متى يقرأ بلير وغيره شكسبير

 

﴿ الحلقة الاولى ﴾

 
 
شبكة المنصور
أ.د. عبد الكاظم العبودي
عندما تتصاعد الحملة العالية ضد جريمة بيع الاعضاء واستقطاعها من أجساد الضحايا من الشهداء الفلسطينيين يتبادر الى الذهن اولا صمت لجان حقوق الانسان وسكوت الرباعية الدولية ورئيسها توني بلير عن اعلان موقف واضح من هذه الجرائم وادانة مرتكبيها. وبسكوت الرباعية الدولية بتجاهل توني بلير لمسرحية شكسبير" تاجر البندقية" التي يعاد عرضها بحقائق جديدة تبقى الادانة نفسها والجاني اليهودي نفسه يفلت من العقاب في حين تندفع أركان النجمة السداسية الصهيونية الى كيل التهم الى الجهات الاربع للارض وتطال وقاحتها البعد الخامس لرب السماء في عليائه، والبعد السادس لضمير أحرار العباد شاهرة بوجه كل ناقد لجرائم اسرائيل تهمتها الجاهزة" معاداة السامية".


هذه التهمة الجاهزة ستنال بلا شك كاتب هذا المقال وغيره ايضا، جرّاء فضحهم اكاذيب الهولوكوست الصهيوني في فلسطين، رغم ان الضحايا ساميون وابناء ساميين رغم انف الصهيونية اللاسامية وأبناء وأحفاد شايلوك اليهودي المرابي.


مسرحية "تاجر البندقية" لوليم شكسبير (1564-1616م)، أكدت منذ قرون صحة تحقيق وتقرير بوستروم2009 إستباقياً عندما إضطر "أنطونيو" أن يقترض من "شايلوك" اليهودى مبلغا من المال تحت شرط ربوي وضعه "شايلوك"، وهو" أنه إن لم يستطع "أنطونيو" رد مال "شايلوك" فى الموعد المحدد فلسوف يقتطع "شايلوك" رطلاً من لحم صدر "أنطونيو" بدلاً من ماله. ومع فوات موعد السداد، بدأت مطالبة "شايلوك" لرطل اللحم معبراً عن خاصته المجبول عليها بتلك الدرجة من الخسة و الحقارة التي تطبع سجايا الكثير من اليهود من أمثاله. مما أجبر المحكمة للخضوع لابتزازه حتى أمرت شايلوك أن يتجه لجسد "أنطونيو" ليأخذ رطل اللحم الخاص به من صدر ضحيته، لكن الحقد الشايلوكي إختار جهة القلب انتقاما مميتا ومبيتا. وكما يريد اليهودي بسكينه إستمر يشحذه طوال فترة النظر بالقضية. كاد الجلاد أن ينجح في قطع رطل من لحم انطونيو، لولا مرافعة السيدة الجميلة بورشيا التي تنكرت في شكل محامٍ..وكانت ألأذكى في لحظة القصاص من مكر العقلية اليهودية حين أخبرت شايلوك: أنه إن لم يأخذ رطل من اللحم بالضبط من جسد ضحيته أنطونيو سيكون قد أخل بالإتفاق، وعليه أن يكون القطع من دون دون إسالة دماء، وإن سقطت دماء إضافة الى رطل اللحم فسوف تقتص العدالة من جسد شاليوك ومن ثروته أيضاً.


وهنا أسقط شكسبير بعبقرية في معالجته لهذه التراجيديا الانسانية في كشف جشع شايلوك ودفعه الى التنازل عن تحقيق طموحه المطلوب غصباً وشرهاً وحقدا على الانسان وحياته وكرامة جسده. وانقلبت الدعوى ضد اليهودي بمحاكمته بتهمة تعريض حياة "أنطونيو"، مواطن البندقية للقتل. بعدها خيروه بين سلب ماله أو إعتناق المسيحية واعلان التخلي عن يهوديته ... فما كان من اليهودي إلا إعتناق المسيحية،لكي يبقى يلعب دوره القذر عبر عصور ووجوه متعددة قادمة بوجهين مخاتلين.


والى القرن الواحد العشرين والالقية الثالثة ظل شايلوك يمارس تجارة الجسد بالمال واقتطاع الأجزاء البشرية وصار له من أبنائه وأحفاده قادة لدولة عصابات عنوانها إسرائيل يمارسون علنا سمسرة بيع الأعضاء البشرية وبتنسيق مع اعلى المستويات الدولية، ومن دون حسيب ولا رقيب عليهم، جرائم منظمة تتم وسط صمت عربي وتخاذل دولي، حتى تجردت وتجاوزت الحالة كل معاني ألإنسانية بقتل المدنين والمتاجرة بأعضائهم، وتعذيب للأسرى وسرقة أعضائهم.


لم تكن الحادثة المذكورة سلوكًا غريبًا تنتهجه سلطات الاحتلال بحق الشهداء الفلسطينيين؛ طالما ان مورثات شايلوك انتقلت هبر أجيالهم وتسري في دمائهم. مكَّنَتهم قوات الاحتلال الصهيوني في فتح معتقلاتها وبأقسام سرية يتم فيها إخفاء واختفاء المعتقلين والمواطنين العُزل ليأخذوا طريقهم الى المسالخ الصهيونية طمعا بجمع المال الصهيوني ، يتم إنكار وجودهم، حين يطلق عليهم صفة" المفقودين ".


يقيناً أن هؤلاء المفقودين أو جزء كبير منهم قتلوا عمداً بهدف سرقة أعضائهم الداخلية والاستفادة منها بشكل غير شرعي للابحاث والتجارة. غالباً مايتم إخفاء ما تبقى من الجثة أو دفنها في " مقابر الأرقام " . لا يزال حفدة شايلوك يحتجزون قرابة 300 جثة في مواقع "مقابر الأرقام" ترفض الادارة الصهيونية إعادتها وتسليمها لعائلات الشهداء وهؤلاء الشهداء تكون قد تحللت جثامينهم الآن، وأخفيت عنها معالم سرقة أعضائهم البشرية، رغم ان الدَّين الأكبر المستحق دفعه، لا على أنطونيوا فلسطين؛ بل على رقبة شايلوك نفسه واحفاده القتلة .فإضافة الى تعداد المفقودين شرَّحَ الإسرائيليون قرابة 69 جثة من بين 133 شابا قُتلوا سنة 1992 وحدها.
يشارك في الجريمة، إضافة الى جنرالات الحرب، كبار الأطباء في المستشفيات والباحثين وطلاب وسماسرة تجارة مدرسة شايلوك، كلهم متورطون في تجارة الأعضاء البشرية بمباركة السلطات الاسرائيلية.


في محكمة العدالة الانسانية سيسجل صوت دونالد بوستروم شاهدا حين نقل للعالم ماقاله المجرمون من أمثال ليفي اسحق روزنباوم من بروكلين الذي هبر عن دوره: ( إنه من الممكن تسمية مهنته بــ "صانع الملاءمة"). اعتقل روزنباوم في قضية الفساد الكبرى المتشابكة خيوطها من اسرائيل مروراً بمدينة نيوجرسي الأمريكية التي كشفت دور الحاخامات والمؤسسات الشايلوكية ودورها اللا اخلاقي لسنوات طويلة في تبييض الأموال غير المشروعة بتجارة أطراف الاجساد وأحشائها، ضمن شبكات متخصصة من مثل شبكة سوبرانو وغيرها.


كان روزنباوم ذو صلة بعملية بيع الكلى من إسرائيل إلى السوق السوداء، حيث كان يشتري الجثث ويبيعها مقطعة الاوصال في الولايات المتحدة الأمريكية، الكلية الواحدة وصلت الى سعر 160 ألف دولار.


لم يطمح الشايلوكيون الجدد برطل من اللحم؛ بل الى عدد متزايد من الجثث التي باعها روزنباوم، حسب إعترافه متفاخراً: (إن العدد كبير جدا.. وأن شركته عملت في هذا المجال منذ مدة طويلة). ولم ينكر، أستاذ جراحة زرع الأعضاء وعضو مجلس إدارة الكلية الوطنية لمجلس إدارة المؤسسة:( إن الإتجار بالأعضاء في إسرائيل مماثل لما يجري في أماكن أخرى من العالم، مشيراً الى أن 10٪ من 63000 عملية زرع الكلى تجرى في العالم بصورة غير قانونية، ولكنه يعترف ايضاً:(... لكن هناك شكوكا قوية أيضا بين الفلسطينيين أين يتم استخدام شبانهم مثلما هو الحال في الصين وباكستان، وهو أمر خطير جدا). ويعتقد فرانسيس ديلمونيسي: ( أن هناك ما يكفي من الأدلة للتوجه إلى محكمة العدل الدولية، ويجب فتح تحقيق فيما إذا كان هناك جرائم حرب إسرائيلية).


تستخدم إسرائيل الطقوس اللا أخلاقية لأسلوب التعامل مع الأعضاء والزرع. وللتمويه على حقيقة المسلخ الاسرائيلي يجري تداول ذكر عدة دول، بينها فرنسا، قطعت في التعاون الطبي مع إسرائيل اشواطاً بعيدة منذ التسعينيات من القرن الماضي، نصف الكلى الجديدة المزروعة منذ عام 2000، تم شراؤها بصورة غير قانونية من تركيا وشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية، والسلطات الصحية الإسرائيلية لا تفعل شيئا لإيقافها.


في عام 2003 كُشف في مؤتمر أن إسرائيل هي البلد الغربي الوحيد الذي لا تدين فيه مهنة الطب سرقة الأعضاء البشرية، أو يجري فيها اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأطباء المشاركين في مثل هذه العمليات الجنائية، وإنما العكس، يشارك كبار الأطباء الاسرائيليين في المستشفيات الكبرى في معظم عمليات الزرع غير القانونية، وفقا لصحيفةdagen nyheter الصادرة في الخامس من كانون الأول/ من ديسمبر 2003.


وراء كل حملة اسرائيلية للتبرع بالأعضاء سيختفى شاب فلسطيني، وبعد أيام قد تتسلم عائلته الجثة ليلا، بعد تشريحها والاستحواذ على يهم المخابر والاسواق التجارية اليهودية. يّسجل الضحايا على قائمة المفقودين. هذا هو حديث الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة عن استلام الجثث المشرحة لأبنائهم، ويقلقهم الارتفاع الحاد في حالات اختفاء شبان فلسطينيين من ضحايا الشايلوكيين الجدد. معروف للعالم من هم جنود إسرائيل الذين يقومون بقتل الشبان الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة بعد اعتقالهم بهدف سرقة أعضائهم، تعمل معهم طواقم طبية، وجامعات ومراكز بحوث علمية، وأكثر من سمسار من أمثال روزنباوم وشايلوك يهودي معاصر.

 
المقالة معدة من عدد من المراجع والمقالات ذات الصلة
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٢ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٧ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور