شتان بين ''المعارضة العراقية'' العميلة الرذيلة والمعارضة الإيرانية الموالية للغرب

 
 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد
قبل الولوج في المقارنة نود القول أن المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج هي معارضة هجينة ومختلفة أيديولوجيا وطموحا، ولكل فصيل فيها أجندات خاصة به، ولها علاقات بقوى أجنبية مختلفة، لكن القاسم المشترك الملموس لمعظم فصائلها هو القضاء على نظام ولاية الفقيه الديكتاتوري الذي أخذ يتحول تدريجيا من نظام قومي ديني وطائفي قمعي إستعماري الى نظام عسكري طائفي قمعي وإستعماري من خلال السيطرة التدريجية للحرس الثوري الإيراني على الأمن والجيش وجميع مجالات الحياة الإيرانية، منها الإقتصادية، التجارية والصناعية والإستثمارات الداخلية والخارجية، السيطرة على برنامج النشاطات النووية وطموحات صناعة القنبلة الذرية الإيرانية. كذلك ليست غاية كتابة هذا المقال هي مدح المعارضة الإيرانية أو الدعاية لها لأن هناك فيها من يريد فقط تنحية أحمدي نجاد كرئيس للجمهورية وبقاء النظام كما هو، وهناك من يريد تغيير النظام برمته لكن ينتقد عناصر يسارية معارضة ويدعوها بـ "الإرهابية" لأنها تستعمل الكفاح المسلح ضد طغمة نظام ولاية الفقيه العنصري الشوفيني. لم نقرأ أو نسمع من هذه المعارضة أي إنتقاد أو إستهجان لمشاركة إيران بإحتلال وتدمير العراق ولا لإحتلال القوات الإيرانية لحقل نفط الفكة العراقي قبل مدة قصيرة ولا نعتقد أو نتوقع أنها ستفعل ذلك مستقبلا. على العكس أن صمتها مشابه لصمت حكومة الإحتلال الرابعة القابعة في المنطقة الخضراء الإزدواجية الولاء لأمريكا وإيران والتي تسمسر ليل نهار لمشاركة إيران بحقول نفط العراق أو تسليمها لها. الغاية من المقال هو تسليط الضوء على سلوكية وإعلام كلا "المعارضتين" إن صح التعبير.


لعبت بما سميت بـ "المعارضة العراقية" للنظام الوطني الشرعي قبل الإحتلال دورا خسيسا في عملية غزو وإحتلال وتدمير العراق حيث أن الضالعين في تلك المؤامرة الكبرى والتابعين لأحزاب وتجمعات هجينة فكرايا وعقائديا وولاء لفقت الأكاذيب تلو الأكاذيب عن نظام الشهيد صدام حسين ورموزه الأبطال ووفرت معلومات كثيرة الى المخابرات الغربية ومنذ نهاية حرب الخليج الثانية عام 1991 عن مجمل نشاطات الدولة العراقية وحثت القوى الغربية والأمم المتحدة على إستمرار الحصار الظالم على شعبنا العراقي الأبي وذلك لتجويعه معتقدين خاسئين أن بإستمرار الحصار على الشعب والدولة سيولد حالة من الهوس والنقمة داخل المجتمع العراقي الذي بدوره سيؤدي الى إنتفاضة شعبية وقلب نظام الحكم الوطني. هذه "المعارضة" العميلة كانت متكونة من الحزبين الكرديين العميلين بقيادة مسعود برزاني وجلال الطالباني العميلين لإيران والكيان الصهيوني والمخابرات المركزية الأمريكية، حزبي الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية العميلين المواليين لإيران والمخابرات المركزية الأمريكية، الحزب الشيوعي العراقي العميل المتعدد الولاءات، الحزب الإسلامي العميل الأمريكي الصنع، والبعض من العناصر المحسوبين على التجمعات القومية وأخرى عناصر جاسوسية وعملاء للعديد من المخابرات الغربية والموساد الصهيوني ولبعض أجهزة المخابرات لدول عربية معادية للنظام الشرعي في بغداد. بالمقابل ومقارنة "بالمعارضة العراقية" العميلة المعادية لتطلعات شعبنا قبل الإحتلال نرى أن المعارضة الإيرانية - المعادية لنظام ملالي وحاخامات ولاية الفقيه الديكتاتوري في قم وطهران - المتواجدة خارج إيران تتصرف بإسلوب مغاير ومخالف جدا لما إتبعته عناصر ما سميت زورا بـ "المعارضة العراقية" من حيث التكتيك والتصريحات الإعلامية في الغرب والتي تأخذ بعين الإعتبار مصلحة المعارضة الإيرانية المتصاعدة المتواجدة في الداخل ومصلحة إيران والشعوب الإيرانية بشكل عام.


شاهدت أمس مقابلة صحفية أجراها كل من إيمي جودمان وخوان جونزاليس مذيعي محطة تلفزيون "ديموكراسي ناو" الأمريكية مع معارضين إيرانيين هما:


1- مازيار بهاري: صحفي ومخرج سينمائي حامل الجنسية الكندية ويعمل مراسل لمجلة الـ "نيوز ويك". ألقي القبض عليه بينما كان يغطي الإضطرابات التي أعقبت الإنتخابات الرئاسية في إيران في حزيران/يونيو 2009 وسجن في طهران لمدة أربعة اشهر وأطلق سراحه في أوكتوبر/تشرين أول من العام الماضي بعد تعذيب نفسي وجسدي من قبل الحرس الثوري الإيراني.


2- إرفاند إبراهاميان : إستاذ التاريخ في كلية باروخ في جامعة نيويورك ومؤلف عدة كتب عن إيران واخرها كان كتاب "تاريخ إيران الحديث".


موضوع المقابلة الصحفية كان حول الإضطربات والمسيرات الإحتجاجية التي تقوم بها المعارضة الإيرانية حاليا في الداخل والمواجهة القمعية ضدهم التي تقوم بها أجهزة نظام ملالي قم وطهران المتكونة من رجال الأمن والحرس الثوري الإيراني والموالين لهم من الجهلة والمنتفعين من هذا النظام. كما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة أول أمس، فإن عشرات الألاف من مؤيدي نظام الإيراني خرجت في مسيرات في عدة مدن إيرانية رعتها دولة الملالي. البعض من المتظاهرين من المؤيدين للنظام هتفوا بهتافات تدعوا الى إعدام المتظاهرين المعادين للنظام وعلى رأسهم مير حسين موسوي.


الذي لفت إنتباهي هو وجهة نظر هذين المعارضين لنظام ملالي قم وطهران من حيث كيفية تعامل القوى الخارجية مع هذا النظام القمعي من أجل حماية المعارضة المتصاعدة من الأساليب الدموية التي يمارسها النظام ضدها ونجاحها المستقبلي في تغيير نظام الحكم الديكتاتوري اللاهوتي في إيران. تصريحات هذين المعارضين تختلف جوهريا عن ما كانت تدعوا إليه العناصر العراقية العميلة المتعددة الولاءات والتي إستلمت حكم البلاد بعد إحتلاله وعاثت في أرض الرافدين فسادا وتدميرا لم يشاهده العراق وأبنائه البررة منذ الخليقة.
 

من ناحيته يدعو إرفاند إبراهاميان الدول الغربية خصوصا إدارة أوباما الإبتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية في إيران خصوصا حول حقوق الإنسان والتركيز على القضية النووية والعلاقات الأمريكية الإيرانية لأن التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية لا يساعد على نجاح الإصلاحات الداخلية ولأنها تذكر الإيرانيين بالتورطات الأمريكية والبريطانية السابقة في إيران خصوصا تدخل المخابرات المركزية الأمريكية في إسقاط حكومة مصدق عام 1953. يقول أن هذه الاحتجاجات تنجح فقط عندما تكون مصحوبة بالإضرابات، ومنها الإضرابات العامة وإضرابات البازار الإيراني، إضربات النفط والإضربات على مستوى الصعيد الوطني، وهذا ما أسقط نظام الشاه. يقول يجب التأني لأن المظاهرات لم تنمي لحد الأن الى ذلك المستوى، ويعتقد أن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان النظام في مراحله الأخيرة قبل أن تحدث الإضربات العامة، لأن نظام الملالي مازال قويا لأنه نظام فاسد تسوده المحسوبية والمنسوبية ويسيطر على موارد البلاد وبيده وسائل العنف وله دعائم داخلية تتكون من المتدينين المتشددين التي تتراوح نسبتها من 25% الى 30% من مجموع السكان وهذه الفئة تؤمن بأن أحمدي نجاد يعبر عن طموحات الطبقات الدنيا الفقيرة من المجتمع الإيراني وكذلك عن مشاعرها الدينية.


من ناحيته يعتقد مازيار بهاري وبعكس ماذكره أعلاه إرفاند إبراهاميان أن موقف أوباما الناقد لحقوق الإنسان في إيران كان صائبا لأن الكثيرين من الشعب الإيراني يعتقدون بأن هناك صفقة سرية جارية بين إدارة أوباما والحكومة الإيرانية بشأن القضية النووية، بموجبها ستكون الحكومة الأمريكية هادئة حول إنتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ومن ثم ستعمل الحكومة الإيرانية على إيجاد حل وسط بشأن القضية النووية. ويعتقد ايضا أن ماينبغي على أوباما فعله الأن هو الحديث عن العنف ضد النظام الإيراني، وإدانة العنف ضد النظام الإيراني بقدر إدانة عنف النظام الإيراني ضد الجماهير الإيرانية المحتجة. يقول محذرا أن الخطر الأن في إيران هو أن العديد من الشباب الإيراني الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع الإيراني يتعرضون الى الجذب نحو الجماعات التي تمارس العنف، عنف الجماعات الإنفصالية، الجماعات الإرهابية العنيفة التي أساسا لم يكن لها أي دور قبل إنتخابات يونيو/حزيران 2009 ولا حتى قبل إنتخاب أحمدي نجاد في عام 2005. يقول مازيار بهاري بأن الكثير من الإصلاحيين البارزين في إيران خائفون من أعمال العنف في الشوارع من قبل المتظاهرين المناوئين للحكومة. ويعتقد بأنه ينبغي على باراك أوباما إدانة هذا النوع من العنف ضد النظام الإيراني. من ناحية أخرى أنه يتفق مع إرفاند إبراهميان بأن المظاهرات التي جرت في إيران سوف لن تنجح في تغيير النظام الإيراني ما لم ينضم المزارعين والعمال الى الطلاب والطبقة الوسطى الذين تظاهروا في الشوارع. إضافة الى ذلك فإنه يقول ليس هناك متطلبات إقتصادية ملحة تجعل عموم الشعب الإيراني الخروج والتظاهر في الشوارع على الرغم من أن الإقتصاد الإيراني يزداد سوءا بسبب سوء إدارة أحمدي نجاد وخامنئي للإقتصاد الإيراني لأن الشعب مازال لديه بعض المال، ولا زالت لديه الإمكانيات للحصول على الموارد. وليس هناك مطالب إقتصادية أثيرت في شوارع إيران. يعتقد مازيار بهاري بأن في غضون بضع سنوات أو لربما في وقت اقرب من ذلك بأن المزارعين والعمال سينضمون الى المتظاهرين وبهذا سيكون نظام الملالي قلق على مصيره وبعد ذلك يمكننا أن نبدأ بكتابة نعي النظام.


من ناحية إستعمال العنف من قبل المتظاهرين يتفق إرفاند إبراهاميان مع مازيار بهاري على أنه سلبي للغاية، لأن لربما قد يكون المتظاهرين الذي يحرضون على العنف هم عملاء للنظام، لأنه بهذه الطريقة سيستخدم عملاء النظام وشرطته الكثير من العنف ضد المتظاهرين المحتجين على ممارسات النظام. كانت الحركة الإصلاحية ومنذ البداية حريصة جدا على – وتدعي - أنها حركة سلمية ولا تريد إستخدام العنف. لكن الناس تغضب لاسيما إذا وضعت في السجن، وتعرضت للتنكيل والتعذيب. أنها تغضب. كذلك يتفق إرفاند إبراهاميان مع مازيار بهاري حول تدخل باراك أوباما وإنتقاده للعنف ويوضح بأنه يقف ضد جميع أشكال العنف بما في ذلك عنف المتظاهرين ضد السلطات الإيرانية.


إرفاند إبراهاميان يقف ضد العقوبات المفروضة على إيران ويعتبرها قد تكون جيدة إذا كانت تستخدم كملاذ أخير. وأنه لا يعتقد بأن الحالة الإيرانية قد وصلت الى هذا الحد. فيما يخص القضية النووية يعتقد إرفاند إبراهاميان بأن إدارة باراك أوباما وضعت حدا معقولا من العروض على الطاولة. في البداية، قبلت الحكومة الإيرانية بها. ثم وضعت الكثير من المؤهلات فيها. وهذه المؤهلات أتخذت الأن على أنها بمثابة رفض، وبالتالي هناك المزيد من التسرع نحو فرض العقوبات والتي يعتقد بأنها خطأ. الذي يعتقده إرفاند إبراهاميان هو بأن على إدارة أوباما إستكشاف تلك المؤهلات وحتى التحقيق في قضايا أخرى، مسائل أوسع نطاقا، حول دور إيران في الخليج بدلا من الإندفاع نحو فرض عقوبات، حيث أنه يعتقد بأن الشيئ الخطير الأن هو التركيز في واشنطن على العقوبات بحد ذاتها، من دون التفكير فيما أبعد من ذلك. لو أصبحت العقوبات هدف بحد ذاتها فأنها ستشكل في الأساس منحدرا زلقا.


من ناحيته يعتقد مازيار بهاري بأن العقوبات يجب أن تكون عقوبات ذكية تستهدف الحكومة الإيرانية وخصوصا تمويلات حرس الثورة الإيرانية والصفقات المصرفية خارج إيران. بدأ حرس الثورة الأن إستثمار أموال في مختلف البلدان في جميع أنحاء العالم. يقول مازيار بهاري بأنهم يعرفون عن إستثمارات الحرس الثوري الإيراني في ماليزيا، في الصين، في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي روسيا. يعتقد بأنه ينبغي على الحكومة الأمريكية والأوربيين العمل مع بلدان أخرى من أجل كبح جماح هذا النوع من المعاملات المالية. وأنه يعتقد أيضا بأن ينبغي أن تكون هناك عقوبات على شراء التكنولوجيا النووية وبكل ما هو متعلق بالتكنولوجيا النووية الى إيران.


في نفس الوقت يعتقد مازيار بهاري بأن ينبغي على باراك أوباما وقف العقوبات التي يمكن أن تؤذي الشعب الإيراني. ويقول المهم أن نلاحظ في إيران هو أننا بحاجة الى الطبقات المتوسطة الإيرانية بأن تكون بالأحرى ميسورة الحال من أجل مواصلة هذه الحركة، لأنه عندما تزداد الطبقات المتوسطة فقرا، فإن هذه الحركة التي نشهدها في إيران لربما تهدأ ولربما تذهب في إتجاه العنف، وأنها قد تفقد قيادتها أو دورها القيادي. ويتفق مع إرفاند إبراهاميان بأن العقوبات التي تؤذي إيران والشعب الإيراني يجب أن تكون الملاذ الأخير. وفي نفس الوقت التركيز على المعاملات المصرفية والمالية والبرنامج النووي لأن أسوأ شيئ يمكن أن يحدث لإيران هو ذلك اليوم الذي فيه يتوصولون الى التكنولوجيا النووية التي تمكنهم صنع قنبلة ذرية. وهو لا يقصد هنا بأن إيران حين إمتلاكها للقنبلة النووية ستضرب بها الكيان الصهيوني لأن ذلك لن يحدث أبدا، بل كان يقصد بأن القنبلة النووية ستعزز ثقة النظام وخاصة عناصر الحرس الثوري الإيراني الذين سوف يزيدون من الضغط على الناس داخل البلاد نتيجة لتلك الثقة.


كما ترى عزيزي القارئ لو كنت مطلعا على نشاطات ما سمي آنذاك "بالمعارضة" العراقية ضد نظام الشهيد صدام حسين قبل الإحتلال وقارنت سلوكية المعارضة الإيرانية الأن ضد نظام حاخامات قم وطهران لعرفت مدى خساسة الجالسين في المنطقة الخضراء والمشاركين في العملية السياسية القبيحة الذين دمروا البلاد والعباد وسرقوا أموال الشعب وسمسروا للأعداء من أجل التسلط على الكرسي الزائل. وبهذه المناسبة للمرة الألف ندعوا كل فصائل المقاومة المسلحة الباسلة الى التوحد والجهاد تحت راية الله أكبر وتحت قيادة عسكرية واحدة وقيادة سياسية موحدة ضمن برنامج تحرير إستراتيجي واحد ومتفق عليه قبل خراب البصرة. كفى تفرقا ونرجسية وغرور أعمى. لقد طفح الكيل ووصل السيل الزبي والشعب العراقي الأبي يعاني الأمرين وأعراضه أنتهكت وأمواله سلبت أفلا تعقلون.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ١٥ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور