بلاع الموس والإنتخابات العراقية المقبلة

 
 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد

بلاع الموس مثل يضرب ويستعمل في المجتمع العراقي حينما يقع الشخص في حالة يجب أن يختار فيها أحد الشرين وكلاهما يؤدي الى أذيته. فلو توقف موس الحلاقة أثناء بلعه في البلعوم فإن محاولة إخراجه قد تؤدي الى جرح الشخص، وإن الإجبار على بلعه قد يؤدي ايضا الى جرح الشخص ومن ثم النزيف وفقدان الدم والإلتهابات الناتجة عن حدوث ذلك الجرح. لقد فرضت حالة بلاع الموس على الشعب العراقي في ظروف الإحتلال وعملية "الإنتخابات البرلمانية المعروفة النتائج" المستوردة والمفروضة عليه طوعا وقسرا وذلك لشل حركته الفكرية والمقايضة على إختيار أحد الخيارين بغض النظر عن مقدار الأذى الذي سيحصل في العراق وعلى شعبه.

 

الإنتخابات البرلمانية الديموقراطية التي تقام في البلدان الحرة التي تتمتع بالإستقلال وحرية الإختيار الكاملة هي عملية جميلة ومنصفة تتيح للأحزاب الوطنية - المخلصة لتربة وطنها ومستقبل اجيال شعبها - المشاركة في الإنتخابات ان تختار من قبل الشعب لتسيير أمور البلاد وتطويرها حسب البرامج السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تعرضها تلك الأحزاب أثناء حملتها الإنتخابية. هذا النوع من الإنتخابات التي تتمتع بالشفافية وحرية الإختيار تعطي للشعب وبدون ضغوط حرية إختيار ممثليه السياسيين الذين سيكونون عرضة للإقصاء والمحاسبة، هم وأحزابهم، في الإنتخابات القادمة إن لم يحسنوا في تطبيق برامجهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية الإصلاحية أثناء حكمهم للبلاد. النظام الديموقراطي لا يفرض بقوة السلاح ولا يستورد من الخارج، ويحتاج الى وقت طويل لنضوجه وتكامله وحسب الظروف الموضوعية السياسية والإجتماعية والإقتصادية منها في البلدان التي تبغي تطبيقه، وأهم خصلة من خصائله هو فهم الشعب والأحزاب المشاركة في الحملة الإنتخابية لمعنى مبدا الديموقراطية وإحترامه، وإحترام مبدأ تبادل دفة الحكم بصورة سلمية، وإعتراف الطرف الخاسر بالإنتخابات بخسارته بكل شجاعة وتواضع من أجل تقويم برامجه المقبلة ومن أجل إستتباب الإستقرار السياسي والأمني والإجتماعي والإقتصادي في البلاد وإحترام أصوات رأي الأكثرية من الناخبين. الأحزاب المعارضة التي تخسر الإنتخابات لا تبقى بدون نفوذ سياسي لأنها ستكون المراقب الواعي الدائم للسياسات التي تطبقها الأحزاب الحاكمة وتشارك في إنجاح أو في إفشال القرارات التي تحاول الحكومة إتخاذها من خلال التصويت الديموقراطي في البرلمان أو في اللجان المشتركة بين الأحزاب الحاكمة والأحزاب المعارضة.

 

ماهو موقع الأحزاب العميلة من الإنتخابات العراقية السابقة والمقبلة فيما ذكر أعلاه؟!!!

 

أن العملية السياسية والإنتخابات العراقية المخابراتية التي جلبها الإحتلال وفرضها بقوة السلاح والتحايل الى العراق بعد غزوه وإحتلاله بصورة غير شرعية وغير قانونية هي عملية فاشلة وهدامة لنسيج المجتمع العراقي ومستقبل أجياله ووحدة أراضي الوطن المغتصب لأنها تعتمد على مبدأي المحاصصة الطائفية والعرقية والتي كلاهما ظاهرتين غريبتين على المجتمع العراقي قبل إحتلال وتدمير العراق. العملية السياسية والإنتخابات المزورة السابقة التي جلبت العميلين الطائفيين إبراهيم الجعفري ونوري المالكي لرئاسة الوزراء تميزت بالفساد السياسي والإجتماعي والإقتصادي والمالي والأخلاقي، وأرسخت مبدأ الطائفية المقيتة في المجتمع العراقي التي أحدثت شرخا عميقا داخل المجتمع ووسعت جراحاته التي أدت الى قتل ابناء الشعب على الهوية، وكذاك تميزت بحرق وتدمير البنى التحتية للبلاد ونهب خيرات الشعب المالية والنفطية وأرجعت شريحة كبيرة من أبناء المجتمع العراقي فكريا الى عصر ما قبل الجاهلية، ناهيك عن مساومات تقسيم البلاد مع الأحزاب الكردية العميلة من أجل البقاء في السلطة، وكذلك التواطئ والسكوت على جرائم إحتلال أراضي العراق وحقوله النفطية من قبل دولة ملالي قم وطهران.

 

الإنتخابات المقبلة والتي من المزمع إقامتها في السابع من شهر أذار/مارس المقبل ستكون بلا جدل إنتخابات مزورة وفاشلة كسابقتها وستجلب نفس الأحزاب العميلة والوجوه الكالحة الى البرلمان والى دفة الحكم، وستزيد من الطين بلة حيث أنها ستزيد من معانات الشعب ونهب امواله وبيع خيراته النفطية الى الشركات الأجنبية، وستعمق الشرخ الطائفي والعرقي في المجتمع، وستضيع الهوية العربية للعراق، إضافة الى السماح الى إيران بالإستيلاء على المزيد من الأراضي العراقية وتوسيع مساحة نفوذها السياسي والإقتصادي والثقافي داخل الوطن المحتل، وكذلك ستطلق العنان للأحزاب الكردية العنصرية الإنفصالية العميلة لتوسيع رقعتها الجغرافية عسكريا وسياسيا وثقافيا وإقتصاديا خارج حدود منطقة الحكم الذاتي تحضيرا لبناء دولة كردية مستقلة لأول مرة في التاريخ البشري على حساب العراق وطموحات شعبه.

 

المشاركة بالإنتخابات المقبلة المسيرة أمريكيا وإيرانيا علنيا ومن خلف الستار تعني قانونيا المشاركة والإستمرار في عملية شرعنة الإحتلالين الصهيوأمريكي والفارسي الصفوي بغض النظر عمن سيفوز زورا بهذه الإنتخابات وحسب الطبخة الصهيوأمريكية لرسم مستقبل العراق. الترويج لقائمة العميل المخضرم أياد علاوي ومن لف حوله من قوائم السياسيين الجدد وأولئك المشاركين سابقا في العملية السياسية البائسة، أو الترويج لقائمة العميل المزدوج نوري المالكي وباقي قوائم الأحزاب الطائفية الموالية لإيران المتحالفة معه لا تعني التخلص من النفوذ الأمريكي أو الإيراني أو كلاهما في العراق، ولا تعني ايضا إختيار أخف شرا من الخيارين السيئين المطروحين في المعترك السياسي العراقي لأن كلاهما يصب في بودقة مصلحة الإحتلال والخنوع وبقاء الظلم والإستبداد ونهب خيرات الشعب. النفوذ الأمريكي الكبير في وطننا المغتصب باق على الرغم من وعد إدارة باراك أوباما الصهيونية بسحب القوات المقاتلة الأمريكية من العراق في بداية شهر آب/أغسطس من هذا العام وحتى نهاية عام 2011 لأنها ستبقي وكما وعدت 50 ألف جندي أمريكي في قواعد ثابتة في العراق هذا ماعدا عشرات الألاف من مرتزقة الشركات الأمنية لحماية المصالح الأمريكية في العراق، وكذلك لأن العراق مازال تحت وصاية الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح لقوات وإدارة الإحتلال الأمريكي التدخل في مقدرات العراق السياسية والإقتصادية والعسكرية والأمنية طبقا لقرار الأمم المتحدة المرقم 1546 الصادر في شهر حزيران عام 2004 إضافة الى بنود الإتفاقية الأمنية التي وقعها العميل المزدوج نوري المالكي مع المجرم جورج بوش الصغير في نهاية 2008. كذلك سيبقى النفوذ السياسي والعسكري والإقتصادي والثقافي الإيراني الواسع النطاق في العراق بسبب إستمرار سيطرة الأحزاب الشيعية العميلة لإيران على سدة الحكم وسعة نفوذ مليشياتها المسلحة العميلة المجرمة، ووجود جيش جرار من كوادرها وعناصرها المسلحة المتنفذة في الجيش والقوى الأمنية التي شكلها الإحتلال، هذا إضافة الى وجود جيش القدس الإيراني والمخابرات الإيرانية "إطلاعات" داخل العراق خصوصا في المناطق الوسطى والجنوبية من وطننا المغتصب.

 

الجعجعة الدعائية الإعلامية الممجوجة الواهية الخصال التي خلقتها حكومة المالكي العميلة من خلال منع بعض "البعثيين" أو المتعاطفين مع حزب البعث من المشاركة في الإنتخابات المقبلة المعروفة النتائج، وتخرصات تصريحات الرئيس القرقوزي الإيراني محمود أحمدي نجاد  بأنه " لن يسمح بفرض الغرب لعودة البعث"، أو الهجوم الإعلامي المعاكس الذي تبنته القيادة العسكرية الأمريكية في العراق والسفير الأمريكي كريستوفر هيل على تحركات حكومة المالكي العميلة بسبب إرتباطها المباشر بإيران، وفضح علاقة العميل المجرم أحمد الجلبي – رئيس هيئة "المساءلة والعدالة" – والمجرم علي اللامي – الرئيس التنفيذي لهذه الهيئة الغير قانونية والغير شرعية الخرقة – بإيران ماهي الا لعبة لإلهاء الشعب العراقي وصرف نظره عن التفكير بمستقبله في كيفية التخلص من الإحتلالين الشرسين ومن عملائهما والى الأبد. العناصر التي تبغي حكومة المالكي العميلة من منعها المشاركة في الإنتخابات المقبلة كانت وماتزال مشاركة في العملية السياسية الفاقعة وساهمت في شرعنة الإحتلال وكتابة الدستور الأمريكو- صهيوني الذي فرض على العراق. إيضا أن سفارة الولايات المتحدة في العراق وإدارة المجرم جورج بوش الصغير وإدارة باراك أوباما الصهيونية على علم يقين بالعلاقات الحميمة بين الحكومات العراقية العميلة ونظام ملالي قم وطهران، وكذلك علاقة المجرمين أحمد الجلبي وعلي اللامي بإيران.

 

التداخل المتباين لتحركات حكومة المالكي العميلة، ودولة ملالي قم وطهران وإدارة أوباما الصهيونية وإستغلالها لظروف "الإنتخابات البرلمانية" في العراق ماهو إلا إشارات ودلالات على محاولة حل مشاكل الصراع الأمريكي- الإيراني حول طموحات إيران النووية وحول نفوذهما السياسي والإقتصادي والعسكري في منطقتنا العربية على الساحة العراقية وعلى حساب مستقبل العراق ووحدة اراضيه. الرابح من هذا المعترك هو إيران وأمريكا والكيان الصهيوني والأحزاب الكردية العميلة التي تقايض حكومة المالكي على توسيع رقعت نوفوذها الجغرافي مقابل بقاء المالكي والأحزاب الشيعية الطائفية العميلة الموالية لإيران في دفة الحكم في العراق.

 

إذن ماذا تبقى على الشعب العراقي أن يفعله؟!!!

 

على الشعب العراقي ومن وجهة نظرنا أن يرفض حالة بلاع الموس التي فرضها الإحتلال وعملائه عليه بمرور الزمن وخيانة أولا الحرام، وأن يرفض العملية السياسية برمتها ويرفض المشاركة في العملية الإنتخابية الخرقاء والبدأ بالإعتصامات والمظاهرات المستمرة المضادة للإحتلال وعملائه في شوارع بغداد وباقي المدن العراقية الأخرى والإنخراط في المقاومة العرقية المسلحة الباسلة. غير ذلك سيبقى الإحتلال بكل ألوانه واشكاله جاثم على صدور أبناء شعبنا الصابر والى أبد الأبدين أو لحين زوال هيمنة الإمبيراطورية الصهيوأمريكية العالمية في الزمن اللامعلوم والغير محدد.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ٠٧ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور