المدافعون عن الاستعمار الايراني : من هم ؟

﴿ الحلقة الرابعة

 
 
 

شبكة المنصور

صلاح المختار

الصديق هو الذي يعرف اغنية قلبك ويستطيع ان يغنيها لك عندما تنسى كلماتها
مثل


الحيلة الحادية عشر : المقاومة العراقية تفتعل معارك مع الجميع


ويقول كاتب وطني ما يلي ( وإذ تغيب المؤشرات على اعتماد المقاومة العراقية حصيلة تجارب المقاومة الجزائرية فان ذلك مرده (ربما) لتشتت الاولى وتعدد مصادر القرار في كنفها ، واصرار الطرف الابرز فيها على قتال المحتل تحت راية العودة للنظام السابق وفي اطار قواعد ايديولوجية صارمة تستثني وتستبعد وتفتح جبهات فرعية لاحاجة لفتحها ) . هل رأيتم ؟ !انه اتهام للبعث والمقاومة العراقية بما يلي :


1 – ان الطرف الابرز في المقاومة العراقية يصر على قتال الاحتلال تحت راية ( العودة للنظام السابق ) !


2- انه يعمل في اطار قواعد ايديولوجية صارمة تستثني وتستبعد وتفتح جبهات فرعية لا حاجة لفتحها !
هذه اتهامات خطيرة اذا ثبتت صحتها فانها تجعل البعث والمقاومة العراقية عبارة عن جماعات هدفها الحكم والسلطة وليس تحرير الوطن والمواطن ! هل ما قاله الكاتب صحيح ؟ لنناقش ما جاء في هذه الاتهامات الغريبة : -


أ – يجب ان نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية مادامت ثمة اتهامات ظالمة لنا : ان قصة القتال ( تحت راية العودة للنظام السابق ) قصة اول من أطلقها الاحتلال وعملاءه من اجل التشكيك بصدق وصواب اهداف المقاومة وعدها مجرد عمل من اجل السلطة وليس من اجل تحرير وطن محتل ! ان الكاتب المحترم فاته ان يتذكر عدة حقائق بارزة اهمها ان البعث لم يقل في اي مكان او مجال انه يريد عودة النظام السابق ابدا ، ولم تصدر عنه اية تصرفات ومواقف توحي بذلك ، بل على العكس فان كل وثائق البعث والمقاومة ومسلكهما العملي يثبت حقيقة اخرى مناقضة لهذه التهمة الظالمة ، فالمنهاج السياسي والستراتيجي للبعث والمقاومة يؤكد منذ صدوره في ايلول – سبتمبر عام 2003 على ان النظام السياسي بعد التحرير سيكون نظاما ائتلافيا تعدديا ديمقراطيا ، وأعاد التاكيد على هذا الموقف برنامج التحرير والاستقلال وستراتيجية القيادة العليا للجهاد والتحرير ، اضافة لاغلب بيانات الحزب ، واخيرا فان مواقف الحزب منذ الاحتلال وحتى الان تجنبت حتى الاشارة الى حق الحزب بالعودة للسلطة ، ولم يطلق الحزب والمقاومة على الرفيق المناضل عزة ابراهيم صفة رئيس الجمهورية ، رغم انه يحق له ذلك بعد استشهاد القائد الشهيد صدام حسين ، حرصا على استبعاد اي اتهام لنا باننا نريد السلطة وان جهادنا من اجلها . فمن اين جاء الكاتب بفكرة ان المطلوب من المقاومة هو اعادة النظام السابق ؟ لم يقل لنا الكاتب شيئا عن المصدر واكتفى بالقاء قنبلته الصوتية اللافتة للنظر .


ولكن : - لنفترض ان القتال يتم من اجل عودة النظام السابق فما الضير في ذلك ؟ انه حق شرعي لانه سيكون استمرار للقتال الذي بدأ في عام 1991 وتصاعد في عام 2003 دفاعا عن العراق وكيانه الوطني في حرب تحررية وطنية عظمى ، وهو قتال مشرف وباسل ضد اقوى استعمار في التاريخ كله . فهل غزو العراق يسقط هذا الحق وتلك الشرعية ؟ الم يكن النظام السابق هو الحاكم الشرعي للعراق لمدة 35 عاما ؟ الم تعترف به الامم المتحدة والجامعة العربية وكل الدول ؟ والاهم من كل ذلك هو الأسئلة التالية : من اسقط النظام السابق ؟ ولم اسقط ؟ الم يسقطه احتلال استعماري بسبب هويته القومية والوطنية ورفضه المساومات على فلسطين والنفط ؟ لم هذا الموقف القائم على انكار ان البعث كان يحارب وهو في السلطة وانه فقدها نتيجة حرب استعمارية وان المنطق والقانون والقيم الوطنية ، والحتميات الأخلاقية ، تقول ان على كل وطني وقومي دعم حق عودة الحزب للسلطة ؟ الا يعني رفض عودة البعث للسلطة تأييد الاحتلال في واحد من اهم اهدافه وهو اسقاط سلطة البعث والتخلص من البعث باجتثاثه ؟ اليس انكار الحق الطبيعي والشرعي للبعث في العودة للحكم هو نوع خطير من انواع اجتثاث البعث ؟ وهل سبق لحركة تحرر كانت تحكم وغزت قوة استعمارية بلدها واسقطت حكومتها فسلمت بما قام به الاحتلال ؟ ام انها قاتلت من اجل عودة الشرعية الوطنية والقانونية ؟


ان منطق الاحتلال الطبيعي هو انكار حق البعث الطبيعي والمشروع في العودة ولكنه يصبح منطقا غريبا اذا تبناه وطني كالكاتب المحترم ، وتزداد غرابته بتذكر ان الاحتلال الاستعماري الامريكي تبنى خطة واصدر قانونا اسمه ( اجتثاث البعث ) أكد فيه ان البعث هو العدو الاول للاحتلال ومصدر خوفه الاهم ، ولذلك قامت سياساته الدموية الفاشية على تصفيته جسديا وايديولوجيا وسياسيا وتنظيميا وحرمان مناضليه حتى من الوظيفة والعيش ، فهل لهذه السياسة الاستعمارية من معنى يفرض على كل وطني دعم البعث بغض النظر عن موقفه السابق منه ؟ وكيف تتجلى الروح الوطنية اذا لم تتجلى في ادراك ان البعث كان مقاتلا صلبا للاستعمار وانه اسقط بسبب سياساته التحررية ؟


2 – ولا ندري لم نسى الكاتب ان البعث هو من تخلى عن السلطة من اجل المبادئ ، فلو كان البعث يريد السلطة لما تمسك بمواقفه القومية والوطنية خصوصا رفضه اي تراجع عن تأميم النفط ، وهو احد اهم هدفين لامريكا ، كما رفض المساومة على قضية فلسطين ، وهو الهدف الاهم الثاني للاحتلال الذي اراد التخلص من نظام رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني واعد نفسه والعراق كله لمواجهته . كما يجب عدم نسيان حقيقة اصبحت معروفة وهي ان البعث لو اراد السلطة الان لعقد مساومة مع امريكا وهي تريد ذلك ، ولكن هذه المساومة لن تتم الا على حساب مبادئ البعث وسياساته التحررية لذلك رفضها واصر على مواصلة المقاومة المسلحة من اجل التحرير بقوة البندقية .


أذن كيف نفسر موقف الكاتب وهو وطني لكنه يدعم واحدا من اهم اركان خطة احتلال العراق ؟ ربما لا تفسر غرابة موقف الكاتب الا اذا تذكرنا ( عقدة البعث ) ، إذ رغم ان البعث يقاتل الاحتلال الامريكي ، ويقدم الاف الشهداء شهريا ويدافع عن العراق والامة العربية ويقدم أنموذجا لمقاومة يتيمة ولكنها قهرت اعتى قوة استعمارية في التاريخ ، نجد وطنيا وقوميا عربيا يعترف باحدى اهم نتائج الاحتلال ويريد تكريسها وهي قبول اسقاط النظام الوطني واعتبار وجود رغبة بعودته للسلطة – على افتراض انه يريد ذلك – عملا مرفوضا ! بأي معيار ووفقا لأية قاعدة وطنية وقومية يحرم البعث من حقه الطبيعي ، لو اراد حقا ، العودة للسلطة ؟ وكيف نفسر هذا الموقف خارج سايكولوجيا عقدة البعث ؟


3 – والاغرب ان الكاتب الوطني والقومي يتهم الطرف الابرز في المقاومة ب ( انه يعمل في اطار قواعد ايديولوجية صارمة تستثني وتستبعد وتفتح جبهات فرعية لا حاجة لفتحها ) ! لم يقل لنا من استبعد واستثني ؟ ولم يقل لنا ما هي الجبهات الفرعية التي فتحها ولا حاجة لفتحها ! هكذا اطلق العنان لنفسه لاتهام الطرف الابرز في المقاومة بما ليس فيه ! لم يكن الكاتب محددا ويذكر اسما واحدا استبعدناه ، ولم يقل لنا مع من فتحنا جبهات ثانوية ؟ نعم هناك الكثير من العناصر التي تهاجمنا ونكتفي بالصمت غالبا حرصا منا على تجنب الانجرار الى معارك جانبية ، واذا اضطررنا للرد فاننا نوضح الحقائق ولا نفتح جبهة ثانوية . الامر الاكيد هو اننا لم نهاجم احدا بمبادرة منا على الاطلاق ، ولم نفتح جدلا مع احد اطلاقا وكنا في كل الحالات مدافعين ولم نكن مهاجمين ، باستثناء الاحتلال ومن يخدمه حيث كنا ومازلنا مهاجمين ومبادرين ، ولذلك وكي يتاكد من صحة ما اقول ارجو من الكاتب ان يذكر حالة واحدة كنا فيها من يبادر فيهاجم تنظيما وطنيا اخرا او شخصية وطنية اخرى .


وهنا يجب ان نشير بوضوح تام الى انه ربما يقصد الموقف من ايران وحزب الله ، فاذا كان الامر كذلك ، وهو كذلك كما نعتقد ، لاننا لم نفتح معركة مع احد غير الاحتلال ومن دعم الاحتلال وتعاون معه مباشرة ، فان السؤال الذي يجب عليه ان يتعامل معه هو : هل فتح البعث جبهات ثانوية ؟ ان نظرة لواقع العراق تؤكد بلا ادنى شك بان ايران هي الشريك الاهم لامريكا في غزو العراق ، وان حزب الله هو الماكيير المختص والمكلف بتجميل وجه ايران كلما تقبّح في العراق ، فهل احتلال العراق واشتراك ايران فيه بدور رئيسي وحاسم موضوع ثانوي كي نسكت ؟ ولماذا ينكر ان ايران وليس المقاومة العراقية هي من فتحت باب الصراع الرئيسي ؟


4 – من الامور الغربية في حالة المقاومة العراقية تجاوز البعض عليها رغم انه يعترف بانها هزمت امريكا في المعركة الرئيسية في العالم ، وان امريكا هي القوة الاستعمارية الرئيسية في العالم الان التي تقاتل المقاومة العراقية . نرى الكاتب يريد جعل الثورة الجزائرية مثالا ايجابيا وهذا امر لا غبار عليه ، ولكن لم هذا الاصرار على الحط من شأن مقاومة غير مسبوقة في التاريخ ووصفها بما ليس فيها ؟ ولم يعرف الكاتب الكثير والممتاز عن الثورات الاخرى لكنه ( يبدو ) كانه فقير بمعلوماته عن الثورة العراقية المسلحة ؟ هل حقا انه لا يعرف ام انه متأثر بسايكولوجيا عقدة البعث ؟ وهل مسموح لوطني او قومي عربي ان لا يعرف ما هو مطلوب لتقويم اعظم واخطر تجربة مقاومة في العالم كله ؟ وبالمقابل لم هذا الاصرار على تعظيم الصغير ، وهو حزب الله ، الذي فقد صفة المقاوم بعد تحرير جنوب لبنان ، مقابل تقزيم العظيم وهو المقاومة العراقية التي مرغت انف امريكا في وحل الهزيمة ؟ لمصلحة من ذلك الموقف ؟ وهل سبق لكتاب يدعمون مقاومة ان حاولوا تقزيمها في كتاباتهم مع انها عظيمة وعملاقة في افعالها الميدانية ؟


5- ما هي القواعد الايديولوجية الصارمة التي تمسكنا بها ؟ واين عبرنا عنها ؟ ان هذا الكلام غريب حقا فنحن لم نطرح قضايا ايديولوجية منذ الغزو ولا جعلنا منها عامل تخريب لوحدة المقاومة ، بل ركزنا على الستراتيجية والعلاقات الستراتيجية من اجل ان نوحد الصفوف .


اما ما يجعلنا قلقين اكثر فهو اننا ، ونحن في امس الحاجة الى الكتاب الوطنيين للدفاع عنا ضد حملة الشيطنة التي تقوم بها الاجهزة الاعلامية الامريكية والاسرائيلية والايرانية وتصرف من اجلها ملايين الدولارات سنويا ، نواجه موقفا مخيبا للامال من قبل بعض هؤلاء الكتاب لانه يقوم ، بشكل ما وبطريقة ما ، على شيطنتنا ! اليس اتهامنا بما ورد في اعلاه شيطنة ؟ ترى اذا كنا لا نستحق الدفاع عنا ونحن نقاتل امريكا منذ عام 1991 وحتى الان ، وهو قتال لم يخض مثله احد لا من العرب ولا من العجم ، بما في ذلك الفيتناميين ، فمن يستحقه ؟ واذا كنا نستشهد وقدمنا اكثر من 170 الف شهيد بعثي منذ الغزو فقط الا نستحق ان يقال لنا ( بارككم الله ) من قبل الوطنيين ؟ المحزن ان من نتوقع منه كلمة طيبة يردد معلومات غير صحيحة تسيء الينا وتشوه صورتنا .


يسقط منا 170 الف شهيد ويعدم الاحتلال قادتنا ، وعلى راسهم رئيس دولتنا الشرعي بقرار امريكي وتنفيذ ايراني ، ونقاتل اعتى قوة استعمارية في التاريخ في ساحة الحسم الرئيسية في كل العالم ونمرغ انفها في الوحل ، ومع ذلك نجد ان بعض الوطنيين اما يمارسون الصمت بازاءنا او يبحثون عن حجة لنقدنا بصورة ظالمة وخاطئة ونحن نذبح ! ومقابل ذلك نلاحظ بدهشة ان نفس هؤلاء يبالغون في اهمية ودور جهات اخرى تخوض صراعا ملتبسا وتدور حوله الشبهات ويضعون اقلامهم في خدمتها ! لماذا هذه الظاهرة ؟ لماذا يحق لحزب الله ان ينطق باسم ايران ، ويعمل من اجل ايران ، ويشعل المعارك لمصلحة ايران ، ويقتل لبنانيين في لبنان من اجل ايران ، ويدرب ارهابيين عراقيين لدعم الاحتلال ( ونضيف الان للدراسة معلومة جديدة وهي ان حزب الله درب ودعم الحوثيين في اليمن على حرب الجبال ) ؟ الا تثير ادوار حزب الله هذه المشاكل والازمات في الوطن العربي وتضعف الاقطار العربية ؟ ورغم ذلك يسكت هؤلاء على هذا الدور التخريبي والخطير وكأن حزب الله صنم مقدس لا يمس ؟


ولم تضخم احداث عادية الى درجة الدهشة مثل اطلاق سراح اسرى او تبادل جثامين ، وهي مسألة انسانية عادية سبق لمصر والاردن ان قامتا بمثلها بهدوء وبدون دعاية ؟ ولم تضخم اعمال فردية وتمجد على نحو غريب ، كقنص جندي اسرائيلي او خطفه ، ولكن وفي نفس الوقت تقوم المقاومة العراقية بعمليات بطولية خارقة ضد قوات الاحتلال الامريكي ولا نجد من بين هؤلاء المصفقين لايران من يكتب عنها ولا من يقدرها حق قدرها ؟ هل هناك اشياء لا نعرفها تحرك وتتحرك باتجاه خاطئ ؟


ملاحظة حساسة جدا : الا ترون ان هذا الظلم للبعث والمقاومة العراقية ينمي روح الانفراد بالسلطة لدينا مادام الاخرون لا يظهرون مواقف عقلانية او منطقية تجاهنا تخدم هدف التحرير ؟ الا يشير هذا الموقف من البعث والمقاومة العراقية الى ان احداث العراق السابقة للغزو ، ومنها الصراعات بين القوى الوطنية ، كانت نتاج العقلية التي لم يغيرها الاحتلال بكل كوارثه وبقيت مصرة على مناكفة البعث ورفض دعمه لمجرد الانسياق وراء موقف سابق وراي سابق ؟


يتبع

مطلع كانون الاول 2009
ملاحظة كتبت هذه الدراسة بين أيار/ مايو و آب / اوغست 2009 لكنها تركت مؤقتا ولم تنشر ، والان ننشرها بعد اضافة تصريحات ايرانية جديدة اطلقت في الاسابيع الماضية ، ووقوع احداث في ايران ولبنان وغيرهما اكدت ما ورد فيها .

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٠ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور