عرض كتاب المحامي خليل الدليمي

صدام حسين من الزنزانة الأمريكية هذا ما حدث

 
 
 
شبكة المنصور
د. صباح محمد سعيد الراوي - كييف – أوكرانيا

مقدمة

 

أريد أن أعترف بشيء .... حين تلقيت الطرد البريدي الذي وصلني به الكتاب، فتحته بسرعة وأنا شبه مرتبك... وهكذا شخص ينتظر شيء ما بفارغ الصبر... تقع له عوائق لم تكن بالحسبان.. فلم أدري وأنا في غمرة ارتباكي لم تعذر معي فتح الطرد بسرعة، عدا عن أن الكتاب موضوع بعدة مظاريف داخل بعضها، ثم هناك طبق ورق أبيض يغلف الكتاب محكم الإغلاق بلاصق.... وهكذا... وحين وقعت عيناي عليه، ضممته إلى صدري كمن كان ينتظر خروج حبيب من قاعة المسافرين!!

 

ذاك كان حالي مع كتاب الاستاذ المحامي خليل الدليمي الذي يتحدث عن أيام الشهيد صدام رضوان الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى اخوانه الشهداء التي قضاها مرابطا في عرينه لدى المحتل الصهيوصفوي مغولي....

 

الشخص الذي يتحدث عنه الكتاب ليس شخصا عاديا على الإطلاق...

 

إنه صدام حسين المجيد، الذي كان يعد أقوى وأشرف وأنزه وأنبل وأشجع حاكم عربي في القرن العشرين، ومطلع السنتين الأوائل من القرن الحالي...

 

صدام ماليء الدنيا وشاغل الناس... ومن اسمه كان وسيبقى على كل لسان عربي من المحيط إلى الخليج إلى أن يرث الله الأرض من وعليها...

 

صدام الذي كانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية والصفوية تلاحقه منذ أن قرر أن يكون النفط العراقي للعراق وللعرب... ومنذ أن قرر أن يكون العراق دولة متقدمة، ومنذ أن بدأ بتحقيق الحلم العربي والعراقي في أن يكون للعرب سلاحا ينتجونه بأنفسهم كما ينتج غيرهم السلاح....

 

صدام الذي كان مع رجال العراق.. وراء النهضة العراقية الاعجوبة... التي شملت الصناعة والزراعة والهندسة والطب والطبابة والتعليم والبحث العلمي... فحاولت أجهزة الاستخبارات الامريكية والصهيونية وأد هذا الحلم بواسطة أداتها الصفوية الخمينية الكسروية.... فوقف مع رجال العراق وجيشه العظيم سدا منيعا بوجه تلك الريح الصفراء السامة القادمة من دولة الشرور والقذارات الصفوية الكسروية الخمينية الفارسية.... فازدداد حقد مكعب الصاد الاجرامي عليه...

 

صدام الذي انتهى نهاية رجل عربي شجاع مغوار... قدم إلى لقاء ربه بنفس راضية مرضية... وبقامة أبية... وروح شامخة... وكبرياء وعزة وأنفة يحسده عليها ملايين الناس حول العالم...

 

لقد كان هذا الرجل يقود أعرق بلاد الدنيا وأقدمها وأكثرها حضارة، البلد الذي علم الانسانية بأسرها أصول الأبجدية الأولى، ووضع قواعد العلم والطب والقانون والزراعة والصناعة.... البلد الذي جرت فيه معظم فصول وأحداث وفتوحات العرب والمسلمين عبر التاريخ... فما من قصة ولا من حادثة ولا من عبرة ولا من عظة إلا وستقرأ معها اسم بغداد... البصرة... الكوفة... كربلاء.. النجف... الموصل... وهكذا....

 

إذن بلد غير عادي لابد أن يكون قائده شخصا غير عادي... فكان صدام حسين هذا الشخص غير العادي... وكان رفاقه أيضا أشخاصا غير عاديين...

 

فبعد الكارثة التي حلت بالعرب والعراق، وأدت إلى أن صار العراق أسيرا محتلا، بانت معادن الرجال على أصولها الذهبية... فعرفنا رجالنا حق المعرفة من خلال صمودهم الاسطوري في عرينهم... وعرفنا معادن أشباه الرجال... هؤلاء أبناء العهر والمتعة وفراش الرذيلة المتسلطين الحاليين على عراق العز والفخر والبطولة والشرف والنخوة...

 

من هنا...

 

جاء هذا الكتاب ليسلط الضوء على بعض الأيام التي قضاها شهيد العراق الأول في عرينه...

 

يقع الكتاب في حوالي اربعمائة وثمانون صفحة... فيه صور رسائل بخط الشهيد، وصور له مع الاستاذ خليل، مع صوره أثناء المحاكمة الهزلية.... وصور لمراحل اغتياله في فجر يوم الحج الأكبر أواخر شهر 12 عام 2006 للميلاد... وقد قسمه الاستاذ خليل الى سبعة وعشرون فصلا وفي أخره يوجد ملاحق... وفيه بعض تفاصيل ما يسمى المحاكمة مع كيفية توقيف الشهيد وتفصيل عن اغتياله، وبعض ما دار من احاديث بين الاستاذ خليل والشهيد عن مختلف القضايا العراقية والعربية والدولية على السواء...

 

سأقوم باستعراض الكتاب على فصول، والتعليق عليها إذا اقتضى الأمر، على أن يكون مجال التعليق مفتوحا للجميع، ولمن يريد أن يفند شيء مما في الكتاب...

 

لكن لماذا كلمة تفنيد أو تعليق ؟؟

 

لأن هذا الكتاب تعرض ولايزال للكثير من الغمز واللمز من هنا وهناك... ونالته الأقلام بقصد وعن غير قصد، كما نالت من مؤلفه، وراحت تتهمه بشتى الاتهامات التي لا نقبلها نحن كما لن يقبلها هو...

 

وعلى اعتبار أن توجهات شبكتي البصرة والمنصور معروفة ولا غبار عليها، فإن أي كاتب في هذين الموقعين معروفة توجهاته أيضا وعلى أي خط يسير... فإذن أي نقد أو تعليق من أي أخ معروف اسمه في الموقعين على أي فصل من فصول الكتاب إنما يأتي غيرة على الكاتب والكتاب بنفس الوقت.... لا تعليق التقريع أو ما يسمى النقد الهدام....

 

أرجو أن تكون الصورة قد توضحت...

 

يمكن أن نقول وبكل صراحة أننا نغبط الاستاذ خليل الدليمي وبنفس الوقت نتألم عليه.... وهذا الكلام ينطبق على باقي المحامين في هيئة الدفاع...

 

نغبطه ونغبطهم لأنهم كانوا على لقاء شبه دائم بالشهيد رحمة الله عليه وعلى اخوانه، وخاصة الاستاذ خليل، الذي التقى به أكثر من مائة واربعين مرة... يعني ما أجمل أن تلتقي مع شخص فريد من نوعه في عصرنا هذا... وتستمع منه ويستمع اليك وتتحدثون مع بعض... ما بالك واللقاء مع رجل من طراز الشهيد صدام حسين... وما أدراك ما صدام حسين؟؟

 

أما التألم فهو لما صاحب هذه اللقاءات وهذه المحاكمة الهزلية الصفوية من تحرشات ومضايقات للاستاذ خليل ولباقي المحامين قام بها الأوغاد القابعين في المزبلة السوداء أو بزرانهم وخنازيرهم... وهي تحرشات ومضايقات تهون أمامها تحرشات المحتل الامريكي... وأنا دائما أقول لكل من يعرفني هذه الجملة:

 

الاحتلال الأمريكي لبلدنا على قساوته وظلمه أهون من الاحتلال الفارسي الصفوي الكسروي الخميني...

 

كما لا ولن أمل من ترداد دائما هذه الجملة في كل نقاش سياسي أجد نفسي فيه أو يفرض علي:

 

إن خطر إيران على العرب أشد مائة مرة من خطر إسرائيل....

 

القضية التي قبل الاستاذ خليل وباقي أعضاء هيئة الدفاع التصدي لها والمرافعة لأجلها وتحمل مخاطرها وآثارها قضية رابحة ونبيلة، صحيح لم يترك الأوغاد لهم المجال الكافي لإعداد الدفوعات وتبيين الحقائق، وكانت الهيئة تملك امكانيات متواضعة مقارنة بما يملكه الأعداء من وسائل اعلامية وسلطة صفوية كسروية كانت ترافقهم على الأرض، إلا أنهم على الأقل سجلوا موقفا وطنيا في قمة الروعة سيظل يخلد أسمائهم عبر التاريخ، فكلما ذكر اسم الشهيد ورفاقه سيذكر الناس حتما فريق الدفاع عنهم وسيكون الاستاذ خليل الدليمي أول أسم يذكر على الالسن على أنه تحمل مخاطر كثيرة وغامر بحياته وبيته وعرض نفسه وأولاده وأهله للخطر مقابل شرف الدفاع عن الشهيد صدام واخوانه الشهداء الأبرار... وهذا والله يحسب لهم ويسجل لهم في سجل الشرف والبطولة...

 

وسيقرأ القاريء العربي في سطور الكتاب القادمة بعض تفاصيل ما حصل للاستاذ خليل وربما سيحمد الله عز وجل أنه لم يكن في نفس الموقف الذي لن يتحمله حتما إلا الرجال... وكان أعضاء هيئة الدفاع رجالا بالفعل والقول....

 

يجيب الاستاذ خليل في التمهيد لكتابه عن سؤال لماذا الكتاب ؟؟

 

في البدء، كانت أرض ما بين النهرين، وفي البدء كانت أرض العراق العظيم، بلاد الحضارات التي أشرقت مع السومريين وحروف الكتابة..... حضارات تعاقبت وتركت آثارها القيمة على الأرض، أرض الرافدين. شواهد تحكي قصة شعب عمل وكد واجتهد، فاستقى العالم كل معارفه من حضارات قامت على ضفاف هذين النهرين الخالدين، دجلة والفرات. هو العراق بوابة الامة الشرقية وحارسها، تعاقبت عليه الغزوات من كل حدب وصوب، وشهدت أرضه سقوط ممالك ودول.

 

وفي العصر الحديث شهد العراق تطورا تنمويا هائلا، اقتصاديا وبشريا وثقافيا وصحيا وعسكريا بعد تأميم نفطه الذي أصبح بيد أبنائه بعد أن كان بيد الأجنبي، فقضى على الأمية، وشهد له العالم بإنجازاته في المجال الصحي والعلمي والتكنولوجي وبنى جيشا يعتبر رابع جيش في العالم من حيث تجهيزه، وكفاءته، وانتصر على ألد أعدائه في حرب لانظير لها، ونال أبناؤه الكرد أفضل الحقوق قياسا على نظرائهم في الدول المجاورة، وشهدت هذه المرحلة تطورا صناعيا وثورة علمية هائلة، رغم أن هذه الفترة كانت من أصعب المراحل في تاريخ العراق الحديث وهي الفترة الممتدة بين الأعوام 1968 و 2003. حرب طويلة امتدت لثماني سنوات وحرب عالمية عام 1991 وحصار دام أكثر من ثلاثة عشر عاما، ثم حرب وغزة أمريكي بريطاني صهويني ايراني... أحداث دامية... يرويها الرئيس صدام حسين في هذا الكتاب في وثائق لاحقة.

 

في عام 2005 عرضت على الرئيس الاسير صدام حسين في المعتقل الامريكي فكرة تدوين مذكراته لنشرها، وافق الرئيس على الفكرة وشجعني على تنفيذها، غير أن حرس السجن الامريكيين حرموا علينا تبادل أية أوراق حتى ربيع 2006، ولم يكن الرئيس يثق بأن الامريكيين سيسمحون له بتدوين مذكراته لنشرها، غير أنه تحمس للفكرة وقال لي: من الضروري تدوين مذكراتي، فالأعمار بيد الله، وسأروي لك كل ما تسعفني به ذاكرتي لكي تدونه.

 

قبل ذلك، وفي إحدى جلسات التحقيق التي يديرها القاضي منير حداد، سلمني الرئيس بعض الأوراق من مذكراته مكتوبة بخط يده، لكن الكابتن مايكل ماكوي (مدير مكتب الارتباط الامريكي) طلب من الرئيس اعطاء هذه الاوراق الى القاضي الذي استلمها ووعد بتسليمها لي حال قراءتها والتأكد من محتواها، لكنه لم يف بوعده، وعندما سألني الرئيس عن مصيرها، أخبرته، فغضب، وبعدها اتفقنا على املاء هذه المذكرات وتمرير الكثير منها بخط الرئيس وتوقيعه.

 

وهكذا، حملت نفسي مثلما حملني الرئيس صدام حسين مسؤولية إيصال حقيقة ما جرى في بلدنا الحبيب قبل الغزو والاحتلال وبعده على لسان قائد بلدنا الشرعي، بدءا من طفولته ثم توليه القيادة، مرورا بمرحلة البناء والمراحل العصيبة التي مر بها العراق وخصوصا حملة الغزة والاحتلال الامريكي عام 2003، وما تلا ذلك من أيام لم يشهد العراق مثيلا لها في كل تاريخه من حيث قسوة الاحتلال وحلفائه وأتباعه ووحشيتهم واجرامهم وحقدهم على العراق وشعبه من جهة، ومن حيث بسالة شعبنا العراقي وهمته وشجاعته وصموده وتضحياته وبطولات أبناءه في مواجهة الاحتلال من جهة أخرى.

 

وقد آليت على نفسي أن أكون أمينا على نقل ما يرويه لي مما كان يتذكره ويريد إيصاله إلى شعبه وأمته، فضلا عن إجاباته على تساؤلاتي الكثيرة عن جوانب شتى من هذه المسيرة المباركة، وقد ألح علي أن أدون كل ما يقوله ويرويه، لأنه كان يتوقع أن يصفيه الأمريكيون جسديا في أي وقت، وترك لي طريقة عرض مذكراته واختيار دور النشر، وسألني عن عنوان الكتاب، فقلت له إن لدي عناوين عدة، أولها (العدالة خلف القضبان) فاقترح هذا العنوان، لكنني أخبرته أنه ربما يكون عنوانا لكتاب يتعلق بكل ما حصل داخل المحكمة، عندها ترك لي حرية تسمية الكتاب الأول المتعلق بالمذكرات التي أملاها علي.

 

وها أنذا أقدم ما رواه لي الرئيس صدام حسين، الرئيس الشرعي لجمهورية العراق من ذكرياته عن جوانب أساسية من حياة العراق ومسيرة دولته الوطنية لما يقترب من أربعة عقود، عبر كل مراحل التحدي و البناء والدفاع عن الوطن التي سبقت عدوان 1991 وتلك التي اعقبته وصولا الى مرحلة الغزو والاحتلال والمقاومة الباسلة لمشروع الاحتلال.

 

إن هذه الاوراق وثيقة تاريخية مهمة، أقدمها لشعبه العراقي ولأبناء أمته العربية والاسلامية والرأي العام العالمي، مثلما أقدمها للتاريخ ليكونوا جميعا حكما على سيرة صدام حسين، القائد التاريخي العراقي العربي المسلم، وصدام حسين الانسان والمجاهد والمؤمن الذي قدم حياته راضيا شامخا فداءا لوطنه وقضيته ومبادئه وعقيدته الوطنية العربية الاسلامية.

 

وملاحظة إلى القاريء الكريم، إن كتابا واحدا لايتسع لمذكرات الرئيس الشفوية والخطية التي بلغت مئات الصفحات، بالاضافة الى الشعر الذي ناهز الالف بيت. لذا أكتفي في هذا الكتاب بنشر مذكرات الرئيس الشفوية على أن أنشر مدوناته الخطية لاحقا.

 

يقول أحد الفقهاء: لايكتب إنسانا كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر.

 

اما ما نقدمه بين دفتي هذا الكتاب، فهو ليس تأليفا أو قصة أو رواية يمكن استبدال عباراتها أو كلماتها، لأنها شهادة بل وثيقة لايمكن أن تفسير أو تؤول أو تغير كلماتها. إنها شهادة على لسان أحد صانعي تاريخها، تاريخ العراق الحديث، وثيقة تتحدث عن الظلم الذي وقع على العراق الحبيب والدسائس التي حيكت ضده في الخفاء والعلن..... أرويها بكل أمانة في هذا الكتاب، ونتحفظ على بعض الامور المهمة، نرويها حين تتغير ظروف العراق، ونستنثي من كل ذلك الامور الخاصة المتعلقة باعتبارات شخصية تتعلق بالرئيس صدام حسين.

 

المحامي خليل الدليمي

رئيس هيئة الدفاع

 

من صدام حسين إلى محاميه خليل الدليمي..... مساء 6/3/2005

 

شحت أخلة وتقدم بها خليـــــل..... وكل علــــى محتــده والاصــــول

من ذي أصل يجب الغيبة عنه..... وتزوهو فروعه به والفضــــــول

وأثــر بائــن يلحقه بنائلـــه لا..... يتـــردد في دمـــه أو يمـيــــــــــل

هكذا خليلنا عطر وعافية ومن..... مثله بالمسك مغمس مأهـــــــول

يا دليل المباديء مجيئك صادق..... ماء عذب دونك ماء ســـــحول

للقلب شارة يعطيها عن صاحبه..... نغنى به وهــــــو الامين الدليل

ينيبنا القلب لو عزت تفاصيــــل..... لنا صـــــول وهو بنا يصـــــول

فما كلت عواتقـــه في مهمـــــة..... صبور في الصعب سخي حمول

لنا شمعة في كل دار شـــريفــة..... تعرف الحق ولها به صهيــــــل

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٩ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور