رسالة عيد الميلاد ٢٠٠٩ على ضوء تهنئة غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان
بطريرك السريان الانطاكى

 
 
 
شبكة المنصور
ججو متى موميكا تورنتو (كندا)

 (( الشعب السالك فى الظلمة أبصر نورا عظيما ..)) أشعيا 2:9

 

سيدى الجليل ::قرانا تهنئتكم الرقيقه لجميع المسيحيين اساقفه وكهنه ورهبان ومؤمنين احّباء مباركون وليكن كاتب المقاله احد رعاياك المؤمنين من كنيستك فى تورنتو... يشكرك على تهانيك المفعمه بالمحبه والايمان لنا ولكل بنى البشر لذا انتهزت هذه الفرصه لأكتب لك رسالتى هذه والمرسله نسخة منها الى موقعك فى لبنان ... استميحك عذرا سيدى الجليل وراعى كنيستنا راجيا قرائتها رغم ضيق وقتك وانشغالك فى امور الرعيه وخدمة رسالتهم السماويه والروحيه.


سيدى الجليل :اليوم ولد المجد والنور ليبدد الظلام فأشرق علينا ميلاده فى بيت لحم فى موضع حقير يسكنه البهائم وحصيره التبن والقش وسط زمهرير الشتاء القارص والفقر المدقع لتكون صورة المأساة والمعاناة التى عاشها سيدنا يسوع المسيح وامّه البتول العذراء التى ولدته بحبل بلا دنس شبّ وترعرع فى ظروف قاسيه وهجر بيته ومدينته الى مصر مع امه راكبة حمارا عاش 33 عاما مليئه بالحزن والعذاب والاضطهاد على ايدى جلاوزة العصر آنذاك فتعلمنا منه الكثير دروسا وعبرا واستمرت المعاناة والعذاب من اجل اسمنا وخلاصنا حتى صلب وكانت القيامه ... تعلمنا كيف نقتدى بها ونتابعها ونحن نقارن مايجرى فى بلدنا ايها البطريرك الموقر ...

 

سيدى الجليل :
حضرنا اليوم قداس منتصف الليل فى كنيستك الأم بتورنتو والتى فقدتك هذا العيد بعد ان كنت راعيها وتأسست على يديك المباركتين غصّت الكنيسة وقاعاتها بالمؤمنين غالبيتهم عراقيون صلّو وتضرعو للرب ان يحمى العراق وشعب العراق من الاوضاع المأساويه التى يعيشونها فى داخل بلدنا ...سمعنا كلام الانجيل بوقار ثم عظة .الكاهن وخطبته التى كانت معظمها تتحدث عن احوال شعبنا وبلدنا وما فعله الارهاب بهم بعد ان عاد الكاهن قبل يوم من العراق ليحدثنا عن وضع ابناء شعبنا والمراره التى يعيشوها والدماء التى تسيل فى معظم انحاء البلد .


سيدى الفاضل :
تنصّت المؤمنون للخطبه وادّوا مراسيم القداس بخشوع وتقشف لكن هل كان طعمه كطعم قداديس كنائسنا فى بغداد والموصل وكركوك والبصره ومدن اخرى ...الجواب طبعا لا لا تؤاخذنى سيدى الفاضل نعم كلها قداديس مقدسه وتسر المؤمنين للقاء الميلاد بقلوب بيضاء لكن النكهة تختلف لان معظم الحاضرين مهاجرين تركوا اهلهم وديارهم ومقدساتهم عرضة للتخريب والتدمير ودماء المؤمنين تسيل بتدفق كل ساعة وحين فأى طعم سيدنا الجليل وشعبك يعيش الغربه والتشتت ومرارة الفراق عن ارض آبائه واجداده بعد ان سلبت ..


سيدى الجليل :
السيد المسيح قال لنا (أنا نور العالم من يتبعنى فلا يمشى بالظلام ) مجده اشرق بظهور الملاك مثل هذا اليوم وجاء الرعاة والمجوس ليؤمنوا به واقرّوا بميلاده ..ايها المحب بقلب الفادى نعم اوصانا المسيح بان نصبر ونتحمل عندما خطب فى الجموع على سفح جبل فى اورشليم حين قال (( سيأتونكم من المشرق والمغرب وسيخرجونكم من دياركم من اجل اسمى ))نعم قال الراعى الصالح وهو ينبىء بخراب الهيكل ((أترى هذه الابنيه العظيمه لن يبقى منها هنا حجر على حجر بل يهدم كله أياكم ان يضللكم احد سيجىء اسمى فيقولون :انا هو المسيح ويخدعون اناسا كثيرين ستقوم امة على امه ومملكه على مملكه وتقع الزلازل فى اماكن كثيره وتحدث مجاعات وهذا كله بدء الاوجاع ))


(( اما انتم فكونوا على حذر سيسلمونكم الى المحاكم ويضربونكم فى المجاميع ويسوقونكم الى الحكام والملوك من اجلى لتشهدوا عندهم)) هل هذه اشارات وعلامات نعيشها وابناء العراق يقتلون بدم بارد الارهاب لارحمة له ولايميز بين مسيحى ومسلم انهم يقتلون كل الناس لتمتزج دماء الاخوة المسلمين والمسيحيين على ارصفة مدننا وقاعات كنائسها ومساجدها ...فأين يكمن الحل سيدى الفاضل وانت زرت بلدنا قبل أيام وسمعت كيف تذبح الارواح البريئه كالنعاج بلا رحمه ولا شفقه ما ذنب الضحايا وما جريرتهم وأين يكمن الحل والى متى يبقى العراقيون يدفعون دمائهم ثمنا للعنجهيه والاجرام والارهاب الذى طال ودمّر انه حقد د على كل مبادىء الانسانيه والمساواة .


ألم يقل معلمنا (( تعالوا علىّ يامتعبين ويا ثقيلى الأحمال )) فهل اليوم شعب متعب اكثر من العراقيين ؟ وهل هناك احمال اثقل مما يتحمله العراقيون بعد ان انهكتهم الفوضى والاضطرابات وغياب الأمن والسياده ؟.


سيدنا الجليل انت زرت العراق وشاهدت مدن العراق وتجولت فى قصباتها وسمعت معاناة ابنائك ووقفت على صراخاتهم وانين الثكلى ومعاناة المحرومين لكن اين يكمن الحل الى متى يبقى مسلسل الاغتيال والخطف والتهجير القسرى ...والطائفيه لغة الشارع فى مدننا والى متى تبقى كنائسنا مغلقه ومهدّمه والمؤمنون يبحثون عن ملاذ آمن يلجأون اليه هم واطفالهم بعد ان تركوا بيوتهم واملاكهم ومعابدهم ولم يلوح اى بصيص من الامل لعودتهم اليها لان الاوضاع تزداد سوءا وخرابا يوما بعد يوم ومعظم العراقيين حذرين وخائفين من مستقبلهم ومستقبل بلدهم بعد ان كانوا يعيشون فى أمن وحريه يؤدون طقوسهم بكل راحة وطمأنينه .


نعم اوصانا سيدنا يسوع المسيح بأننا سنضطهد من اجل اسمه لكن المأساة عمّت وشملت كل شرائح الشعب فالمسلم يقتل كما يقتل اليزيدى والصابئى ولسنا نعلم اى دين ينتمى اليه الارهابيون واية شريعه ودستور لان القتل جماعى وبدون رحمه .


سيدى الجليل المعذره لاننى اطلت عليك لأن قلوبنا مجروحه ونفوسنا مريره لم نهنأ بعيد الميلاد وعيد رأس السنه ولم نحتفل طالما نسمع اخوة لنا يقتلون فى بلد فقد كل شريعه وقانون وحمايه لشعبه فهل تطيب النفوس لتحتفل بالعيد ؟ انهم يذبحوننا من الوريد الى الوريد من اجل اسم العراق الوطن الذى لاننساه لانه مرسوم فى وجوهنا مكتوب فى افئدتنا مدون فى هامات كل عراقى وطنى احبه ...لم نستسلم لليأس والارهاب لان سيدنا اوصانا (( من اراد ان يتبعنى فليحمل صليبه ويتبعنى ) وكما ورد فى رؤية يوحنا :


(( قلت لكم هذا الكلام لئلا يضعف ايمانكم , سيطردونكم من المجاميع, بل تجىء ساعة يظن فيها من يقتلكم أنه يؤدّى فريضة لله ))
يوحنا :16-15
هل تحققت رؤية يوحنا وسيكافىء سيدنا المسيح شعبه ببركات سماء جديده وارض جديده حيث يتم النصر الكامل حين قال ((هنيئا للذى يقرأ وللذين يسمعون هذه الاقوال النبويه وهنيئا للذين يعملون بها لأن... الساعة اقتربت ))
اخيرا سيدى البطريرك سامحنى للأطاله للأن قلوبنا مكتويه ومجروحه وآلامنا تزيد ونحن نسمع آهات اخوتنا العراقيين واستغاثاتهم وهل من مسعف ومعين .


كل عام وانتم بخير ايها المحب بقلب الفادى وسنرنم ابدا ونحن نلمس رداء المسيح ونقول (( المجد لله فى العلا وعلى الارض السلام والرجاء الصالح لبنى البشر )


محبك بقلب الرب الفادى واحد رعايا كنيستك _ كنيسة مار يوسف للسريان الكاثوليك فى تورنتو



ججو متى موميكا كندا
٢٥ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٩ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٦ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور