القدس وابناء الحرام

 
 
 
شبكة المنصور
د. محمد رحال - السويد
اعتادت الشعوب الاوروبية على النمط الجديد والعصري من التعايش في نمط تعدد الازواج  والذي صار عادة اوروبية عصرية ،والذي يقتضي الاعتراف بما يسمى علاقات العشق بين الزوجة وعشاقها ،والذي تحول بدوره الى تقليعة عصرية يفتخر بها  وكان هذا في الغالب سريا ومعيبا منذ قرون ، ولكن هذه العلاقات وبعد التطور الاوروبي والحضاري وانتشار الاباحية مع التوسع الاعلامي الفضائي وبث الافلام الاباحية بحرية بالغة بما حوته من اوضاع كانت في يوم من الايام تعتبر شاذة ، تطورت واصبح العشيق جزءا محبوبا من الاسرة ، وصارالعشيق يتردد على البيت كأحد افرادها وامام رب البيت وتحت انظاره ومباركته ، بل وقد يأتي العشيق الى البيت ويتولى رب البيت خدمته وضيافته وتقديم القهوة له  ، وقد يجهز له غرفة النوم ويمده بالمناديل المعطرة والمناديل الورقية ، والويل كل الويل لمن يرفض التعاون في هذه المجالات والا اتهم بانه يكره زوجته وانه رجعي ومتخلف ولايساهم ابدا في متعة الزوجة العاشقة ، وانتشر هذا النوع من انواع الحب والعشق درجة ان الاصوات بدأت بالتعالي بضرورة ايجاد قوانين تسمح بتعدد الازواج رسميا وذلك على العكس من المطالبة بتعدد الزوجات والذي يعتبر في الدول الاوروبية  وبعض الدول العربية والخوض فيه نوعا من انواع التخلف والتوحش الشديد، وياتي هذا التطور الكبير في العلاقات الزوجية بعد شيوع عادة تبادل الزوجات وعلى نطاق كبير .

 

هذا التطور في العلاقات البشرية ليس غريبا في مجتمعاتنا العربية والمسلمة ، وهو تطور قديم اسماه قدماء العرب بالدياثة ، ويسمى رب البيت الذي يقبل هذه العادات ديوثا ،ولم يكن ابدا اسم ديوث اسما محترما في الشارع العربي والاسلامي ، ولو انه دخل الى الامة العربية والاسلامية من ابواب عدة وخاصة الفنية منها ، وهذه العادات الديوثية تكاد ان تشمل البلاطة الاوروبية بكاملها مع اتساع ثقافة العولمة والتي يعشقها اعداد لابأس بها من المتعولمين العرب والذين ترتفع اصواتهم في هذه الايام بدعاوى الحرية دون الاخذ بالنظر ان الحرية نفسها ووفقا لكل علماء الاجتماع في العالم تحتاج الى ضوابط وقوانين ، وان الحرية في العادة تنتهي عندما تبدأ حرية الاخرين ، وان هذا النوع من الحريات الديوثية من المفروض ان يقنن ويعلب ويكتب على غلافه انه بضاعة الديوثين وهي بضاعة مستوردة  .


ومن الطبيعي جدا وفي هذه الحالات المتقدمة والعصرية جدا من الدياثة العلنية ان تبرز الى العلن مشكلة انتماء الاولاد خاصة وان الطفل ينمو وينشأ في اجواء متطورة من الدياثة ، ولهذا فقد حلت الازمة الاخلاقية تماما بان ترك للام وحدها في الدول الاوروبية تسمية الاولاد وبالتالي انتماؤهم ، و نشأت اجيال اوروبية مؤمنة تماما بحل تعدد الاباء ، ولم يكن هناك أي مشكلة امام الجيل الجديد بتعدد الاباء ، ومعهم نشأت ثقافة جديدة تماما في المجتمعات الاوروبية والمنزلية وهي ثقافة الدياثة والتي صاحبها ورافقها ايضا حلولا فيها من الدياثة اكثر مافيها من الشرف.


ولعل الحل الاوروبي الاخير لمشكلة القدس على ان تكون عاصمة لدولتين هو نوع من انواع تلك الحلول الديوثية والتي يعتبرها ابناء اوروبا ممن استمرئوا الدياثة واعتبروها ثقافة وفلكلورا ، هذا الحل والذي اعتبر غريبا من قبل المجتمع الشرقي والذي لم يزل بعضه يعتبر الدياثة عملا مخجلا ، والغرابة في نظر البعض هو عدم فهم هذه التركيبة العجيبة من المفاهيم الاوروبية والتي لن يستطيع الشرق ان يفهمها الا في حالة واحدة وهي ان تسود هذه الثقافة والتي يؤيدها المتحررون من ابناء يعرب ويقتدون بالمثل العصري الاوروبي ، وبالتالي الوصول الى حلول لقضية القدس والتي ترك ابناء يعرب امرها ومصيرها بيد ديوثي الغرب والشر والتفتوا الى النهضة العمرانية ببناء الابراج والخوازيق الاسمنتية ، وتحسين نسل العنزات والناقات والتيوس العربية وتتبع احدث اخبار الفياغرا ، مع القناعة التامة اننا شعوبا وحكام نقاد ولا نقود ، ونستعبد ولا نتحرر .


القدس العظيمة والتي تنتمي اوروبيا لأبوين احدهما غير شرعي وابن حرام ومغتصب ولص وسارق  وهو الذي ينال العشق الاوروبي والعالمي ، اما الاب الشرعي فهو الذي ينال منه الصديق قبل العدو ، ويدوس عليه الجميع من اجل الوصول الى رضى الاب الغير شرعي ، وتبقى القدس العظيمة ضحية السياسات الديوثية والتي يتسع اطارها .


الحل الاوروبي هو حل ليس له طعم وليس له لون ، ولايمكن تطبيقه على ارض الواقع ويشابه تماما تلك الوجوه الاوروبية والتي لاتملك لامتنا من حلول الا حل الدياثة هذا الحل الذي انتشر وشاع وطبل له البعض وزمر دون ان يعرف اين يبدأ الحل واين ينتهي ، وكيف سيكون شكل هذه العاصمة البلاستيكية وهل ستكون عاصمة في الليل لما بقي من فلسطين وفي النهار عاصمة للصهيونية ، ام انها ستكون عاصمة ثقافية وبالاسم فقط لفلسطين وفي نفس الوقت ستكون عاصمة ميدانية لدولة اسرائيل الوليدة ، ويبدو ان الامر محيرا للغاية ويحتاج الى كوشنير اوروبي يكشنر لنا هذه المسألة باعتبار ان صاحب الاقتراح كوشنيرا من عدة اباء.

 

تحرير العراق وفلسطين والجولان واجب ديني ووطني وانساني فساهم في هذا الشرف الرفيع والذي لايدانيه شرف

 
globalrahhal@hotmail.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢٥ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٢ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور