إنشاء المفاعل الإيراني على حدود البصرة يهدد بكارثة بيئية للعراق والمنطقة

 
 
 
شبكة المنصور
د. أيمن الهاشمي
يبدو أن السلطة الحاكمة في إيران مطمئنة إلى أن جوقة الحكم الطائفي في بغداد المرتهنة لملالي طهران بالولاء، لن تقف في وجه اطماعها في العراق، ومساعيها المستمرة لأيذاء العراقيين، والانتقام لسنوات الحرب الثمانينية. فمِنْ قَطعِ المياه عن الاراضي والانهر العراقية، ومن تجاوزات حدودية برية وبحرية مستمرة، وقصف جوي لقرى كردية آمنة، ومن تجاوز ولصوصية على آبار النفط العراقية، وآخرها ما أفاد به مصدر في (قوات الحدود) العراقية في البصرة بأن القوات الايرانية فرضت سيطرتها على البئر النفطية رقم 4 في منطقة الفكة الحدودية، وأن القوات الإيرانية أطلقت النيران باتجاه عدد من ضباط حرس الحدود حاولوا زيارة البئر العراقي، لافتا إلى أن الحكومة (العراقية) وجهت بمعالجة الموقف بهدوء والابتعاد عن خلق وضع متوتر لايخدم البلدين!!

 

ولكن الاجراء الاخطر بعد التغلغل الأمني والاستخباراتي المؤذي، ودعم ميليشيات القتل والتخريب بما فيها تنظيم القاعدة، كان قطع المياه، وتعريض الاراضي العراقية لخطر الجفاف، وأخيراً كان كشف الاسرار عن قيام ايران ببناء مفاعل نووي (عند حدود محافظة البصرة) وهو مفاعل ذو بعد استراتيجي لن يؤثر على العراق فحسب بل يتعداه وصولا الى دول الخليج العربي بسبب التأثر المناخي والديموغرافي فضلا عن مجريات الانهار والروافد المائية السطحية والجوفية.

 

والمعلوم أن برنامج ايران النووي لم يولد بعد مجيء الخميني أنما هو امتداد لاستراتيجية ومخططات الشاه السابق في بناء سلسلة مفاعلات نووية إبتدأها بمفاعل بوشهر على الخليج العربي بمشاركة من شركة كوجيما الفرنسية لانتاج اليورانيوم، وكذلك من خلال ارسال البعثات للأختصاصات النووية في امريكا وأوربا، وكانت خطته تتضمن بناء منشات نووية اخذ بالحسبان توزيعها بشكل متفرق وليس في مكان واحد من الناحية الامنية واللوجستية.

 

وفي ظل نظام حكم أهوج ومتهور، لا يحسب لعلاقات الجيرة بالاً، ولا يكترث بما يصيب شعبه وجيرانه من كوارث وفتن، ينبغي على الدول الخليجية وعلى الحكومة العراقية بالذات أن تتصدى بقوة لما تخطط له السلطة الحاكمة في ايران اليوم، وتحريك المنظمات الدولية ضد هذا المخطط المؤذي، لأن بناء مفاعل في هذه المرحلة يفتقد الى أبسط شروط ومعاييرالسلامة النووية للتصاميم والبناء، كما انها تحتاج الى وقود للتشغيل، وتوفر محطات للمعالجة وفق تكنلوجيات خاصة، وطالما أن هناك نوع من الحصار على تصدير التكنلوجيا النووية من الغرب وامريكا، فأن ايران ستعتمد على تكنلوجيا محلية قديمة يكون فيها عالياً ووارد جدا عامل حصول كوارث بيئية وتلوث اشعاعي، طالما أن الريح ستكون بإتجاه منطقة الخليج العربي والعراق، وتحديدا محافظات البصرة والعمارة والكوت، في اكثر الاحيان، وأن مجريات المياه السطحية للانهار والروافد والمائيه الجوفية متجهة الى العراق ايضا. كذلك هناك خطورة اخرى فأن أي حدث يحصل للمفاعل من سوء استخدام او تخريب، او تدمير فأن تداعياته ستكون كارثية على الإنسان والحيوان والبيئة الهوائية والمائية والثروة السمكية والحيوانية في المحافظات العراقية الجنوبية وشمال الخليج العربي، وكلنا يتذكر ماحصل وما حدث لمفاعل تشرنوبيل 1986 لان الإشعاع المؤذي المتسرب لن يعرف الحدود، وان التأثير سيشمل اهل عربستان وجنوب العراق بالدرجة الاولى والكويت وشمال الخليج لاحقا...

 

ونتساءل ألا يكفي ما حدث لجنوب العراق من ويلات استخدام امريكا لليورانيوم المنضب في حربي الخليج الاولى والثانية واثارها مستمرة على المنطقة ليومنا هذا، وما تعمله ايران الان من قطع المياه عن شط العرب والاهوار؟

 

إن بناء هذه المفاعل النووية على حدود العراق قد يتسبب في كارثة بيئية خطيرة تؤدي الى قتل مئات الآلاف من البشر في محافظة البصرة والمحافظات العراقية الجنوبية ومنطقة عربستان وشمال الخليج العربي،

 

وقد أكد خبير في وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية أن المشروع الإيراني يهدد البيئة العراقية، وإن مخاطر التلوث تكمن بإطلاق غاز ثاني أوكسيد الكبريت نتيجة الاحتراق ويتفاعل مع الرطوبة الجوية ويولد حامضا يؤدي بالتالي إلى تشكيل غيمة من الحوامض في الجو يطلق عليها بالمصطلح العلمي "الأمطار الحامضية" لها القدرة على الانتقال إلى أية منطقة سواء داخل البلاد أو خارجها. ونوه الخبير بأن مشكلة العراق في هذا الجانب تتمثل في أن الرياح التي تمر بأجوائه أغلبها جنوبية شرقية أي آتية من إيران، مبينا أن اختيار موقع المفاعل النووي في جميع دول العالم مهم جداً، إذ يجب ان تكون المنطقة التي يبنى فيها المشروع خالية من الكثافة السكانية ويقصد بها المناطق التي يبلغ تعداد سكانها المليون نسمة فأكثر. وتابع أن المفاعل يحتاج ضمن مكوناته إلى الماء لتوليد بخار تدوير التوربينات لإنتاج الطاقة الكهربائية،  موضحا أن الجانب الإيراني سيقوم بطرح الماء عبر نهر الكارون كونه قريباً منه فإذا ظهر به أي تلوث فيتسبب بكارثة تتمثل بتحول جزيئتي الهيدروجين الموجود في الماء إلى ثلاثي "ثريتيوم" وهو يحوي مواد مسرطنة يمكن أن تتسرب إلى الجو ويستنشقها الإنسان أو يتناولها مع الماء أو ينتقل إلى المزروعات والحيوانات، فضلاً عن التلوث الحراري الناتج عن الماء الذي سيتسبب بقلة الأوكسجين وبالتالي موت الأحياء المائية. وأكد النائب أن تقنية تبريد المياه قبل طرحها تستعملها دول أوروبا على الرغم من كونها مكلفة جداً حفاظاً على البيئة، الا ان هذه التقنية غير موجودة في دول العالم الثالث، محذرا من حصول كارثة تشابه ما حصل في مفاعل "تشرنوبل" في الاتحاد السوفيتي السابق عام 1986 عندما وصل مدى انتشار التلوث الإشعاعي إلى أكثر من 180 كيلومترا، فضلاً عن تأثر مناطق أخرى بالتلوث عبر احتراق وقود المفاعل وتطايره عبر الغبار ووصوله الى الأجواء العليا ومن ثم الانتقال إلى أماكن بعيدة. وكانت الحكومة طلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية معلومات دقيقة بشأن عزم إيران إنشاء محطة للمفاعل النووي على الحدود.

 

العراق ما زال يعاني كثيراُ من تصرفات حكام إيران اللاأخلاقية المنافية لتعاليم الدين الإسلامي، والتي لا تكترث لحرمة البشر، وقد حذر وجهاء من محافظات العراق الجنوبية إيران برسالة إستنكار، من استمرارها بسياساتها المؤذية للعراق والمنطقة. ولكن يبدو أن الروح الانتقامية الإجرامية التي تعتري حكام إيران مازالت ذات الروح، فبالأمس ارتكبت المليشيات المسلحة المدعومة من إيران أبشع مجزرة في بغداد راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء العزل وهي استمرار لمسلسل التفجيرات التي تنفذ بغطاء وحماية الاحتلال وحكومته العميلة. يبدو ان إيران الشر لم تكتف  بقتل العراقيين بالسيارات المفخخة والدريل والمنشار الكهربائي وقطع الرؤوس والحرق بالتيزاب وأدوات قتل كثيرة ومتعددة ابتكرها اعوانها في الحكم،  لتقدم اليوم على قتل العراقيين قتلهم بالمواد السامة الممنوعة والمحرمة دولياُ وذلك ببنائها مفاعل نووي على الحدود العراقية عند محافظة البصرة وعلى ضفاف شط العرب.

 

إن بناء مفاعل نووي إيراني بالقرب من الأراضي العراقية ينافي مقررات ميثاق الأمم المتحدة وما استقر عليه القانون الدولي من علاقات حسن الجوار، خاصة وأنَّ ميثاق الأمم المتحدة يدعو دول الجوار لإقامة علاقات طيبة في ما بينها وعدم التهديد بإضرارها.

 

المطلوب وبإلحاح ان يكون رد الفعل من قبل السلطة الحاكمة في بغداد وبرلمانها ردا سريعا وحاسما من خلال: الشكوى لدى الوكالة الدولية للطاقة بتفاصيل ومخاطر المفاعل الايراني بغية مناقشتها من قبل مجلس المحافظين واتخاذ الاجراءات الدولية لمنع ايران من هذا التصرف المؤذي. كما يجب على وزارات البيئة والزراعة والري وحقوق الانسان الاتصال بالمنظمات ذات العلاقة لنفس الغرض. كما يجب قيام المنظمات العلمية والقانونية والهندسية والطبية ومنظمات المجتمع المدني بالتحرك الدولي المطلوب. ولاننسى الدور المطلوب من الاشقاء في الخليج العربي لأن مخاطر هذا المفاعل سوف تؤثر على البيئة والحياة في منطقة شمال الخليج العربي.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٩ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور