أمريكا من مشروع مارشال والنقطة الرابعة الى الاتفاقية طويلة الامد مع العراق

 
 
 
شبكة المنصور
طـــلال معروف نجم
اتفاقية طويلة الأمد بين العراق المحتل وبين القوة الاحتلالية الولايات المتحدة الامريكية . روج لها كل امراء الحرب السنة والشيعة والكرد , لابل هللوا لها . ورفضها كل ابناء الشعب العراقي بكل طوائفه وملله في الداخل والخارج .


ان المعاهدة الأمنية ترهن العراق كوطن وشعب إلى احتلال أجنبي من خلال وجود 400 موقع وقاعدة عسكرية، وتمنح الحصانة للجنود والشركات الأمنية والرعايا الأمريكيين، وتحريك القوات من دون تنسيق مع الحكومة، وكذلك اعتقال عراقيين بمعزل عن القضاء العراقي.


نتوقف عند هذا الحد , ونجد ان هذه البنود نفسها , طبقت عند احتلال اليابان والمانيا , بعد هزيمتيهما في الحرب الكونية الثانية . كما انها نفس البنود طبقت على كوريا الجنوبية . عندما تقاسمت القوتين العظميين انذاك الاتحاد السوفييتي السابق وامريكا, شبه الجزيرة الكورية .


ما الذي أسكت هذه البلدان الثلاثة عن هيمنة امريكية سكوتا قائما حتى الان ؟ . بينما انتفض الشعب العراقي بأكمله , يرفض اتفاقية شبيهة بأتفاقيات كبلت فيها امريكا البلدان الثلاثة المذكورة .


ترى هل ان هذه البلدان الثلاثة , شعوبها خانعة وذليلة ؟. الجواب لا ..


عدة عوامل وراء نجاح الولايات المتحدة الامريكية , بنجاح هيمنتها على هذه البلدان , دون عناء يذكر . وللاسباب التالية  :


1 / ان الولايات المتحدة الامريكية وهي خارجة من الحرب العالمية منتصرة ومزهوة بقوتين متفوقتين هما العسكرية والاقتصاد المتين, سهل لها ان تخضع هذه الدول .


2 /  الدول الثلاثة المذكورة كانت خائفة من المد الشيوعي الجبار الذي سيطر تقريبا على ثلث العالم .


3 /  لم تدخل امريكا العالم وقتذاك وهي تحمل إرثا استعماريا وسخا بعد .


4 / أجزلت امريكا العطاء على هذه الدول عبر مشروع مارشال الذي انقذ اوروبا , من تراكمات الحرب العالمية الثانية . وكذلك مشروع النقطة الرابعة , فعالية اقتصادية من فعاليات المخابرات المركزية الامريكية .


5 /  علما بأن الدول الثلاث المذكورة تفتقر الى الخامات والموارد الاولية والطاقة , التي يسيل لها لعاب امريكا . اللهم الا المانيا فعندها الحديد والفحم . وهما طاقتان تراجعتا امام النفط لاحقا .


6 / منتصف القرن الماضي غير الالفية الثالثة . بما تحمله من عالم جديد سيطرت عليه العولمة , العولمة التي هي نتاج امريكي بما تحمله من قفزة علمية رديفة بسقوط اخلاقي سافر . لم تخدم امريكا بشكل كامل بل كانت عاملا على يقظة الشعوب وتوسع مداركها ايضا .


العوامل التي ذكرتها أصبحت غير مجدية اليوم لامريكا في العالم والعراق خاصة , وللاسباب التالة :


1 / امريكا أصبحت اليوم هي القوة الامبريالية الغاشمة في العالم . ينظر اليها بتوجس وخيفة .


2 / امريكا شريك في كل مشاكل الدنيا اليوم . وقواتها الغاشمة تتواجد في كل بقاع الدنيا , تماما كمجد غابر للامبراطورية البريطانية السابقة .


3 /امريكا هي المحتلة لاراضي الغير , وليس "المحرر" كأيام الحرب العالمية الكونية الثانية. والعراق نموذج حي عن دولة أحتلت بالقوة من قبل الولايات المتحدة الامريكية . فكيف تريد من شعب العراق ان يرضخ للاحتلال طويل الامد . رب هناك من يتساءل لماذا هلل شعب كوسوفو لامريكا ؟. الجواب انها استخدمت نفس اساليب العسكرية الكولونية القديمة . بمساعدة شعب على نيل استقلال . ولم يأت حبا بشعب كوسوفو المسلم , بقدر ماهو نكاية بدولتي الصرب وروسيا السلافيتين والارث السوفييتي الذي أقض يوما ما مضاجع الامبريالية الامريكية . والخوف من عودة قوية لروسيا الاتحادية.


4 / شعب العراق شعب عربي مسلم . يختلف كل الاختلاف عن دول المانيا واليابان وكوريا الجنوبية . تحكمه عشائرية تستمد عرفها من تقاليد متوارثة ترفض هيمنة الغير . فأنى له ان يرضى بمحتل قادم من خلف البحار والمحيطات . لايحمل تقاليد وقيم عربية واسلامية . بل قيم العولمة الجديدة المرفوضة من قبل العراقيين قاطبة .

 
5 / فالعراق قام وقبل 87 عاما بثورة عمت كل اراضيه من الشمال الى الجنوب , هي ثورة العشرين . في وقت كان نفوس العراق لا يتعدى الثلاثة ملايين نسمة . وقوة تمثلها الامبراطورية البريطانية التي كانت سيدة العالم وقتذاك . اي انه سبق المانيا واليابان وكوريا الجنوبية برفض هيمنة المستعمر الغاشم . فكيف يكون بمقدور امريكا اليوم ان تقنع شعب العراق , وهو قوة بشرية وفكرية واقتصادية وعلمية متقدمة ؟ . رغم كل ما اصابه من دمار وخراب وقتل . لتكبله بأتفاقية طويلة الامد . تسمح للامريكي اليانكي ان يفتح قواعد له في كل انحاء العراق . ويتجول ببزته العسكرية الكريهة في شوارع العراق .


حقا انه حلم لن يتحقق لامريكا .. ولن يهنأ به أذنابها في العراق . فأمريكا غبية.  وأذنابها أكثر غباءا , إن هم يتصورون , ان الصمت الياباني الالماني الكوري الجنوبي الطويل الامد, سيطبق على ارض العراق .

 

اليوم وفي ظل الاتفاقية هذه , يوجد بند يسمح للعراق بالاستنجاد براعي الاحتلال , في حالة تعرض الاول لخطر احتلال من دولة أخرى . ترى لماذا لم تستخدم حكومة المنطقة الخضراء هذا البند , بعد قيام الجار الغادر ايران بأحتلالات خفية وعلنية لأرض وآبارنفطية عراقية , منذ سبع سنوات من أحتلال العراق  ؟ . وأن استنجدت بالراعي فهل سيلبي الراعي المحتل الطلب ؟ .. أمران مستحيلان ولن يتحققا . فعراق اليوم مناصفة بين محتلين "امريكا وايران"  خططا مسبقا على احتلاله .  

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور