في رحاب الإمام الحسين عليه السلام

﴿ الحلقة الثالثة ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
زامـــل عــبــــد

إن ثورة الإمام الحسين كانت تركز على مفهوم ثوري وإيماني كبير إضافة إلى مفاهيم العطاء والبذل والتضحية في سبيل نصرة دين الله ورسوله ، إلا أن الإيمان ليس مجرد عقيدة يختزلها الذهن أو الدعاء وإنما هو عقيدة وموقف يؤمن ويشعر بها الإنسان ، لذلك يفتن الله الناس من أجل أن يميز بين أصحاب الإيمان الكاذب السطحي وأصحاب الإيمان الصادق الثابت فمن علامات الإيمان أن يكون المؤمن على استعداد تام للتضحية في سبيل الله وتحمل المشاق والمتاعب وان يكون مستعدا للعطاء ، إن طريق الحق والإيمان دائما يكون شاقا ولذلك نجد أن الأشخاص الذين يسلكونه قلة كما قال الامام علي بن أبي طالب  عليه السلام (( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه )) مقارنة بالدروب السهلة التي نجد سالكيها كثر لذلك نرى أن الإمام الحسين عليه الســـلام وقبل توجهه من المدينة المنورة إلى كربلاء اختبر إيمان أصحابه من خلال قوله (( من كان باذلاً مهجته مواطنا لقاء الله على نفسه فليرحل معنا ))

أن من عادات الثوار المقبلين على تنظيم ثورة ما جمع الناس من حولهم إلا أن الإمام الحسين أراد تفريق مناصريه من حوله مؤكدا الإيمان الواعي والإقرار بوجوب التضحية وصولا للهدف السامي ، وإن  كان هناك تساؤل جوابه أن الإمام الحسين أراد أن يرحل معه الأناس المؤمنون الباذلون لا الطامعون الانتهازيون الذين عشقوا الدنيا والجاه الزائل بزوالها فثورة الإمام الحسين لم تكن ثورة سياسية فحسب وإنما كانت ثورة شاملة في مبادئها ووسيلتها ، الإصلاح عند الإمام الحسين (ع)  إصلاح كلي لا جزئي ، إصلاح أوّله إصلاح الإنسان ، إصلاح داخله ورؤيته ، وللوصول إلى ذلك لابدّ من إصلاح الخارج ( المحيط الذي  يخضع له الإنسان إن كان مجتمعا" أو مؤسسة وصولا للنظام السياسي )) ، وقد يكون الخارج عائقا دون إصلاح الإنسـان والمجتمع ، ولذا فمن الضروري إصلاح الخارج لتتوافر الأرضية المناسبة لبقية الإصلاحات  ،  وفي قبالة الإصلاح الكلي ، هناك إصلاح جزئي قد يتناول مساحة من مساحات المجتمع ، والإصلاح السطحي هو ما تعامل مع قضية من قضايا المجتمع الخارجية أوكل القضايا ، ولكن من دون رؤية شاملة ، وهناك إصلاح أصيل ينطلق من رؤية الأمّة ، وهناك إصلاح هجين مقابل هذا الإصلاح   

أنّ الإصلاح الأصيل ينطلق من قضية فكر إلهي ، ومشاعر ربانية ، وأخلاق إسلامية وأحكام شرعية إلهية ، أمّا الإصلاح الهجين فهو إصلاح مستورد من الخارج المعبر عن إرادة وغايات القوة التي استند عليها للتكوين والنشوء ، القوة التي تشتري النفوس والقيم الإنسانية بالمال السحت الحرام من الأفراد الذين ارتهنت إرادتهم باتجاهات القوة الغازية أو المحتلة أو المعتدية من اجل تعطيل الفعل الوطني وبثر روح الفرقة والشقاق

إنّ المعركة الحقيقية كانت بين إمام يجسد عمق الرسالة وصفائها وغير إمام الحاكم المستبد المنتهك للحرمات ، فإذا كان يزيد إماما فهو إمام لغير هذه الأمّة ، والحسين (ع) إمام تتوافر فيه شروط القيادة كافة للأمة ، ولكن الواقع السيئ في تلكم الفترة جعل من الصفر يكبر أمام الرقم الكبير، بل جعل الصفر يطالب الرقم الكبير بمد يده للبيعة ، وكيف للإمام الحسين (ع) أنْ يبايع يزيد ، فهي مبايعة علم لجهل ، وحق لباطل ، وهدى لضلال ، وقد قالها الإمام الحسين (ع) مثلي لا يبايع مثله

 

إنّ الإصلاح عند الإمام الحسين (ع) يتجّه نحو إمامة صحيحة ، وبأطروحات صحيحة وهي أطروحة الأكفأ والأصلح للإسلام والمسلمين ، ولا أكفأ من الإسلام وبإمام يمتلك كل شروطها  ولم يكن في ذلك الزمان من هو أكفأ من الإمام الحســـين (ع) ، أنّ الإصلاح الذي ترفعه الأنظمة وألاحزاب والتيارات والحركات التي تدعي الإسلام منهجا لها وترفع شعار الديمقراطية لا تبرأ من الإسلام  بفعلها واستسلامها لإرادة الكافر نصارى يهود على حساب أمن البلاد الإسلامية والمسلمين ، ولذا فإنّ هناك سؤالا يوجّه لهذه الأنظمة والأحزاب الإسلامية من حيث اللفظ هل يقبلون بأن يحتكموا للإسلام في كلّ شيء؟  فان كان الجواب بنعم فما هو تفسير كل ما يجري في العراق من قتل ودمار شامل للحياة ، في الوقت الراهن نرى أنّ عجلة الإصلاح تتوقف وتتراجع وهناك دلالات كثيرة منها ملفات عالقة وخطيرة وعلى رأسها ملف عراقية الدولة ، ومجلس نيابي لا يستطيع الشعب أنْ يوصل صوته من خلاله ، لأنّ عليه قيدين قيد الغالبية المعطلة للقرار والتي هي تفتقر لمعاني المواطنة الحقيقية والقيد الثاني الدستور الذي أريد له أن يكون قوة تفتيت للعراق وتصادم مستمر مع وحدة التراب والمجتمع من خلال  إعطاء الغطاء الدستوري لكل الأفعال الانفصالية والمتعارضة نع روح المواطنة بالاضافة الى إعطاء الحق  للإخلال بالاقتصاد الوطني من قبل ربطت ذاتها بالمصالح الأجنبية  الطامعة .

 

يتبع  لطفا"

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ١٨ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ٠٤ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور