احفَظ ربي أرضَ عراقي

 
 
 
شبكة المنصور
شعر / عبد الجليل الجبوري

الموصل / ١٩٩١

كانت ليلتُنا هادئةً
صامتةً
غارقةً في عزّ النوم
والليلُ طويلٌ
وجميلٌ
يغفوا في دفءٍ ونجوم
كنّا في الواجب نتسامر
لا نعرفُ خوفاً
ووُجوم
وكان الصبح جميلاً أيضاً
وبهياً
ذاك اليوم!
* * *
وعصافيرٌ كانت ترقُص
رفُّ فراشٍ كان يحُوم
والأرضُ بدَتْ كبساطٍ أخضر
عشبٌ أزهر
شجرٌ أثمر
وامتلأت بالخيرِ كروم
والشمسُ
تعانق أرض بلادي
منذ الأزلِ وحتى اليوم
* * *
وعلى غفلةِ هذي الدنيا
لاحَ لنا سِربٌ مشئوم
غربانٌ
وطيورٌ جارحةٌ
وخفافيشٌ
بِئسَ الحَوم
غطّتْ دُنيانا أدخنةٌ
وغُبارٌ
وابتلعَتْ تلكَ الشمسَ غُيوم
صاحَت صافرةُ الإنذار
صِحنا معها
رحمَنٌ حَيّ ٌ قيّوم
احفَظ ربي أرضَ بلادي
قد عادَ ليغزوها الروم
* * *
دوّت صيحاتٌ وقنابلْ
وانهارت في الفزعِ
منازلْ
فعلمنا في تلكَ الساعة
أيَ عدوٍ نحنُ نقاتلْ
* * *
ومضت فرقتنا مسرعةً
وغدت كالريح تعوم
أسرع يا دولاب السيارة
فالموت نساءً وشيوخاً
أطفالاً كالزهر يروم
فوصلنا الحي المقصوف
“عبدو خوب”
كان اسم الحي المهدوم
* * *
صاح بنا شيخٌ
“هيا”
أطفالي أهلي في الدار
لكن!
أية دار يعني الشيخ
ما كانت من حولي دار
كانت طيناً وركاماً
قد كانت كومة أحجار
* * *
فبدأنا نحفرُ “بسم الله”
ركامَ الدار
أين المدخل؟
أين الباب؟
أليس مُقاماً أيُ جدار؟
نحفر جيئاً وذهاباً
والحجرُ كثيراً قد صار
فهنا رائحةً للموقد
فهذي غُرفة
وهنا صوتٌ نادانا
فهذي أيضاً كانت غرفة
* * *
احفر، احفر
فالموت سريعاً قد يحضر
وأنينٌ تحت الأحجار ينادي
أمي أبتي
هل من أحدٍ يسمع صوتي
الله، الله
هذا صوت الطفل ينادي
تحت الأنقاض
أمي أبتي
احفر أكثر
هذا كف الطفلة بيدي
احفر أكثر
وذراعٌ… رأسٌ… جسدٌ
هذي الطفلةُ مازالت حية
واشتدّ هُتافٌ من حولي
الله أكبر… الله أكبر
احفر أكثر
فالموت سريعاً قد يحضر
احفر أكثر
فالموت يقيناً لن يقدر
أن يحني هامكِ أمتنا
مادمنا إصراراً أكثر

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٠٣ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٨ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور