تعقيب على مقال الاخ صباح الموسوي لماذا يهين الشيعية مراجعهم الدينية ؟

 
 
 
شبكة المنصور
عبد الله سعد

( مفارقات عجيبة حقا تعيشها ساحة المرجعية الشيعية هذه الأيام‘) أود أن استعير هذه الجملة من مقالك لأبدأ تعقيبي على ما جاء فيه: أنت كنت دقيقا باستخدام الكلمة والوصف مفارقات عجيبة ... هذه الأيام، نعم إنها عجيبة لأنها مستغربة وشاذة والغريب والشاذ لا يصلح اعتماده للقياس أو الأخذ به، بل هو طارئ وقد يكون نتيجة انحراف أو أسباب غير صحيحة جاءت بنتائج مشوهة وشاذة، إذن على المستغرب الذي يريد الإصلاح أو التصحيح دراسة الأمر وتحليل مسبباته ومعالجة الخلل، ومن يريد النقد والنبيه أيضا دراسة الأمر وتحليل الأسباب ونقد الخطأ والنصح بالتصحيح، فبينما تتصارخ بعض الأطراف المُلائية متباكية على ما تسميه انتهاك حرمة المرجعيات الشيعية من قبل من تسميهم بشيوخ ( الوهابية ) على حد تعبيرها وتحمل الحكومة السعودية المسؤولية عن ما صدر من كلام  بحق احد مراجع الشيعة الإيرانيون في العراق‘ نرى في الوقت نفسه هؤلاء المتباكون على حرمة المرجعية تخرس ألسنتهم وتُكمم أفواههم ولا ينبسون بكلمة عند ما تتعرض المرجعية الشيعية إلى الاهانة و تداس حرمتها  من قبل صانعيها و دعاتها في إيران. هذا الأمر الذي تشير له أيها الأخ العزيز لا علاقة له بالإسلام ومذاهبه بل هو متاجرة بهما لغرض أخر بعيد كل البعد عن الإسلام وتفسير أحكامه واجتهاد رجاله مراد به الفتنة والضغينة والفرقة والتمزيق والتناحر والبغضاء وكلها معادية للمسلمين وخارجة عن الفقه الإسلامي وأمر الله ورسوله وحكمهما، وهذا يؤكد إن الذين ثارت ثائرتهم مؤخرا ضد الداعية السعودي ( الشيخ محمد ألعريفي ) الذي قيل انه هاجم المرجع السيد " علي السيستاني" في خبطة الجمعة قبل أسبوعين على خلفية دعمه للتمرد الحوثي ‘ لم يكن صياحهم هذا بدافع الحميَة والغيرة على المرجعية الشيعية‘ و إنما جاء  بدوافع سياسية تهدف إلى تحريك الحس العاطفي عند البلهاء من أبناء الطائفة و اتخذهم وسيلة لتحقيق مآرب سياسية لصالح المشروع الطائفي الذي يتبنونه في العراق والمنطقة عامة والذي وجدوا فيه الوسيلة الوحيدة لإيصالهم إلى السلطة في العراق من جهة ‘وتأليب مشاعر شيعة بعض البلدان العربية ضد حكوماتهم لخلق الفتن الداخلية في هذه البلدان من جهة أخرى.أنا معك في كل ما جاء في هذا المقطع إلا فيما يأتي:

 

1.  استخدامك تعبير البلهاء وهو لفظ غير مقبول بحق الناس كان حري بك استخدام كلمة البسطاء أو الغافلون أو أي تعبير أخر مناسب والعربية غنية بالكلمات والمرادفات، حتى تنأى بمقالك ونفسك عن التحامل على المسلمين بدل أن يكون تحاملنا جميعا على المنافقين والمتاجرين بنا وبديننا.

 

2.  أنت قلت الداعية السعودي والإسلام اكبر من آل سعود وجزيرة العرب، فان كان محمد ألعريفي داعية سعودي فليس من حقه نقد ما هو خارج السعودية، وان كان داعية إسلامي فكان الأحرى أن ينتقد السلوك ويوضح مخالفته للحكم الديني والفقه الإسلامي ويبتعد عن الدخول في الشخوص لأنه فتح مجالا للمتصيدين بالماء العكر أن يبوبوا النصيحة الدينية إلى مناكفة مذهبية، وهذا ما ينافي خلق الإسلام وأحكامه، ويفتح المجال لتوظيف خطابه الديني لصالح الفتنة، حيث أعطى صورة للسيستاني بأنه يمثل كل الشيعة إن كان للسيستاني رأي في الحوثيين.

 

3.  إن السلفية (الوهابية) والتشيع الفارسي (الجارودية ثم الخمينية) هما دعوتان مشبوهتان لابد من دراسة جذورهما بدقة وتوضيح من بدئهما ومهد لهما ومولهما وطورهما وتحديد أهداف الذين سعوا لإنشائهما، وهو تمزيق وتفريق المسلمين وإضعاف الإسلام كقوة محركة للمجتمع الإسلامي باتجاه كل قيم الخير من الإخوة والمحبة والتكافل والتعاون والوحدة والإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبغي والدعوة للحوار والمجادلة بالتي هي أحسن مع غير المسلمين وعدم الإكراه في الدين، وان هاتان الدعوتان اللتان يروج لهما دعاة كلهم إما جهلاء بالدين أو مخترقين ومجندين ضدنا كمسلمين بكل مذاهبنا وطوائفنا لصالح قوى العداء لله ودينه وهنا لا اعني المسلمين أتباع ومصدقي سيد الخلق ورحمة الله للعالمين محمد الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل عموم المؤمنين من الموحدين أيا كان النبي الذي يهتدوا بدعوته، وأدعو الله أن يوفقني لان ابحث واكتب في هذا الأمر بالتفصيل، فقد قلت مرارا في مواضيع شتى كتبتها إن استخدام السلفية والخمينية من قبل قوى الامبريالية والصهيونية هو كاستخدام الكاثوليكية والبروتستانتية لتمزيق المسيحيين.

 

 وهذا ما لمسه الجميع في تصريحات رئيس الحكومة العراقية السيد " نوري المالكي " الذي قام بزيارة "السيستاني " يوم أمس الاثنين( 4 يناير الجاري ) في خطوة وصفت من قبل المراقبين بأنها تهدف لغايات دعائية انتخابية ‘حيث حمّل المالكي عقب لقائه السيستاني ‘السلطات السعودية المسؤولية قائلا " ان الحكومة السعودية تتحمل قسطا من المسؤولية يجب عليها ان ترد على الذين يكفرون ويثيرون الفتن ". نحن مع المالكي في دعوته لردع مثيري الفتن ولكن شرط ان يكون ذلك في كل مكان وفي أي لباس كان المثيرون للفتن ومن أي ملة كانوا.  و قد يسأل سائل لماذا لم يقم المالكي  اولا بوقف دعاة التكفير واللعن الذين تعقد مجالسهم تحت حماية حكومته و رعاية ماليا ومعنويا وثقافيا من المرجعية ذاتها الذي انبرى للدفاع عنها؟ . كم من المجالس التي عقدت في العراق بمناسبة عاشوراء مؤخرا وكان مادة حديث خطباءها السب واللعن لصحابة الرسول الأكرم والخلفاء الراشدين وعلماء وفقها المسلمين من أمثال أبي حنيفة واحمد ابن حنبل وغيرهم ؟.

 

فما لا يصح بحق السيستاني أو غيره من المرجعيات الشيعية يجب أن لا يصح بحق غيرهم من علماء الإسلام أيضا .أما انك مع المالكي في دعوته!! فالمالكي مرتد عن دين الله ولا يمكن أن نكون معه بأي موقف لأنه اتخذ الكافرين اولياءا له وصار منهم وهو موظف (مجند) عندهم ويطرح ما يعملوا لتدمير العروبة والإسلام، أما ما ورد من نقد لما يفعل في مجالس الفتنة في العراق فهو أمر طبيعي ببلد تتلقفه كل مخابرات العدوان وتعمل فيه كل وكالات التدمير لعروبته ودينه وقيمه وما تعرفه من خلال النقل المبتور أو المشوه لا يمثل رؤيا الشيعة والسنة في العراق فالشعب العراقي بكل طوائفه والمسلمين في العراق بكل مذاهبهم موحدين على مله إبراهيم ومصدقين لما جاءهم من الله ورسوله ولا خلاف بينهم وكل المخالفين هم ممن وظفهم المحتلون معهم.

 

إما تعرض طائفة من رجال الدين والفقه أو غيرهم للاضطهاد والسجن والعزل والقتل والتشهير فهو أمر متوقع وقد تعرض من هو خير منا الخلفاء الراشدين والحسين رضي الله عنهم للقتل و اللعن ولم يتأثر الإسلام أو يضعف بل ازداد قوة وازداد المؤمنين إيمانا، أما ترديد مصطلحات أعداء الإسلام بوصف رجال الدين بأنهم حنفية أو مالكية أو جعفرية أو زيديه أو شافعية أو حنبلية أو إسماعيلية إلى أخره ، فيذكرني بأول سؤال وجه لي بعد أن أسرني الأمريكان بعد احتلالهم العراق، نعم لم يسألوني اسمك أو مهنتك أو عملك بل سألوني أنت مسلم شيعي أم سني، قلت لهم أنا مسلم، قال نعرف ولكن سني أو شيعي؟ ضحكت، قال لماذا تضحك؟ قلت لأني لا اعرف ما تقول، قال كيف؟ قلت أنا منذ فقهت الحياة علمني أهلي إني مسلم ولم يعلموني غيرها وعندما تعلمت القراءة وقرأت القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم أجد في الإسلام سنة وشيعة؟ وهكذا أسلمت نفسي لله وصدقت ما جاء منه للرسول والذي نقله لنا السابقون السابقون، فعد لي المذاهب الإسلامية كلها وكنت لا اعرف بعضها وقال ممن أنت، قلت أنا على ما كان عليه رسول الله وآله وصحبه وأنصاره فانزعج وأحالني للانفرادي، وقال بعثي ويريد تضليلنا، فيا أخي صباح: رجل الدين هو لكل المسلمين وعندما يكون لفئة دون غيرها صار متحزبا وخرج من كونه رجل دين، أدركوا المعنى الديني لمدارس الفقه الإسلامي هي تفاسير واجتهادات وأحكام وفق قناعة مستندة لاستنباط أو قياس لما جاء في القرآن وسنة المصطفى، اجتهد بها رجال درسوا وتمعنوا كثيرا وراجعوا وحللوا وقاسوا أو استنبطوا منهم من تشدد ومنهم من تساهل ولكن الجميع لم يناقضوا الأصل بل كل اجتهاداتهم في فلك الأصول، وإلا فهم خارج الملة أصلا، سميت مدارسهم بأسماء رجالها فقيل الجعفرية نسبة إلى أول من وضع الفقه الإسلامي الكامل بعد أن أكمل ما بدأه أباه سيدنا جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي السجاد ابن الحسين السبط ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام أجمعين، وتلقى كل علماء وأئمة الأمة رحمهم الله الفقه عنهم، فهذه الشافعية نسبة للإمام الشافعي وتلك الحنفية نسبة إلى أبي حنيفة النعمان وهكذا، فلا مذاهب في الدين أما في الأحكام فهناك مدارس فقهية كما ورد.

 

إما قولك (ان السيستاني وبغض النظر عن مكانته الدينية عند شريحة من أبناء الطائفة الشيعة) فأقول لك ليس هو فحسب بل كل رجال الدين الحالين إلا من حفظ نفسه ورحمه ربه، فهم رجال سياسة وهؤلاء هم اللذين لا يحترمهم المسلمين وليس الشيعة فحسب، وتأكد إنا كمسلمين بكل مذاهبنا نجل علماء ديننا ونقدرهم ونحترمهم عندما يكونوا رجال للدين ولتوعية الأمة لا لتضليلها كما يفعل خامنئي مرشد إيران الذي يحالف قوى الإرهاب والبغي ضد المسلمين في العراق وأفغانستان، ومفتي الأزهر الذي يفتي لصالح إسرائيل وليس لصالح الإسلام والأمة، وكما أفتى آخرين بجواز الاستعانة بأمريكا والصهيونية وحلف الكفر ضد العراق عام 1990، وما فعله غيرهم من عملهم دعاة لتجنيد شباب الإسلام مرتزقة لصالح أمريكا والامبريالية عندما كان الاتحاد السوفيتي يحتل أفغانستان بدعوى الجهاد أمثال سلمان العودة وغيره، هؤلاء الذين ارتدوا عن دين الله ووظفوه لمصالحهم ومصالح أنظمتهم ولصالح الأعداء – طبعا ليس مجانا بل كل شيء بثمنه – فهم اللذين لا نحترمهم ولا نقر إنهم رجال دين وطلاب علم ابتغاء وجه الله وصلاح عباده بل هم طلاب مال وموظفين ضدنا وضد ديننا. والله سريع الحساب وقد اعد للمنافقين والمرتدين ما وعدهم به.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٤ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور