عرض كتاب المحامي خليل الدليمي  

( صدام حسين من الزنزانة الأمريكية هذا ما حدث )

﴿ الحلقة السادسة ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
د. صباح محمد سعيد الراوي / كييف – أوكرانيا

الفصل السادس

صدام حسين وقصة الشبيه – ص 123 –

 

اعذرني أخي القاريء إذا وجدت بعض الأخطاء التي تحدث غصبا عني أثناء الطباعة....

 

يتحدث الاستاذ خليل عن اشاعة وجود شبيه للشهيد صدام اسمه ميخائيل رمضان... فسأل الشهيد عن هذه السالفة، فأجاب:

 

كنت أتحرك بين مختلف مناطق بغداد لدواع أمنية ولتفقد أبناء الشعب وفصائل المقاومة، ولتفويت الفرصة على الاعداء لم أكن أطيل الاقامة في المكان الواحد أكثر من ثلاث ساعات كحد أعلى، باستثناء المكان الذي اعتقلت فيه.... فمثلا أظهر في الفلوجة في الساعة العاشرة، وأنتقل إلى الرمادي بعد ساعة، ثم بعد ساعتين أكون في صلاح الدين... والناس  لايتحدثون بدقة عن الوقت، فقد تكون الاوقات متقاربة... إضافة الى خلفية مترسخة لدى الناس بوجود شبيه لي جعلهم يصدقون قصة الشبيه... ثم قال مازحا: حين عبرت نهر دجلة قلت في نفسي سيقول الناس إن هذا شبيه صدام حسين، خاصة وقد سرت شائعة تقول إنني مصاب بالسرطان... ثم التفت إلي ضاحكا يقول: وأنت استاذ خليل.. ماذا تقول هل أنا صدام أم الشبيه؟؟؟

 

... في إحدى الزيارات سألت الرئيس عن واقعة معينة فذكرها برسالة خطية إلى شخص قريب جدا منه، وكتب فيها الشطر الاول من عبارة متفق عليها مع ذلك الشخص على شكل كلمة سر... سلمت الرسالة الى وسيط قام بتسليمها الى الشخص القريب... فجاء الرد حاملا الشطر الثاني من تلك العبارة... كلمة السر... وكان هذا دليلا قاطعا بدد شكوكي كلها على أن للرئيس صدام شبيه... وأن هذه القصة ما هي إلا كذبة يروجها الاعداء... خاصة وأن شموخه أثناء المحاكمة كان يزيد الاعداء غيظا وحقدا ويثلج صدور الأمة....

 

وقد أخبرني أحد أفراد حمايته المقربين أنهم كانوا يستخدمون أكثر من موكب للتمويه على الزيارات التي يقوم بها الرئيس... وكان المقصود تجنب رصد الاقمار الصناعية له وكذلك الأعداء والجواسيس المندسين داخل العراق.... إن من يعرف صدام حسين لابد أن يدرك أن من وقف أمام حبل المشنقة بهذا الشموخ والاباء والأنفة والشجاعة والايمان لايمكن أن يقفه أي شبيه.... والأعداء الذين أقاموا مسرحية الإعدام وهم يرقصون يعرفون أن لاأحد سوى صدام حسين يقف تلك الوقفة النادرة....

 

اقول...

حين تجول الشهيد رحمة الله عليه في بغداد يوم التاسع من نيسان عام الاحتلال البغيض 2003، ظهرت على الفور الاخبار في شريط cnn وغيرها من القنوات اللاعق أصحابها بساطير المحتل الصهيوصفوي لتقول جميعها إن هذا الذي يتجول هو شبيه صدام وليس صدام الحقيقي... وراحوا يفبركون الاكاذيب والاقاويل ويجرون اللقاءات مع الاذناب والعملاء من هنا وهناك وكلهم يقولون هذا ليس صدام وإنما الشبيه.... بل استعانوا بهذا التافه المنحط الدعي يحي لطيف أو لطيف يحيى لا ادري ما اسمه الحقيقي والله... ليظهر على BBC وليقول إن هذا ليس بصدام أبدا وانه كان يرى العشرات من أشباه صدام يدخلون القصر من باب ويخرجون من باب آخر!!! العشرات.... لاحظوا الرقم... العشرات وليس مثلا اثنين أو ثلاثة.... بل هكذا وبكل بساطة...العشرات!!!! عدا عن كلام مليء بالترهات والسخافات تجعل المرء يسخر منهم والله... ويسخر من بعض العرب الذين يصدقونهم على الفور قائلين: يا أخي الاذاعة البريطانية قالت هالحشي... وكأن كلام الاذاعة البريطانية مقدس....

 

في الصفحة 128 يوجد صورة لبغداد الفخر والعز... وصورة من قصيدة كتبها الشهيد في عرينه حنينا الى بغداد المنصورة بالله...

الفصل السابع

كيف احتلت بغداد ؟ ص 129

 

سألت الرئيس... هل يا سيدي حقا سقطت بغداد العز والفخر والمجد... بغداد الرشيد والمعتصم... بغداد العرب... بغداد الشعر والعلماء والفنانين وكل المبدعين... بغداد الحياة... يقول الرئيس ومسحة من الالم تلوح، ويحاول اخفاءها:

يا ولدي، بغداد لم تسقط، بغداد احتلت وستتحرر بسواعد الابطال، الاحتلال شيء والسقوط شيء آخر... وهذه ليست المرة الاولى التي تحتل فيها بغداد... إذ تنازعها الاعداء من الجهات وتكالب عليها الفرس وغيرهم وهي حلقات متواصلة... احتلها المغولي هولاكو ودمرها ثم حررها النشامى... وليس عيبا أن تحتل بلدان، ولكن العيب إن لم تقاوم وتتحرر... في السياقات العسكرية لايمكن فصل السبب عن النتيجة والمعارك متواصلة منذ عام 1990 وما رافق ذلك من حصار ظالم دام أكثر من ثلاثة عشر عاما فقدنا بسببه أكثر من مليون ونصف المليون شهيد عراقي من مختلف الفئات العمرية... ألم يكن قصف أمريكا للعراق مستمرا منذ ذلك التاريخ، اليست أمريكا هي من وضع خطوط الطول والعرض وأسموها مناطق حظر الطيران ؟؟... عندما بدأت أمريكا عدوانها تنفيذا لحماقات بوش كانت الصواريخ تنهال على بغداد وكان العدوان يتوزع بين القتال بشكل عام في قواطع العمليات والتركيز على بغداد وبين هجوم القوات الأمريكية والبريطانية على الشطر الثاني لأم قصر.... لأن الشطر الأول اقتطعه الغزاة وسلموه إلى الكويت ليزيدوا من مساحتها حتى تصبح دولة على حساب العراق ولتكون خنجرا مسموما في خاصرته....

 

عندما دافع العراق عن حدود الوطن بوجه أطماع إيران وشرورها كانت قوتنا الجوية تتطور وتتفوق على نظيرتها الايرانية وكانت بحق ذراع العراق الطويلة وكان طيارونا الابطال عندما ينفذ من أحدهم عتاد طائرته وصواريخها يقوم بضرب طائرة العدو بطائرته وهذه هي قمة الشجاعة والبطولة وخير مثال على ذلك الشهيد البطل الطيار عبد الله لعيبي ابن الجنوب العراقي...

 

لكن ما حصل في العدوان الأخير أمر مختلف، ويختلف كذلك عن عدوانهم عام 1991 من حيث التكتيك العملياتي والطريقة وحتى النتيجة... حالة المقارنة تسقط هنا... ما بين دولة تمتلك كل وسائل القتل والتدمير من صواريخ عابرة وبوارج حربية وقوة بحرية وطائرات متطورة جدا فضلا عن جيش محصن من عواقب ارتكاب أية جريمة... وبين واقع العراق، البلد الصغير المعروف بإمكاناته بعد حصار سنين ووضع اقتصادي صعب... إذن الفرق شاسع بين القدرتين ولاتجوز المقارنة بالاساس.... فماذا يبقى أمام العراقي غير الدفاع عن كرامته ووجوده أمام عدو غاشم أراد به شرا ولا يستطيع أحد أيقافه ؟..

 

من الأمور التي وضعناها في الحسبان أن العدو سيتقدم من جبهتين أو أكثر مع إنزالات هنا وهناك، ومنطقة الحشد الأكبر للقوات الامريكية كانت في الكويت... والثانية من الجبهة الغربية.... أما ما يخص الصمود الرائع للبواسل  الابطال من اللواء 45 في أم قصر... فقد أذهل هذا اللواء العالم بصموده الاسطوري ما زعزع الثقة في نفوس العدو وهز معنوياتهم... كذلك كان صمود قواتنا في الزبير والمقاومة الشديد التي أبدتها هو ما رفع من معنويات اللواء 45... وكان ايضا صمود شعبنا وقواتنا الباسلة في الجبهات الاخرى قد أعطى زخما معنويا لذلك اللواء، خاصة وأن جهد العدو رغم ضراوة المعركة في قاطع اللواء لم يتركز بشكل رئيسي على أم قصر، فالعدو كان يشاغل بعض القواطع ويندفع في قواطع أخرى...عندما اندفع العدو نحو بغداد سالكا الطريق الصحراوي ومستغلا ظروفا معينة منها عدم وجود أي غطاء جوي لقطعاتنا التي هي أصلا هي غير موجودة في المناطق الصحراوية لأن وجودها يعني انتحارا لها... كانت توجيهاتنا واضحة لإخواننا في القيادة العسكرية بعدم نشر أية قوة غرب نهر الفرات سواء في صحراء السماوة أو الناصرية أو صحراء الانبار لأنها ستدمر بالكامل... وبعد أن تمكن العدو من احتلال بعض مدن العراق، كان يريد ايصال رسالة واضحة وهي أن كل شيء انتهى، وبالتالي كان يقصد تدمير معنويات العراقيين جيشا وشعبا فضلا عن استخدامه أسلحة محرمة دوليا في ضواحي بغداد ولم يستخدم هذه الاسلحة في أم قصر... ما جعل القوات المتمركزة تقاتل بمفردها من دون انتظار دعم آخر...

 

إذن المقارنة بين الذي حصل في أم قصر وصمودها الرائع وبين الذي حصل سريعا في بغداد مقارنة غير وجيهة من الناحية العسكرية على الاقل، كما أن العدو أسرف كثيرا بتركيزه على قصف بغداد ومحيطها بشكل بربري متواصل ولمئات الساعات... ما أدى إلى تدمير قطعات بالكامل وتشتت قطعات أخرى الأمر الذي جعلها هدفا سهلا لطائرات العدو وصواريخه.... خاصة وأنها كانت تفتقر إلى غطاء جوي... وكذلك عندما عادت وتخندقت تلك القطعات تم تدمير معظمها وهي في مواضعها الدفاعية ما أدى الى استنفاد البديل، كما وأن وضع أطراف بعض المحافظات ضمن قاطع عمليات بغداد كان خطأ أو سوء تقدير مع بعض التقديرات الأخرى التي لا تتلائم مع التغيرات الجوهرية التي حصلت في الميدان من خلال جهد العدو الكبير وتكتيكاته... وهذا الامتداد الواسع في قاطع عمليات بغداد ساعد في تشتيت جهد الحرس الجمهوري والقطعات المساندة له....

 

إذن لايمكن لنا عندما نتحدث عن تمكن العدو سريعا من بغداد أن نتحدث عن بغداد فقط ونجتزيء ذلك....لا... فالمعركة واحدة وهي سلسلة حلقات متكاملة ومترابطة مع بعضها البعض... حين وقوع العدوان اجتمعت مع اخواني القادة العسكريين وقلت لهم: ديروا بالكم هاي المرة معركتنا مع العدو معركة مصير، وإذا الله كاتب لنا النصر، فهذا النصر سيكون للعراق وللأمة، وإذا أراد سبحانه وتعالى غير ذلك واستطاع العدو الوصول الى بغداد فالشعب مارح يسكت وراح يصير القتال بالبندقية والقاذفة ورح يطلع جيل من القيادات من ديالى وصلاح الدين والانبار ونينوى والبصرة وغيرها وراح يحرر العراق ويطرد الامريكان ويهزمهم وستنكسر هيبة أمريكا... والحمد لله صار اللي صار... وإن شاء الله العراقيين ما يخيبون أمل العرب....

 

موفد عربي

 

يتذكر الرئيس قبل وقوع العدوان فيقول: قابلني مبعوث زعيم عربي نكن له كل تقدير، كان لديه مقترح، ورغم أن هذا المقترح يمس الكرامة ولايمكن قبوله، إلا أننا سمعناه للنهاية، وقلنا له: لو افترضنا أننا وافقنا على هذا المقترح فهل بإمكانكم أو بإمكان العرب منع وقوع العدوان؟ فأجاب لاأحد يستطيع أن يضمن نوايا أمريكا، ولكننا نريد أن نقيم الحجة عليها، وسنعمل من أجل منع العدوان... فقلت له: كي نقيم الحجة على أمريكا سلم لي على زعيمك وقل له: فلان يقول اتصلوا مع أمريكا واسألوها ما الذي تريده بالضبط، فإن كان النفط، فالمال يعوض، وإن كانوا يريدون حل جميع القضايا العالقة في المنطقة فإننا لانقف بوجه من يريد إنصاف الشعوب، أما إذا أرادوا فرض شروط تمس الكرامة وكرامة شعب العراق فنحن غير مستعدين لسماع سخافاتهم بعد أن تأكدنا أن مطلب أمريكا كان سخيفا ومهينا....

 

زيارة بريماكوف الثانية...

 

حتى بريماكوف في زيارته الثانية قال انه يحمل رسالة لي، طلبت منه الالتقاء مع طارق عزيز أولا، ثم التقيته لاحقا وقلت يا الله.... وأنا أعرف مضمون رسالته... وعندما طلب منا أمورا تمس سيادة العراق وكرامته سألته ماذا في جعبتك بعد ؟ فلو افترضنا بأننا استجبنا لهذا الطلب السخيف "التنحي ومغادرة العراق مع عائلتي" فهل سيتجنب شعبنا شرورهم؟ فقال: لا... الأمريكان سيدخلون العراق بك أو بدونك... فقلت له: خسئوا الله يخزيهم.... أهلا بهم... سنقاتلهم من بيت لبيت وأنصحهم بقراءة تاريخ العراق من نبوخذ نصر حتى صدام حسين ليعرفوا معدن الانسان العراقي، فإن لم يكونوا عرفوه بعد، فإن المقاومة العراقية وشعب العراق سيقولون لهم حتما من نحن ومن هم والقادم سيكون أكبر بكثير بعون الله... وهكذا لم يتركوا لنا أي خيار يجنب شعبنا وبلدنا التدمير... وجيش العراق لم يقصر، إذ أذاقهم درسا لن ينسوه، وما زال أفراد الجيش ورجال البعث وكل الفصائل الاخرى تقاتلهم ونحن لن نستسلم أبدا... وأمريكا رغم انتصارها السريع ستهزم شر هزيمة وسيحصل لها أضعاف ما حصل في فييتنام لأنها دولة شريرة... وستضطر إلى الهروب من العراق تاركة نصف معداتها....

 

إن من أهم أسباب تمكن الامريكان من احتلال بغداد الحبيبة عاصمة الرشيد ودون الخوض في التفاصيل هي الآتي:

 

أولا: الحصار الذي دام أكثر من ثلاثة عشر عاما وما رافقه من استمرار الحرب بكل صفحاتها.

ثانيا: اعتماد أمريكا سياسة الخداع والتضليل حول مزاعمها، مما دفع بعض الاصدقاء والاشقاء لتصديق رواياتها، بل إن البعض صدق وعودها.

 

ثالثا: الفرق الهائل بين القوتين وخاصة القوة الجوية التي لابد منها لحسم أية معركة، والقوة الصاروخية بعيدة المدى، وعدم توفر أي غطاء جوي للجيش العراقي، وهذا أخل بشكل كبير في ميزان المعركة لصالح العدو.

رابعا: معرفة العدو التامة بكل الاهداف العسكرية والمدنية من خلال فرق التفتيش الجاسوسية ووسائل الكشف الجوي لطائرات التجسس والاقمار الصناعية، وأنت حين تحدد هدفا يسهل عليك ضربه.

 

خامسا: استخدام القصف الجوي بكثافة لامثيل لها في تاريخ الحروب، والذي كان على مدار الساعة، ما ساعد على شل قدرة قواتنا البطلة سواء أكانت الدروع أو المدفعية والمشاة.

 

سادسا: استخدام العدو لاسلحة محرمة دوليا بعضها استخدم لأول مرة وخاصة في مطار بغداد بعد المعركة الشهيرة التي خسر فيها العدو مئات القتلى وعشرات الدروع، مما افقده صوابه، فقام بضرب قوات الحرس والقوات المتجحفلة معها بقنابل نووية تكتيكية وأخرى حرارية تؤدي إلى صهر الحديد والجسد للتأثير على معنويات المقاتلين، وهذا أهم سبب سرع في احتلال بغداد.

 

سابعا: استمرار القصف على بغداد بشكل وحشي وضرب السكان الامنين لخلق حالة من الهلع وكذلك ضرب قوات ومراكز القيادة.. وقطع كل أنواع الاتصال.

 

ثامنا: استخدام العدو للطريق الصحراوي بمحاذاة المدن وتفوقه النوعي بالسلاح المتطور والغطاء الجوي الكثيف، كل ذلك أفقد قواتنا القدرة على الحركة نهارا لعدم وجود الغطاء الجوي والاسناد المدفعي وتركيزه على خيار الوصول الى بغداد... رغم أن جيشنا الباسل نجح إلى حد كبير في تأخير تقدم العدو مع الحاق خسائر باهظة في صفوفه إلا أن العدو لم يعلن عن هذه الخسائر كعادته..

 

تاسعا: الانزالات الكثيرة والمتكررة هنا وهناك خلف قطعاتنا وعلى الطرق الرئيسية وارهاب السكان وقطع الطرق... إضافة الى قيام العدو بدفع بعض آلياته بسرعة فائقة إلى مواقع خلف قطعاتنا، والمعروف أن أي انزال خلف القطعات يربكها...

 

عاشرا: الحرب النفسية واستخدام العدو للوسائل الدعائية والاشاعة التي نجح في إدخالها إلى صفوف قواتنا المسلحة من خلال الطابور الخامس وعملائه وكذلك قيام بعض العملاء والمتسللين بإعطاء إحداثيات لطائرات العدو لتدمير المواقع والاهداف العسكرية.

 

حادي عشر: انقطاع وسائل الاتصال بين القيادات العسكرية وآمري القطعات نزولا، وعدم وصول الاوامر أدى إلى تحلل بعض القطعات العسكرية على اعتبار أن الأمر قد انتهى..

 

ثاني عشر: خلال الحرب مع إيران، كان القادة والآمرون يتصرفون وفق تطور الظروف، لأن المدرسة العسكرية العراقية من بين أفضل المدارس في العالم وهي التي أوجدت خيرة ضباطنا وقادتنا وجنودنا البواسل ولم نضطر إلى اخضاع قادة الفرق والفيالق للأوامر السياسية، فقد كان التصرف للقائد أو الآمر باستثناء القيادة العامة، فللقرار السياسي أحيانا دور، حتى حين كنا نرسل بعض القادة السياسيين للمعايشة في جبهات القتال، كنا نضعهم تحت تصرف العسكر، ومنهم عدي وقصي...

 

ثالث عشر: هجوم العدو من كل الجبهات، وللأسف سهلت بعض الدول العربية دخول قطعات العدو ودروعه من أراضيها وقام العدو باستخدام أراضي عربية لقصف العراق...

 

رابع عشر: قيام العدو باستخدام عملاءه من المخربين وعملاء ايران في الهجوم، وكذلك تجنيد الميليشيات الموالية لايران والتي تدعي الاسلام زورا...

 

 

دور إيران في تسهيل الغزو

 

خامس عشر: كان غدر إيران من أهم العوامل المساعدة لدخول القوات الأمريكية والبريطانية إلى العراق....

 

فهذه العوامل كلها وتركيز العدو لجهود العسكرية وبكل صنوف قواته المسلحة بشكل جنوني على بغداد وتلويح الامريكان باستخدام القنابل الذرية كما فعلوا في هيروشيما... كل هذا ساعد في خلق جو نفسي مشحون لدى الجنود وهو أمر طبيعي عندما تصل الامور الى هذه المرحلة... فلا يستطع الآمرون السيطرة على قطعاتهم وهذا ما خلق حالة من الفوضى لدى قطعات كثيرة من قواتنا المسلحة بحيث أصحبت خارج نطاق السيطرة، فانسحب الجنود من المعركة تباعا دون أوامر....

 

هل ثمة خيانة في الجيش العراقي ؟؟

 

نفى الشهيد نفيا قاطعا هذا الأمر.... وقال: سمعت أن هناك من يتحدث عن خيانات أثناء المعارك، أقول لك يا ولدي إن جيشنا معروف ببسالته وبطولاته وقد سطر أروع الملاحم البطولية على مر التاريخ... في جيوش العالم وعند اشتداد المعارك تحصل خيانات، لكن عندنا إن حصلت، فبشكل محدود وبمستويات ضعيفة التأثير، ولم تؤثر على نتيجة المعركة إطلاقا... أما ما أشيع عن خيانات على مستوى القادة الكبار، فهذا جزء من الحرب النفسية التي تستخدمها كل الجيوش ضد نظيرتها في الحرب، وخاصة عندما يواجه أحد الأطراف معركة حرجة جدا، فجيشنا وقادته هم أبطال أبلوا بلاءا حسنا منقطع النظير، وواجهوا الاعداء بصلابة أذهلت العدو وأثلجت صدورنا وصدور العرب وكل الخيرين.... لقد كنت اراهن على معركة بغداد وأننا سنقاتلهم من بيت لبيت ومن شارع لشارع وأننا سنقوم بتقطيع هذه الافعى الممتدة وقد أعددنا لذلك، ولكن استخدام الاسلحة النووية التكتيكية وعدم وجود غطاء جوي وفقدان السيطرة حال كل ذلك دون حصول هذا الخيار الذي لو حصل لساعدنا بالتأكيد على شل تأثير الاسلحة الثقيلة للعدو وخصوصا الطيران...

 

إذن أهم أسباب احتلال بغداد هو عدم تكافؤ القوتين واستخدام أمريكا لأسلحة نووية في المطار ما أربك الجيش العراقي الذي لم يعتد على مواجهة أسلحة غير تقليدية إجرامية كالتي استخدمها بوش في جريمته... لقد لفت انتباهنا في القيادة أهدافا عراقية مصابة بدقة متناهية، وبعد التحري والمراقية تبين – مع الاسف – أن بعض الخونة والعملاء والجواسيس الذين دسهم العدو في المجتمع العراقي كانوا يستخدمون هواتف الثريا المتصلة بالاقمار الصناعية مع مراكز القيادة الامريكية والاسرائيلية وهي التي حددت الأهداف العراقية، وسهل ذلك تدمير معظم الأهداف المدنية والعسكرية والمنشآت المهمة....

 

الحاشية في الصفحة 138 يبرز فيها الاستاذ خليل تصريح الحاخام أبطحي الذي تبجح فيه بالمساعدة الايرانية لتسهيل احتلال العراق وأفغانستان وأيده في هذا رئيسه خاتمي فيما بعد.

 

معلومات لم تصل إلى الرئيس

 

كنا منفتحين على أي رأي أو مقترح يقدم لنا بشكل مباشر أو غير مباشر... وكنت أطلب من اخواني في القيادة أن يقولوا لي ما يريدون قوله، واعطي تعليماتي للمرافقين والسكرتير أن يوصلوا أية معلومة أو مقترح مباشرة لي.... لكن كان هناك الكثير الذي لم يصلنا... وهذا ما لفت انتباهي أثناء المعركة وبعدها.... القاضي عبد الله العامري قال للرئيس في إحدى الجلسات: أنت لست دكتاتورا... ولكن المحيطين بك جعلوا منك ذلك....

 

هنا يقول الاستاذ خليل ما يلي: إنه في عام 2006 التقى أحد المسؤولين العرب في بلده، فقال له ذلك المسؤول: والله كنا نزود الرئيس صدام بكل المعلومات التي تصلنا كي يتجنب حصول ما حصل، وتتجنب المنطقة ما حصل وما قد يحصل، ولكننا تأكدنا أن شخصين كبيرين أحدهما قريب من الرئيس كانا يتعمدان عدم إيصال هذه المعلومات للرئيس ولا نعرف السبب.....

 

لكن الاستاذ خليل يعود في الصفحة 142 ليروي واقعة ذات مغزى.... ارتأيت أن انقلها كما هي نظرا لأهميتها... وتقول وقائعها ما يلي:

 

في نهاية عام 2002 أبلغت أمريكا اربع دول عربية بأن احتلال العراق بات أمرا محسوما، وكانت إحدى هذه العواصم تساهم بشكل فعال في تحريض العدوان على العراق، بل كانت تدفع المليارات كفاتورة لتشجيع أمريكا على احتلال العراق وتدميره والتخلص من هذا الكابوس الثقيل... أما أحد زعماء الدول العربية فكان ممتعضا جدا مما يلوح في الافق، إذ كان يدرك أهمية العراق كسور للعرب، وحامي الحمى وحارس البوابة الشرقية للأمة، وأن انهيار العراق يعني انهيار العرب دولة بعد دولة، خاصة وأن بوش قد هددهم بما لا تحمد عقباه في حال إبلاغهم العراق بقرار أمريكا النهائي (العدوان) وسيكون مصيرهم كالمصير المنتظر لصدام حسين.

 

في أواخر شهر كانون الاول من نفس العام زار بغداد مسؤول مهم من إحدى هذه العواصم العربية متجشما عناء السفر بسبب الحصار، مجازفا بمستقبل بلده وزعيمه، وقد وصل برا على أمل أن يقابل الرئيس صدام وإخباره بحقيقة ما يجري، بقي الرجل في أحد فنادق بغداد ينتظر أن يبلغ الرئيس شخصيا بالمعلومات التي يحملها، خاصة وقد ارسلت هذه الدولة معلومات سابقة إلى الرئيس صدام ولكنها لم تصله، فقد كان هناك عدد من الاشخاص وبالتحديد بعض الشخصيات المهمة في العراق وراء حجب المعلومات بشكل متعمد عن الرئيس...

 

لم يعلم الرئيس صدام بوجود هذا المبعوث، وقد حاول الزائر أن يصل إلى الرئيس، لكنه لم يفلح، فاستنجد بإحدى الشخصيات المقربة من الرئيس صدام، وهذا بدوره اتصل بالشهيد قصي الذي أرسل مبعوثا من قبله للاستماع إلى الضيف، لكن هذا الضيف أبى إلا أن يقابل الرئيس، فاتصل قصي بإحدى هاتين الشخصيتين اللتين كانتا تحاولان منع وصول المعلومات إلى الرئيس، فأرسل لهما (للضيف وللشخصية المقربة من الرئيس) سيارة مراسم خاصة، فاعتقدا بأنهما سيقابلان الرئيس صدام... لكن استقبلهما ذاك الشخص (الذي هو واحد ممن يحجب المعلومات عن الرئيس) وقال: هاتوا ما عندكم... لكن الضيف رفض، واصر على مقابلة الرئيس... بتاريخ 24/12/2002 وخلال نفس الزيارة، كرر الضيف والشخصية العراقية الاتصال مع الشخص الكبير الذي طلب أن يهييء الضيف نفسه لمقابلة الرئيس... وجاءت نفس السيارة لتقلهما الى بناية ضخمة... وإذ بالضيف يجد أمامه نفس المسؤولين الكبيرين يطلبان منه إخبارهما بما لديه من معلومات... وأشارا إلى جهاز تسجيل قائلين له إن المعلومات ستصل للرئيس من خلال هذا التسجيل... فامتعض الضيف بشكل كبير، واضطر أمام هذه المعاناة إلى الإدلاء بكل ما لديه من معلومات... ثم قامت الشخصيتان بوداعه مؤكدين له بأن المعلومات ستصل إلى الرئيس... وقبل أن يغادر الضيف مقر إقامته عائدا إلى بلاده وصله مظروف فيه خمسون ألف دولار على أن المبلغ له شخصيا.... فرفضه شاكرا قائلا بأنه وبلده بخير.... ثم وقعت الكارثة... وبعد أسر الرئيس حملت رسالة منه إلى زعيم هذه الدولة التي أرسلت مبعوثها إلى العراق قبل الاحتلال... والتي كانت تحرص أشد الحرص على حل موضوع أزمة الكويت (من قبل) وعلى تجنيب العراق الكارثة الاخيرة... وقد حاولت جهات عديدة تشويه صورة هذا البلد وتخريب العلاقة بينه وبين العراق بما فيها جهات معروفة داخل البلد نفسه، وداخل العراق، ومن الخارج أيضا.... وذلك لتعكير العلاقة الاخوية بين البلدين ودق اسفين الكراهية والبغضاء... إما لحسابات أو أحقاد شخصية...

 

وبعد أن قابلت زعيم هذه الدولة وجدته متألما كثيرا لما جرى ويجري للعراق وللرئيس صدام، وخلال لقاءاتي مع بعض الشخصيات المهمة في هذه الدولة سمعت الكثير عما بذلته لإبلاغ الرئيس صدام بما لديهم من معلومات لتفادي ما يمكن تفاديه... لكن كل ذلك لم يصل إلى الرئيس...

 

هنا أريد أن أقول شيء...

 

لعلي قلت سابقا عن الحكومة العراقية أنها حكومة بشر وليست حكومة ملائكية، وأن المسؤولين فيها هم بشر مثلنا ايضا... وإن امتازوا عنا بمواقع المسؤولية التي تسلموها.. فهم يخطئون ويصيبون...  ولاشك أن لكل حاكم في هذه الدنيا مهما صغر شأنه أو علا... لابد من بطانة حوله، إن كانت تلك البطانة طالحة أو صالحة... ولذلك يدعو خطباء الجمعة عادة في وطننا العربي للحاكم أن يرزقه الله البطانة الصالحة ويجنبه بطانة السوء... ولاشك أنه كان في الدولة العراقية بعض المتنفذين والمنتفعين والمداهنين والمرائين والمنافقين.... هذه حقيقة يجب أن نعترف بها شئنا أم أبينا فبالنهاية نحن بشر... أنا شخصيا، مع محبتي وتقديري واحترامي الشديد وولائي للشهيد صدام رحمة الله عليه وعلى إخوانه، إلا أنني كنت أنتقد هذه الاحتفالات التي كانت تقام كل عام بمناسبة يوم ميلاده الميمون وشعبنا يعاني الحصار الإجرامي الذي كان مفروضا عليه... وكذلك كنت أتضايق كثيرا من معظم الكلمات المنافقة التي كانت تقال في تلك المناسبة.... أنا مع الإحتفالات والأفراح والإحتفال بالشهيد رحمة الله عليه... لكن.... في غير ظروف الحصار وغير ظروف الاستشهاد اليومي للأطفال جراء نقص الدواء ونقص الغذاء وجراء هذه القنابل الإجرامية التي ألقيت على العراق أيام عدوان 1991 وأدت إلى تشوهات خلقية لدى الكثير من أطفال العراق...

 

إذن... ربما... هذا الذي لم يوصل للرئيس رحمة الله عليه فكرة إلغاء الاحتفالات تضامنا مع شهداء العراق أيام الحصار الإجرامي... ربما هو نفسه الذي لم يخبر الرئيس وقتها عن ذاك المسؤول العربي الذي زار العراق.... والله أعلم.....

 

من الصفحة 144 إلى 150 هناك حديث عن معركة المطار بقلم الفريق أول ركن سيف الدين الراوي... ومن خلال قراءتي لهذا الجزء، أعتقد أنه لم يخرج كثيرا عن شهادة أبويزن حول هذه المعركة التي أدلى بها للاخ عبد العظيم محمد – من قناة الجزيرة – وهي الشهادة التي نشرتها الشبكة حين نشرت كتاب الفريق رعد مجيد الحمداني، قائد فيلق الفتح المبين في الحرس الجمهوري العراقي....

 

 

يتبع.....

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١٣ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور