في ذكرى العدوان على العراق ١٧ / ٠١ / ١٩٩١ منهج أعداء الله والكافرين بدينه

﴿ الحلقة الثانية ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد
حددت أمريكا بعد تفردها بالعالم اثر انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه، العراق وإيران وكوريا الشمالية ووصفها جورج دبل يو بوش وأطلق عليها دول محور الشر، والدول المارقة ومسميات غيرها، كانت هذه الدول تمثل الدول التي تناهض المخططات الامبريالية في العالم والتي تعتبرها أمريكا العدو البديل للاتحاد السوفيتي، فقد أطلق الرئيس الأمريكي رونالد ريغان عام 1983على الاتحاد السوفيتي "إمبراطورية الشر" الخطاب الذي ألقاه بوش ينم عن عدائية كبيرة وحقد وبغي وعنجهية، وجاء في خطابه انه يريد منع الدول الداعمة للإرهاب من تهديد أمريكا وحلفائها بأسلحة الدمار الشامل، ولا ندري لماذا افرز المجرم الدولي بوش هذه الدول ووصفها بأنها راعية للإرهاب وحليفة له؟ وما هي أدلته وقرائنه على إن هذه الدول تتسلح لتهديد السلام العالمي وفق ما جاء بخطابه؟ وتعهد بأنه سيعمل ضد هذه الأنظمة وحرمانها من المواد والتكنولوجيا والخبرات لصنع أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية وتوفيرها للإرهابيين، وأطلق تحذيره: "على كل الدول أن تعرف. أميركا ستفعل كل ما يلزم لضمان أمنها " ولن تنتظر اقتراب الخطر. هدد بوش وتوعد لكنه لم يكشف "الأفعال اللازمة" وكذلك لم يفسر وترك الناس تفسر كما تشاء، حتى فريق عمله وأركان إدارته فقد صرح المجرم كولن باول وزير خارجيته بعد دفاعه عن رئيسه بأن ذلك لا يعني الاستعداد لغزو أي دولة، وان باب الحوار مفتوح، لكن رامسفيلد وزير الدفاع في إدارة بوش الأولى زاد على تهديدات بوش، وانبرت كوندوليزا رايس توبيخ من تجرأ من حلفاء أمريكا من الأوربيين انتقاد خطاب المجرم الدولي بوش، واستثار الخطاب الدول المعنية وثار استياء واسعا في العالم وشعر العالم بأن بوش أعطي لنفسه وأمريكا بالعدوان على من تشاء وفي الوقت الذي تختاره وبالتهمة التي تحددها هي من دون الاستماع إلى رأي الأمم المتحدة أو مجلس الأمن وأي رأي مخالف ولو كان من الحلفاء، وبدا العالم يخشى من مخاطر الطغيان الأمريكي والاستهانة بقوانينه، وهل كلام بوش هو مجرد تصعيد واستعراض للقوة أم هو تغييرا في السياسة الأمريكية؟


هنا لابد من الانتباه إلى طبيعة وأسس اختيار وتحديد تلك الدول في محور الشر كما قال المجرم بوش، فالدول التي أوردها ليس بينها أي تحالف ولا حتى تقارب وتعاون بل إن العراق وإيران ما زالا تحت تأثير الحرب الدامية الطويلة التي دارت بينهما والتي استمرت ثمان سنوات، والعراق وكوريا على خلاف بسبب موقف كوريا ودعمها إيران إثناء عدوانها على العراق.


وكوريا حسب معلومات المخابرات الأمريكية خرجت من خانة الدول الراعية للإرهاب
منذ أكثر من عقد وان بقاء اسمها على لائحة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب ليس إلا ضغط دبلوماسي عليها، أما العراق، فلا أدلة على تورطه في نشاطات إرهابية، وحتى في أحداث 11 أيلول لم يكشف الكلام عن لقاء قائد المجموعة محمد عطا ضابط استخبارات عراقيا في براغ كما روج الإعلام الأمريكي الكاذب ، ولا يوجد أي دليل على تورط بغداد في تلك الأحداث، كان العراق خلال تلك الفترة يواجه حصارا فرضته أمريكا على مجلس الأمن يقضي بفرض حصار شامل وعام على كل شيء هو اقرب لحرب إبادة جماعية وقتل شامل للعراقيين منه إلى حصار كما سموه خطئا أو بقصد التضليل، وإما إيران فقد كانت أمريكا تعتبر دعمها لمنظمة حماس وحزب الله اللبناني والإعلام الصهيوني كان يعلن أكثر من مرة بان إيران تجهزهما بالأسلحة خصوصا الضجة الكبيرة التي أثارها الكيان الصهيوني على سفينة اعترضها وكانت محملة بالأسلحة حسب ادعاء الصهاينة وأعلنوا إنها كانت في طريقها إلى السلطة الفلسطينية، ولست مقتنعا أو مصدقا لذلك مثلي مثل الكثيرين في العالم، لكثرة كذبهم، فالوقائع والأدلة ضعيفة وواهية في مسألة استهداف تلك الدول على أساس إنها داعمة للإرهاب.


أما في موضوع سعي الدول الثلاث إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، فهو لا يحتاج إلى من يثبت ذلك، فالعراق كان قد أنتج أسلحة كيماوية ولديه القدرة على إنتاج أسلحة بيولوجية ولكنه لم ينتجها وأنتج صواريخ بالمديات المعروفة ولكنها دمرها عام 1992تنفيذا لقرارات مجلس الأمن الذي أعلن إن الحصار سيرفع عند تدمير الأسلحة الكيماوية والصواريخ لحد مدى 150كم، أما إيران فتؤكد أميركا إن لديها مخزونا من الأسلحة الكيميائية منذ الثمانينات وقد اتهمتها أخيرا بإنتاج عناصر بيولوجية حولتها أسلحة. والاهم هو خوفها من طموحاتها النووية إذ ترى واشنطن إن إيران تسعى بقوة إلى امتلاك قدرة نووية لاستخداماتها المدنية السلمية كما تعلن مرارا وتكرارا، وإنها تحصل على مساعدة كبيرة من روسيا والصين، في حين إن المعلومات تؤكد إن كوريا الشمالية أنتجت مواد كافية لإنتاج قنبلة أو قنبلتين نوويتين قبل تجميد برنامجها عام1994.


من هذا الجانب فقط يمكننا أن نربط في تحديد تلك الدول دون غيرها كدول داعمة للإرهاب رغم بطلان مزاعم المجرم بوش وهشاشة استدلالاته وأدلته، لكن يمكننا تحديد أسباب ذلك بالاتي :


1. إن هذه الدول تشكل قوى إقليمية ذات تأثير في مناطقها وامتداد تأثيرها .
2. إن هذه الدول لديها قدرات معلنة على إنتاج أسلحة كيماوية.
3. إنها لديها القدرة على إنتاج أسلحة بيولوجية وفق المعلومات المتيسرة عن امتلاكها كفاءات علمية في هذا الجانب.
4. وبإمكانها إنتاج صواريخ حيث إنها تمتلك قدرات علمية وصناعية في ذلك ومعلنة أيضا.


5. إن إيران تعلن باستمرار ولديها عقود مع كل من روسيا والصين في المجال النووي السلمي، وكوريا ثبت إنها لديها برنامج متطور كما أوردنا سابقا، إما العراق فان منشآته النووية كانت قد تعرضت لعدوان صهيوني عام 1981وتم تدمير مفاعل تموز، كما انه بموجب قرارات مجلس الأمن باملاءات أمريكية قد دمر كل أسلحته وتخلى عن برنامجه النووي السلمي، وكل مؤسساته الصناعية والبحثية المدنية والعسكرية تحت المراقبة المستمرة واليومية المباشرة لفرق التفتيش الدولية المرتبطة بالمخابرات الأمريكية والتي وصل تفتيشها بحجة تدقيق تدمير العراق لأسلحته وصواريخه إلى منشآت القطاع الخاص الصناعية ومختبرات الدراسة والبحوث في المدارس والجامعات والمؤسسات الصحية، وحتى رسائل واطاريح طلبة الدراسات العلمية في الجامعات .


هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن اعتماده للتحليل كأمر منطقي بالربط بين تلك الدول وإلا فان الأمر مقصود، أن يدرج العراق الذي يواجه حصارا مجرما ولا شرعيا هو سلاح في العدوان المستمر على العراق منذ عام 1990، وتعرض لعدوان وحشي إرهابي في 17/1/1991من قبل ثلاث وثلاثين دولة من بينها ثلاث دول دائمة العضوية بزعامة أمريكا، وتعرض لأكبر عدوان بكل أنواع الأسلحة المحرمة والغير مجربة والتقليدية ولقصف صاروخي وجوي لم تشهده البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، وان معظم منشآته الصناعية ومعامله العسكرية والمدنية بكل طبيعة إنتاجها بما فيها معامل صناعة حليب الأطفال والمواد الغذائية كالسكر والطحين والدواء والورق وأقلام الكتابة قد تم تدميرها، وما سلم منها تم تدميره من قبل لجان أو فرق التفتيش الأمريكية (فرق التفتيش الدولية) بحجة إمكانية الاستخدام المزدوج، فما هي الأسس التي جعلت الإدارة الأمريكية أن تجعله ضمن دول محور الشر؟ ولماذا؟


هذا سيكون موضوع الجزء اللاحق من مقالنا بمشيئة قاصم ظهور البغاة والمتجبرين.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٠٦ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور