الشهيد القائد صدام حسين ... تجربة متميزة وعطاء خلاق

 
 
 
شبكة المنصور
علاء الشمري - ناشط سياسي

تمر هذه الايام الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين المجيد. ذلك الاغتيال الجبان الذي نفذته أيادي ايران في العراق بأمر من سيدها المحتل الامريكي والايراني. ....الاغتيال نفذ وسط "حفلة عرس" بربرية لم يشهد لها التاريخ الانساني المعاصر مثيلا..... وسط نعيق غربان المحتل المتصاعد  من تحت أقدام القائد الشهيد, والوجوه الملثمة رعبا وخوفا تعالى صوته الاغر: عاش العراق, يسقط الامريكان والمجوس, عاشت فلسطين عربية, واللة أكبر والنصر للمقاومة". كلمات قد تبدوا بسيطة بسيطة لكن معانيها , ستبقى ملتصقة في الذاكرة الجمعية لشعبنا العراقي .

 

لقد ارادوه اغتيالا ينال من شأن وصورة القائد الشهيد , فاذا به يتحول لصورة نادرة ومعبرة عن الشجاعة والصمود الاستثنائي في وجه المحتل وادواته, عبر الوقفة الشامخة لقائد العراق الملهم  وهو يودع شعبه  من اجل  القضية التي نذر نضاله وحياته لها مؤكدا حتمية إنتصار المقاومة العراقية.

 

الحديث عن القائد الشهيد صدام حسين يأخذنا لامحالة الى الحديث عن ركائز المشروع السياسي الذي تبناه وعمل على تحقيقه خلال الفترة التاريخية المتميزة للعراق من عام 1968 الى عام احتلال العراق 2003. لقد إرتكز المشروع السياسي للنظام الوطني السابق على رؤية وافكار حزب البعث العربي الاشتراكي وعلى قدرة لقائد صدام حسين على بناء النموذج الاشتراكي للدولة, اخذا بنظرالاعتبار المدخلات والنظريات  الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وإمكانية تطبيقها في بلد عربي وبكل  يرتبط عضويا في المشروع القومي النهضوي العربي ، في مرحلة  تاريخية معقدة تصارعت فيها القوى الاقليمية والامبريالية على نهب ثروات العرب الطبيعية.

 

إن خيار حزب البعث للاشتراكية كنظام سياسي للدولة والمجتمع كان خيارا واعيا نابعا من تقييم واقع التخلف الذي كرسه ويكرسه الغرب الامبريالي على العالم النامي والعرب خصوصا, والذي يتمركز حول تصدير الليبرالية كنظام سياسي للدولة والمجتمع. لهذا كان الخلاص يكمن في الاشتراكية وبالاشتراكية وحدها يتحقق التحرر الوطني القومي. من هنا تأتي أهمية النموذج الاشتراكي لحزب البعث والذي صاغه القائد صدام حسين, متأثرا بشكل كبير بالتجربة الاشتراكية في المعسكر  الاشتراكي وخصوصا الاتحاد السوفيتي.

 

تكمن خصوصية الرؤية الاشتراكية عند القائد صدام حسين في تطويع  النظرية الاشتراكية لسياقها المحلي, من خلال رؤية جوهرية وصائبة تكمن في ضرورة تعدد نماذج تطبيق الاشتراكية تبعا لتعدد الخصوصيات الوطنية والقومية للشعوب والأمم. في هذا الصدد يقول صدام حسين: "...اقول علينا كثوريين في هذا المكان من العالم ان ندرس تجارب الثورات جميعا ولكن علينا ان لا نقتبس بصيغة النقل الالي وانما نتفاعل نأخذ ونعطي لنا القدرة في ان نعطي ولدينا الجرأة والوعي والقدرة على الهضم والاستيعاب في ان نأخذ وبهذه الروحية يجب ان نتعامل مع تجارب العالم عموما لانشعر ان هنالك تجربة اكبر منا ولانشعر ان تجربتنا وحدها هي اكبر من كل التجارب نتواضع بدون ضعف ونكون اقوياء بدون غرور..." . مؤكدا على تاثيرات العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية للمجتمع العراقي والعربي في تفاعلها مع الاشتراكية كنظام للمجتمع والدولة, مستشهدا بمعايشة القائد الروسي لينين للمجتمع الروسي, حيث يقول:

 

"...لينين عاش في المجتمع الروسي ورأى مشاكله الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصراع بين الطبقات وحدود هذا الصراع حجم الطبقات في ذلك الزمان والصورة المتصورة للمستقبل وفي ضوء هذا صاغ النظرية وحين ننقل الى الواقع في هذا المكان من الكرة الارضية في القطر العراقي ونتحدث عن طريق تحقيق الاشتراكية لا بد وان نأخذ بنظر الاعتبار واقع مجتمعنا وقبل هذا بل ومن خلال هذا نأخذ بالاساس منطلقاتنا النظرية اذن فأن مسألة النقل الحرفي لأي تجربة كانت ستكون مسألة ضارة.". هذة الرؤية الفكرية للقائد صدام حسين حول خصوصية الظرف المكاني عند التطبيق العملي للاشتراكية, لها علاقة بالعوامل المؤثرة في كينونة وتطور المجتمع العراقي والعربي, كالدين والتراث والامة العربية والقومية العربية والوحدة العربية كمحركات فعالة في صيرورة العرب كأفراد وككتلة بشرية.

  

للتاكيد على عمق تطبيق الاشتراكية عند حزب البعث نأخذ مسألتان كمعيار لذلك التطبيق هما مسالة الاستغلال (الانسان كأيدي عاملة) ومسألة الملكية في المجتمع. هنا يؤكد صدام حسين: "ان مانعتبره جزءا اساسيا من المبادئ المركزية لحزبنا وملازما لكل مراحل البناء الاشتراكي وحركة تطوره هو منع الاستغلال ومحاربته ورفض ومحاربة الاتجاهات التي تجعل من التملك والنشاط الخاص قيمة ونفصلة عن قيم الاشتراكية وحقا ثابتا لايجوز مسه او التصرف به لاي سبب كان". وحول الموقف من الملكية: "ان من اهم مستلزمات البناء الاشتراكي السيطرة على وسائل الانتاج وتحويل ملكيتها الى ملكية عامة الى الحد وبالقدر الذي يغطي كافة مستلزمات تهيئة القاعدة المادية للبناء الاشتراكي والمحافظة على الموازنة المطلوبة بين ذلك وبين ماهو مطلوب من دور ونشاط للملكية الخاصة والنشاط الخاص لخدمة الاشتراكية في نظرتها الشمولية للحياة وفق ظروفها ومراحلها المتطورة المتعاقبة ". هذة الرؤية الواضحة عند القائد صدام حسين ازاء أهم مسألتين جوهرتين في بنية النظام الاشتراكي لاتقبل الجدل حول عمق وجدية تطبيق الاشتراكية في العراق من جهة, وحول ضرورة مراعاة خصائص التركيبة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات العربية, لاسيما نمط الانتاج وجدل الطبقات الاجتماعية ،وممارسة الدولة دورها كونها الفاعل الرئيسي في المجتمع وليس كأداة بيد الراسمال كما في النظام الراسمالي.

 

لقد سعى حزب البعث وعقله السياسي القائد صدام حسين الى بناء نظاما إشتراكيا ذو خصوصية عربية, يمكن من خلاله نقل العراق من بلد زراعي متخلف الى بلد على أعتاب التصنيع, كاسرا بذلك معادلة تقسيم العمل الدولي, التي يفرضها الغرب على العالم النامي على حد وصف المفكر العربي سمير أمين.  

 

ان محصلة تجربة البعث الاشتراكية هي الانجازات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العظيمة التي تمتع بها شعبنا العراقي والعربي. لقد حصلت أكبرعملية عادلة لتوزيع مصادر الثروة والدخل في بلد واحد في العالم النامي,بشكل لم يشهد له مثيل منذ الثورة الكوبية. ان تمتع المواطنين العراقيين في ممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كحق التعليم, وحق العلاج الصحي, وحق السكن, وحق تملك قطعة ارض, وحق العمل, وحق التمتع ببيئة آمنة,ما هي الا شواهد وأدلة حية على نجاح تجربة البعث الاشتراكية.

 

ان الاجراءات والقرارات الاقتصادية والسياسية التي يتخذها القائد الفنزويلي الثوري هوخو شافيز لمحاربة وتقويض سلطة الراسمال الامبريالي في بلده, لاتصل بمقدار الثلث مقارنة بتلك القررات التاريخية التي أتخذت ونفذت من قبل النظام الوطني السابق, مع إحترامنا وتقديرنا الشديد للقائد شافيز ونظامه الوطني.

 

إن معاينة نقدية لتجربة حزب البعث الاشتراكية, كنظام إستطاع تحقيق نقلة كمية ونوعية للمجتمع والبلد, تثبت صحة ومتانة تلك التجربة, وتثبت صواب خيارحزب البعث كنظام سياسي للدولة والمجتمع. التجربة العراقية تستحق كل التقدير والاحترام, ولم تفشل او تنتهي إلا بفعل عامل خارجي هو إحتلال أكبرقوة عسكرية في التاريخ للعراق. ولامحالة هنا من التأكيد على أهمية مساهمات القائد صدام حسين لموضوعة الاشتراكية خصوصا في اللحظة الانية المعاشة, كعراق في ظل الاحتلال, وكأمة عربية,  يقعان ويتعرضان لأشد هجمة بربرية من قبل الغرب والامبريالية, واللذان يستخدمان العولمة كأداة للنهب ولمسخ التراث الوطني للشعوب!

 

وقفة اجلال وتقدر للقائد الشهيد في ذكرى استشهادة الجليلة

تحية تقدير وعرفان لرجال المقاومة الوطنية العراق

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور