المقاومة العراقية

هل ستكون الحرب العراقية الافغانية - الاميريكية العالمية اخر مطاف الحروب في القرن الحالي ؟

 
 
 
شبكة المنصور
الوليد العراقي
منذ ان نشأت الخليقة ومنذ ان تكونت دول ذات قانون وسيادة  فاقت الشعوب على امر ما تكرهه وهي الحروب بين دولها ولم تكن تلك الشعوب سببا في كل ما يحصل من ويلات تلك الصدامات المفتعلة بسبب فشل  سلطات تلك الدول في حل ازماتاتها الداخلية من ناحية ومن ناحية اخرى بسبب الطموح غير المشروع على استيلاء خيرات الغير ومن ثم السيطرة عليها  عنوانا للقوة وهي رسالة المراد منها ارهاب الدول الكبرى الاخرى من سطوة الدولة الممتدة الى اراضي الغير عنوة.

 
الحروب ليست جديدة على العالم وهي لازمة كارثية  من طبع البشر لكن تلك الحروب تظهر مرة  الى منتهاها وتخبو في زمن اخر ولاسباب جوهرها يكمن في ميزان المصالح الذي قد ينقلب ضد الدولة الطامحة الى مبدأ الحروب ومن ثم خساراتها وخيباتها وهو نوع من الادب الطبيعي والردع الفطري بدافع حماية البشر من الانقراض من ناحية ومن ناحية اخرى من اجل اعطاء فرصة التفكير والتبصر في الربح والخسارة لدى السياسة والفكر الذي ينتج سبيل الحروب وصولا الى الاهداف الكامنة في مخططاته والغير قادر على تنفيذها بقدرة العقل والمنطق والحوار مع الغير.

 
ان مراجعة ودراسة تاريخ الامم والشعوب التي مارست الحروب صماما لامانها تعطينا خلاصة مريرة ذاقتها السلطة والشعب في تلك الدول نتيجة الميل الحاد تجاه الحرب من اجل المصالح او الشهرة تارة وبدافع الغرور السلطوي لقياداتها تارة اخرى.كما ان المصالح كلها وبعد انتهاء الحروب ومراجعات الدول المتخاصمة تجدها بالنتيجة فاعلة ومتوفرة يمكن الحصول عليها دون التوغل في وحل الحروب أي من خلال فكرة السلام وركوب غارب المنطق وحسن العلاقات وتبادل المنافع بين الامم والشعوب دون الحاجة الى قتل ولو جندي واحد من اجل تحقيق تلك الاهداف غير المبررة  شرعا وقانونا وعرفا.

 
الشعوب بحكم الفطرة البشرية الواحدة لا تجد تحسسا من الاخر ومن اين جاء وماذا يريد  طالما انه قدم بدافع الطلب لا الامر ومن هنا تراها تتعامل معه على اساس التبادل الانساني للحاجات دون ادنى ريب وبالنتيجة يحصل الوافد على مبتغاه من الشعب الاخر دون  الاكراه على العنوة والقتال من اجل تنفيذ الطلب الذي اعتبرته كل القوانين والشرائع والاعراف مشروعا طالما جاء بطريقة الطلب كما اشرنا وهذه الصيغة تمثل قمة التعامل الحضاري  بين الشعوب بل وتبدد فكرة القوة والفوضوية في العلاقات ما بين الامم .

 
لقد جرب العالم(وأن لم يتعض)ان فكرة الحصول على مبتغاه  من الاخر بالقوة لا يجدي نفعا ونتيجته الويلات والموت والدمار بل وكان هذا الاسلوب المتعالي والمتخلف البدائي سبيلا الى انهيار الدول الكبرى التي ظهرت وخبت على مد التاريخ.كل الدول الكبرى التي ظهرت في تاريخ البشرية لم تكن نهاياتها بسبب الشحة في المواد الاولية او بسبب الجوع بل كانت بمجملها بسبب اما ملهاة سلطانها عن واجبه او السبب الاخر وهو موضوعنا هي الحروب الفوضوية  البدائية والتي هي انعكاس فطري وراثي كامن في اعماق البشر لما كان عليه اجداد البشرية في زمن التشكيل الاول للعائلة والعشيرة والقبيلة والتجمعات البشرية والرعب من الاخر بسبب فقدان لغة التفاهم وغيابها ومن ثم الميل لسبيل القتال وردع الجانب الاخر المتواجد على طرف من بيئة المهاجم البدائي الذي يمد برأسه غير الخبير الى ايجاد مكان امن له بين تلك التجمعات البشرية –الاعداء؟!

 
تلك الفكرة البدائية المهزوزة لضعف جذورها التشريعية نتيجة فقدان لغة الحوار كونها في تشكيلها الاول اذ ما زالت لغة  الصوت والمقطع أي اشبه بلغة الحيوان وبالتالي لا تجد سبيلا الى التفاهم في زمانها غير لغة الغاب كانت هي المشرع وهي المسيطر وهي الحماية  وهي عنوان الوجود واستمراه لتلك او ذاك التجمع البشري.اليوم وطبقا لنفس المبدأ ما زالت بعض الشعوب بسلطاتها وبغض النظر عن اللغة والملبس أي المظهر الخارجي وحتى الالة تفعل نفس الفعل البشري القديم ما قبل التاريخ وتعيد وراثة اجدادها الغابيين المتجحفلين مع وحوش البراري.

 
بالمقارنة انظر الى الشعوب ذات السبق في التحضر والمدنية وصياغة لغة التخاطب كالشعب الصيني  والهندي  مثلا تجدهما اقل ميلا الى الحروب اذا ما كانت لا بد منها ومفروضة عليهم .في تلك الشعبين تجد الميل الحاد الى الطرق السلمية في الحصول على حاجاتهم من الشعوب الاخرى دون اللجوء الى منطق القوة والاحتلال لا بسبب عدم القدرة على الحروب ولسبب بسيط هو العمق السكاني والجغرافي الذي يمتلكانه في دولتيهما والذي له القدرة على استيعاب ضراوة الحرب وخساراتها البشرية من خلال الخزين البشري الذي لا ينضب بسهولة من ناحية ومن ناحية اخرى القدرات المادية المهولة التي تمتلكها تلك الشعوب والتي لا تعلن عنها ولا تتبجح بها  عند التعامل مع الاخر وهي كامنة في اعماق تلك الامم بجغرافيتها العريضة.السبب في ذلك هي المرحلة الحضارية أي عمرها الحضاري الطويل مقارنة مع الامم التي تشكلت في ازمنة متأخرة وتلاقحت عواملها الوراثية مع عوامل بيئتها الوراثية ايضا لتشكل صفة عائشة ذات كينونة حضارية اخرى وشخصية مستقرة تحكمها عوامل الديمومة والثبات والاستقرار والثقة بالبشرية وكذلك بالمحيط وهما العاملان المسيطران على افعال وردود افعال البشر اين يكون .

 
اميريكا تشكلت بشريا  كاخر دولة  وهذا التشكيل (الخليط)الجديد وغير المتجانس والذي تحكمه المصالح لغياب الروابط التاريخية الوراثية التي لا تعمر في الابدان والعقول الا بعد الاف السنين من الاستقرار في بيئة معينة.تلك الدولة استطاعت ان تجلب اليها بشرا وخلاصات حضارات جاهزتين وغريبتين على بعظهما البعض وهي ما زالت تحت الاختبار  من اجل التمازج والتكيف ومن ثم الاستقرار أي بمعنى اخر اميريكا ما زالت دولة في الطور الاول من الصناعة الوراثية  ذات الديمومة وعليه فأن التعامل مع مثل هذا النوع من التشكيل البشري البدائي يحتاج الى حنكة وقدرة هائلة على  اختيار زاوية الميل التي تحمل ثقبا يمكن الولوج منه ومن ثم الحوار معها كدولة ما زالت تعيش فكرة التكوين الاول المشوب بالحذر من الاخر من ناحية وجوها الملبد بالنتيجة بالعداء من المجهول وهي تتلمس خطوات تكوينها واستقرارها وبدائيتها مع امتلاكها على القوة الهائلة المدمرة والمستوردة الجاهزة والتي لا تتساير مع النضوج الحضاري  والنظرة الامنة الى الاخر الذي تراه قد سبقها بتكوينه وبتاريخه ومهما كانت قدرته ومهما كان حجمه بين الشعوب.

 
واذا ما شبهنا اميريكا الدولة والشعب( بالعجينة)التي لا يسويها غير التنور الحامي الذي يسارع في شيها ونضجها فهنا يكمن السر في ان اميريكا سوف يتسارع نضجها الحضاري ومن ثم استقرارها وميلها الى السلام كلما اكتوت بنار الحروب الجاهلية البدائية وعبرت عن نشأتها الاولى التي لا بد ان تمر بها كمراحل عاشتها الامم والشعوب الاخرى من قبلها وهي حالات الحروب والغزوات والقتل العبثي بدافع ارهاب الاخرين الجوار لا بسبب ايذائهم لها ولكن بسبب عدم الثقة بالاخرين من خلال عدم المعرفة الدقيقة بهم وبقدراتهم  وبكيفية التعايش معهم وتلك هي المرحلة التي تمر بها اميريكا اليوم رغم شرورها وكوارثها على الانسانية جمعاء لكنه قدر البشرية ان تتكون تلك الدولة  البدائية وتمتلك كل تلك القوة الهائلة في نفس الوقت الذي تفتقد فيه بحكم تكوينها المعرفة اللازمة  بالشريعة وبالقانون وبالاعراف بين الامم السابقة لها بالاف السنين.

 
انظر الى التشكيلة والتركيبة الاجتماعية للفرد الاميريكي تراها تختلف عن كل البشر في دول العالم .تراه انسان مجهول منفرد يعتمد على ضربة الحظ في عيشه هناك لفقدان  الرابطة والوشيجة مع الغير حتى مع الذين انحدروا من دولته في الاصل.فرد تحكمه المادة ولا شئ غير المادة تصونه وتؤمن مستقبله المجهول هناك.كل ما يحصل عليه من اتعاب تروح بغالبيتها الى الدولة من خلال قانون الضرائب  بدافع حاجة الدولة الى المادة التي تغطي جناحيها الممتدتين على شرق وغرب العالم عبثا ورعبا من المجهول من ناحية وحرصا على تأمين المستقبل من خلال خسارة القوة وقوة الخسارة من ناحية اخرى.انت تعيش هناك في دولة لا تثق بنفسها (طفلة)دللتها الحضارة المستوردة المصنوعة  ومواد الخام التي لم تستنزف بعد في قارة بدائية ما زالت في طور التشكيل الحياتي البشري وتحت وضع القوانين التي تراها لم تصاغ لها بل جاءت مستوردة جاهزة ايضا وبالتالي هي ليس لها بل لسكنة  بلدان الوافدين اليها وبالتالي عدم صلاحيتها هناك.

 
لقد لطمت اميريكا في حروب استقلالها ومن ثم لطمت بحروبها الداخلية وكادت ان تنفرط ولاياتها في زمن ازف وولى ومن ثم لطمت في حربين عالميتين الاولى والثانية وخرجت وهي قوية بسبب المفكرين والعلماء الجاهزين القادمين اليها من دول حضارات اخرى جاهزة ..اي استطاعت اميريكا على تخطي تلك العثرات بالوسيلة المصنوعة لا بالطريقة الموروثة المتالفة مع المحيط والمشتركة معه بالعوامل الوراثية ذات الاستقرار والديمومة.

 
اميريكا لم تكتفي بما عاشته من ويلات الحروب بسبب سطوة القوة وقوة السطوة حتى راحت تحتل دولا اخرى كفيتنام وهندوراس وغيرهما لكن بالنتيجة خرجت من تلك الدول خاسرة منكسرة  بل حتى رعب القوة النووية التي ذاقها الشعب الياباني والتي القتها عليه اميريكا وهو  يتوسط من اجل الاستسلام في الحرب الثانية كانت بدافع ارهاب دول العالم الاخرى ومنها في حينه الاتحاد السوفيتي القوي .نعم حتى رعب القوة النووية لم تمنع الشعوب المحتلة من مقاومتها ومن ثم اخراجها من بلادها منكسرة منهارة معنويا واقتصاديا.

 
كل هذا ولم  تستفد اميريكا من مسلسل الخسارات والهزائم وكل ذلك باعتقادنا راجع الى بدائية تلك الدولة الناشئة  حتى دخلت افغانستان ومن ثم العراق واكملت كفنها بالولوج في الباكستان لا كقوة نووية ولا كشعب مقاتل  وشرس.

 
عندما دخلت اميريكا العراق جاءت ومعها عشرات الجيوش المؤتلفة لمقاتلة الشعب العراقي ويوما بعد يوم راحت تتلاشى تلك الجيوش وتنسحب هاربة من الجحيم العراقي المقاتل الشرس الذي اذاق تلك الجيوش مر الليالي  وصعوبة المسير مما اضطرها الى التخلي عن حلفها ويمينها امام السيدة اميريكا ومن ثم غادرت تحت ضغط شعوبها المتحظرة والتي تجيد قراءة ميزان الربح والخسارة جيدا حتى انتهى الامر برحيل الوصيفة الكبرى والذيل الاعمى بريطانيا العجوز ومن ثم انسحب جيشها وراحت تحاسب وتقيم الدعاوى والتحقيقات ضد مرتكبي الحرب ضد العراق وعلى رأسهم المجرم الاشر بلير.وبقت اميريكا المنسحبة المنهارة تقاتل العراقيين في وطنهم لوحدها وما اسوأ حظها  حين دخلت بلاد الرافدين بقيم بدائيتها الهمجية  ورداءة سياستها القائمة على القتل والتخريب لنفسها ولغيرها ولسوف تفر هاربة محسورة ولو بعد حين.

 
اما بالنسبة للحال في افغانستان فهو مختلف عنه في العراق حيث ان الاحتلال حصل قبل العراق هناك بعامين ولم تنسحب أي دولة بجيوشها المتحالفة مع اميريكا من هناك لكن هذا لا يعني ان اميريكا بخير في ذلك البلد الموصوف بالشعب المقاتل العنيد وبتضاريس الارض القاسية التي يصعب السيطرة عليها .اميريكا تقاتل على جبهتين في افغانستان هما افغانستان وباكستان بكل الثقل البشري  هناك وبكل قساوة الارض  وعمقها  حيث لا يمكن وصف حرب اميريكا في هاتين الدولتين الا نوع  من التخريب والتدمير ما استطاعت اميريكا وحليفاتها ومن ثم الخروج منهزمة مكسورة منهارة.وهذا هو المصير المحتوم الذي لا لبس فيه بعد ان بانت طبيعة الحرب الموسومة بالحرب الصليبية ضد الاسلام وبامتياز.فلا الديمقراطية وما ادعته اميريكا وما الارهاب ولا هولت له بقادرين ان يقنعا الشعوب كل الشعوب على الارض بقدسية الحرب في منطقتنا العربية الاسلامية.وعليه فقد بانت النوايا وفهمت الشعوب فحوى الحرب وارتدت الضربة الى الصدر الاميريكي ومن تحالف معها والنتيجة هي خروج اميريكا  من تلك احروب بالفشل والخسران كما فشلت الحروب الصليبية من قبل على ايدي العرب والمسلمين رغم ضراوتها ورغم الحال غير الممتاز الذي كانت تعيشه البلاد العربية والاسلامية انذاك لكنها العقيدة بكل قوتها وسطوتها  والتي لا تنهزم وهي روح الاسلام.

 
اذن لماذا تحارب اميريكا ولماذا ينهار اقتصادها وبالتالي تشكل ازمة اقتصادية لكل العالم ؟كل ذلك لم يكن الا من اجل محاربة الدين الاسلامي والقضاء عليه لا سامح الله وكما جاء على لسان الارعن الصغير بوش الابن.كون المصالح من نفط ومن خامات ومن  توفر السوق التجارية والممرات المائية والجوية والبرية وغيرها من المصالح يمكن لاميريكا الحصول عليها وبسهولة اما من السوق العالمية مباشرة وبالسعر السائد العالمي او من خلال اقامة العلاقات الطيبة  دبلوماسيا وتجاريا مع الدول الاخرى كالدول العربية والاسلامية ومن دون الدخول في حروب طاحنة مدمرة لكل الاطراف المتحاربة.ولا اعتقد ان أي سلطة في بلد تدعي التحضر والسياسة لا تقبل منطق الحوار  ومن ثم اقامة افضل العلاقات بين الشعوب وبغض النظر عن اللون والدين والمذهب او العرق خاصة ونحن نعيش عصر الاتصالات لتصبح المعمورة بمجملها عبارة عن قرية صغيرة لا يمكن التعايش فيها بقتال؟

 
وخلاصة ما رحنا اليه والفشل الاميريكي في كل حروبها الحديثة واخرها في العراق وافغانستان وباكستان ومن ثم مراقبة الدول كل الدول الصغيرة منها ووالكبيرة لويلات الحروب وكيف ان كل اطراف الحرب خاسرة  وخصوصا الطرف القوي فيها وهي اميريكا الا يكون ذلك ايذانا بعصر جديد من السلام في العالم في هذا القرن والمتبقي منه على الاقل وهي نوع من الاستراحة التي تحتاجها الانسانية جميعا كي تراجع نفسها ومن ثم  تستبدل الحروب بدعوة السلام ؟طالما قائد ورائد تلك الحروب هو الاقوى في عالم اليوم وفي نفس الوقت هو الخاسر الاكبر  ومهان الكبرياء؟؟؟

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢٨ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٥ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور