النظام الإيراني والنظام العربي الرسمي
مهاترات وخدمات متبادلة لخدمة المشروع الصهيوني الامبريالي

 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

كتبنا بتاريخ 12تشرين الثاني 2009 مقالا بعنوان كي يكون متكئي صادقا بتصريحاته  نعود اليوم لذات الموضوع لنكتب فيه.

 

إيران دولة جارة مسلمة وقوة عسكرية فاعلة هذه حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها، ولها علاقات وتواجد في كثير من أقطار المشرق العربي وذات تأثير كبير في بعض دول الخليج العربي والعراق، حيث امتد هذا الوجود قرون حتى بات كثير منهم يرفض أن ينتسب إلى إيران وتحولوا ليكونوا مواطنين صالحين مخلصين لبلدانهم المقيمين بها، لكن البعض منهم ونتيجة ظروف مهمة في حياة المواطن حافظوا على جنسيتهم أو تجنسوا بجنسية مزدوجة لكي يتخلصوا من واجبات تمليها المواطنة عليهم في البلدان الجديدة، مثل الخدمة العسكرية وواجب الدفاع عن الوطن عند تعرضه لعدوان أو غزو خارجي، هذا قد يكون في بداية صدور قوانين الجنسية والأحوال المدنية في الدول العربية التي بدأ تشكيلها بعد الحرب العالمية الأولى واحتلال الوطن العربي من قبل الحلفاء وتنفيذ جريمة الامبريالية الأولى (أم الجرائم) بتقسيم الوطن العربي إلى كيانات كارتونية لتتمكن من تنفيذ مخططاتها بدءا من تفتيت المقاومة وترسيخ القطرية وقيمها وتنصيب حكومات متواطئة ومرتبطة بمنهجهم، نعم في ذلك الوقت بدأ صدور قوانين الجنسية ومن ضمن المواطنين الموجودين في الوطن العربي جاليات شتى لدول الجوار، وفي العراق بالذات جاليات متعددة من المسلمين ذوي الأصول المتعددة أيضا بحكم كون بغداد عاصمة الدولة العربية الإسلامية لفترة طويلة منذ قيام الدولة العباسية، وحتى قبلها كانت الكوفة ثم واسط مركز الولاية الشرقية المسؤولية عن الشرق الإسلامي بأكمله، إضافة إلى كونها تضم مدرستي اللغة العربية لغة القرآن والمسلمين فمدرستي الكوفة والبصرة هما مدرستي اللغة وعلومها، وتضم دور العلم ومدارس التعليم والفقه والتفسير والإفتاء والأئمة الكبار في المذاهب الإسلامية، فالجعفرية وفقهها وعلومها كانتا في البصرة وسامراء، والحنفية فالإمام أبي حنيفة النعمان، والإمام الشافعي ومذهب الشافعية ..

 

وهكذا فان كل طالب علم في لغة القرآن وعلوم الدين والقرآن وتفسيره وأحكامه وطلاب الحديث النبوي الشريف وكل أحكام الدين وشرائعه قبلتهم بغداد والبصرة والكوفة وسامراء أي العراق، ولم تستطع الأستانة والخلافة العثمانية أن تلغي مقام ودور بغداد الديني والفكري والثقافي بل إن السلاطين العثمانيين جعلوا ولايات العراق الثلاث أهم ولايات الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، وكان على الدوام احد اقرب واهم الأشخاص في عائلة السلطان العثماني يتولى ولاية بغداد كثاني أهم مركز في الدولة،

 

هكذا بدأ إصدار الجنسية للموطنين رغم محدودية الاهتمام بها شعبيا واعتبارها محاولة لتقييد حركة الفرد والجماعات العربية ضمن وطنهم الكبير، لكن ذلك صار قانونا ولا يمكن أن يتحرك المواطن ويتابع متطلباته المتعلقة بالدولة بدونها ولذلك كان أهل المدن (الحضر) أول من نفذ القانون والبدو اللذين لا يعترفوا بحدود آخر من نفذه، وكون معظم الجاليات تقطن المدن بحكم طبيعة عملها فإما طالب علم أو طالب رزق في تجارة وعمل من خلال مهنة أو حرفة فسكنهم المدن لذا كانوا من أول الناس اللذين تجنسوا ولكن كثير من أبناء الجالية الفارسية وبحكم تأثير دولتهم ثبتوا تبعيتهم الإيرانية في قيود نفوسهم (أي جنسياتهم) لأمرين أولهم تجاري وهو إمكانية تحركهم بين العراق ودول الخليج العربي وإيران وثانيا عدم شمولهم بالخدمة العسكرية الإلزامية التي كان الناس يسموها الإجبارية، منذ ذلك الوقت بدأت الشكوك في ولاء الجالية الإيرانية ومخطط حكومتهم المستقبلي، وبات الشك يطال كل المواطنين من التبعية الإيرانية خصوصا وقد تأكد ذلك عبر مواقف وادوار قام بها أشخاص منهم بالتعاون والتجمد كمصادر معلومات وجواسيس للمخابرات الإيرانية في عهود لاحقة، خصوصا عندما ينشأ أي احتقان أو خلاف بين أنظمة الحكم في إيران والبلد العربي المعني. وهكذا بدأت عدم الثقة بين إيران النظام والعرب،

 

رغم إن العرب لم يعكسوا ذلك على التعامل مع المواطنين الذين احتفظوا بتبعيتهم الإيرانية واعتبروه أمرا طبيعيا وحقا من حقوقهم، لكن نظام الشاه ومخابراته ظلت تغذي هذا النفس المنحرف حتى بات أمرا واضحا بان الإيرانيين يرفضون الاندماج والتزاوج مع العرب حتى عندما تكون إحدى بناتهم تحب احد أبناء زملائها في الدراسة أو سكنه محلتهم، خصوصا بعد أن تهيأت لهم فرصا وصار البعض منهم تجار وأصحاب أملاك، حتى إني عند إنهائي الدراسة الابتدائية ودخولي المدينة لمواصلة تعليمي عرفت من زملائي أبناء المدينة يقولون إن العجمي ويقصدوا الفارسي الأصل والتبعية الإيرانية يزوج بنته المتعلمة لحمال ولا يزوجها لعربي، فكنا نقول لهم بان أهلنا في الريف أي القبائل يعتبرون الذي يتزوج عجمية فيه خلل ولابد أن يقاطعه أهله وقبيلته ولم نكن نعرف لماذا، الآن فهمنا السبب، هكذا بدأت الفجوة بين الفرس والعرب وكان لنظام الشاه ومخابراته الدور الأكبر في تنميته، فتفاءلنا خيرا بعد نجاح الثورة الإيرانية ولكن كان نظام الشاه اقل تخريبا من النظام الجديد وأكثر حياءا،

 

فقد كان يعرف والشعوب الإيرانية والشعب العربي يعرفوه انه نظام مرتبط بالامبريالية وينفذ مخططاتها، أما النظام الجديد الذي جاء على اثر ثورة شعبية وعصيان مدني شعبي عم جميع إيران وقدمت فيه الشعوب الإيرانية كوكبة من مناضليها ومثقفيها وثوارها لتكسب حريتها واستقلالها وقرارها لكن الثورة اختطفت ومنهج الثورة تغير وانحرف بسيطرة رجال الدين الخميني لأنه لا ينطبق مع الدين الإسلامي بكثير من مفرداته، لذا أصفه بالدين الخميني، تفاؤلنا خيرا بنجاح الثورة الإيرانية وفرحنا لشعوب إيران الجارة المسلمة التحرر، وازداد تفاؤلنا بعد أن أعلن إن منهج الثورة إسلامي،

 

لأننا واثقون من خلال فهم إيماني عميق إن ما من مسلم حقيقي يبغض العرب أو يكون معادي لهم، فكان تفاؤلنا أن تكون إيران المتحررة من الهيمنة الامبريالية والإسلامية المنهج ستكون عاملا ايجابيا فاعلا في الأمن القومي العربي والإسلامي، فهل كان تفاؤلنا بمحله؟ وهل كانت الإدارة الإسلامية بإيران إسلامية وايجابية في الأمن القومي العربي والإسلامي؟ وكيف يجب أن يعمل كل الأطراف النظام الرسمي العربي والإيراني والإسلامي عموما لتحقيق ذلك؟

 

وما هي الضوابط التي يجب أن تحكم الأفعال أو السلوكيات الخاطئة التي قد تصدر من هنا أو هناك والعمل على تصحيحها دون أن تكون مطبات لتتراكم فتكون بمجموعها عوامل تباغض وتباعد بين المسلمين؟ ومن هي الهيئات التي تراقب وتشرف وتؤشر وتحكم بذلك؟ هل إيران وحكومتها الآن تشكل لاعبا ايجابيا فاعلا في النظام القومي العربي؟

 

وهل النظام العربي الرسمي بمواقفه الحالية بارتمائه في حضن المخطط الامبريالي ممكن أن يحول إيران من موقفها السلبي إلى موقف إسلامي صحيح ؟ فليعيد الجميع النظر في منهجه وبرنامجه والعمل على وضع ضوابط لذلك ومن يرفض هذا التوجه فهو منافق وكذاب ومتستر ومتواطئ مع أعداء العرب والمسلمين. اللهم أنت الهادي فاهدي الصالحين للصراط المستقيم.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٠٨ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٢ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور