في الذكرى الثالثة لاستشهاد القائد صدام حسين سلام عليك .. سلام على أرض أنت ساكنها

 
 
 
شبكة المنصور
ماجدة علوية
في صباحاتي القديمة؛ التي اعتادت أن تستفيق لحظاتها الأولى مع صوت المؤذن في الجامع الملاصق لبيتي في أحد أحياء بغداد، كنت ابتديء باسم الله .. ثم باسمك ياعراق.. وحين أغلق بابي ورائي وأيمم وجهي صوب مكان عملي المطل على دجلة، لابد لي أن ألقي السلام عليك، وعلى حمائم بيض تنام وادعة على ذراع تمثالك الذي كان ينتصب قبيل مدخل متنزه الزوراء.. عند ذلك المدخل المؤطر بالزهر والألوان.. حيث ذراعك ممدودة تلقي السلام على السائرين في شوارع دار السلام .. وتقول للقادمين إليها: يا مرحبا.. والحمائم البيض كأنهن يدركن أن هذه الذراع بيت من الطمأنينة.

 
وفي واحد من صباحاتي القديمة أيضاً، الذي استفاق معي على طوفان نيسان .. حيث حرائق القنابل وماكينات القتل والحقد المعلب في عقول المحتلين.. أخذتني قدماي إلى المكان الذي أودعته في كل صباح سلامي إليك يا قمر العراق وقائده الجليل.. كنت أدري أن الريح كانت تطرق باب قصرك المهيب وتقول لك: سلاماً .. وبحنو تجيب: وعليكم السلام  أهل العراق..

 
بعد الطوفان.. قال لي الفلاح العجوز و حارس الزهر في تلك البقعة الملونة عند مدخل الزوراء، وعبرة تخنق كلماته:   تواصل قصفهم لهذا المكان ساعات طويلة يوم أمس.. قصفوا التمثال.. وقتلوا الحمائم.. جاءوا بطائراتهم ليلاً ليقصفوا التمثال.. وبحكمة رجل عجوز قال: لقد فقدت ظلي.. انظري لي ياابنتي ، لا مكان لي لأستظل به بعد الآن.. ريش أبيض تلطخه الدماء تناثر هنا وهناك أنظري.. أنظري لزهوري أحرقوها..

 
تركت العجوز يلملم أشلاء الطمأنينة.. ورحلت

 
بعدها كتبت لك كثيراَ وقلت لك: بعدك سيضج الكون كله بأنين دجلة.. وسيهجر الفرات العاشقين ولن يبقى في ديارنا من يغني.. ولن تعزف الطيور ألحان الصباح.. وستشيخ الذكريات قبل أوانها، وسيحزن القمر، وسينحني ظهر النخيل.. و سنفقد أسماءنا.. وتضيع ملامحنا في المرايا المحطمة، وستأكلنا بلاد غريبة، وستتوزع دماءنا بين القبائل وليس ثمة من ناصر و لا طالب لحق مضاع..


وقلت لك في خطاب آخر كتبته إليك: سيدي الجليل المهاب.. أبتديء بالسلام عليك.. والسلام على أرض أنت ساكنها.. يا سيد ي ..     


حملتني بغداد سلاماً لعينيك.. اشتاقت الأرض لوقع أقدامك وهي تحث الخطى إلى الفقراء في وطني وأنت تمسح بيدك الكريمة على رؤوسهم.. اشتاقت لك بيوتهم وأنت تطرق أبوابها من دون سابق موعد وتدخل ويتحلق حولك رجال تسكنهم الهيبة ونساء تحفر الحكمة أخاديدها في وجوههن وصغار ارتدوا لمقدمك البهي أحسن الثياب.. اشتاقت لك البرنو فهي لا تحلو بيد تمسكها غير يدك، اشتاقت لك أغنيات الوطن ومنابر الشعراء.. فالقصيدة خاوية معانيها من دونك .. والريشة لا ترسم الآن إلا باللون الأسود بينما أطبق الصمت على الكلمات .. هي الآن وفاضها خال من المعنى .. أنت من كنت تؤجج وهج الألوان وتبث الروح في القصيدة وتفتح مواطن جديدة للمعاني..

 
وماذا أقول بعد.. قلبي يخزن الكثير .. ولكنه يتلوى من فرط الحزن على عراق ضاع بعدك

 
سلام عليك .. سلام عليك وعلى أرض أنت ساكنها .. سلام عليك

 
alawaia.m@gmail.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٣١ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور