وأي فتيان أضاعوا ..

 
 
 
شبكة المنصور
الدكتور محمود عزام

لم يعد خافيا على أي من المختصين في الشأن الأمني عراقيا وإقليميا وعالميا من أن (إنعدام الأمن وتكرار التفجيرات الدموية وبهذه الكيفية والتخطيط والتوقيت والإختيار) ماهي إلا دليل لأحد إحتمالين ..قد لايوجد ثالث لهما:

 

الأول ..انه ليست هنالك دولة ولاسلطة ولامسؤولين وتكاد تكون زمرة المسؤولين تشريعيا وتنفيذيا التي تدعي انها تحكم العراق ما هي إلا عبارة عن مجموعة مكلفة لأداء عمل روتيني بأجر عالي وبدون وضع إعتبار للمصلحة العامة وأمن المواطنين ..وإن ذلك يعني أن الشارع العراقي بكل مدنه وقصباته ومؤسساته ملكا لجهة أو جهات أخرى غير هذه السلطة التي لايصلح أشخاصها وأحزابها  إنسانيا وأخلاقيا ومهنيا لأن يستمروا ليوم واحد آخر.

 

والثاني ..أن هذه السلطة مشتركة فعليا وهي التي تقوم بهذه التفجيرات وتخطط لها وتهيء الخدمات اللوجستية والخبرات لتنفيذها .

 

ورب مختص يقول :

(أن هناك إحتمال ثالث وهو أن تكون هذه السلطة مخترقة وفي أماكن حساسة بحيث تؤهلها مواقعها للقيام بهه العمليات او تسهيل حدوثها لمصالح وغايات متعددة )..

وهذا إحتمال وارد ..ويتحمل تفسيرين ..

 

التفسير الأول: إما أن تكون الجهة التي إخترقت هذه الأماكن الحساسة في الدولة بهذه القوة والسيطرة والفكر والتخطيط المتقن الذي يجعلها قادرة على أن تتخطى كل منظومات الإستخبارات والمخابرات الأمريكية والبريطانية والإيرانية والعراقية ومنظومات القيادة والسيطرة والتحسس والمراقبة والمتابعة وطائرات الإستطلاع والأقمار الصناعية وهي بهذه الحضوة والقدرات بحيث تستطيع تجاوز كل نقاط التفتيش المشتركة والخاصة ومئات الألوف من قوات الشرطة والمغاوير والقوات الخاصة والجيش (التي وضعت في عقيدتها أن منع مثل هذه التفجيرات هو هدفها الأول والأخير) وتقوم بتفخيخ السيارات وضبط توقيتات تفجيرها وتوزيعها في مناطق بغداد وأمام مرأى ومسمع ومراقبة وتقارير مئات الألوف من المخبرين السريين والجواسيس والعملاء والمتبرعين وأفلراد أحزاب السلطة الطائفية والخونة الذين يدّعون أنهم (يسهرون على حماية المواطن من الإرهاب!) ..نقول أن تكون هذه الجهة المُخترِقة بهذه القوة فهذا يعني أنها هي التي تدير الدولة وهي التي تُسير امور السلطة في أدق مفاصلها ..ولأن القاعدة لايمكن أن تصل الى هذه المرحلة من الإختراق لأسباب معروفة فالجهة المُتهمة بذلك هي (حزب البعث)!..علما ان البعث ليس في نهجه ولا في خططه وتعبئته ونضاله سلوك مشابه لما حدث ويحدث من تفجير وتدمير وقتل للأبرياء وهو بريء من هذه الأعمال الإجرامية التي تستهدف الشعب بكل مكوناته..

 

والتفسير الثاني : أن المتسللين للسلطة والسيادة والمُخترِقين لها في الأماكن الحساسة والذين يقومون بهذه الأعمال هم أنفسهم من جاء مع المُحتل  ويأتمر بأوامره وسرق السلطة وإرتضى لنفسه أن يخون الشعب وينفذ مناهج الغير ..هم نفس الأحزاب والأشخاص الذين كان هدفهم الأول منذ ساعات دخولهم مع القوات الأمريكية الى بغداد أن يبحثوا في كل مكان وزاوية عن ملفات مديرية الأمن العامة والمخابرات والإستخبارات العسكرية والأمن القومي والتنظيمات الحزبية ويستحوذوا عليها ثم بدأوا بتصفية وإغتيال كل القيادات والكفاءات المهنية والنضالية فيها ليحولوا كل مؤسسات العراق الى مناطق مُباحة ومشروعة ومشاعة أمام كل من يريد الإنتقام من الوطنية العراقية  وينشر العبث والفوضى ..

 

ويجب أن لاننسى دور الولايات المتحدة الأمريكية في كل أجهزتها في تيسير الطرق وتعبيدها بل وخلقها أمامهم لتحقيق ذلك ..

 

وليس بخاف على المُختصين في أجهزتنا الأمنية الوطنية من أن هؤلاء الخونة الذين تسلطوا على رقاب الشعب لا يتوانون عن تفجير تجمع لعشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء لغرض تنفيذ عنملية إغتيال شخص ما !..

 

وبتحليل سلسلة الإتهامات المتبادلة بين (المسؤولين حاليا) وما يطرح للإعلام يمكن للعاقل أن يستنتج الكثير وهنالك أمثلة تُضحِك من شر بلائها المتطاير ونختار منها مثالان فقط :

 

الأول ..هو  التضارب الخطير في المعلومات والإتهامات والتحليلات بين خمسة (مسؤولين عن أمن العراق اليوم!) وبوجود ودعم ورعاية وتسهيلات قوة وهيمنة وسيطرة أكبر دولة في العالم  وهي تحتل العراق ..هؤلاء (المسؤولين هم وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الأمن الوطني ومدير المخابرات وقائد عمليات بغداد)..

فوزير الدفاع يقول حول تفجير وزارة المالية : (من ان العجلة تم تفخيخها في الوزيرية على بعد أمتار قليلة من موقع الحادث الإجرامي)..

 

بينما صرح وزير الأمن الوطني ما تناقلته سابقاً وسائل الاعلام : (من ان العجلة تم تفخيخها في محافظة أخرى وسافرت مئات الكيلومترات قبل وصولها الى الهدف في بغداد)!..

 

ويقول قائد عمليات بغداد بان: ( الذي نفذ العمليات أشخاص قدموا من سوريا ويدعمهم ويمولهم البعث )!..

وفي حين ان المخابرات لها رأي آخر والذي أعلنه الشهواني من أن: ( مجاميع خاصة من إيران هي التي نفذت هذه العمليات )..

 

ويقول وزير الداخلية بأن : (المعلومات التي يمتلكها تشير الى أن المنفذين هم غير أولائك الذين إتهمتهم عمليات بغداد !..وإن ماعرض من إعترافات ماهي إلا فبركة إعلامية لدعايات إنتخابية)!..

 

والمثال الثاني..هو قول عبود كنبر القائد السابق لقيادة عمليات بغداد : ( إن رسالة الجانب الأمريكي بشأن تفجيرات (الثلاثاء الدامي) وصلته قبل سبع دقائق من وقوعها)!.

 

وقوله أن هذه الرسالة نصت على : (  أن العدو يروم القيام بتفجيرات وحددت أماكنها وأولها عند معرض بغداد الدولي والثاني في المنطقة الخضراء وأن الرسالة حددت نوع السيارات التي من المتوقع أن يستخدمها العدو وإن إحدى السيارات ستنطلق من احد مراكز الحاسبات)!..

 

أيها الشعب العراقي الجريح ..

تَمَهَّل ..

ومَن أضاع أمنا وأمانا ونهجا ..

فقد أضاع فتيانا ..

وأي فتيان أضاعوا..

فإنتظر وإصبر وصابر ..

فهؤلاء الفتية هم وحدهم القادرين على تضميد الجراح وإعادة البسمة ونشر الأمل ..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٩ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور