المدافعون عن الاستعمار الايراني : من هم ؟

﴿ الحلقة السابعة ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
صلاح المختار

الصديق هو الذي يعرف اغنية قلبك ويستطيع ان يغنيها لك عندما تنسى كلماتها

مثل

 

وظيفة الحيل

 

في هذه النصوص المقتبسة من تونسي ومصري وسوري ولبناني ، اسلامويون ومدعي الناصرية ، ومن اخرين  ، وبالاضافة لما تقدم ، نجد هؤلاء  يكررون استخدام الحيلة التقليدية التي تروجها الدعاية الرسمية الايرانية وهي وضع ايران في مكان ( المقاوم ) لامريكا والكيان الصهيوني وتعمد اخفاء الدور المساوم لها ، والزج القسري لايران في صف الداعمين للمقاومة ، ومن ثم محاولة ابتزاز من ينتقد ايران ، بسبب مواقفها الخطيرة  في العراق والاحواز والجزر ونشر الفتن الطائفية ، بمقولة مبتذلة ومكشوفة ، اعدتها المخابرات الايرانية وطلبت من اتباعها استخدامها في الرد على من ينتقد ايران ، كما اكدت وثيقة ايرانية حصلت عليها المقاومة العراقية من ضابط مخابرات ايرانية وقع في الاسر ونشرتها شبكة البصرة ، وهي الاتهام بالاصطفاف مع امريكا واسرائيل ، مع ان الواقع المعاش والكارثي يثبت بالادلة والوقائع ان ايران متلاقية ستراتيجيا مع امريكا والكيان الصهيوني ومتعاونة معهما بقوة ووضوح تامين حول امر خطير جدا وهو محو الهوية العربية والقضاء على القومية العربية ، وما يجري في العراق والاقطار العربية يثبت ذلك بلا لبس ! ويصل الانحطاط الاخلاقي مستوى وقاحة لا يمكن السكوت عليها بقيام بعض اتباع ايران حتى باتهام المقاومة العراقية وانصارها بخدمة امريكا والصهيونية نتيجة لكشف ايران وادانة سياستها في العراق والوطن العربي !

 

يمارس الطابور الايراني الخامس هذا اشد انواع الدعاية الايرانية مرواغة ، متمثلا بطرح ثنائية مضللة وهي ثنائية موقف النظام المصري ( الموالي ) للغرب مقابل ايران ( المناهضة ) لامريكا ، في محاولة لاخفاء المناهض الحقيقي لامريكا في كل الاقليم وهو المقاومة العراقية ، لان ابراز المقاومة العراقية والاعتراف بدورها الرئيسي في مقاتلة امريكا ، يجرد ايران من أي صفة ايجابية حتى ولو على سبيل الدعاية . والتمويه والتضليل هنا يكمن في تضخيم صراع اللصوص بين امريكا وايران حول المغانم ويحوله زورا الى صراع ( تحرري ) رئيسي . ويكمل رسم هذه الصورة الزائفة لايران تجاهل الطابور الخامس الايراني التام والموحي للدور الايراني في العراق مع انه اخطر بكثير على الحقوق والمصالح العربية والامن القومي العربي من الموقف الرسمي المصري من غزة ، ومن موقف الكيان الصهيوني وامريكا من الصراع العربي الصهيوني برمته بعد ان دخلت حماس وغيرها نفق التسوية السياسية بقبول حل الدولتين ، وهذه حقيقة يجب الانتباه اليها لانها تظهر عورات الطابور الايراني الخامس بكامل تفاصيلها المقرفة .

 

كما يجب الانتباه الى حقيقة بارزة أخرى وهي إهمال الطابور الخامس الايراني المتعمد لموقف المقاومة العراقية من ايران ، وهو انها تعدها عدوا رئيسيا كامريكا ، لان تذكر ذلك ومعرفته يجرد افراد الطابور من القدرة على استخدام اسم المقاومة العراقية في دعم ايران وينسف الايحاء بدعمهم للمقاومة العراقية من اجل اختراق صفوف الوطنيين . ويجب الانتباه الى تكتيك خبيث اخر وهو ادعاء هؤلاء بان من يثير الصراعات القديمة بين العرب والفرس يخدم امريكا والكيان الصهيوني ، وهذا التكتيك تنكشف اغراضه الايرانية بتذكر ان المقاومة العراقية تعد ايران  عدوا رئيسيا كامريكا والكيان الصهيوني بناء على دورها التخريبي والخطير الحالي في العراق والاقطار العربية ، وهو دور المبادر والمهاجم والمكمل للدورين الامريكي والصهيوني ولا يمكن تجاهله او اغفاله ، باي صيغة وصورة ، خصوصا وان ايران تعترف به ، بممارساتها اليومية مع العرب وبتعاونها مع امريكا مباشرة ورسميا ، وليس استنادا الى صراعات تاريخية مريرة نساها العرب ، وتلك خطيئة كبرى ، مع ان ايران لم تنساها وتتحرك بتأثيرها وباحقاد الماضي ، كما نرى منذ الحرب التي فرضتها ايران على العراق في عام 1980 وحتى الان .

 

ان اهمال وتجاهل المقاومة العراقية ودورها الحاسم في احداث الوطن العربي والمنطقة لا تتكشف ابعاده الا اذا تذكرنا  انها  قطب الرحى والقوة الاساسية المقررة في المقاومة العربية وليس حزب الله ، الذي انتقل من المقاومة بعد تحرير جنوب لبنان الى المساومة وخدمة ايران مباشرة وعلنا ، او حماس ، التي انتقلت من تحرير كل فلسطين الى الاكتفاء بدويلة قزمة ومقزمة في الضفة والقطاع ، كما سنرى .

 

المقاومة العراقية التي ادانت ايران كقوة استعمارية وحددت طبيعة الدور الحقيقي لحزب الله ، بصفته تابعا كليا لايران طبقا لولاية الفقيه ومن ثم فانه منفذ لاهداف ايران الاستعمارية ، تعد ، واقعيا وفعليا ، العنصر الرئيسي والمقرر في الصراع الدائر لانها هي ، وليس ايران او الاخوان المسلمين او حزب الله ، حسب تعداد الاسلاموي التونسي ، من تخوض حرب التحرير مع امريكا ، القوة الاستعمارية الاكبر والاخطر في عصرنا والتي تستمد اسرائيل القوة والحماية منها .

 

 ايران ، في اطار بانوراما الصراع الكبير والمعقد هذا ، تبدو في الواقع ، وطبقا لتوصيف علمي دقيقي ، تمارس لعبة عض اصابع مع امريكا من اجل مساومة اقليمية على حساب العرب ، اما حزب الله فانه يخوض صراع ديوك مع الكيان الصهيوني منذ تحرير جنوب لبنان ، حيث انتهى دوره المقاوم ليبدأ دوره المساوم كما سنلاحظ فيما بعد . ومن الملاحظات غير المدهشة والمتوقعة جدا في موقف الاسلاموي التونسي  اضافته لقطر الى معسكر تطلق عليه تسمية مدهشة كأفلام هولي وود هي معسكر ( الممانعة ) ، وأضافة قطر  تعد مزحة ثقيلة نبهتنا الى هوية التونسي الحقيقية ، دققوا فيه مرة اخرى :  علماني على الطريقة الفرنسية ، وبراغماتي على الطريقة الامريكية ، و( مرتدي ) لحية على طريقة خميني ، ويصر على اداء الصلاة دائما على ( الطريقة ) القطرية المشهورة عالميا  ، انه مزاح جاد ! ولكن : هل سمعتم قبل الان بوجود مزاح جاد ؟

 

حينما يحاول الطابور الخامس ان يخفي اعلى جبل عربي شامخ في هذه المرحلة التاريخية من نضال امتنا العربية ، وهو المقاومة العراقية ، ويبرز على نحو مصطنع نتوءات جغرافية هي اقرب للسهول ويصورها كأنها جبال رواسي فان هدفه الواضح هو اخفاء الدليل الحاسم على جريمة ايران في العراق . ان تجاهل واهمال المقاومة العراقية ، ورايها ودورها ، والتضخيم والتفخيم المصطنعان لدور حزب الله وحماس خارج كل معيار ستراتيجي ومنطقي ، يسمح بتزويق وجه ايران البشع المغموس بدم ودموع ملايين العراقيين ، الشهداء والمعذبين والمهجرين بفضل جيش المهدي ، الذي دربه حزب الله على القتل ، وفيلق بدر الذي دربته ايران على أبادة العرب في العراق  !

 

لكن الله بالمرصاد لاولياء الشيطان الاصفر : فضيحة ( ايران جيت ) او( ايران كونترا ) ، وتلقي ايران خميني السلاح من الكيان الصهيوني ، ومشاركة ايران الرئيسية والحاسمة في اكبر جرائم العالم المعاصرة ، وهي غزو العراق وتدميره وتهجير ستة ملايين من اهله وقتل مليوني عراقي فقط بعد الغزو ، وجريمة نشر ايران للفتن الطائفية في الوطن العربي ، أضافة للمشاركة الايرانية الحاسمة ايضا في مساعدة امريكا على النجاح في غزو افغانستان ، لعنات الله هذه تبقى شوكات فولاذية وليس شوكة واحدة فقط في حلق من يدافع عن ايران لانها ادلة كافية لاثبات التلاقي الستراتيجي الامريكي - الايراني – الصهيوني ، وليس التكتيكي ، والذي يجعل ايران عمليا ورسميا وموضوعيا الشريك الاول لامريكا في غزواتها الاستعمارية في الوطن العربي والمنطقة .

 

ان هوية الطابور الخامس الايراني الحقيقية حددها بنفسه بتجاهل غزو العراق ، واوضح دليل على هذا التجاهل هو دعمه الفعلي لايران في موضوع غزو العراق ، مع انه اخطر كارثة حلت بالامة العربية بعد احتلال فلسطين ، وهو غزو بمفاعيله واثاره يبدو الان اخطر مما حدث لفلسطين على اساس ان تدمير العراق هو عمل يقصد به انهاء وجود الامة العربية بينما كان غزو فلسطين اقتطاعها لتكون نقطة بداية لدفن الامة العربية ، والفرق واضح بين نقطة البداية ونقطة الذروة الحالية . هل يجهل الطابور الخامس ، ام يتجاهل ، ان العراق قد تم غزوه بفضل تعاون امريكي ايراني رسمي ومعلن وموثق وقائم على الارض ؟

 

لنعيد عرض ام الحقائق فهي دامغة وحاسمة : فلقد اعلن محمد علي ابطحي نائب الرئيس الايراني في ندوة دولية علنية في الامارات العربية في عام 2004 بانه ( لولا مساعدة ايران لما نجحت امريكا في غزو افغانستان والعراق ) ، والسؤال هو هل يعرف الطابور الخامس معنى هذه  ال( لولا ) الشرطية ؟ انها تعني بوضوح ان عدم دعم ايران للغزو الامريكي للعراق كان سيقود الى فشله ، وتورط امريكا بحرب كانت ستدمرها خلال اسابيع وليس سنوات نتيجة عدم قدرتها على تحمل اعباء مالية وبشرية اكبر من قدرتها على تحملها ، لكن دعم ايران الفعال والكبير مهد الطريق لامريكا لغزو العراق والحاق اكبر الاذى بالعراقيين ، ونجح ( الدعم الايراني ) في تسخير طابور خامس داخل العراق في المشاركة في مقاتلة شعب العراق وقواته المسلحة ومقاومته الشعبية .

 

واكملت ايران دورها الداعم للغزو الامريكي عندما كرسته ورسخت اركانه ، حينما اصبحت العصابات التابعة لايران في العراق القاعدة الاساسية للغزو ، مثل الحكومات والميلشيات وفرق الموت واجهزة الامن التي تبيد العراقيين يوميا . هل يجهل الطابور الايراني الخامس ، ام يتجاهل ، من هو المالكي والجعفري ومقتدى الصدر ، والاخير هو ابشع جزار ايراني على الاطلاق لانه لعب دور ( المطهر ) الطائفي للعراقيين ، والحكيم والسيستاني وصولاغ ، والاخير ايراني الاصل دشن عصر استخدام الدريل – المثقاب الكهربائي - في التحقيق مع العراقيين،  حيث يثقب ادمغتهم وعيونهم حتى الموت ؟ هل يستطيع احد نفي حقيقة ان الحكم في ظل الاحتلال كان وما يزال يدار من قبل ايران واتباعها ؟ هل يجهل الطابور ، ام يتجاهل ، ان هؤلاء القتلة والمجرمين عملاء الاحتلال في العراق هم الاخوة الشرعيين لحسن نصرالله كما يصفهم هو ؟

 

اذا كان الطابور الخامس لا يعلم ولا يرى كل ما سبق فهل فاتته حقيقة ان ايران فاوضت رسميا وعلنا امريكا حول مستقبل العراق في ثلاثة لقاءات رسمية عقدت بين السفيرين الامريكي والايراني في العراق ؟ وهل يعلم ان احمدي نجاد قد اعلن صراحة ان ايران مستعدة لملأ الفراغ في العراق ؟ وهل يعلم بان ايران كانت اول من اعترف بمجلس الحكم واول من دعم نظام الفديرالية والمحاصصات الطائفية العرقية في العراق والذي قدمه الحاكم الامريكي بول بريمير من اجل تقسيم العراق ؟ وهل يعلم بان فرق الموت الايرانية لعبت الدور الاكثر حسما ، وبدعم امريكي كامل ، في تهجير ستة ملايين عراقي من ديارهم وهو رقم اكبر من عدد اللاجئين الفلسطينيين ، وجلبت اربعة ملايين فارسي من ايران وكردي من تركيا وايران ومنحتهم الجنسية العراقية لتحويل العراق من قطر عربي يشكل العرب فيه نسبة 85 % الى بلد تتوازن فيه مكوناته القومية الاصلية المهجرة والمستوردة كيوغسلافيا تمهيدا لتقسيمه ؟

 

وهل يعلم الطابور الايراني الخامس ان من اغتال الاف الضباط والطيارين العراقيين هي المخابرات الايرانية مكملة عملية تصفية العلماء والاكاديميين العراقيين من قبل الموساد ؟ وهل يعلم بان ايران سرقت مئات المعامل العراقية ولم تبقي للعراق معملا واحدا ؟ وهل ينسى الطابور ان ايران خانت الامانة مع انها ( دولة اسلامية ) بنظره بسرقة 142 طائرة عراقية أودعت لديها كأمانة ؟ وهل يعرف بسرقة ايران الاف الدبابات والطائرات والمدفعية الثقيلة الخاصة بالعراق بعد الغزو وبدعم امريكي كامل وهدف ذلك تجريد العراق من أي امكانية لاعادة بناء قوته في زمن قصير منظور ؟ ووو...الخ .

 

اذا كانت ايران قد لعبت هذا الدور ومازالت تلعبه ، وهو دور المدمر للعراق والمفتت لوحدة الاقطار العربية بدعم امريكا والكيان الصهيوني ، هل هي مرشحة لتكون في حالة تناقض رئيسي مع امريكا والكيان الصهيوني ، على اعتبار ان العراق الحر كان الخطر الاساسي على الكيان الصهيوني ، كما اعترفت امريكا والكيان الصهيوني ، وكان السبب الرئيسي ألاخر لغزو العراق هو حماية اسرائيل ؟ ولم تجاهل الطابور الخامس الايراني ، المتشكل من ناصرويون واسلامويون وماركسيون وليبراليون ، مغزى ونتائج قول كونداليزا رايس ، عندما كانت وزيرة خارجية لامريكا ، بانها افتخرت بان اسقاط نظام الرئيس الشهيد صدام حسين كان نصر ستراتيجيا امريكيا ؟ وهل يجهل الطابور ام يتجاهل معنى ومغزى تعبير ( النصر الستراتيجي ) ؟ وهل يعرف متى تصف امريكا اي فوز على اي طرف بالنصر الستراتيجي ؟ وهل اكتشف من خلال هذا التصريح صلة ايران بصنع  هذا النصر الستراتيجي لامريكا ؟

 

ولابد من التذكير بالسؤال التالي وجوابه : هل هذا الذي جرى ويجري في العراق منذ غزوه هو امر ثانوي وقضية فرعية تسمح بالسكوت على الدور الايراني الرئيسي والحاسم فيه حرصا على استمرار ( دعم ) ايران لحماس وحزب الله ؟ ام انه قضية رئيسية يتوقف مصير الامة العربية كلها على نتيجته لانه اخطر مما يجري على الساحة الفلسطينية الان ؟

 

نكرر وبدون ملل ام الحقائق الستراتيجية التي يصر الجواسيس على تجاهلها : على من يريد جوابا على السؤال الكبير الخاص بدور ايران عليه ان يتذكر بان المعركة الاعظم بالنسبة للامة العربية ، بل وكل العالم ، تقع الان في العراق ومنذ عام 1991 وليس في ايران او لبنان او فلسطين ، ووقوع المعركة الرئيسية في عالمنا المعاصر في العراق يقود الى حقيقة اساسية وهي ان المقاومة العراقية ، وليس غيرها ، هي التي تشكل الطرف الاخر في الصراع الاقليمي والدولي مع امريكا والكيان الصهيوني ، ومن ثم فان تجاهل دورها ونسبه الى حزب الله وايران هو مساهمة مباشرة في التضليل المتعمد الامريكي – الايراني – الصهيوني . واذا كان الطابور الخامس الايراني لا يعرف هذه الحقيقة المعاشة فليس من حقه التحدث بقضايا خطيرة ، وعليه ان يقرأ ويتعلم مما يجري وليس الاكتفاء بالنظر من خرم ابرة ايرانية اسمها حزب الله .

 

قد يتصدى معتوه ساذج لما قلناه ويقول انكم تبالغون في دور المقاومة العراقية ، لذلك فان السؤال الذي لابد من طرحه هو : هل هذه مبالغة بقوة المقاومة العراقية ؟ كلا ابدا فمن وجهة نظر ستراتيجية فان الحقيقة الأبرز ، والاكثر حسما لاي جدل حول ساحة الصراع الرئيسية  في عصرنا ، هي ان امريكا تزج بقواها الاساسية في العراق ، وليس في حرب مع ايران او حزب الله او حماس ، فلديها في العراق 160 الف جندي رسمي و120 الف مرتزق من الشركات الخاصة و200 الف جندي وشرطي عراقي ، في حين انها تزج ب 30 الف جندي في  افغانستان فقط ، وكان معها في العراق اكثر من 30 دولة بجيوشها ومالها وقدراتها التكنولوجية والبشرية ، وتخصص اكثر من 80 % من ميزانيتها الحربية لتغطية نفقات حرب العراق .

 

وفي ضوء ما تقدم كان على التونسي والمصري ، وهما من ابرز افراد الطابور الايراني الخامس ، لو كانا نزيهين ، ان يطرحا السؤال التالي : هل تزج امريكا بكل هذه القوى ، وتخسر فعليا حوالي اربعة تريليون دولار ، كما توصل عالم اقتصاد امريكي فاز بجائزة نوبل ، ( الرقم الرسمي هو اقل من 500 مليار دولار ) ، ( اضافة لاحقة : اعترف اوباما في خطابة الاخير حول ستراتيجية افغانستان بان خسارة امريكا اكثر من تريليون دولار ) ، وفقدت امريكا فعليا حوالي 40 الف امريكي ماتوا في العراق طبقا لمنظمات مدنية امريكية ( الرقم الرسمي هو اقل من خمسة الاف ) ، وتجد ان لديها اكثر من 50 الف معوق جسديا او نفسيا نتيجة شراسة المقاومة العراقية ، نقول هل تزج امريكا بهذه القوى وتتحمل هذه الخسائر الاسطورية ، وتضحي بسمعتها وبمستقبلها برمته من اجل هدف بسيط هو مجرد اسقاط نظام ؟ ام انها تنفذ خطة كونية عملاقة ؟

 

الان وفي العام السابع للغزو يعرف كل مطلع ، وليس كل خبير فقط ، بان معركة امريكا الاعظم في العالم بعد الحرب الباردة كانت ومازالت تدور في الساحة العراقية ، انها ليست في اوربا وليس مع روسيا او الصين بل هي مع العراق . ان المخطط الكوني الامريكي كان بالاصل يقوم على نظرية جيوبولتيكية جديدة تقول بان من يسيطر على نفط العالم يضمن السيطرة على العالم بلا حروب عسكرية بفضل الابتزاز النفطي ، وفي هذا الاطار الجيوبولتيكي الصارم فان نقطة الانطلاق ومركزها كانت السيطرة على العراق ونفطه والانطلاق منه لغزو العالم بالابتزاز النفطي ، في المقام الاول ، بعد اكمال السيطرة على نفوط كل العالم ، واذا فشل غزو العراق فان البديل هو تقسيم العراق اذا فشل الغزو ، وذلك بحد ذاته يحدد دور المقاومة العراقية وهو انها هي وليس غيرها قوة الردع التحرري التي احبطت المشروع الكوني الامريكي .

 

نعم الصين هي البعبع الذي يقلق امريكا ، خصوصا وان الصين ستصبح بعد عقدين من الزمن القوة المسيطرة ، ولكن اتقاء حتمية هيمنة الصين من وجهة نظر امريكية كان في تجويعها نفطيا ، ومن ثم التحكم في وتائر تطورها التكنولوجي والتجاري والعسكري ، ونظرية التجويع النفطي للصين وغيرها مشروط نجاحها بالسيطرة على العراق لانه يملك الاحتياطي النفطي الاكبر والاهم في العالم كما اثبتت الاكتشافات النفطية .

 

اذن العراق هو مفتاح العالم بالنسبة لامريكا ، وهنا تكمن اهمية دور البعث في ايصال نظرية التجويع النفطي او الابتزاز النفطي الى نقطة ميتة ، فالذي حصل بعد غزو العراق اسقط هذا المخطط الامريكي بفضل تضحيات شعب العراق وبسالة مقاومته وعظمة قيادته التي ضحى رأسها القائد الشهيد صدام حسين بحياته وبكل شيء من اجل عراق حر وامة عربية واحدة حرة وحاملة رسالة خالدة للعالم كله كما فعل اجدادنا العظام .

 

من هنا فان ما يجري في العراق الان هو اهم واخطر مما يجري في كل مكان في العالم ، بما في ذلك ما يجري في فلسطين ولبنان ومع ايران .

 

واذا كان الطابور الخامس ، وبالاخص عضويه التونسي والمصري ، قد عرفا المخطط الامريكي الصهيوني الحقيقي وفهما الدور الايراني الحقيقي والفعلي فهل يستطيعان ان يقولا لنا :

 

1 - كيف وعلى ماذا اعتمدا في اصدار فتاواهما القائلة بان ايران تخوض المعركة الرئيسية والحاسمة مع امريكا وان الصراع في المنطقة هو بين ايران وسوريا وحزب الله وحماس والاخوان المسلمين وقطر ، من جهة ، وبين امريكا واذنابها من جهة اخرى ؟

 

2 - لماذا تجاهلا المقاومة العراقية وكأنها غير موجودة رغم أنها تخوض معركة تحرير كل العالم ، ورغم تصاعد عملياتها في نفس الفترة كما اعترف قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط الذي قال بالقلم العريض بان عدد عمليات المقاومة العراقية يتجاوز ال700 عملية في الاسبوع ؟ 

 

3 - لماذا تناسيا ان حزب الله لا يقوم بعمليات عسكرية حقيقية منذ تحرير الجنوب اللبناني بل يقوم بعمليات استعراضية دعائية قادت احداها الى حرب 2006 ؟ هل نسيا ان نصرالله اعترف بلسانه بانه لو كان يعرف بان نتيجة الحرب ستكون كوارث بهذا الحجم للبنان لما اقدم على خطف الجنديين الإسرائيليين ؟ وما معنى هذا الاعتراف ؟ هل يختلف ، من حيث الجوهر ، عن اعترافات انظمة وحكام عرب بفشلهم وأخطاءهم في حروبهم مع الكيان الصهيوني ؟

 

4 – لماذا تجاهل الطابور الايراني الخامس كله حقيقة ان ما يجري في لبنان وفلسطين ومع ايران هو عمليات مساومات كبرى في اطار الوضع القائم ، وهي مساومات هدفها ضمان استقرار الوضع الحالي الاقليمي والدولي عن طريق اقامة دويلة فلسطينية على اقل من 20 % من ارض فلسطين وتقاسم النفوذ بين امريكا وايران والكيان الصهيوني على حساب العرب ؟ هل هذا نضال تحرري ؟ ام انه عملية تصفية للقضية الفلسطينية واستسلام تام للمشروع الصهيوني ودرعه المشروع الاستعماري الامريكي ؟

 

نتحدى كل افراد الطابور الخامس الايراني ان يقدم لنا دليلا واحدا على ان حماس وحزب الله وايران لديها مشروع ينقض الوضع القائم ويغيره باتجاه استرجاع حقوق الشعب الفلسطيني في ارضه التاريخية بين النهر والبحر . فحماس الان تريد دولة في الضفة وغزة فقط متخلية عن ارض فلسطين التاريخية ، وحزب الله يلتزم بانضباط عسكري وايديولوجي تامين بموقف ايران الذي عبر عنه احمدي نجاد حينما قال ، كما قالت الانظمة العربية في الثمانينيات ، سنقبل بما تقبل به المنظمات الفلسطينية .

 

نتيجة لاخفاقهما في فهم الوضع الستراتيجي الحقيقي ، او تجاهله ، على التونسي والمصري ، واضرابهما ، ان يدخلا مدرسة ابتدائية لتعلم الدروس الابتدائية في الستراتيجية والسياسة قبل ان  يفتيا او يورطا نفسيهما في مشكلة تبدو في ظاهرها مشكلة معرفية – نقص معلومات عما جرى ويجري في العراق – لكنها ، في جوهرها وواقعها ، مشكلة تجاهلية تنتمي لثقافة الجاهلية ، التي هاجمها المصري ، وتتمثل في اهمال ما يجري في العراق خدمة لمصالحهما الصغيرة ، ولهذا فهي في المقام الاول مشكلة سياسية واخلاقية .

 

والطابع الاخلاقي لمشكلة المصري والتونسي هو الاكثر لفتا للنظر ، وهو يظهر بتذكر ان طفل غر يعرف ان العراق تعرض بعد غزوه ويتعرض لاخطر تحد يواجهه العرب الان وليس العراق فقط منذ غزو فلسطين ، وهو اكثر قسوة وتكلفة مادية وبشرية من غزو فلسطين ، ويكمل مسيرة تدمير الامة العربية التي بدأت بغزو فلسطين .

 

كان على التونسي والمصري ، وأي وطني عربي يدعم ايران ، ان يتعلما قليلا ويعرفا البيئة التي يمارسان فيها سحر اصدار فتاواهما  لتجنب فضحهما من قبل اطفال اي حارة في العراق فقدوا ابائهم على يد فرق الموت الايرانية ، او هجروا من ديارهم واصبحوا بلا مدرسة او وطن مشردين في اصقاع الارض ، نتيجة بشاعة اساليب القتل التي نفذها جيش المهدي ، الذي دربه على القتل حزب الله ، وفيلق بدر وكلها عصابات تعمل بتوجيه ايراني مباشر .

 

يتبع

ملاحظة  كتبت هذه الدراسة بين أيار/ مايو  و آب / اوغست 2009 لكنها تركت مؤقتا ولم تنشر ، والان ننشرها بعد اضافة تصريحات ايرانية جديدة اطلقت في الاسابيع الماضية ، ووقوع احداث في ايران ولبنان وغيرهما اكدت ما ورد فيها .

 
salahalmukhtar@gmail.com
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٢٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور