المدافعون عن الاستعمار الايراني : من هم ؟

﴿ الحلقة الثانية

 
 
 

شبكة المنصور

صلاح المختار

الصديق هو الذي يعرف اغنية قلبك ويستطيع ان يغنيها لك عندما تنسى كلماتها

مثل

 

الحيلة الثانية : أغتيال العراق برصاصة فلسطينية

 

ويصر الاسلاموي المصري ممارسة التقية الصفوية فيقول ( أما إيران الداعمة للقوى التي انحازت إلى المقاومة الفلسطينية ، فإنها تعني إيغالاً في التحدي ورفعاً لسقفه ، الأمر الذي اعتبرته “إسرائيل” تهديداً لنفوذها في المنطقة ولكل مشروعها ) . لماذا تجاهل كتوأمه التونسي المقاومة العراقية التي تذبحها ايران يوميا في العراق ؟ ولماذا ركز على المقاومة في فلسطين ؟  اليس ذلك ممارسة لحيلة الاغراء بفلسطين من اجل ذبح العراق ؟ اليس ذلك اغتيال للعراق برصاصة فلسطينية ؟ وهل يمكن لرصاصة فلسطينية ان تغتال العراق حقا مع انها رصاصة صنعت من اجل تحرير الارض ؟

 

الحيلة الثالثة : التعتيم على من حيّد الخطر الاسرائيلي

 

ويقترب من حالة الانكار التام للواقع المعاش ، والذي كان السبب في غزو العراق واحداث المنطقة حين يقول ( وهي – أي اسرائيل - التي تصورت أن الساحة قد خلت لها ، ولم يعد هناك من ينازعها نفوذها أو يتحداها منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1979 وأوسلو مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 ) . هل تلاحظون حجم التورط في العداء للمقاومة العراقية ؟ ضميره المنوم بحشيشة ايرانية يتجاهل اسئلة محددة : متى خلت الساحة لاسرائيل ؟ ومن اخلاها ؟ وممن اخليت ؟ الا يتذكر الجميع ان العراق القوي كان القوة الوحيدة التي ردعت اسرائيل وحجمت نفوذها العسكري ؟ هل يتذكر ان العراق القوي هو الوحيد الذي قصف الكيان الصهيوني وعاصمته بالذات بصواريخ ستراتيجية ، وليس بصواريخ كاتيوشا الصغيرة الحجم والتاثير ، بلغ عددها 43 صاروخا عام 1991 فاسقط نظرية الامن الاسرائيلي ؟ وهل يتذكر من اخلى الساحة ؟ اليس هو امريكا التي غزت العراق ، بدعم ايراني كامل ورسمي ، فدمرت القوة المعارضة والمقاومة الاساسية للنفوذ الامريكي ؟ وهل توجد زاوية شرف في ضمير الاسلاموي المصري تمكنه من تذكر ان المقاومة العراقية هي التي اذلت امريكا واوصلت مشروعها الامبراطوري الى الفشل وليس مقاومة نصرالله المحكومة بالقرار الاستعماري الايراني ، والمصممة لخدمة النزعة التوسعية للاستعمار الايراني ، والتي صارت بعد تحرير جنوب لبنان عمليات مساومة وليس مقاومة ؟ هذه الاسئلة يتجاهلها الاسلاموي المصري بتعمد جاهلي بشع وباصرار  تجاهلي ابشع .

 

ولا يتورع الاسلاموي المصري عن ممارسة هستيريا دعم ايران فيكذب علنا حين يقول ( ان “إسرائيل” اعتبرت أن الدور الإيراني بات يشكل خطراً وجودياً لمشروعها ، وكان طبيعياً أن يضاعف من قلقها مدى وحجم هذا الدور إذا ما تحولت إيران إلى قوة نووية ، الأمر الذي يفسر لنا لماذا اعتبرت أن إيران تمثل الخطر الاستراتيجي الأول الذي يهددها ؟ ولماذا استنفر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والمحافظون الجدد في البيت الأبيض للتضامن مع تل أبيب في الاحتشاد ضد إيران إلى حد الدخول في تفاصيل توجيه ضربة عسكرية تقوّض نظامها ؟ وظل السؤال الذي يشغل هذه الأطراف وهو توقيت تلك الضربة وتهيئة الجو المناسب سياسياً وإقليمياً لتوجيهها ؟ ) .

 

هل رايتم ؟ بعد اكثر من 30 عاما من التهديدات الامريكية لايران بضربها وعدم ضربها ، وبعد اعلان الغزل الرسمي والتلاقي التام الامريكي - الايراني ضد العراق ضد الامة العربية كلها ، وبعد عدم اقدام الكيان الصهيوني على أي اجراء ضد ايران ومشروعها النووي رغم انه يتكامل بسرعة ، بعد هذا كله نرى من يتجرأ على تكرار ( الاغنية ) الايرانية التي مجها الذوق وصارت مثل نكتة بايخة ياتينا هذا الاسلاموي بدفاع مجيد (مفهوم الاسباب ) عن ايران ويدعي انها ( الخطر الستراتيجي الاول ) ؟؟!!

 

هذا الاسلاموي منظر الجاهلية الساداتية الجديدة لم يخبرنا كيف ومتى عدت اسرائيل ايران خطرا ستراتيجيا عليها مع ان كل الوقائع تؤكد العكس منذ 30 عاما ، ولو كان المشروع النووي الايراني يشكل خطرا على اسرائيل لم سمحت امريكا والكيان الصهيوني باستمرار عمليات بناءه دون عوائق فعلية ، كما حصل مع المشروع النووي العراقي الذي لم يصل ابدا الى مستوى بناء المشروع النووي الايراني ومع ذلك دمر بتعاون مخابراتي ثبت الان امريكي – فرنسي - ايراني مع الكيان الصهيوني ؟ وهل تصل جاهلية هذا الكاتب حد الغرق ببركة تكتيك استخباري معروف حتى لانصاف المثقفين تتبعه دول الغرب والكيان الصهيوني ويقوم على مهاجمة طرف معين اعلاميا من اجل تلميعه وحمايته وتأهيله للعب دور تخريبي تحت غطاء معاداته لامريكا ؟ هل تجاهل الاسلاموي المصري لحقيقة ان ايران تقوم بدور اسرائيل الاهم وهو نشر الفتن الطائفية في الوطن العربي ، وتلك خدمة ستراتيجية عظمى للمخطط الصهيوني التقليدي القائم على تقسيم الاقطار العربية على اسس طائفية – عرقية ، ولذلك لم تضرب ايران ولم يدمر مشروعها النووي ؟

 

وتبرز درر تنظير الساداتي الاسلاموي حين يقول ( إذا جاز لنا أن نلخص فإننا نفهم أن تعتبر “إسرائيل” إيران خطراً يهدد استراتيجيتها، ونفهم أيضاً أن تتضامن معها الولايات المتحدة الخاضعة لنفوذ اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد ، في الوقت ذاته فإنه التناقض الرئيسي بين “إسرائيل” وإيران يفترض أن يكون في صالح الموقف العربي الذي يعتبر أنه في تناقض رئيسي مع “إسرائيل”. وهي النتيجة المنطقية التي تعبّر عنها المقولة الشهيرة “عدو عدوي صديقي”. والصداقة لا تلغي الاختلاف، ولكنها في هذه الحالة تقوم على معيار رشيد يفرق بين التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي، أو بين ما هو أصلي وفرعي، ذلك أننا نفهم في فقه الاختلاف ومذاهبه أن الاتفاق في الأصول حد كاف، ولا غضاضة بعد ذلك في أي اختلاف في الفروع. وهو الحاصل في الدين فما بالك به في السياسة ) .

 

في هذه الحيلة يتجاهل الساداتي الجديد حقيقة عرفها حتى الجاهل وهي ان المحافظون الجدد وادارات امريكا منذ عام 1981 قد دعمت ايران ضد العراق وليس العكس ، وقضية ايران جيت حية ، كما ان العالم يعرف ويشاهد بعينيه ويلمس بيديه ان التحالف الرئيسي الاكثر فعالية وخطرا في المنطقة ، والذي قام على تلاق ستراتيجي كامل حول تفتيت الامة العربية منذ غزو العراق ، هو بين امريكا وايران ، وتجربة العراق منذ الغزو وحتى هذه اللحظة تؤكد ذلك ، فايران تتفاوض مع امريكا رسميا على تقرير مصير العراق ، وامريكا تعتمد مباشرة على حكومات في العراق المحتل تشكلها عناصر تابعة لايران وهي حكومة تعمل رسميا على تدمير المقاومة وتكريس الاحتلال .

 

الحيلة الرابعة ( اكذب حتى يصدقك الناس ثم اكذب حتى تصدق نفسك )

 

هنا يجلس هذا الشخص نفسه فوق قطعة صفيح ساخن فهو يميز بين التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي وماهو اصلي وماهو ثانوي ، لكنه يتجنب اكمال كلامه فلا يقول لنا مباشرة ما هو التناقض الرئيسي وماهو التناقض الثانوي ؟ ولم يقل لنا اين تقف ايران في هذين التناقضين ؟ وهل التناقضات ستاتيكية جامدة لا تتبدل ام انها تتبدل وقد يصبح التناقض الثانوي تناقضا رئيسيا ؟ ومتى يحصل ذلك ؟ وهل دخل وطننا العربي ومنطقتنا ( الشرق الاوسط ) مرحلة تغيير التناقضات ومتى ؟ هذا الجاهلي حتى العظم والتجاهلي حتى جيناته يمارس بغباء تام الحيلة الرابعة وهي ( اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ثم اكذب واكذب حتى تصدق نفسك ) من خلال مواصلة اهمال وجود المقاومة العراقية بصفتها القوة التحررية الام في الوطن العربي ، والتي تخوض المعركة الحاسمة مع الاحتلال الامريكي ، ومحاولته تضخيم دور مقاومة حماس وحزب الله ، مع انها مقاومة من اجل المساومة في أطار الوضع الحالي وليس لتغييره جذريا ، كما سنرى .

 

لم يسأل نفسه ما يلي : لو كان التناقض الرئيسي هو بين امريكا واسرائيل من جهة وايران وحزب الله وحماس من جهة ثانية كيف اذن يفسر لنا اسرار التعاون الستراتيجي وليس التكتيكي بين امريكا وايران منذ الحرب الايرانية التي فرضت على العراق ( 1980- 1988) مرورا بغزو افغانستان والعراق وحتى الان ؟ لقد وصل التعاون درجة الموافقة الامريكية الرسمية في زمن بوش الابن على اشراك ايران في تقرير مصير لبنان والعراق وافغانستان ، وقبل ذلك وتمهيدا له جاء تقرير بيكر هاملتون ليدعوا الى اشراك ايران في الحلول المطلوبة في المنطقة في العراق وغيره .

 

ان التجاهلي والجاهلي المصري هذا نسي ان يطرح السؤال التالي وهو : اذا  كانت ايران في حالة تناقض رئيسي مع امريكا لم اذن هذا الوفاق والاتفاق حول الخط العام للحلول في المنطقة وهو الحط من شأن الامة العربية وتقسيمها وتقاسمها بين امريكا والكيان الصهيوني وايران ؟

 

الحيلة الخامسة : استبدال التناقض الرئيسي بتناقض ثانوي

 

وتنطوي الفقرة السابقة ايضا على حيلة اخرى وهي استبدال التناقض الرئيسي ، وهو الذي نراه في العراق ، بين امريكا والمقاومة العراقية ، بتناقض ثانوي وتابع وهو التناقض في لبنان بين ايران وامريكا ، وفي فلسطين بين حماس والسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني . ان ما يقرر اين يقع التناقض الرئيسي ليس الرغبات الذاتية بل طبيعة ونوعية وحجم الصراع ، ففي العراق تقاتل امريكا من اجل اقامة امبراطورية عالمية انطلاقا من السيطرة على العراق ، فهو تناقض يستبطن هدف تغيير العالم برمته واعادة تشكيله ، ولذلك فان لامريكا حلفاء يشكلون معسكرا حربيا اكبر من معسكر الحلفاء الذين قاتلوا النازية في الحرب العالمية الثانية . وفي العراق تزج امريكا باكثر من 80 % من قدراتها العامة ، فمثلا القوات العسكرية الاساسية لامريكا وحلفاءها والقدرات الاقتصادية والتكنولوجية زجت في العراق ، لانها معركة تقرير مصير العالم وتحديد طبيعة النظام العالمي الجديد ، اما في لبنان فهي لعبة صراع ديوك بين امريكا وايران عبر حزب الله ومعسكر امريكا ، من اجل تقاسم اشلاء الاقطار العربية بين امريكا وايران ، وفي فلسطين لم تعد المقاومة من اجل تحرير فلسطين بل من اجل دويلة قزمة ومقزمة في الضفة الغربية وغزة كما نراه في قبول حماس لمشروع الدولتين . أذن في الساحة الفلسطينية والساحة اللبنانية الصراع ليس من اجل نسف الواقع الحالي بل من اجل احداث تغييرات ثانوية ضمن توازناته الثابتة .

 

 في لعبة استبدال التناقض الرئيسي ، وهو الصراع العراقي الامريكي ، بصراع ثانوي وتابع ، وهو الصراع في لبنان وفلسطين ، نرى الحيلة التي يمارسها هذان الاسلامويان التونسي والمصري بحذافيرها وبالتمام والكمال . لقد عتم التجاهليان والجاهليان على حقيقة ان الكيان الصهيوني لا يعيش ويستمر ويتقوى الا لان امريكا درعه الاساسي ومصدر تفوقه الاهم ، لذلك فان الكيان الصهيوني ومهما عظم دوره وقوته يبقى فرعا تابعا في قوته ودوره الاقليمي للولايات المتحدة الامريكية وليس العكس .

 

هنا تتجسد الجاهلية الساداتية لهذا الاسلاموي ، لانه بلعبة الاستبدال هذه يخلط عمدا بين الصراع الرئيسي ، وهو الذي يدور في العراق والذي سوف تتقرر مصائر العالم في ضوء نتائجه ، والصراع الثانوي ، وهو الذي يدور في لبنان وفلسطين والذي يقوم على الاعتراف بالواقع الحالي مع العمل على احداث تغييرات طفيفة فيه ، لاجل اقناعنا بان نمارس الصمت على الغزو الايراني وجرائم ايران بحجة انها تخوض صراعا رئيسيا ضد امريكا والكيان الصهيوني . هل يعرف هذا الساداتي ما يقول ؟ سنرى بعد قليل المزيد حول التناقض الرئيسي وماهو الاصلي والثانوي وهو ما سيفضح ما يستره .

 

الحيلة السادسة : تسويق تحالف هش

 

لاجل تسويغ وقبول دعم ايران من قبل الجماهير العربية تلجأ المخابرات الايرانية وبمساعدة مباشرة من امريكا واسرائيل الى طرح ثنائية زائفة وهشة وهي وقوف معسكر الانظمة العربية مع الكيان الصهيوني وامريكا ضد ايران وحزب الله وحماس !

 

يقول الاسلاموي المصري : (لا بد أن نعطل العقل ونلغي المنطق لنستوعب الذي جرى في الآونة الأخيرة. إذ في حين استمرت “إسرائيل” في استعلائها وحصارها للفلسطينيين وتهويدها للقدس وتوسعاتها الاستيطانية ورفضها للمبادرة العربية، حدث انقلاب في البوصلة العربية بحيث توارى الخطر “الإسرائيلي” المدجج بمائتي رأس نووي، وظهر في الفضاء العربي عنوان “الخطر الإيراني” والمخاوف من تطلعاته النووية المستقبلية . لم يحدث ذلك فجأة بطبيعة الحال، ولكنه بدأ بالتصعيد في مسألة الجزر الثلاث، وبإثارة موضوع التشييع في البلاد العربية ، وتذرع بالتمدد الإيراني في العراق ، الأمر الذي استصحب حديثاً مبكراً عن الهلال الشيعي ، ثم امتد إلى التنديد بحزب الله في لبنان ومحاولة تأجيج الفتنة الطائفية هناك. وانتهى الأمر بإثارة مسألة خلية حزب الله، وقدمت إلى الرأي العام المصري والعربي بحسبانها تهديداً للأمن القومي المصري، مرشحاً للتكرار في أقطار عربية أخرى. وجاءت هذه الإشارات التي استقبلت بفرح غامر في “إسرائيل” دالة على أن التناقضات الثانوية هيمنت وتحولت إلى رئيسية ، الأمر الذي شجع شمعون بيريز على أن يسوق المشهد في واشنطن ويتحدث عن إيران باعتبارها خطراً مشتركاً يهدد العرب “وإسرائيل” معاً ) .              

                           

ماذا يقول هذا الرجل في الفقرة السابقة ؟ انه هنا يكشف عن انه يعرف ، لكنه يتجاهل ، فهو يعرف ان ايران تحتل الجزر العربية الثلاثة وهو يعرف ايضا – سبحان الله – ان ايران تتمدد في العراق ، وهو قرأ عن (الهلال الشيعي )، واخيرا هو يؤكد ان التناقض الرئيسي ليس في العراق بل في لبنان او في فلسطين ! لكنه يمارس حيلة بائسة بقبول فكرة ان بالامكان اقامة تحالف ضد ايران يتشكل من الانظمة العربية واسرائيل وامريكا ! هل هذا ممكن فعلا ؟ الجواب كلا لعدة اسباب :

 

1 – لان التناقض بين ايران وامريكا والكيان الصهيوني تناقض ثانوي ولم يصل الى مرحلة التناقض الرئيسي ولن يصل لاسباب ستراتيجية واضحة اهمها ان ايران تقوم بتقديم اعظم خدمة لاسرائيل وامريكا وهي النجاح فيما فشلت فيه قوى الاستعمار التقليدية ( بريطانيا وفرنسا ثم امريكا والكيان الصهيوني ) وهو نشر الفتن الطائفية وتقسيم الاقطار العربية على اسس طائفية ، ايران نجحت بذلك وهي لهذا تقوم بدور خادم لامريكا والكيان الصهيوني ، وبما ان الهدف المركزي التقليدي لامريكا والغرب واسرائيل هو شرذمة الاقطار العربية ، وليس ايران ، فان ما يربط امريكا والكيان الصهيوني بايران هو رباط ستراتيجي واضح وليس صلة تكتيكية على الاطلاق .

 

2 – ان الانظمة العربية المعنية بهذا الحلف انظمة تابعة ولا ارادة حرة لديها وهي لذلك لا تقرر بل تقرر امريكا والكيان الصهيوني ، وهذه الانظمة معزولة عن الجماهير ومرعوبة من نقمتها عليها لذلك فهي اعجز من ان تدخل في حروب او صراعات رئيسية مع ايران . نعم تستطيع تقديم دعم اعلامي ومالي لكنها عاجزة عن خوض حروب رئيسية . من هنا فان الترويج لفكرة حلف عربي - امريكي - اسرائيلي ضد ايران اكذوبة كبرى تخدم هدف تعزيز الدور الايراني ، واخفاء التلاقي الستراتيجي الامريكي – الايراني ، واجبار مناهضي امريكا والكيان الصهيوني على الوقوف الى جانب ايران لان ذلك هو الشرط الضروري لتمكين ايران من مواصلة تفتيت الاقطار العربية والغاء الهوية العربية لها ، والاهم اغتيال المقاومة الام والاهم في الامة العربية والعالم برمته للامبريالية الامريكية وهي المقاومة العراقية .

 

3 – التناقض الرئيسي يولده تناقض مشاريع عظمى فالصراع العربي - الصهيوني مثلا نشأ نتيجة التناقض بين المشروع النهضوي العربي والمشروع الصهيوني لان الارض التي يقوم عليها كلا المشروعين هي الارض العربية فالصراع هنا حول الارض والحيز الجيوبولتيكي ، وفي ضوء هذه الحقيقة المعروفة فانه لا يوجد ستراتيجيا تناقض بين المشروع النهضوي القومي الايراني – في زمن الشاه وزمن خميني – وبين المشروع الامبريالي الامريكي والمشروع التوسعي الصهيوني للاسباب التالية :

 

أ - المشروع الامريكي يقوم على الاستيلاء على ثروات العرب وليس على ثروات ايران ، ولذلك فان الهدف الرئيسي للاستعمار الامريكي هو القضاء على المشروع النهضوي القومي العربي لان هدفه هو تحرير الثروات العربية واهمها النفط من سيطرة الغرب ، وليس على المشروع الايراني الذي يقوم على بناء دولة قوية في المنطقة تريد تقاسم النفوذ والمغانم مع امريكا واسرائيل في اطار تلاق وتعاون ستراتيجيين .

 

ب - اما المشروع التوسعي الصهيوني فهو لا يقوم على ارض ايران ابدا ، بل يقوم على ارض عربية فقط ، ولذلك فان التناقض بين ايران واسرائيل ، ومهما تطور هو تناقض ثانوي بين مشروعين يكمل احدهما الاخر ، من جهة ، ويتنافسان على النفوذ والغنائم من جهة ثانية ، في حين ان التناقض بين المشروعين القومي العربي والصهيوني هو تناقض جوهري بل انه  صراع وجود بين كيان مصطنع قام على استعمار ارض عربية وحركة التحرر العربية التي تريد تحرير الارض الفلسطينية وايقاف التوسع الصهيوني .

 

هذا الاطار الستراتيجي الصارم هو الذي يحدد علاقة امريكا والكيان الصهيوني بايران وهو الذي يقرر مسارات تطورها . اما الاعلام فما يحصل وينشر فيه فانه عبارة عن عملية سيطرة على عقول الراي العام وتوجيهها لخدمة الهدف الستراتيجي ، لذلك فانه اعلام يقوم على الكذب والتضليل بما في ذلك حول الاهداف الحقيقية لهذه الاطراف الثلاثة وحول طبيعة الصلات بينها .

 

اذن ستراتيجيا ثمة تلاق ، واحيانا غالبة ثمة تكامل ستراتيجي بين مشاريع الاطراف الثلاثة امريكا والكيان الصهيوني وايران ، يقوم على قاسم مشترك هو تدمير مشروع النهضة العربية الحديثة وسحق القوى القومية العربية من اجل نجاح المشاريع الثلاثة المشار اليها . وفي اطار هذا التلاقي فان قيام معسكر عربي – صهيوني – امريكي معاد لايران ليس سوى خطة تضليل للجماهير هدفها اعادة تقوية ايران بعد ان فقدت الكثير من صدقيتها ونفوذها نتيجة سياستها الاستعمارية في العراق والاقطار العربية ، عن طريق ايهام الجماهير بان وقوف انظمة عربية معادية للجماهير وقضاياها الوطنية والقومية مع امريكا واسرائيل ضد ايران يفرض عليها دعم ايران ، وهكذا تستطيع ايران ان تواصل سياستها الخطيرة الخادمة لامريكا والكيان الصهيوني وهي تفتيت الاقطار العربية وبدعم جماهيري عربي !

 

هنا تظهر خطورة حيلة الجاهليان المصري والتونسي : استبدال التناقض الرئيسي الحقيقي وهو التناقض بين حركة التحرر الوطني العربية ، ممثلة الان بطليعتها الباسلة المقاومة العراقية ، بتناقض مزيف وثانوي بين ايران وامريكا والكيان الصهيوني ، انه تعمية لمن يبصر وارباك لمن يعجز عن الحسم بسرعة .

 

يتبع

مطلع كانون الاول 2009

ملاحظة  كتبت هذه الدراسة بين أيار/ مايو  و آب / اوغست 2009 لكنها تركت مؤقتا ولم تنشر ، والان ننشرها بعد اضافة تصريحات ايرانية جديدة اطلقت في الاسابيع الماضية ، ووقوع احداث في ايران ولبنان وغيرهما اكدت ما ورد فيها .

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ١٨ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٥ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور