عرض كتاب المحامي خليل الدليمي

( صدام حسين من الزنزانة الأمريكية هذا ما حدث )

﴿ الحلقة الثالثة ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
د. صباح محمد سعيد الراوي - كييف – أوكرانيا

قد يكون إدارج بعض الفصول كاملة بدون تلخيص له هدف... فمن ناحية يجب أن يطلع الكثير من الناس، والعراقيين خاصة، على ما كان يدور من حوار بين قائد عربي بوزن الشهيد صدام موقوف لدى الأعداء، وبين مواطنه العراقي خليل الدليمي الذي كان مثل ملايين العراقيين لم يرى الشهيد عن قرب أبدا.... فأعتقد... والله أعلم.... أن قراءة الأحداث بالتفصيل – ربما الممل أحيانا – تساعد مستقبلا على فهم ما جرى للعراق أولا وما جرى للشهيد رحمة الله عليه ثانيا... لاسيما وأننا سنقرأ في فصول قادمة عن مواضيع عربية جرى الحديث عنها بين الشهيد والاستاذ خليل....

 

في هذا الفصل... يتحدث الاستاذ خليل عن لقاءه بالشهيد صدام رحمة الله عليه وعلى إخوانه... ويسرد لنا تفاصيل مثيرة لأجل اللقاء... فلنقرأ ماذا يقول:

 

رحلة اللقاء التاريخي

 

والله يا ولدي خليل، لا الابن يعمل لأبيه هذه الايام ولا الأب لابنه... وما عملته أنت لا يفعله أحد، فأتمنى من الله أن يجعلني في موقف أستطيع فيه أن أرد لك بعض الجميل، ومهما فعلت، فلن أجازيك على جهودك.... إنني أعرف الثمن الذي تدفعه مقابل دفاعك عني، ألا وهو حياتك، ولقد عوضني الله بك عن أولادي الشهداء... ( صدام حسين في المعتقل )....

 

وبدأت رحلة المعاناة مع القوات الامريكية لأجل لقاء الرئيس صدام والاستماع اليه... لم التق به عن قرب ولم أشاهده إلا في التلفاز... وانتظرت طويلا دون جواب...

 

في يوم 26/11/2004 استدعاني نقيب المحامين العراقيين لأمر مهم، وانتابتني الكثير من الهواجس وأنا في طريقي إلى بغداد... فإذا بالشخص الذي ينوب عن المحكمة يهمس لي بأن لدي مقابلة مع الرئيس صدام يوم 8/12/2004 على أن يبقى الأمر سرا لخطورة الموقف ولأسباب أمنية... ثم طلب مني رقم السيارة ولونها وتفاصيلها... ثم بعد يومين اتصل بي شخص يتحدث عربية ركيكة وأبلغني بموعد الزيارة نفسه... والمكان الذي يتوجب علي التواجد فيه... وشدد على سرية الاجراءات والتحركات لخطورة الموقف على حياتي..

 

في اليوم المحدد انطلقت برفقة عدد من أبناء عمومتي... توجهت الى النقابة، وإذ بالمندوب يخبرني بتغيير موعد اللقاء إلى يوم 16/12/2004...

 

في نفس اليوم سلكت الطريق الصحراوي لمدة أربع ساعات الى بغداد بسبب حصار الفلوجة، ولسوء حظي وقبل وصولي الى محيط بغداد تعطلت السيارة رغم حداثتها، وكان المكان صحراويا إلا من بيت شعر لراعي أغنام، فأودعت السيارة عنده وركبت إحدى السيارات المرافقة... لكن عطب السيارة كان مشيئة الهية لاكتشف لاحقا أنها مكيدة دبرت لقتلي... وصلت الهدف، واذ بعجلة أمريكية مموهة على الطريق الذي سنسلكه الى حيث يوجد الرئيس...

 

اقترب مني ضابط أمريكي وتأكد من هويتي... وطلب مني الصعود الى العربة المدرعة متعللا بأن الاجراءات لحمايتي وحماية موكلي... جلست في العربة... واستمرت الرحلة خمسون دقيقة... ثم توقفت لأجد أمامي خمسة ضباط أمريكيين يرحبون بي... دخلنا خرطوم نسيجي برتقالي اللون طوله أكثر من 25 متر معد للتمويه... لكي لا أعرف مكان الرئيس بالضبط... ثم أدخلوني الى صالة واسعة فيها جهاز كمبيوتر يجلس حوله أربعة ضباط... تبين لي أنه جهاز مراقبة لرصد لقائي بالرئيس... على أن اللقاء كله مسجل بالفيديو... كذلك فتشوني وفتشوا الحقيبة التي أحملها، إضافة إلى تفتيش المصحف الشريف.. وقد احتفظوا به لحين سؤال الرئيس ان كان يريده....

 

أوامر صارمة

 

تقدم مني أحد الضباط وقال: لاتعانقه ولاتقبله ولاتحييه بالتشابك الودي وقد وضعنا طاولتين بينكما... مسموح فقط المصافحة باليد وعن بعد... لاتنهض عند قدومه.. سيتواجد معكما عسكري لتقديم الماء ولايتكلم العربية وليس عنصرا مخابراتيا... أبديت ملاحظة بأنني والرئيس لانحتاج لمن يخدمنا.. فكان الجواب: اذن يتواجد لحمايتكما من بعضكما البعض... وهو الذي سيقوم بإعطاء صدام الاوراق والكتب ... ولايجوز لك أن تتبادل معه أي شيء إلا عن طريق هذا العسكري...

 

يريد الغزاة أن يحموه من أحد أبناء شعبه الذي يريد بحرارة أن ينقل اشتياق شعبه إليه قبل أن يكون محاميا...

 

بعد نقاش محتد، أصررت على أن أحييه بالطريقة العراقية الحميمية... فقالوا انه ليس رئيسي الان وانه متهم بجرائم حرب...و....و... فقلت لهم انني لا أقبل بكل هذه التعليمات المتعلقة بتحيتي لرئيسي وعليهم ازالة الطاولة وأكدت انني سألغي المقابلة ... ونهضت أعيد الاوراق الى الحقيبة وطلبت اعادتي من حيث أتيت ... وبعد مشادة كلامية دخلت ضابطة أمريكية تتحدث العربية وقالت انها توافق كل طلباتي ... وهذا يعني أنني مراقب ... فقد سمعوا كل ما دار بيني وبين الضباط عن طريق جهاز المراقبة الموجود في الصالة الاخرى .... فقالت الضابطة: لك ما تشاء ولكن لا تحضنه !!! لكن كيف لا أعبر عن شوقي واحترامي لرئيسي وقائدي ولو كلفني الامر ما كلفني؟؟

 

انتظرت على أحر من الجمر ..... ثم أدخلوني الى الغرفة التي سيأتي اليها الرئيس ... وقال الضابط سيأتي صدام بعد خمس دقائق ...

 

امتدت الدقائق على طول الزمن ... مليئة باللهفة والشوق والالم ... هذه هي المرة الاولى التي التقي فيها بالرئيس صدام حسين.... فجأة فتح الباب وما هي الا ثوان قليلة حتى دخل أربعة ضباط و اصطفوا قرب الجدار... ثم دخل الرئيس صدام حسين بقامته الفارعة وشموخه العظيم .. كما هو دوما ... ما إن التقت عيوننا حتى خرجت عن الطاولة التي بيننا وأديت له التحية التي تليق به وتعانقت معه بحرارة عالية وسط ذهول الضباط الامريكيين (دهشتهم كانت أن كيف أعانقه وهو الدكتاتور الذي كنا نريد الخلاص منه!!!!)... وكان يربت على ظهري بيديه... بحنان القائد الذي عهده العراقيون... خرج الضباط مذهولين بعد أن حددوا لنا مدة اللقاء بأربع ساعات ونصف

 

جلسنا متقابلين ... وكان يقلب بعض الاوراق والصفحات ... ولم ينبس بحرف ... رحت أتأمله والشكوك تراودني ... هل هو الرئيس صدام حسين أم الشبيه الذي قالوا عنه؟؟ وزادت شكوكي حين كنت أدون بعض الملاحظات... بينما راح هو يمازح الجندي الامريكي ويضحك معه... لكن القلب كان يقول انه صدام وليس غيره....

 

ثم قال: اسمع يا ولدي هذه القصيدة:

 

إن لم تكن رأسا فلا تكن آخره .... فليس الآخر سوى الذنب...

 

واسترسل في قراءة القصيدة... ثم قال انه كتبها داخل المعتقل... لأن السجن لايمكن أن ينال مني ومن ارادة العربي المناضل المؤمن المدافع عن حقوق أمته... إن العربي الحر لا يقبل أن يكون خانعا ذليلا أو منكسرا... بل يظل مرفوع الرأس حتى في لحظات الظلم والقهر وجبروت المحتل وطغياته... ثم نظر الي كمن يريد معرفة ما يدور خارج السجن...

 

فاستأذنته.. وقدمت له نفسي واسمي وعشيرتي ومحافظتي وقلت له: سيدي، بالنسبة لي قبل أن أكون محاميا أنا مواطن عراقي أحمل لك تحيات العراقيين والشعب العربي وأنا تلميذ وأنت المعلم وأنا جاهز لتوجيهات سيادتك.... بدت عليه علامات الراحة والاطمئنان ثم أمسك بيدي من فوق الطاولة وقال: يا ولدي خليل التاريخ يعيد نفسه، وبارك الله فيك وبوالدتك التي أنجبتك وبعشيرتك وبكل أهل الأنبار الأبطال... والجندي ينظر الينا بتعجب....

 

ثم سردت له كيفية قيامي بتأسيس هيئة الدفاع في العراق وكيف أن المحامين العرب ومنهم الاردنيون الابطال أسسوا هيئة عربية دولية ووحدنا الهيئتين ليكون المقر في عمان وأن اسم الهيئة هو هيئة الدفاع عن الرئيس صدام حسين ... وكان يستمع إلي ويدون كل الملاحظات ... ثم شكرني وطلب مني السلام على جميع الأعضاء وخص الاستاذ زياد الخصاونة مع عائلته وعشيرته وكذلك الاستاذ هاني الخصاونة... وطلب تسمية الهيئة بإسم: "هيئة الإسناد للدفاع عن الرئيس صدام حسين وكافة المعتقلين العراقيين والعرب".

 

ثم سألني عن أحوال الشعب العراقي فأجبته بما يحدث على الأرض... فقال: أمريكا جاءت إلى العراق وهي تعرف أهدافها... جاءت لتدمير الدولة العراقية ونشر الفوضى وبث الفتنة والشقاق بين أبناء العراق واشاعة القتل والدمار والخراب ونهب الثروات... كنا في القيادة نعرف أن العدوان قادم لامحالة وأن كل ادعاءات بوش الصغير ومن حوله هي محاولة لتسويق العدوان وأن نواياهم كانت واضحة بغض النظر عن صحة أو كذب ما يدعون....

 

هنا أكدت للرئيس بأن كل ادعاءاتهم ثبت كذبها وهذا يخدم موقفه القانوني... فقال: عندما كنا نقول بأن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل كنا صادقين... أردنا أن نثبت للرأي العام بأننا نتعاون إلى أقصى الحدود وخاصة بعدما طلب مني بعض القادة العرب ذلك... أمريكا شنت العدوان من دون شرعية وخارج نطاق مجلس الامن... ولم نسمع صوتا يطالب بمحاسية أمريكا لأنها كذبت على الجميع...وتبين أن الامر كان يتعلق بالنفط واسرائيل... أعتقد أن الامين العام للامم المتحدة ضاق ذرعا بالمواقف الامريكية وهو يدرك حقيقة الامور وأن أمريكا تريده مجرد تابع وليس صاحب قرار... ثم بدا الارتياح على الرئيس بعد أن علم أن الشعب الاسباني أسقط خوسيه ماريا أزنار وأن الاشتراكيون الاسبان سحبوا قواتهم من العراق.... فقال: هذا عظيم... وإن شاء الله سيجبر كل أذيال بوش على سحب قواتهم من أرض الرافدين وسيجد بوش نفسه وحيدا وسيجبره الشعب الامريكي على سحب قواته التي لن تستمر طويلا في المكابرة....

 

وبمناسبة ذكر اسبانيا أخذ الرئيس يتحدث عن زيارته لها في عام 1974 وكان وقتها يضع حزام ظهر بسبب وقوعه عن الحصان في بغداد...... فتجول في غرناطة ولبى دعوات كثيرة داخل المدن الاسبانية ..... وحين عاد الى العراق أجرى الاطباء عملية له، ونصحوه بالاستلقاء على ظهره لمدة شهر ونصف... ثم أجرى عملية تدليك على يد طبيب كوبي...

 

الاهتمام بوحدة الشعب... (ص 75)

 

قلت له أن أمريكا تحاول زرع بذور الفتنة بين أبناء الشعب العراقي وانها فشلت في ذلك، فقال: أعرف شعب العراق ومعدنه الاصيل لايعرفه إلا أهله... لذي ثقة أن محاولات أمريكا ستفشل وسترتد جميع محاولاتها الى صدور المحتلين وأعوانهم وذيولهم... لذا أحملك يا ولدي هذه الوصايا لتنقلها الى الشعب العراقي البطل:

 

- على كل صاحب عنوان المحافظة على أمانة الوطن والمعاني العالية والاعتبارات الصادقة...

- على المترددين أن يتذكروا مبايعتهم والتزامهم أمام الله والوطن.

- مطلوب من علماء المسلمين ورجال الدين في العراق الاتصال والتواصل مع بعضهم البعض بغض النظر على مسمياتهم للنهوض وتحمل الامانة وتوحيد الصفوف.

- مطلوب ألا يكون قبول القيادة إلا على أساس الحزم والجرأة والشجاعة وصلابة الموقف.

- مطلوب من العراقيين توحيد الصفوف وتضييع الفرصة وتفويتها على الاعداء الذين يحاولون بشتى الطرق شق صفوفه بعد أن أدمى هذا الشعب أقدام الغزاة.

- مطلوب الاتصال بالمنظمات الشعبية والحكومية والدولية.

 

ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الاعلون واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا...

 

إيران العدو التاريخي (ص 76 )

 

وعندما أخبرته عن موقف ايران وأنها أدخلت مئات الالوف من الايرانيين الى العراق وادخلهم اعوانها في السجلات السكانية وتزوير احوال مدنية... وخاصة بعد احراق جميع السجلات المدنية في العراق قال: هؤلاء فرس يرجعون الى أصولهم، وهذه سيرتهم، وانا احذر من غدر ايران وتدخلها السافر في شؤون العراق.... انها هي التي تقف وراء الفتنة لانها تريد ان تقتطع جنوب العرق لتلحقه بدولة فارس... بل هي تريد الاستيلاء على العارق وكله، وهو حلمهم وهدفهم الذي أدركناه مبكرا وحذرنا دول المنطقة منه... إن الحلم الفارسي في اقامة دولة كبرى واحياء الامبراطورية الفارسية العنصرية على حساب العراق والخليج هو محل اتفاق بين القادة الفرس كافة.... وقطعا، يمارس اذنابهم، خاصة ما يسمى فيلق "غدر"، أبشع الجرائم ضد النخبة الوطنية العراقية التي تصر على التمسك بعروبتها..... قبل الحرب مع ايران وصل تدخلها حدا ما كان بالامكان السكوت عنه، كان الهدف التوسعي أبرز أهدافها وأصبحت في زمن الشاه الممول الرئيسي لقيادة التمرد في المنطقة الشمالية.... حيث سحموا للمتمردين باستخدام الاراضي الايرانية مع كل التجهيزات والاسلحة والذخائر... وعقدنا اتفاقية الجزائر وقدمنا تنازلات مؤلمة مقابل المحافظة على وحدة الشعب العراقي.... وكان أبرز بنود تلك الاتفاقية عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين...

 

وحين لجأ الخميني الى العراق، عاش بين العراقيين معززا، وكنا نغض الطرف عن الكثير من تجاوزاته وتصرفاته الرامية الى التدخل في الشأن العراقي... طلبنا منه مغادرة العراق حين اراد استخدام اراضيه لأجل تحقيق أهدافه... ولما لم يرق له الامر بدأ بإطلاق التصريحات الموجهة ضد العراق لدرجة أنه اعتبر العراق جزءا من أرض فارس... وهذا قبل أن توصله المخابرات الغربية الى سدة الحكم... وأخذ يهدد ويتوعد دول الخليج العربي باعتبارها محافظات ايرانية...

 

لقد حاولنا تجنب الاحتكاك معهم... وبعد وصوله الى طهران بدأت قواته بالتمركز قرب الحدود العراقية وبدأ يتحدث علنا عن ضرورة تصدير ثورته بدءا من العراق... وفي عام 1980 بدأت المدفعية الايرانية تقصف المدن العراقية الحدودية : سيف سعد، زرباطية، مندلي، وبدره وغيرها... وقد طلبنا منهم ايقاف هذه الاستفزازات عبر عشرات المذكرات لكن تصعيدهم أخذ منحى خطيرا في 4/9/1980 إذ كانوا يراهنون على إثارة الشعوبية وقاتلهم العراقيون الشيعة قبل السنة... وحاول العديد من الزعماء المسلمين الافارقة ومنهم احمد سكوتوري وقف الحرب لكن الخميني اصر على العدوان علينا... فقاتلناه بشجاعة... وفشل بعد انتصاراتنا المتلاحقة... وكانت الفاو أول مدينة عربي تحتل بالقوة وتتحرر بالقوة.. وأعلنا النصر على الخميني وتجرع السم وهو يوقع على قرار وقف إطلاق النار في قادسية صدام المجيدة وكان إعلان النصر في 8/8/1988...

 

حين وقفنا بوجه الريح الصفراء القادمة من إيران، أثلج صدورنا موقف اخواننا العرب بعد استشعارهم الخطر الايراني والمد الشعوبي الكارثي على مستقبل أبنائها، فكانت مواقفها مما لايمكن أن ننساه حيث وقفوا معنا حين مر العراق بتلك الظروف الصعبة..... حين توفي الخميني أنبت أحد أفراد الحماية لأنه جاء يخبرني متشفيا... وقلت له نحن لانحقد على أحد... لقد تابعت خلال فترة الاحتلال وقبيل أسري كيف لعب هؤلاء دورا تخريبيا وكيف سمح لهم الامريكان بدخول العراق انطلاقا من الاراضي الايرانية بكامل اسلحتهم حتى يكونوا عونا لهم ضد العراقيين... وعندما أسقطوا النصب في ساحة الفردوس لم أكن بعيدا عن ذلك المكان ... ولكنني لم أهتم بالامور الشكلية بقدر ما كان يهمني وضع العراق ... ومسرحية اسقاط النصب قام بها أشرار ليس فيهم دم عراقي فهم مدربون ومعدون سلفا لهذه المسرحية.... لم أجد بينهم عراقيا إلا من استملكه الهوى وسايرهم وفق هواه... وهم على الاغلب أصحاب سوابق....

 

لقد قتلوا الكثير من العلماء وشاركو المحتل في عمليات المداهمة... كل هذا تم بموافقة من وضع نفسه بموضع رجل الدين والمفتي، والدين منه براء لاتهمه مصلحة العراق وشعبه ولا انتماؤه لهذه الامة بقدر ما تهمه ايران لتعبث بأمن العراق والخليج كما تشاء.... إن الذين تحدثوا عن خطأ الحرب الدفاعية في مواجهة الفرس عليهم الان أن يعيدوا قراءة الملف من جديد ليعرفوا ان ايران الفارسية لم تتنازل لحظة عن أهدافها التوسعية وهي جزء من اللعبة القذرة ضد العراق وضد العرب والمسلمين... إيران سهلت دخول أمريكا إلى العراق وأمريكا سهلت تغلغل إيران في العراق...

 

بعد نهاية الحرب عدنا الى اتفاقية الجزائر رغم جورها كما قمنا بحسن نية – بعد أن وعدونا بأنهم معنا في خندق واحد ضد النوايا الامريكية - بإيداع طائراتنا الحربية لديهم لاستخدامها في الصفحة الثانية من الحرب.... ورحبوا بتوحيد خندق المواجهة... لكنهم غدروا بنا وبمواثيقهم وهذه هي عادة الفرس.. لذا أحذر الجميع منهم واليوم أكثر من أي وقت مضى أخشى على سوريا من غدر ايران التي تحاول توريط سوريا بحرب مع اسرائيل ثم تتخلى عنها... فسوريا مستهدفة كما هو العراق والامة العربية بأكملها... فهذه حرب صليبية عنصرية تستهدف العروبة والاسلام على السواء.... وقد بدا واضحا حقدهم الدفين على العراق وأهله وحضارته... لقد تآمروا على النظام الشرعي واستولوا على السلطة عن طريق العدوان المباشر بعدما عجزوا من قبل عن تحقيق ذلك.... ن أهدافهم أكبر من التآمر على صدام حسين وعلى النظام بأكمله....

 

تسليح الجيش العراقي...

سألت الرئيس عما أشيع حول تسليح الجيش العراقي فقال: في السابق كنا نعتمد على الاتحاد السوفييتي وبعض دول الكتلة الشرقية... ولكن فيما بعد قررنا تنويع مصادر تسليح جيشنا وهذا حق مشروع لنا مثلما هو حق لغيرنا.... لدى العراق حدود طويلة مع جار السوء الذي لديه أحقاد وثارات وأطماع توسعية ومحاولات إثارة الشعوبية البغيضة.... قبل القادسية الثانية كانت لدينا عقود مع فرنسا لشراء طائرات حربية... ومنذ عام 1980 قام العراق بتنويع مصادر تسليحه من خلال عقود مشروعة مع الكثير من الدول كما اشترينا سلاحا غير مباشر عن طريق بعض الوسطاء.... فما الذي يضير العراق اذا سلح جيشه من فرنسا او البرازيل او النمسا او الصين او الاتحاد السوفييتي... وخلال فترة الحرب استطاع رجال التصنيع العسكري سد نسبة كبيرة من حاجة العراق محليا... وهذا ما أغاظ أمريكا والصهيونية... لذلك ركزوا نواياهم الشريرة لتدمير هذا القطاع الحيوي الهام....

 

بقيت لدينا علاقات تجارية عسكرية مع بعض دول الكتلة الشرقية... وقد وقف معنا بعض اخواننا العرب في حربنا الدفاعية بوجه أطماع الفرس... وهذا ليس عيبا... انما العيب على من يدعي أن امريكا هي الشيطان الاكبر بينما كل اسلحته وتجهيزات جيشه هي من هذا الشيطان أو من اسرائيل ومن كوريا...

 

أرجوك أخي القاريء.... انتبه لهذه الفقرة المهمة جدا......

 

في عام 1986 اوعزت أمريكا لايران بالهجوم على الفاو وساعدتها في احتلال هذا الجزء المهم من أرضنا لأنها تريد أن تلوح بالعصا أمام دول الخليج العربي وتقول لهم: ها هي ايران ستبتلعكم وهي على بعد أمتار منكم... وترسل لهم اشارة تقول ان العراق غير قادر على صد شرور إيران كي تقوم أمريكا بابتزاز هذه الدول... لذلك قامت أمريكا بتزويد ايران بأدق التفاصيل عن تواجد وكثافة قطعاتنا بالاضافة الى معلومات أخرى... ثم قامت بتمرير معلومات غير مباشرة لنا.... كانت أمريكا تسعى لاطالة أمد الحرب بينا وبين ايران لاضعاف العراق والعرب ووضع العرب بين خطرين، الكيان الصهيوني من الغرب والفرس من الشرق... لذلك كانت تزود ايران بالسلاح وبالمعلومات عن طريق الاقمار الصناعية.... نحن كانت تأتينا المعلومات من بعض اخواننا العرب، قد تكون أمريكا مصدرها... كثير منها كان كاذبا لصالح ايران... وبالتالي أدت هذه المعلومات الى احتلال الفاو... وخلي العالم يعرف الان شلون ايران تهز الخيط من الشمال على جلال.... ومن الجنوب على امريكا وبريطانيا..... وخلي يشوفوا شلون العراق كان واقف سيف بوجه أطماع ايران....

 

يتبع ....

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٠٥ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٢ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور