دروس جديدة نستمدها من عاشوراء

 
 
 
شبكة المنصور
طــلال بركــات
عاشوراء هذا اليوم الذي تاب الله فيه على آدم لَما اقترف معصية الأكل من الشجرة وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا ومن معه في السفينة، ونجى موسى وبني اسرائيل من طغيان فرعون وجنوده، لذلك كان اليهود يعضمون ذلك اليوم ويصومون فية، وقد صامة النبي محمد (ص) لانة قال " انا أحق بموسى منهم" ، وفيه قتل سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ظلما فمات شهيدًا. وقد حث النبي (ص) على صيام عاشوراء وثبت ان المسلمين كانوا يصومونة قبل الهجرة .


اما الحدث الرهيب الذي حصل في العاشر من محرم سنة ستين من الهجرة وهو يوم استشهاد سيد الشهداء جدنا الامام ابو عبد الله الحسين بن علي بن ابي طالب "رضي" وقد كثر فية التلفيق والنفاق والكذب والتزوير حتى أضاعوا على الناس الحقيقة فبات لزاماً علينا ان نستذكر وقائع هذة المناسبة وعبرها حتى لا يزور الطارئون على الاسلام ومدعية حقائق التاريخ فنحن احق بجدنا الحسين في ان نخلد ذكراة وسيرتة العطرة ولا احد يستطيع ان يزايد علينا حب جدنا الحسين بلطم الخدود وشق الجيوب وضرب القامات، ان ثورة الحسين حركة فكرية في مواجهة الظلم واعلاء كلمة الحق وعلى الامة الاسلامية ان تستلهم منها الدروس والعبر في الجهاد والشهادة لا في تميعها بمضاهر الجاهلية التي تقلل من قيمة هذة المناسبة العظيمة.


ان قصة استشهاد سيدنا الحسين تبدأ من يوم استشهاد سيدنا على بن ابي طالب (كرم الله وجهة) في يوم الجمعة السابع عشر من رمضان في عام اربعين للهجرة بطعنة من عبد الرحمن بن ملجم احد المجرمين الخوارج، وكانوا الخوارج من شيعة علي "رضي" ولما تراضى علي ومعاوية الى الاحتكام خرجت هذة الطائفة وكفرت علي "رضي" وكفرت معاوية وجمهرة من صحابة الرسول (ص) فقاتلهم علي "رضي" وبذلك تحققت نبوءة النبي (ص) بأحاديث صحيحة حينما قال "لاتقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعواهما واحدة ثم تمرق مارقة فتقاتلها اولى الطائفتين بالحق". ويقول الصحابي الجليل ابو سعيد الخدري "رضي" (والله أشهد ان علي "رضي"هو الذي قاتل هذة الطائفة وكنت معة). وصح عن النبي (ص) أنة قال ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا ) فلما استشهد الامام علي "رضي" في عام اربعين لم تكتمل الثلاثون سنة. وعندما كان علي "رضي" على فراش الموت وقالوا لة استخلف بعدك فقال " لا استخلف واترككم كما تركم رسول الله (ص) فأن اجتمع الناس على خيركم بعدي يكون هو، مثلما اجتمع الناس على خير الناس بعد الرسول (ص). وبعد وفاتة ترك الامر شورى بين المسلمين وبكى علية الصحابة ومنهم معاوية لما بلغة مقتلة حيث قالت لة اختة كنت تطعن علية بالامس وتنازعة الامر وتبكي علية اليوم، فقال والله اني ابكي على فقد المسلمين بموتة حلمة وعلمة وفضلة وسوابقة وخيرة "رضي". وفي السابع عشر من رمضان سنة اربعين للهجرة بايع المسلمون الحسن اكبر ولدي علي "رضي" والحسن مولود عام ثلاثة من الهجرة والحسين مولود بعدة بعام اي في العام الرابع من الهجرة ، وكما قال جعفر الصادق "رضي" بينهما ظهر واحد .

 

فلما مات النبي (ص) كان عمر الحسن ست سنوات وستة شهور، والحسين كان عمرة خمس سنوات وخمسة شهور، ولكن الحسن كانت تحفر في ذاكرتة حديث النبي (ص) الذي يقول فية "ان ابني هذا سيد وان الله سيصلح بة بين فئتين عظيمتين من المسلمين" ويقول بعض السلف ان كلمة فئتين عظيمتين من المسلمين والذي حدث بينهما لم يخرجهم من حظيرة الاسلام لذلك يقول ابن الجوزي من مناقب الامام احمد ابن حنبل رحمة الله انة قال: من صفة المؤمن ان يشهد الا الة الا الله لا شريك لة وان محمدا عبدة ورسولة ويترحم على الصحابة جميعهم صغيرهم وكبيرهم . وكان النبي (ص) يخص الحسن والحسين محبة خاصة وكان (ص) يغضب من فاطمة "رضي" اذا سمع بكائهما وقد انتقلت هذة المحبة الى اصحاب الرسول (ص) لهما فقد ثبت ان ابي بكر الصديق "رضي" لما رأى الحسن يلعب مع الغلمان فجاء الية واعتنقة وقبلة واركبة على عاتقة، وكانوا الصحابة ايضا يحبون الحسن والحسين وسائر الصالحين من آل البيت على حب النبي (ص) لهم، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة. وبعد ان بويع الحسن الخلافة بعد وفاة والدة في السابع عشر من رمضان عام اربعين هجريا حصلت اول عملية غدر لة من اهل العراق بعد ان ضغطوا علية لقتال اهل الشام ولما وصل المدائن انفض من حولة الناس الذين تجيشوا معة ونهبوا حتى امتعتة وطعنوة ثم تركوة وبعد هذة الحادثة اتخذ في حلمة يفكر بما كان النبي يتنبأ لة من ان الله سيصلح بة بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكتب الى معاوية "رضي" بشأن الصلح حتى تجتمع فئتا من المسلمين وقبل معاوية الصلح وتنازل الحسن "رضي" عن الخلافة الى معاوية وكان ذلك في عام واحد واربعون من الهجرة والذي سمي بعام الجماعة لانة اجتمعت فية جماعة المسلمين وفي هذا اليوم الذي تنازل فية الحسن لمعاوية يكون قد تمت ثلاثون سنة بالتمام والكمال كما اخبر النبي (ص) عندما قال : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا" وكان ذلك في ربيع الاول سنة واحد واربعون من الهجرة، وكان ممن بايع معاوية الحسين "رضي" والذي خرج مع الجيش الذي ارسلة معاوية الى القسطنطينية وكان على رأس الجيش يزيد بن معاوية، وقد استمر حكم معاوية حتى عام ستون للهجرة وفي عهدة مناقب كثيرة منها انة من الصحابة ومن كتبة الوحي وأأتمنة النبي(ص) على كتابة الوحي ودعا لة النبي في اكثر من مناسبة وطبعا انة من الفضل ليس كابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وهو دون ذلك منهم ويقينا دون علي "رضي" الذي هو قطعا افضل من معاوية ولكن جميعا يشملهم فضل الصحبة للرسول(ص)، وهنا لا بد من الاشارة الى ان معاوية كان بينة وبين الحسن شرط ان يكون الامر للحسن من بعدة ولكن الحسن مات مسموما من قبل زوجتة الفارسية عام خمسين للهجرة وبموتة اجتهد معاوية وهذا الاجتهاد محل نظر بين الدارسين للتاريخ من انة تحلل من شرط ان يكون الامر للحسن من بعدة بسبب وفاتة فأخذ البيعة لولدة يزيد وقد امتنع اعداد كبيرة من الصحابة عن البيعة ليزيد ومنهم الحسين "رضي".


في عام ستون للهجرة بعد موت معاوية آل الامر الى يزيد فأمتنع الحسين "رضي" على مبايعتة وبدأت الاحداث تتفاعل حيث بدأ اهل العراق يرسلون الرسائل الى الحسين تطلب منة الخروج من المدينة المنورة الى العراق فوافق الحسين بعد ان اتتة اربعون الف بيعة كلهم يحلفون بالطلاق والعناق انا معك فعزم الحسين على ارسال احد المقربين منة قبل الخروج فأرسل احد اولاد اعمامة وهو الشهيد مسلم بن عقيل بن ابي طالب من اهل البيت فذهب الى الكوفة فتوافد علية الناس يبايعونة حتى تجمع حولة من اهل الكوفة في يوم واحد ثمانية عشر الف فأرسل الى الحسين بذلك، وعندما بلغ الخبر الحسين "رضي" عزم على الخروج وهنا تبصر اهل الرأي من علية الصحابة ومحبية ومن سادات اهل البيت منهم عبد الله بن عباس ليثنوة عن الخروج ولكن كانت نفسة تأبى ان يتراجع لانة كان يعتبر ذلك من العار. وبدأت الاحداث تتوارى بسرعة ففي ذلك الحين عين يزيد عبيد الله بن زياد بن سمية المعروف عبد الله بن زياد بن ابية واليا على الكوفة وكان على البصرة النعمان بن بشير ولكن هذا الاخير كان يميل الى الحسين فلما رأى يزيد ذلك عزلة وضم الكوفة والبصرة الى عبيد الله بن زياد بن ابية وقبل وصول الحسين قام مسلم بن عقيل ومعة الناس الذين اجمعوا علية واكدوا لة المواثيق بمحاصرة قصر عبيد الله بن زياد ولكن تصدوا لهم الموالين لعبيد الله بن زياد وصاروا يراودونهم ويهددونهم لينفضوا عن مسلم بن عقيل الذي كان معة في اول النهار اربعون الف فلما غابت الشمس قام ليصلي المغرب وجد معة ثلاثون رجل فقط وانتهى الحال بالقبض علية وجاءوا بة الى قصر عبيد الله بن زياد فأمر رجالة بقطع رأسة ورموا بها من اعلى القصر، ولكن مسلم قبل ان يقتل أدرك انة مقتول فأرسل احد مرافقية وكان اسمة محمد بن الاشعث الى الحسين برسالة كتب فيها " لايغرنك اهل الكوفة فانهم كذبوا أباك من قبل حتى تمنى فراقهم " وهذا فعلا موجود في خطب علي "رضي" عن اهل العراق الذي وصفهم باهل كفر ونفاق . بينما كان الحسين في ذلك الوقت قد عزم على السير وقد الح علية ابن عباس "رضي" ان يمسك عن الخروج لكن الحسين قد عزم على المسير لان من سمات شخصيتة "رضي" أنة اذا اقتنع بالحق تمسك بة لانة كان يرى طريقة يزيد في ادارة الحكم فيها ظلم لذلك قال الى ابن عباس والله اني لأعلم انك ناصح شفوق ولكن عزمت على المسير فقال لة ابن عباس اناشدك ان لا يخرج معك نساءك واولادك فأني اخاف يوم كيوم عثمان الذي قتل ونسائة واولادة ينظرون الية، وهذا بعد نظر من ابن عباس "رضي" ثم قال لة لا يغرنك اهل العراق فأنهم قوم غدر، وفعلا ادرك الحسين هذة الحقيقة فيما بعد. وكان نصح الصحابة لة بأن لا يخرج من المدينة لا من منطق عدم قناعتهم بأنة على حق وانما لقناعتهم ان اهل العراق سوف يخذلونة، فخرج وهو في الطريق..

 

علم بمقتل مسلم بن عقيل "رضي" فقال مقولتة المشهورة " لقد خذلتنا شيعتنا.. لقد خذلتنا شيعتنا " فأول ما وصل ارض العراق سأل عن المكان فقالوا لة كربلاء فقال لاحول ولا قوة الا بالله كرب وبلاء ، فحدث في نفسة تشأئم. ولما علم عبيد الله بن زياد بمقدم الحسين ارسل رجلين هما عمر بن سعد وشمر بن ذي سوسن وقال لشمر اذا رأيت عمر بن سعد تباطئ في قتل الحسين فنحية وتولى مكانة وفي نفس الوقت بدأ الحسين ينظر في اتباعة فوجدهم ينفضون عنة وما بقي معة الا خلاصة من اهل بيتة المقربين وقد تفانوا في الدفاع عنة حتى الموت وقد ابلى الحسين "رضي" بلاء حسنا في القتال حتى امر المشؤم شمر بن ذي سوسن رجالة بالاقبال على الحسين فتقدم باتجاهة احدهم وهو بن شريك بن تميم فضربة بسيفة ثم اقبل اخر وهو تمام النفعي فحز رأسة وسقط الحسين "رضي" شهيدا وفي مقتلة مهولة في تاريخ الاسلام بكى لها المسلمون كافة. فقد قال ائمة اهل السنة كل من باشر قتل الحسين "رضي" أو اعان على مقتلة أو رضي بقتلة فهو ملعون بلعنة الله وملائكتة والناس اجمعين، لان الله تبارك وتعالى يقول " ان الذين يؤذون الله ورسولة لعنهم الله في الدنيا والاخرة " ولا شك ان قتل الحسين اذية كبيرة للنبي (ص). وروي عن الامام احمد بن حنبل انة قال عندما سألة ابنة صالح ياأبتي اراك لا تحب يزيد فقال لة وهل يحب يزيد رجل يؤمن بالله واليوم الاخر.


كما روي عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز لما سألوة عما حدث فقال "دماء غسل الله ايدينا منها أأغمس فيها لساني" تلك امة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون".


واليوم نحن في زمن أشتد فية الجدل عن من غدر بالحسين رضي الله عنه وأختلطت الأوراق ، ولا نريد ان نضيف شيئاً بل نضع بين يدي القراء الكرام اعتراف ائمة الشيعة بالنص كما وردت في كتبهم ومؤلفاتهم.


يقول المرجع الشيعي كاظم الأحسائي النجفي]عاشوراء ص-89] : (ان الجيش الذي خرج لحرب الأمام الحسين علية السلام ثلاثمائة ألف كلهم من أهل الكوفة وليس فيهم شامي ولا حجازي ولا هندي ولا باكستاني ولا سوداني ولا مصري ولا أفريقي بل كلهم من أهل الكوفة قد تجمعوا من قبائل شتى) .


وقال المرجع الشيعي المعروف آية الله العضمى محسن الأمينفي بكتابة] أعيان الشيعة ص1/26 ] : (ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا غدروا به وخرجوا علية وبيعته في أعناقهم فقتلوه) .


وقال المؤرخ الشيعي حسين بن احمد البراقي النجفي في كتابة ] تاريخ الكوفة ص113] قال القزويني: (مما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسين بن علي عليهما السلام وقتلوا الحسين عليه السلام بعد أن أستدعوه) .


وقال المؤرخ الشيعي حسين كوراني في] رحاب كربلاء ص (60-61 ]: (أهل الكوفة لم يكتفوا بالتفريق عن الامام الحسين بل انتقلوا الى نتيجة تلون مواقفهم الى موقف ثالث وهو انهم بدأوا يسارعون بالخروج الى كربلاء ومحاربة الامام الحسين عليه السلام وفي كربلاء كانوا يتسابقون الى تسجيل المواقف التي ترضي الشيطان وتغضب الرحمن مثلا نجد ان عمرو بن الحجاج الذي برز بالامس في الكوفه وكانه حامي حمى اهل البيت والمدافع عنهم والذي يقود جيشا لانقاذ العظيم هانئ بن عروة ويبتلع كل موقفه الظاهري هذا ليتهم الامام الحسين بالخروج عن الدين وكان عمرو بن الحجاج يقول لاصحابه قاتلو من مرق عن الدين وفرّق الجماعه) .. ويقول الكوراني ايضا: (ونجد موقفا اخر يدل على نفاق اهل الكوفه وياتي عبدالله بن حوزة التميمي يقف امام الامام الحسين ويصيح فيكم حسين وهو من اهل الكوفه وكان بالامس من شيعة علي عليه السلام ثم يقول ياحسين ابشر بالنار) .


ويتسائل مرتضى مطهري ] الملحمه الحسينيه ص 3/47-48 ]: (كيف خرج اهل الكوفه لقتال الحسين عليه السلام بالرغم من حبهم وعلاقتهم العاطفيه به ؟ ويجيب هو الرعب والخوف الذي كان قد هيمن على اهل الكوفه).


وقد نقل ائمة الشيعه مثل الطبرسي والامين وابن طاوس وغيرهم عن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب المعروف بزين العابدين رضي الله عنه قائلا: (ايها الناس نشدتكم بالله هل تعلمون انكم كتبتم الى ابي وخدعتموه واعطيتموه العهد والميثاق والبيعه وقاتلتموه وخذلتموه.. وهنا يوبخ شيعته الذين خذلو اباه ..( فتبا لما قدمتم لانفسكم وسوأة لرأيكم بأية عين تنظرون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول لكم قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من امتي). فأرتفعت اصوات النساء بالبكاء من كل ناحيه وقال بعضهم لبعض هلكتم وماتعلمون فقال عليه السلام رحم الله امرا قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله ورسوله واهل بيته فأن لنا في رسول الله اسوة حسنه فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فأمرنا بامرك يرحمك الله فأنا حرب لحربك وسلم لسلمك لناخذن بيزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا فقال عليه السلام : هيهات هيهات ايها الغدره المكره حيل بينكم وبين شهوات انفسكم اتريدون تأتو الي كما اتيتم ابائي من قبل ؟ كلا ورب الراقصات فان الجرح لم يندمل وقتل ابي بالامس واهل بيته معه ولم ينسني ثكل رسول الله واله وثكل ابي وجده وبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصته وتجري في فراش صدري.


هذه الخطبه ذكرها الطبرسي في الاحتجاج ص (2/32 ) وابن طاوس في الملهوف ( ص 92) والامين في لوعاج الاشجان (ص 158) وعباس القمي في منتهى الامال الجزء الاول ( ص 572) و حسين كوراني في رحاب كربلاء (183) وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين (ص 317) ومرتضى عياد في مقتل الحسين ( ص 87 ) ورضى القزويني في تظلم الزهراء ( ص 262) .


وتقول ام كلثوم بنت علي رضي الله عنه كما جاء في كتاب] اللهوف لابن طاوس ص 91 ]: ( يااهل الكوفه سوأة لكم مالكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم امواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبالكم وسحقا لكم اي دواه دهتكم واي وزر على ظهوركم حملتم وأى دماء سفكتموها وأى كريمه اصبتموها واي صبيه سلبتموها وأى اموال انتهبتموها قلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وسلم واله ونزعت الرحمه من قلوبكم ).


وبعد مقتل الحسين رضي الله عنه قال ابن الاثير : ( فلما وصلوا الى قبر الحسين صاحوا صيحة واحده فمارئى اكثر باكيا من ذلك اليوم فترحموا عليه وتوبوا عنده من خذلان وترك القتال معه).


وروى الطبري : لما انتهى سليمان بن صرد واصحابه الى قبر الحسين نادوا في صيحة واحدة (( يارب انا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفرلنا مامضى منا وتب علينا انك التواب الرحيم وارحم حسينا واصحابه الشهداء والصدقين انا نشهدك يارب انا على مثل ماقتلوا عليه فان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) .


هكذا كانت هي ملحمة الامام الحسين ملحمة البطولة والشهادة والفداء فلا بد لنا من استحضار معانيها لنستنبط من عبيقها الدروس والعبر واهم تلك الدروس هي: ـ


اولا : ان اصرار سيدنا الحسين على التمسك بالحق والوقوف بحزم ضد الظلم ببطولة وشجاعة وفداء هو مدعاة فخر لكل العرب والمسلمين. لان الايام التي تحل فيها ذكراة أيام عرس، عرس الفرسان، عرس الشهادة العظيمة التي شرفة الله بها وآثرة على كل العالمين لاتة سيد شباب اهل الجنة، هذة المنزلة لا تليق الا بأبي الفرسان، نحن لا نبكيك بل نفتخر بك لانك في عليين كما أخبرنا جدك عليه الصلاة والسلام، لهذا نحن نسميه عرس الحسين. وأحفاد كسرى يريدونة عزاء ونحن نصر على أنه عرس لأنة علّمنا كيف تكون الرجولة وعلّمنا الفرق بين الرجولة والذكورة ولا احد يزايد علينا جدنا الحسين العربي القريشي سبط الرسول وحفيدة. لقد كان العرب من ابناء جلدتة واهلة وعشيرتة يهزجون عندما يموت الشجعان في ساحات القتال، وليس باللطم والتمثيل والتشابية وضرب القامات في الشوارع فأنها من بدع المجوس والسيخ هم الذين يرقصون على جثث الموتي قبل حرقهم. فأن ما يحدث اليوم من شق الجيوب ولطم الخدود واسالة الدماء ليس من هدى النبي (ص) عندما قال " ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود ودعا بدعوى الجاهلية " .


ثانيا : الذي يحب الحسين علية ان يهتدي بهدية علية ان يسير بطريق الحق الذي استشهد من اجلة، علية ان لا يهادن محتل اجنبي غاصب، وعلماء الفتنة يزايدون بحب الحسين علية السلام وهم يباركون احتلال بلدين اسلامين ويحرضون على العنف والاقتتال ويزرعون بذور الفرقة ويعملون على تمزيق وحدة الامة ويستقبلون قادة الاحتلال بالقبل الغرامية واقامة الولائم السخية واهداء سيف الامام علي الى مجرم الحرب رامسفيلد لانة اجتاح العراق واتاح نشر البدع التي لم يقرها الاسلام واباح لهم اللطم وشق الجيوب وضرب القامات والتمثيل بالاطهار من آل البيت.. وما قيمة البكاء واللطم على الحسين الشهيد والمحتل يدنس مقدساتنا في القدس وكربلاء وفي كل يوم يصنع لنا كر وبلاء فهل تستحق هذة الطقوس المستوردة من كهنة المجوس في طهران ان تكون مبرر لقبول الاحتلال من اجل استلام سلطة من سماتها الانتقام والفرز الطائفي والقتل على الهوية فأن ما يحدث اليوم ليس حبا بالحسين وانما لأثارة غيض الاخرين بطريقة غوغائية استفزازية لكي تتخذ من مأساة عاشوراء منبرا لترويج مشروع الفتنة الطائفية. هل كانت عبر ودروس ثورة الحسين استباحة دماء المسلمين وسرقة الاموال وقتل العلماء وانتهاك الاعراض وحرق المساجد وتهجير العوائل والشيوخ والنساء والاطفال وحرق بيوتهم وقتل أبنائهم !!. بالامس غدروا بة واليوم يزايدون علية بلطم الخدود وشق الجيوب وضرب القامات وقتل الابرياء .


ثالثا : لو كان سيدنا الحسين بين ظهرانينا اليوم ياترى ماذا سيكون موقفة على ما يحدث في العراق؟ هل سيكون مع الأحتلال، هل سيهادن، هل سيناور، هل سيسكت واوغاد الصليبيين يقتحمون على نسائنا أخدارهن، هل سيسكت واوباشهم يهدمون مدننا على ساكنيها ويحولونها الى مقابر جماعية، هل سيقود مقاومة سلمية ضد الأحتلال أم نراة يركب عربة الأنتخابات، هل سيهادن المحتلين من اجل الحصول على أحد المناصب السيادية ويتركهم يعبثون بالبلاد والعباد، وأبوة الذي قال ( لا والله لن ألقى الله وقد كنت متخذ المضلين عضدا ). والله تبارك وتعالى يقول( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). وقال سبحانة وتعالى في صورة النساء ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) صدق الله العظيم.


رابعا : لقد وصلت اغلب دول العالم الى مكانة كبرى من الرقي والتقدم العلمي والتكنولوجي ونحن بلد الحضارات التي اغنت الانسانية بالعلوم والادب ننحدر الى ادنى مستوى من البدع والخرافات واصبحنا لعب بيد اصحاب اجندات تتخذ من العراق ساحة لتصفية الحسابات والتحريض على قتلنا وقتل ابنائنا واهلنا بثمن رخيص بل هناك متبرعين بلا ثمن. لقد حوّل البعض هذه الذكرى العطرة إلى مناسبة مفرّغة من معاني الحركة الحسينية وجعلو منها موسم للردح الطائفي وقصة عاطفية ومناسبة لجلد ألذات وفرصة للانتقام .


واخيرا ان الذي يحب الرسول محمد (ص) وآل بيتة الاطهار ان يتخذ من هذة المناسبة فرصة لتصحيح المفاهيم الفكرية لنبذ التعصب الطائفي وفرصة للتآخي والتماسك والمحبة وغلق الابواب امام كل من يحاول العبث بمشاعرنا ومقدساتنا لانة لا احد يستطيع ان يزايد علينا حب جدنا الحسين بلطم الخدود وشق الجيوب وضرب القامات، بل علينا ان نتخذ من ثورة الحسين ومعانيها السامية حركة فكرية ومناسبة دينية ووطنية في مواجهة الظلم واعلاء كلمة الحق التي حارب من اجلها سيد الشهداء .

 
Talal_barakat1@hotmail.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ١٠ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٢٧ / كانون الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور