العريفي والسيستاني ورغبة إيران بأدلجة الأزمة

 
 
 
شبكة المنصور
علي الكاش - كاتب ومفكر عراقي

"أظلم الظالمين لنفسه من تواضع لمن لا يكرمهُ، ورغب في مودة من لا يرحمه"

                                                                                        ( الإمام الشافعي )

 

سبق أن تحدثنا عن الأزمة العريفية السيستانية والتي هي في حقيقتها أزمة صفوية ـ وهابية، وعلى ضوء التصعيد الإعلامي أخذت يتبلور رويدا رويدا لتتحول إلى أزمة إيرانية ـ سعودية سرعان ما أنضم العراق المحتل طرف ثالث، وهذا موقف طبيعي لأن النظامين الإيراني والعراقي لهما مواقف  موحدة في الكثير من الأحيان فالأول يملي والثاني يطيع. لحقيقة أن قوة ونفوذ إيران أمست أقوى من قوة ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في العراق سواء بالإتـفاق بين الطرفين أو ترجيح كفة إيران في ميزان القوى.

 

عندما تهجم الشيخ العريفي على السيد السيستاني إنبرى له الكثير من العلماء والمراجع الشيعية للرد عليه, ومنهم من ردً بإحترام وعلمية ومنهم من ردً بجهل وإبتذال, وكان من بينهم الشيخ حسن الصفار الذي طالب بتجريمه وإحالته إلى القضاء( الصفار من المحرضين للثورة على النظام السعودي وهو خميني أكثر من الخميني نفسه وهو صاحب الكلمة المشهورة" الله واحد خميني قائد" ) ومنهم الكربلائي الذي حمل النظام السعودي مسئولية تهجم العريفي. إن ردود العلماء والشيوخ على نظرائهم هو برأينا موقف مقبول بغض النظر عن طريقة الردً فكل إناء ينضح بما فيه. وعلماء الشيعة والسنة مهما كانت مكانتهم وأهميتهم فهم لا حصانة لهم ولا يمثلون جهة رسمية. ومن الأولى أن يقتصر الصراع العقائدي عليهم دون أن تحشر الحكومات والبرلمانات أنوفهم فيه. لذلك عندما تهجم مراجع الشيعة على السنة النواصب ورموزهم العليا وكفروهم كما أطلعنا في المقال السابق(مراجع ومواجـع) وكفر السيد السيستاني زواج السني من الشيعية والشيعي من السنية واعتبره ضلال مبين. لم يشهد الشارع العربي  السني تظاهرة واحدة ضده! ولم يجتمع برلمان عربي أو أسلامي ليوجه بيان يستنكر فيه تصرف سماحته. ولم يطلق رئيس جمهورية أو رئيس وزراء تصريحات أو بيانات ضده أو ضد حكومته( إيران) أو (العراق) كمقر لإقامتة! حتى المؤسسات الدينية الكبرى ومنها الأزهر الشريف لم تتطرق لهذا التكفير الذي آذى مشاعر المسلمين من السنة والشيعة العرب ـ من غير الصفويين ـ على حد سواء.

 

وقد أعترض عدد لا يزيد عن أصابع اليد من علماء السنة على الفتوى فألغاها السيد السيستاني من موقعه، لكنه لم يلغ العمل بها! ولم يردً أصلا على أي إستفسار بذلك الصدد سواء من العلماء الشيعة أو السنة! ولم يعتذر السيد السيستاني في موقعه عن هذا التكفير مما يعني إقتناعه به وإصراره عليه وهذا موقف واضح! من جهة ثانية لم يطالب علماء السنة سماحته بالإعتذار. ونجد ان أكبر مؤسسة سنية في العالم العربي والإسلامي هي الأزهر الشريف رغم قيام حملات كثيرة ضد الشيخ محمد سيد طنطاوي وأنتقاده بطريقة قاسية جدا من قبل العلماء ووسائل الإعلام والكتاب وكنا طرفا فيها بسبب إستقباله ومصافحته للزعيم الصهيوني المجرم(شمعون بيريز وزير الحرب السابق) في القاهرة وكان عذر الشيخ أقبح من ذنبه عندما أنكر معرفته المسبقة بأعتى مجرمي العالم. ومع هذا فان الحكومة المصرية والبرلمان لم يتدخلا في الموضوع رغم طابعه السياسي لأن الزيارة كانت رسمية بدعوة من القاهرة. فلم يجتمع برلمان أو يصدر الرئيس حسني مبارك أو أي مسئول مصري تصريحا للدفاع عن أبرز شخصية في العالم الإسلامي! وهو أكثر تأثيرا ومساحة من سماحة السيد السيستاني على الصعيد العربي والإسلامي, ولم ينبري أحد من الحكومة المصرية ليستنكر مقالاتنا أو يقيم دعاوي أو يطلب إحالتنا إلى المحكم! أو أن يحمل حكوماتنا مغبة الهجوم على السيد الطنطاوي أو على أقل تقدير يطلب من المهاجمين الإعتذار!

 

وفيما يتعلق بالسعودية فقد صبت وسائل الإعلام والصحفيين حملة شعواء (كنا طرفا فيها) ضد مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والمشايخ الشيخ عبد العزيز آل الشيخ, بسبب وصفه للتظاهرات التي جرت في العديد من دول العالم بمناسبة ما يسمي" يوم الغضب" بأنها "أعمال غوغائية وضوضاء لا خير منه، وإنها تلهي الناس عن ذكر الله" حتى وصفنا الشيخ وأقرانه من علماء السعودية في مقال (غزة في عيون وعاظ السلاطين) بأنهم( شيوخ المكدونالد)! ومع هذا فأن الحكومة السعودية إلتزمت جانب الصمت تجاه هذه الحملة القاسية ولم تدافع عن أبرز شيوخها ونأت بعيدا عن الموضوع. ولم تطالب بإعتذار ولم تجر إجتماعات رسمية أو تظاهرات شعبية مؤيدة للشيخ تطالب بإحالة موكب المنتقدين إلى القضاء أو تحمل حكوماتهم مسئولية ما نشروه. ولم تشمر الجالية السعودية في بريطانيا وغيرها من الدول سواعدها للمطالبة بأحالة المنتقدين إلى القضاء!

لنعكس الآية ونقارن هذه الحوادث بهجوم مراجع وعلماء الشيعة على الشيخ العريفي!

 

في إيران قامت قيامتهم ليس ضد العريفي ـ وهو كما معروف إمام وخطيب جامع البواردي في الرياض وليس مرجعا كبيرا كمفتي السعودية أو شيخ الأزهر مثلا ـ كما يفترض وإنما ضد الوهابية والسلفية بشكل عام ولكننا لا نعارض هذه الهجومات ولا نؤيدها في الوقت ذاته! لكنها معركة متكافئة ضمن كافة المقاييس والمعايير رغم ضررها الجسيم على سمعة الإسلام التي تشوهت بسبب الصراعات الإسلامية الإسلامية. لكن نقصد بالتكافؤ إن المهاجمين والمدافعين من نفس الصنف(رجال دين) ويستخدمون نفس الأسلحة (الكلام) ويتقاتلون على نفس الساحة(التكفير) ولهم نفس الهدف (كسب الإنصار). فأن تنحصر المعركة بين العلماء والمشايخ فقط دون أن تتعداها إلى الحكومات والبرلمانات فهذا أفضل الخيارات السيئة, لكن في حكومة ولاية الفقيه الأمر مختلف, فرئيس الحكومة الأيرانية أحمد نجادي شن هجوما حادا على السعودية، صحيح إنه ليس مباشرا ضد العريفي شخصيا لكنه مرتبط بنفس الحدث وهو مشكلة الحوثين. ولا نعرف من وكل نجادي كمحامي دفاع عن الحوثيين وهو الذي طالما أنكر دعمهم بالمال والسلاح لإدامة زخم التمرد, رغم تأكيد وزير الخارجية اليمني ابو بكر الأخير" إن من يدعم الحوثيين بالمال هم مراجع شيعية داخل إيران وخارجه!!!".

 

أليس في ذلك تدخلا سافرا في شأن دولة أخرى؟ وهل يرضى نجادي أن تدعم السعودية ملايين السنة المضطهدين في إيران؟ وأن تمدهم بالمال والسلاح وتدربهم للتمرد على حكومة نجادي؟ وما رأي نجادي إذا قاملت السعودية بدعم عرب الأحواز أولئك المجاهدون الذين يدافعون في الظل عن عروبتهم المغتصبة وهويتهم التي يحاول النظام الفارسي أن يمحقها لولا تمسكهم بها ودفاعهم المستميت عنها؟ علما أن هذا واجب وطني مقدس  وقومي وعروبي أيضا  ليس على السعودية فحسب بل على الأمة العربية بأسرها من المحيط إلى الخليج العربي. وما هو رأي نجادي لو بادرت السعودية إلى إستضافة مجاهدي معسكر أشرف مثلا على أرضيها لأسباب إنسانية وبرعاية الأمم المتحدة كبديل عن العراق بعد أن اذاقهم المالكي وحكومته الطائفية الأمرين بتحريض حكومة نجادي؟ اولئك الثوار الأبطال من مجاهدي خلق الذين يوم بعد آخر يسطرون الملاحم تلو الملاحم فيعلو موجهم وينحسر موج الملالي؟ وقبل أن يحاسب نجادي غيره ليعلم بأن خطابه التكفيري بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة ما يزال يرن في أذهاننا بأن" من يكون صالحا لن يبقى اذا لم يداوم على عمل الخير وقام بالتجديد" وضرب مثالا  طعن في تبشير حواري النبي محمد(ص) طلحة والزبير بفوزهم الجنة وقال" إنهم بشروا بالجنة ومن ثم صار مصيرهم في النهاية غير ذلك(أي جهنم)". كيف عرف نجادي بمصيرهم؟ لربما من خلال اللقاءات المتكررة له مع المهدي المنتظر حسبما يذكر بإستمرار؟ وأضاف إليهم بعد ذلك معاوية(رض) في حديث له مع القناة الإيرانية الثالثة بتأريخ 10 حزيران 2009. أليس نجادي رئيس للشعب الإيراني كله أم للشيعه فقط؟ إن كان للشعب كله فلماذا لا يراعي مشاعر(10) مليون سني إيراني ناهيك عن غيرهم؟

 

ثم ما رأي نجادي بتصريح قنصله السابق في دبي عادل الأسدي في حديثة عام 2007 للعربية نت بأنه" أصبح لقوات الحرس الثوري الإيراني بعد قيام الثورة قسم خاص سمي(بحركات التحرر) يتولى مهمة تمويل وتدريب العناصرالإسلامية المتشددة في مختلف الدول الإسلامية على العمليات العسكرية".

 

من جهة ثانية لم يقف علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيرني(البرلمان) صامتا أمام هجوم العريفي فقد إندفع كسيل البركان ليصب حممه عليه مشيرا بأن" التصريحات المسيئة لواعظ البلاط الوهابي في الرياض تجاه سماحة آية الله السيد السيستاني تكشف عن وجود مخطط شيطاني جديد يهدف إلى إذكاء النزاعات المفتعلة بين المسلمين" وربما أستمد جملته من المخطط الشيطاني الإيراني في العراق الذي أشعل الفتنة الطائفية. ووسع لاريجاني هجومه على جبهة النظام السعودي محذرا القادة السعوديين بأن يعلموا بأن" هكذا حركات سخيفة لن تنال من مقام الأبرار، وان المسلمين سيحكمون على تصرفاتهم هذه فبدلا من ان يقدموا الدعم الى الشعب الفلسطيني في مواجهته للكيان الصهيوني يقومون بإثارة الخلافات بين المسلمين". كلام مثير! فهذا النظام الذي ينتقده لاريجاني دفع المليارات من الدولارات لدعم القضية الفلسطينية منذ عام 1948 ولحد الآن والمساعدات الإيرانية للقضية الفلسطينية(لحماس فقط) لا تمثل (1)من الألف مما قدمته السعودية ويمكن للاريجاني ان يسأل القيادة الفلسطينية أو الجامعة العربية عن تفاصيل هذه المساعدات! وفي الوقت الذي حاولت السعودية ترميم الصدع والشقاق بين الفصائل الفلسطينية فأن نظام لاريجاني دأب على زرع بذور الشقاق بينهم مما جعل الفلسطيني يوجه بندقيته لإخيه الفلسطيني بدلا من أن يوجهها للجندي الصهيوني. حسنا! لنقرأ تصريح القيادي الإيراني محمد باقري خرازي بشأن ما وراء دعم منظمة حماس حيث يتساءل" ما هي الفائدة التي جنيناها أو سوف نجنيها من دعم الحركات الفلسطينية؟ فإذا قررنا دعم الفلسطينيين فيجب أولا أن نكون متأكدين بأن فلسطين ستسير على خطى مذهب أهل البيت. وإذا لم يتحقق ذلك فما الفرق إذن بين إسرائيل وفلسطين".

 

لاريجاني بتصريحه "إن الكلام السفيه والمليء بالإساءة لإمام جمعة الرياض تجاه المذهب الشيعي وإساءته الأدب الى مقام المرجعية الكبير عند الشيعة يمثل مؤامرة شيطانية تكشف عن تواطؤ بعض الجهات في المنطقة مع القوى الاستكبارية" يبدو قد نسى بأنه بات من المضحك أن تتحدث القيادة الإيرانية بما يسمى( قوى الإستكبار العالمي)! اليست تلك القوى هي نفسها التي تجلس بجانبها لتتفاوض معها بشأن العراق والتي رعاها عبد العزيز الحكيم؟

 

لكن هل للسعودية أن تتحمل مسئولية خطبة لأمام مسجد زار جبهة القتال مع الحوثيين وشهد أمام عينيه إستشهداء عدد من مواطنيه حوالي(100) شهيد وأضعافهم من الجرحى ليوجه سهام نقده  للحوثيين ومسعاهم بوساطة السيد السيستاني؟ وهل السعودية تستحق فعلا تهجم رئيس الحكومة الإيرانية نجادي ورئيس البرلمان لاريجاني؟ وهل هذا ينطلق من دعواها ومسعاها لتحسين علاقاتها المتوترة دائما وأبدا مع الدول الإسلامية؟ وهل إيران بنفس المستوى من المسئولية مستعدة لتحمل عبء ما يتفوه به مراجعها وشيوخها ضد الحكومات العربية؟ على سبيل المثال التصريحات ضد الإمارات العربية والبحرين واليمن ومصر وغيرها.

 

الشيخ العريفي مواطن سعودي قبل كل شيء ويضره بالتأكيد التهجم على بلاده ونظام الحكم وعلى العلماء السعوديين. ومن حقه أن يدافع عن بلاده ونظامه والمشايخ. وليس من حق أي بشر أن يحرمه من هذا الحق. إلا يزعج ما سنذكره من أقوال زعماء إيران وعلمائها بحق السعودية وشعبها ومنهم العريفي فيردوا عليهم بنفس الطريقة؟ لنقرأ من ثم نحكم. صرح الخميني في 4آب 1987 لصحيفة كيهان بشأن القادة السعوديين " سوف نحاسبهم بعون الله في الوقت المناسب، وسوف ننتقم لأبناء إبراهيم من النماردة والشياطين وأبناء قارون". وأضاف في حديث له لإذاعة طهران في 20تموز 1988 "سوف نزيل آلام قلوب شعبنا بالانتقام من أمريكا وآل سعود إن شاء الله في وقت مناسب، وسنضع وسم حسرة هذا الجرم الكبير على قلوبهم، ونضع حلاوة في حلق أسر الشهداء بإقامة حفل انتصار الحق، وبتحرير الكعبة من يد الآثمين، سوف نحتل المسجد الحرام". هذا تهديد فاضح وصريح بإحتلال بلد مسلم ويتعارض مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. كما ذكر آية الله العظمى حسين الخراساني في كتابه ( الإسلام على ضوء التشيع) "إن كل شيعي على وجه الأرض يتمنى فتح وتحرير مكة والمدينة وإزالة الحكم الوهابي النجس عنها".

 

أما رفسنجاني فقد صرح لصحيفة  إطلاعات في 14/12/ 1987 بأنه " إذا كان علماء المسلمين في العالم غير مستعدين لتقبل مسئولية إدارة مكة المكرمة فإن جمهورية إيران الإسلامية لديها الإستعداد للحرب من أجل تحرير هذا المكان المقدس". بل أنه تجاوز في كلمته مع وفد معلمي شيراز على الأمة العربية والإسلامية بأجمعها بسفاهة قائلا " إيران ليست هي الوطن العربي ولا العالم الإسلامي هي الكل لأنها دار الإيمان، وما عداها دار كفر، ويتعين على مسلمي إيران وأصدقائهم أن ينهضوا بمهام تحرير كافة البلدان الإسلامية". أما الدكتور مهدي صادقي فقد ألقى خطاب في عبادان في17/3/1979 ذكر فيه" إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إن مكة المكرمة حرم الله، يحتلها شرذمة أشد من اليهود". هذا بعض من مئات التصريحات التي يستهجنها أي مواطن سعودي فما بالك برجال الدين.

 

لقد إنتشرت هذه الأفكار المريضة إنتشار النار في الهشيم وتحولت الخطب التحريضية إلى ممارسات تطبيقية لإشعال الفتنة ففي عام 1407 هـ زرع الحجاج الإيرانيون الفوضى في الحرم المكي الشريف من خلال التظاهرات الفوضوية فحطموا المحلات التجارية واضرموا النار فيها ودمروا المئات من السيارات وأصطدموا مع قوات الشرطة والأمن السعودية وكانت المحصلة أكثر من (400) قتيل ومئات الجرحى وخسائر مادية هائلة, وبعد عامين كرروا نفس الجريمة بزرع عبوات ناسفة في المسجد الحرام أدت إلى مقتل وجرح عدد من الحجيج. ولو قلبنا الموقف وتخيلنا قيام زوار سعوديين بنفس الأعمال الإرهابية في قم ومشهد! فكيف سيكون موقف نظام الملالي؟

 

نود أن نبين بأننا لسنا بصدد الدفاع عن السعودية ونظامها السياسي فقد كان موقفها تجاه العراق وسنته شاحبا يعاني من فقر الإنسانية وضعف خلايا الاخوة! ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين موقف إيران من شيعة العراق وموقف السعودية من سنة العراق لأدركنا بسهولة البون الشاسع بينهما! فالسعودية التي فتحت أبوابها على مصراعيها لشيعة الجنوب بعد معركة الخليج الثانية وأقامت لهم معسكرات على أرضيها وتحولت إلى قاعدة لتوطنيهم في أرقى دول العالم! أقفلت أبوابها بشدة أمام سنة الجنوب الذين ذاقوا مرارة القتل والإغتصاب والخطف والسلب والنهب والتهجير على أيدي الميليشيات الشيعية. لكي لانخلط الأوراق ونشتت الفكرة سنناقش الموقف السعودي تجاه مسألة العريفي فقط ونترك موقفهم تجاه سنة العراق الى مبحث قادم بإذن الله.

 

العاهل السعودي سعى دوما الى تذليل الخلافات بين الأديان والمذاهب ولم تصدر عنه أية إساءة الى بقية المذاهب وخاصة الشيعة رغم الحملة الصفوية الشرسه ضده وضد المملكة عكس قادة إيران! كما أن مساهمات جلالته في (المؤتمر الدولي حول الحوار بين الأديان) الذي عقد في اسبانيا و(مؤتمر حوار الأديان) الذي عقد في مدينة نيويورك ‏معروفة للجميع علاوة على مساهمته الأخوية في حصر الإقتتال الطائفي في لبنان وتقريب وجهات النظر بين الفئات المتصارعة، وإستضافته ممثلي الطوائف المتناحرة في العراق المحتل. في حين لم نشهد لإيران موقف واحد يماثل موقف السعودية بل العكس فهي دائما تقدح زناد الفتن الطائفية في المنطقة وخارجها وهناك المئات من الشواهد التي تؤكد كلامنا.

 

كما أن الحكومة السعودية لم تدعم هجوم الشيخ العريفي على السيد السيستاني رغم الإختلاف الأيدولوجي وعلاقاتها المتوترة مع إيران ولا أحد يلومها أن دعتمه بقوة, فقد صرح الشيخ عبدالمحسن العبيكان( المستشار في الديوان الملكي السعودي) بأن "الرأي الذي خرج به الشيخ العريفي مرفوض تماماً، ولا يمثل رأي الحكومة السعودية". مضيفا بأن العاهل السعودي" يسعى دائماً لنبذ الخلافات بين المسلمين وتوحيد الكلمة وترك التطرف بكل أشكاله التي تشق صف الأمة، ويجب التعايش السلمي بين الطوائف وعدم إعطاء الفرصة للنيل من المسلمين وتقدمهم وتطورهم وعدم إشغال المسلمين في النزاعات التي لا خير فيها وأن أهل العلم في السعودية يحترمون الرموز الدينية من كل الطوائف والأديان". إذن الحكومة السعودية أزالت اللبس وبرأت ساحتها من التهم الإيرانية التافهة ووخزت بدبوس رفيع جدا بالونة الإتهامات التي نفخها نجادي ولاريجاني. وكما نعلم بأن السعودية لا تمارس التقية بل تحرمه وتعتبره أحد أنواع النفاق.

 

الملاحظ الأخيرة نود ن نبين بأننا رغم رفضنا لإقحام الحكومة والبرلمان في موضوع يخص مرجع ديني فإن نظام الملالي يمكن أن يبرر هجومه بأن السيد السيستاني هو مواطن إيراني قبل كل شيء ومرجع وفي ومخلص لوطنه، أفنى عمره في خدمته في السر والعلن وعمل المستحيل لرفع شأنه وإبراز مكانته سواء من الناحية السياسية عبر تنفيذ أجندة النظام في إحتلال لعراق ومساعدته على بسط نفوذه والسيطرة على الحكومة والبرلمان وجميع المرافق الحكومية. أو من الناحية الإقتصادية من خلال المشاريع الضخمة الي أقامها سماحته في طهران وبقية المدن الإيرانية من مجمعات سكنية ومستشفيات وملاعب رياضية ومكتبات وحوزات ومراكز علمية وغيرها من أموال العراقيين, فهو إذن مصدر دخل مهم لخزينة الدولة وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها عاقل ويمكن الرجوع إلى موقعه للإطلاع على مشاريعه. علاوة على الناحية المذهبية المعروفة للجميع.

 

لذا بإقتضاب نعترف بأن مثل هذا المرجع الكبير هو نموذج رائع للمواطن الصميمي الذي ينضح عرقا في حب وطن والعمل من أجل خير شعبه وإسعاده. لذا يرى البعض بأنه من حق حكومة نجادي أن تفتخر به وتتحمس للدفاع عنه بضراوة حتى الرمق الأخير ولا أحد يلومها كثيرا على موقفها المتشدد من تهجم العريفي على خزائنها المليارية في العراق.

 

من أجل نصرة الحق وصقل الحقيقة المجردة نتمنى كعراقيين من أعماق قلوبنا وسائلين الله جلً جلاله بأن يوفقنا لتحقيق أمنيتنا اغالية ليكون لنا مرجعا عراقي الجنسية في طهران أو قم ومشهد يخدم العراق وشعبه سياسيا وإقتصاديا( فقط) كما يفعل السيد السيستاني تجاه بلده إيران. اللهم نسألك بجاه حبيبك المصطفى أن تحقق أمنيتنا هذه.

 

سيكون المقال القادم حول موقف حكومة الإحتلال العراقية من الأزمة العريفية ـ السيستانية وهو الأخير.. نسأل الله التوفيق في مسعانا. وما التوفيق إلا من عنده.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢٥ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٩ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور