء وطني وبعقلية متفتحة ترى في العراق واحد في شعبه وترابه وانتمائه للامة العربية وكذلك يمتلكون من الثقافة والعلم اللذين يؤهلهم الى الادوار القيادية لهذا البلد الذي اعتاد شعبه وعلى مدى خمسة وثلاثين عاما على هذه المواصفات القيادية وبعدها لايمكنه أن يتنازل عنها اليوم, ولكن قد وقد ولظروف الدمار والاذى الذي حل بالبلد بعد الغزو في عام 2003 أن سكت عن الشراذم التي جاء بها المحتل ولكنه الان من شبه المستحيل يقبل بما سكت عنه في الاعوام الستة الماضية.. وأن تكون الخطوة الاولى بتغير هولاء القتلة باعداد الدستور او على الاقل بتغيره  وان يكون هذا الدستور مدنياً بكل معني الكلمة، وأن لا يحتوي علي أي إشارة لأقاليم الجنوب والوسط والشمال والغرب و الشرق ومن هذه الافكار التي تؤذي مشاعر الشعب العراقي وتغير هوية انتمائه, وأيظا ان لا يحوي اي نوع من الاقصاء والاجتثاثات والاستثناءات لاي فكر او طائفة وان يكون موحدا للشعب في فقراته وليس ممزقا لابنائه وترابه..الحقوق والواجبات الملزمة لكل فرد عراقي، مع منح صلاحيات للمحافظات و من غير  أن تكون مؤثرة علي المركزو تحظي بها كافة المحافظات وعلى حد سواء كما كانت في حكم  النظام الوطني العراقي قبل الاحتلال وحيث كان ينظر للمحافظات والمدن العراقية وبدون اي تمييز.وان يكون هنالك قانونا للاحزب ينظم الحركة السياسية ولا توضع أية خطوط حمراء أو ممانعات على اي فكر او حزب ألا في حالة واحدة هي عدم أنتمائه للعراق الواحد وعدم الارتباط باي اجندة أجنبية وبخلاف ذلك الكل يدخل العمل السياسي والتفوق للمقتدر الذي يحضى بالارادة الجماهيرية والتي تعطيه الشرعية أما بخلاف ذلك لا يركن لاي مرجعية في منح الشرعية لاي فكر او حركة سياسية أو تجمعا أخر..  

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٦ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٣ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور