اضحك .. اضحك .. ياعراق !!

 
 
 
شبكة المنصور
شامل عبد القادر  - كاتب عراقي
اذا ضحك العراقي اكثر من المقدر له راح يتمتم مع نفسه : يارب..اجعلها ضحكة خير!!


والعراقي يخاف من الضحك وهو لايضحك كثيرا واذا ضحك كثيرا  قيل له هذا (من قلة الادب!!) فقد علمته التجارب والامثال القديمة  ان وراء كل ضحكة نكبة وبعدكل ضحكة طويلة قهر وعذاب وربما موت ولهذا بالعراقي يتفادى الضحك ويتجنبه ويكثر من الدعاء حصولا على السلامة وان لاتجلب له الاحزان بعد الضحكة الاخيرة ولماذا؟!


اعتاد العراقيون عبر تاريخهم الطويل الذي يمتد الى حقب وعقود وقرون ان يستمعوا  وينصتوا الى قصص حزينة  ومؤلمة تشوب تاريخهم وحياة الاجيال التي سبقتهم!


والعراقي واجه في تلك الايام السحيقة  اصعب المواقف واشدها ايلاما  وحلت على راسه النكبات من فيضانات مدمرة  وهلاكات في الضرع والزرع وطواعين  سلبت ارواح اعزائه ومحبيه واحداث جسيمة  وصعوبات في مواجهة  شظف العيش ومن خلال تلك المرارة السوداء  نسج العراقي حزنا خاصا به تجلى في لاغاني  والقصائد والابوات والدارميات وفضل العراقي ان يعزف على الربابة  الحزينة  وينفخ في ناي يطلق انات اشد حزنا مما يبعثه وتر الربابة من اجل ان يغرف في احزانه ببلاغة لامثيل لها.


من هنا تعلق اهل العراق بالاساطير  والخرافات والرموز وتاسس عندهم جبل من الميثولوجيات  التي سبحوا في اعماقها كملاذات امنة لنفوسهم الخائفة والحزينة!


الظروف المعقدة  والصعبة التى رافقت حياتهم منذ سقوط بغداد عام1258م وماتلا ذلك من هجمات على الجكم والسلطة من قبائل المغول والسلاجقة والبويهيين والمماليك والتركمان والعثمانيين والانجليز جعلتهم يتخوفون  من المستقبل  ويتوجسون من الاغراب  ولايثقون الا باللحظات التي هم فيها!!


في منتصفسبعينيات القرن الماضي  انطلقت دعوة من وزارة الاعلام العراقية الى كتاب الاغاني والقصائد الغنائية والملحنيين والمطربين بالعزوف عن اداء الاغاني الحزينة  والتخلي عن الاطوار البكائية  وفتح النوافذ للفرح والتفاؤل!!


وتقدم قحطان العطار مبادرا فغنى اغنيته الشهيرة التي حملت غمزا من قناة النهج الجديد وعنوانها) يكولون غني بفرح)!!


رفض العطار ان يغني للفرحوظل حبيس الحزن العراقيالذي راح يشكل احد اضلاع الشخصية العراقية برغم ان العراقيين –بصراحة- كانوا في تلك الحقبة السبعينية يعيشون عصرهم الذهبي  بعد تحسن احوالهم المعاشية والاقتصادية والثقافية وزيادة كبيرة في مداخيلهم الشهرية وتعاظمت حركة السيح ووالاصطياف حتى ان العوائل العرقراقية المصطافة حولت باعدادها الكبيرة ساحات صوفيا وبوخارست وحدائقها الى علاوي الحلة!!


وفي اجواء الحزن العادي اطل صوت ياس خضر ممغنيا بعذوبة لامثيل لها قصائد مظفر النواب الشعبية القديمة  ليضيف الى الحزن العراقي اطنانا من التيزاب الحارق للروح العراقية فازداد العذاب احتراقا  والحزن عذابا!!


تذكرت العطار وياس خضر وحسين نعمة  وفاضل عواد وسعدون جابر وقصائدهم واغانيهم المبللة بالاحزان وانا اشاهد اعلانا صار يدق على يافوخي كالمطرقة والشاكوش ولاتتعب عن عرضه اغلب الفضائيات العراقية والعربية الذي يقول:( اضحك.. اضحك ياعراق)!!


لاادري هل سيضحك العراق؟وعلى من يضحك العراق ؟ ولاي شيء؟
اقول بعد هذا الاعلان: هل سيضحك العراق اخيرا بعد ان ( ضحكوا ) عليه؟!


لااعرف هل في العراق بعد سنوات من القتل والارهاب وفقدان الاحيباء  والاعزاء  والخراب والحطام  والدمار  وقتل الروح بقية ضحكة؟!

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢١ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور