المقاومة العراقية : هل يمكن اجتثاث الفكر ؟

 
 
 
 
شبكة المنصور
الوليد العراقي
واعجبي من مصطلحات هذا الزمان  الفوضوي ومبدعيه الذين يدعون بالعالمية والانسانية والحرية والديمقراطية والاطاحة بالارهاب وهم نفسهم قادة الارهاب  ومنظريه والذين يطاردون الافكار اينما اينعت ومتى برزت لا لشئ الا لكونها لم تنبع من مخيلتهم ولم تتوافق مع نظريتهم  التي تروم  احتواء العقول البشرية الاخرى لتوقفها عن أي محاولة للتفكير والاتيان بما هو حق من حقوق الانسان بأن يفكر ويبدع ويخلق ويساهم من خلال اجتهاده بتكامل الفكر البشري  وصولا لصياغة نظرية متناسقة عالمية متفق عليها تخدم كل البشر وتلبي حاجات الناس اينما وجدوا طبقا لاختلاف البيئة وضروف العيش ومركب الشعب  وكيميائيته والذي هم جزء منه.

 
اليوم تعيش البشرية اخطر سني عمرها من خلال الارهاب الفكري الذي تمارسه القوى العظمى والتي تحاول تجميد العقول البشرية  وتحويلها الى متلقي خامل وجامد لا حراك له  وواجبه ان يستقبل بشكل جيد ما يقولون وما يفكرون  وما يصدرون من نظريات  مصنوعة لنا  خصيصا لتخدمهم واما نحن الذين بحاجة ماسة الى الفكر المطبوع فلا يجوز لنا ان نزاوله .كأنهم بذلك يتحولون الى الهه يجتثون هذا ولهم القدرة على الاتيان بالصاعقة  وبالريح الصرصر وبطير الابابيل وكل ذلك من اختصاص رب العزة الله سبحانه وتعالى.

 
حينما يطارد الفكر فلنقرأ على الانسانية السلام.هم الذين ابتدعوا فكرة الاجتثاث وهم الذين نادوا به ولكن رغم كل محاولاتهم  التي تنطوي في نواياها على الهيمنة وخاصة الهيمنة على النشاط الفكري البشري قد باءت بالفشل.لقد اجتثوا الفكر النازي لكنه وبغض النظر عن مؤيديه وعن معارضيه ما زال حيا في المانيا وما زالت الملايين هناك تتغنى به وتنقله من جيل الى جيل.ذهبوا بعد ذلك لاجتثاث الفكر الشيوعي وقد نجحوا في فرط دولته لكنه كفكر ما زال له معتنقيه بين شعوب الاتحاد السوفيتي . وفي يوغسلافيا تيتو حاولوا قتل الفكر هناك بالحرب الاعلامية وبعد فشلها في اجتثاث هذا الفكر الذي صنع يوغسلافيا القائدة في عدم الانحياز  راحوا فقاتلوا الفكر بالالة العسكرية ليدمروا يوغسلافيا من اجل تحقيق حلمهم في القضاء على الفكر التيتوي الذي نبت في اوروبا وترعرع بين قواعدهم وهذا ما لا يجوز بالنسبة لهم لكن هل فعلا انتهى هذ الفكر ولم يعد له معتنقيه ومن يحن اليه من الشعب اليوغسلافي المجنى عليه؟

 
اليوم يطاردون فكر البعث العربي ويجتثون اعضائه  العقائديين وبالقوة  ومن خلال ابشع الاساليب التي ابعد ما تكون عن الحس الانساني والنظرة الموضوعية الى خلق البشر الذي يتسم بالقدرة على التفكير المنظم وهذا ما يجعل الانسان مختلفا عن باقي الكائنات الحية .اذا انت عندما تلغي تفكير الانسان اصبحت مجتثا لبشريتك كونك جزءا من هذا المخلوق ولا عذر ممكن ان تسوقه لتمرير هذا الاجراء اللااخلاقي  بحق نوعك من الخلق وبحق نفسك كأنسان يختلف عن بقية موجودات الغابة من الاحياء!!!

 
انت ممكن ان تقاتل فكرة شريرة تنبع من انسان او مجموعة بشرية منحرفة حفاضا على المصلحة العامة للبشرية لكن ما هو عذرك وانت تحارب فكر انساني  يتوق الى صياغة نظرية صالحة  لمجتمع ما ولشعب ما هو جزء منه  وله مصلحة بهذا الفكر القومي كفكر البعث العربي الذي صيغت نظريته لصالح الشعب العربي ووحدته دون المساس بمصالح ووجود الشعوب الاخرى .بل جاءت نظرية البعث قومية مشفوعة بالدفق الانساني من اجل التعايش السلمي مع كل شعوب الارض  على اساس المصالح المشتركة والاعتراف بالاخر اعترافا ايجابيا متوازنا يحافظ على كينونة كل مركبات البشرية الحية على سطح الكرة الارضية.اذن أي اجتثاث ولماذا هذا الذي يدعون له  ويقاتلون من اجله بل واستباحوا الانسان العربي وكرامته وحقه بالتفكير من خلال الاحتلالات المتوالية التي عانا منها الانسان العربي  ومنذ نهاية الحرب العالمية الاولى والى الان.

 
هناك مؤسسين لنظرية البعث وهناك منظرين لها وهل يا ترى قرأ الغربي المحتل كل الافكار التي نبعت عن تلك العقول العربية البعثية القومية التي صاغت نظرية البعث  وهل وجدوا ما هو غير انساني بالفكر البعثي وبنظريته؟نقول لهم هل تستطيعون مراجعة كتابات القائد المؤسس للبعث ونظريته ميشيل عفلق  ابو احمد رحمه الله وهل قرأتم كتابات الرفاق اكرم الحوراني وشبلي العيسمي ومنيف الرزاز وعبدالخالق السامرائي  والياس فرح وشهيد الحج الاكبر صدام حسين  وفؤاد الركابي  وعلي صالح السعدي وصالح مهدي عماش وامين الحافظ والثائر العربي عزة الدوري وقاسم سلام وعبد المجيد الرافعي وغيرهم من الذين ساهموا في صياغة واضافة الفكر البعثي القومي العربي؟ وهل وجدتم فيه من الشوفينية واللاانسانية التي تستدعي اجتثاث هذا الفكر العربي العملاق؟ام حاربتموه لانه الامل الوحيد للامة العربية في تحقيق طموحها  وانسانيتها ودورها الرسالي من خلال الوحدة ومن خلال مساهمة الفكر العربي البعثي في الجهد الانساني من اجل اروع واعدل العلاقات بين الامم والشعوب.

 
نقول للفكر البراكماتي الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة انتم ليسوا انبياء ولا مرسلين من الله كي تغيروا افكارنا وتبدلوا نظريتنا التي تمت صياغتها خصيصا لعلاج مشاكلنا العربية ومن اجل نهضتنا القومية وحماية مصالحنا  ومن ثم العيش بسلام مع بقية امم وشعوب العالم.في الوقت ذاته نحن غير مكلفين بصياغة نظريات تملى عليكم  فلكم شؤونكم وعليه دعونا  على  ما نحن فيه فلا انتم قادرون على اجتثاث افكارنا ولا نحن لنا في ما تفكرون ناقة ولا جمل طالما افكاركم تخص بلادكم ومصالحكم بعيدا عن اذانا وتحطيم حضارتنا من خلال استهداف افكارنا.انتم والله بحاجة الى حوار هادئ في الافكار  من اجل تجنيب البشرية المزيد من الويلات والكوارث بسبب عنجهيتكم الفارغة من الفكر كونكم اول الخاسرين من تطبيق نظرياتكم على الشعوب.هناك فرق بين القوة  ونكساتها ومهما كانت عاتية كقوتكم وبين الفكر والحوار والمنطق خاصة نحن نعيش في عصر متحضر مظهريا  نتوقع ان يكون الانسان فيه اكثر ميلا الى الحوار  والجدل الخلاق والمنطق المبدع  الدافئ لكل شعوب الارض.

 
ربما تستطيعون اليوم بقرار القوة المتوحشة الاحتلالية كما حصل للعراق ان تجتثوا افرادا لكنكم بالمطلق لن تستطيعوا اجتثاث فكر كفكر البعث  العربي.فكر له معتنقيه على كل الساحة العربية وله معترفين به من كل دول العالم.فكر حكم بلدان عربية اكثر من مرة ولم يكن يوما فكرا ارهابيا  ولا تواقا لعبور حدود الوطن العربي بحكم نظريته العربية القومية.هذا الفكر اليوم تحول من ظاهرة مكتوبة ومطروحة للرأي العربي العام في ثلاثينات واربعينات القرن العشرين  الى مكون من مكونات الوراثة العربية بعد ان تعايش مع الجسد العربي لاجيال وهنا تناقلته تلك الاجيال من الاباء والاجداد ليتحول الى مخزون فكري محمولا على المادة الوراثية العربية للجسد العربي الحي اليافع .فأن اجتثيتم الاب لسوف تنتقل تلك المروثات الى الابن وهكذا نتيجة مبدأ الحاجات له ومن ثم اثارت عناصره الوراثية كي تفعل فعلها في اثارة وديمومة الفكر البعثي الخالد.من هنا نقول ان اجتثاث البعث هو نعون من المستحيل والتفكير بذلك هو ضرب من ضروب السذاجة واحلام اليقظة.على اعداء البعث العربي ان يواجهوا الحقيقة ويتفاعلوا معها بروح الايجاب والقبول وصولا الى علاقات طيبة  لصالح الشعوب والا هي الحرب حرب الوجود.

 
البعث فكر عربي وهو ملك العرب والافكار لا تباع ولا تشترى ولا يمكن اجتثاثها لكن يمكن تبادلها بين الشعوب وتلاقحها كونها حية ومن ذات العقل البشري  وعليه لا بد من مشتركات انسانية في جهد فكري عربي كونه خلاصة تجارب الانسان. لا يوجد بلد في العالم المتمدن يخلو من فكر قومي ينظم حياة شعبه وامانيه فلاميريكا فكر ولبريطانيا فكر ولفرنسا فكر ولالمانيا فكر وللروس فكر وللصين فكر وللهند فكر وهكذا بقية الشعوب وعليه لماذا يحرم العرب من فكر قومي  ينظم حياتهم ويحمي مصالحهم ويوحد امتهم؟

 
اليس من حقوق الانسان  وحريته وديمقراطيته ان تنتهي فكرة الاستعمار والغزو والى الابد ؟ثم اليس من حقوق الانسان ان يعود العالم الى مؤسسته العالمية وهي الامم المتحدة كي تقضي بين المتخاصمين؟تلك المنظمة العالمية التي بقي منها اسمها والتي تحولت الى اداة لتسويق احتلالات الشعوب ونهب ثرواتها بل اصبحت الة مدمرة بيد الولايات المتحدة المضيفة لها؟وبالنتيجة كل المنظمات العائدة لها هوت وضاع هدفها العالمي الانساني لتتحول الى معاول تحفر غيضا في ذاكرة الشعوب؟!

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الأربعاء / ٠٥ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٠ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور