ما تيسر من الموت .. للنسور !

 
 
 
شبكة المنصور
ذكرى محمد نادر
ذهول .. ذلك ما سينتابكم.. ذهول, نعم لان دماء العراقيين صارت توجع اكثر.. ببخس موتها وبتجاهلها, واستطيع في هذا أن اقول اكثر.. ولكني ساترك الامر لكم.. لتلتمسوا معناه وقيمته لكني سأستعير, بيتا شعريا, رائعا, نزف فيه  الشاعر الكبير رعد بندر, عتبه وحزنه  في آخر روائعه, قصيدة مهداة لـ "الموت الأجمل" إلى أين يا أجمل الميتين حين يقول:

 

وأبشع ما في المواجع شعب
                  دماه, وماء المجاري سواء!

 

ولعلكم في فواجع يومياتكم الميتة قد نسيتم.. لأذكركم بيوم 17 من شهر أيلول لعام 2007:
الموقع: ساحة النسور أكرم الساحات البغدادية طراً..
الوقت: ضحى.. بغدادي ملبد, بما تيسر له من الموت!
 الحادثة: قتل 17 عراقياً وجرح 18 آخرين!
القاتل: مرتزقة بلاك ووتر(الماء الأسود)..


وبما أنكم تذكرتم دعونا ندخل وإياكم إلى خضم حدث آخر جديد, له مساس متصل ووثيق بما سبق.. حدث جديد, هو بمنزلة آخر صفعة, موجهة لكل الحالمين بالحرية الأميركية والباحثين عن خرم ابرة, يخر لهم عدل أعوج وذليل, من كيس  العدالة الأميركية,  ليركل احلامهم واوهامهم!..  ليغدق  عليهم, ببشرى جديدة تحققتها لهم العدالة الأميركية المحمية جيدا بطواقمها المدرعة وجنودها المدججة بكامل الاسلحة الحديثة والمتطورة لتحقيق القتل بلا شائبة!.. فأن هذه القوى حصلت مؤخرا, على تأكيد جديد ومفعل بقرار قضائي مبرم, بأن العدالة الأميركية لن تفلت قبضتها عن الخط المرسوم لهدفها المتمثل بإحقاق حق الموت للعراقيين, وترسيخ منهاج القتل  لصالح تسلية الجنود, أو لصالح أمنهم فلا فرق كبيراً يذكر.. وذاك ما حفلت به أفادات بعض مرتزقة بلاك ووتر الذين برأهم القاضي الفيدرالي الأميركي "ريكاردو اوربينا"!


وقد جاءت تبرئة القتلة, بعد رفض الدعوى المرفوعة بحق مرتزقة شركة "الماء الاسود" الذين قاموا بمذبحة ساحة النسور.. قتل  فيها العشرات وجرح العشرات, مذبحة أقيمت على قارعة الطريق, تشبه كثيرا ما حدث في مدينة حديثة بعرس أقيم, والفلوجة بمذبحة الانتقام لمرتزقتهم والضلوعية بعمليات القتل اليومي, بالزركة وقتلاها بالمئات على وجع الرمال وابو غريب اسطورة الخزي المتكرر. فهي تشبه هذه الجرائم كلها, لكنها هذه المرة كانت, وسط بغداد المنسحقة باقدام الغزاة, حيث وجد  القاضي الفيدرالي"ريكاردو اوربينا"  أن اعترافات المتهمين بالقتل لا تدينهم, لأنها قد أخذت منهم, تحت تهديدات "الفقدان الوظيفي" وهذا ما لا يسمح به القانون الأميركي! وان اعترافات المدعى عليهم, القائمين بتلك الجريمة وهم (بول سلو, نيكولاس ملانيني, ايفان  ليبرتي ,داستن هيرد, ودونالد بال) فرسان مالطة, من شركة بلاك ووتر الامنية.. لا يمكن ان تدينهم, لأنها غير ذات قيمة بما أنهم يتمتعون بالحصانة التي يكفلها لهم القانون الأميركي بعدم محاسبة الجندي الأميركي بجريمة وقعت خارج حدود أميركا, قانون أميركي استحدثته ادارة بوش, واستند  اليه القاضي الفيدرالي.

 

ما يعني بالعرف الأميركي, انه انتهاك من قبل المدعين "وهذه تعني الضحايا ومن يمثلهم في القضية" على حقوق المدعى عليهم "وهذه تعني القتلة" وبذلك انجز القضاء الأميركي غاية عدله!


إنه ببساطة المفهوم الأميركي: انتصار للقاتل من دم القتيل.


دعونا نسترجع معكم التفاصيل مرة أخرى لننعش ذاكرة من لا ذاكرة له بسرد بسيط غير مفصل: ضحى بغداد.. في شهر أيلول.. كان مرتزقة بلاك ووتر يخوضون الطرقات البغدادية, لحراسة سيارات أميركية متوجهة, في رحلة نحو المنطقة الخضراء, وحسب افادات المرتزقة واعترافاتهم  لهيئة المحكمة التي برأتهم.. انهم كانوا يتحدثون حينها عن اعداد القتلى من العراقيين. الذين تم قتلهم بأيديهم.. وبنشوة ارتفاع ارقام الضحايا اسُتفز حماسة جنود بلاك ووتر والذين يلقبون ايضا بـ "جيش بوش الخفي"  واحيانا يفضلون  استعادة تسميتهم الاصلية التي بدأت الشركة الامنية عملها به  تحت أسم "فرسان القديس يوحنا" وقرروا في لحظة مزاج القتل المعتدل الى رفع رقم الضحايا, الذي بدا متواضعا امام انفعال قدراتهم القتالية التي اختارها بدقة مؤسسو هذه الشركة, التي حسب تصريحات مديرها "ايريك برنس"فإن مهمتها تتمثل بتحقيق الأمن للأميركان, بقتل المزيد من العراقيين!


وليس بعيدا عنها جاءت توصيفات "جاري حاكسون" رئيس الشركة في حديث سابق له, عن طبيعة الغاية من استخدام نمط معين من الرجال لمثل هذه المهمات التي قال عنها :نحن لا نمانع باستخدام حتى الشواذ.! المهم هو نوع الرجال القادرين على طبيعة العمليات القتالية وقدرتهم على  القتل!


وذلك ما يتحقق يوميا على أرض العراق من جرائم لم تجد لها اوصافا اقل من وحشية وفاحشة ومشينة, ووصمة عار في جبين الانسانية.


فلا يبدو غريبا اذن ان يتحدث الجندي المرتزق "براد المر" عن تسليته القصوى في قتل العراقيين حين يقص متباهيا امام رفاقه واقعة قتل المدنيين, ضاحكا من اعماق قلبه, واصفا  تفاصيلها, قائلا: مررنا ببعض العراقيين, كانوا يقومون  بتغير اطار سيارتهم المثقوب وقد وقفوا الى جانب الطريق.. ففتحت نار رشاشي عليهم جميعهم ثم مضينا! ولم ينس ان يضيف متشفيا: تركنا جثثهم على قارعة الطريق في مدينة  بعقوبة!


وهل سيبدو غريبا على مسامعكم او مؤلما لكم, حين نسرد عليكم قصة, واحد آخر منهم يدعى, "لوك روج" حين استغرق ضاحكا, وبأكثر ما لديه من مرح, وهو يروي تلذذه بعمليات قتل العراقيين, خصوصا وهم يرفعون ايديهم: انهم يضعون ايديهم فوق رؤوسهم.. ثم,,"ططططططط" مقلدا صوت الرشاش وهو يحصد ارواح العزل من ابناء بعقوبة ايضا.. مكررا مثل رفيقه "..وتركنا الجثث على الارض انه مسل جدا قتل هؤلاء الاوغاد!".


فالجثث العراقية لابد لها ان تمكث امام نظر القاتل, دائما على الارض منطرحة كما تركتها اسلحة بلاك ووتر, تحت الغبار والذباب ونظرات الحزن اليومي لمدنييّ العراق! فكل عراقي, هو هدف حي متحرك من اهداف التسلية التي يصطادها جنود بلاك ووتر لتزجية الوقت, حتى لو كان طفلا بعمر 6 سنوات مثل الطفل مشتاق, احد ضحايا ساحة النسور الذي ساحت دماه في احضان والديه ذلك الضحى الكئيب.

 

فلابد لقرابين الحرية الأميركية ان تبقى.. دائما على قارعة الطريق ممزقة بخراطيش العتاد المحرم دوليا, والذي يطلق عليه مرتزقة القتل المحصن بقرار امريكي "الرشاش المنشار" لانه يقطع في طريق مروره, كل ما يلمسه من اجساد بشرية, هو خلاصة عبقرية الموت الذي انتجته شركة "لاماس للاسلحة"  خبرة صناعة تحمل بصمة الموت الاكيد لما لها من فاعلية التفجر بالاجساد البشرية والتشظي بها!


انه التفنن بالقتل الذي صار مشرعنا بحصانة قرارات أميركية تعفي القاتل من دم القتيل.. كما رأى القاضي الفيدرالي"اوربينا" الذي وجد ان المدعين, من الضحايا او ممثليهم, قد انتهكوا حقوق المدعى عليهم وهذا ما لا يناسب مزاج القانون الأميركي حتما.. أهي البشرى الأميركية بان حقوق  الموت مكفولة, على قوارع الطريق!


إن شركة بلاك ووتر المختصة بفنون القتل, التي طورت منذ زمن بعيد اساليبها في تمزيق العراقيين احياءً وأمواتا.. هي نفسها من ابتدع, جسورا لتهريب  اطفال العراق واستغلالهم بتجارة الاعضاء البشرية او استغلالهم بدعارة الاطفال, ولم تستثن بالتاكيد فتيات العراق اللواتي صرن مضغة لهم سواء, في السجون او في شوارع بغداد او ممن تم تهريبهن إلى خارج حدود الوطن!


هل تحمل مثل هذه  المعلومات صدمة لبعضكم؟.. ربما ولكن السؤال الكبير الذي يجب ان يطرح الان على الجميع.. هل ثمة من سكوت بعد هذا؟ الوطن الذي يباع بتواطؤ الصمت, والاعراض منتهكة وخدور الفواطم تنتهب, بلعنة الجبن والذعر وقلة الحيلة, والدماء واشلاء القتلى التي يملح جروحها خجل الموت الرخيص, تهمل, حتى بغير كنس؟


فيما  يشرعن القانون الأميركي لقتلته المأجورين, كل ما يضمن لهم, لتسيل دماء العراقيين بغير حساب.. بلا ثمن, بمزحة رشاشة.. أوبمزاج جندي منحرف وشاذ مستورد للقتل.. فيا بؤس الموت, موت صامت يصير فيه الدم العظيم, دم  البابليين, والسومريين ,والاكديين, والعباسيين, وثوار العشرين.. دماء بني اهلي وعمومتي سواء مع  مياه المجاري!


لله دركم
لله دركم
لله دركم
هل بعد هذا صمت.. هل بعد هذا خنوع.. هل بعد هذا ذلة.. فماذا تبقى لك كي لا تقاوم؟


الا ايها العراق, الا ايها العراقي.. أما آن لك اليوم, أن تقاوم.. ان تنتفض.. أن تثور.. أن تصرخ: (احنه النخبطها ونشرب صافيها)؟.


هو والله الذي في علاه ونوره المسكوب في قلوب قلة عاهدوا ربهم عليه, وعاهدوا عراقهم بنصره.. هم الذين  سيأتون البأس يوم الحومة.. يوم يصيح الثائرون الا يا بؤس الموت الرخيص.. فمن ذا سيشد حزامه.. غضبة, للعرض, للارض, للتاريخ, للثكالى الراجيات الثأر للدم المسفوح, لصولة الميدان حينما يتنادى القلة من اولي البأس ويثأرون للقتيل, من القتلة.. صيحة المنتصر للوطن: الله اكبر.


ووالله إن يوم العراق المنتصر قريب

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٠ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور