إجتثاث وقتل العراقيين بذريعة البعث مكيدة ومهزلة إنتخابية

 
 
 
شبكة المنصور
د. عمر الكبيسي
بلغ السيل الزبى وكشَّر عملاء الإحتلال والطائفية عن أنيابهم بشكل فاضح عندما اسقطوا قناع الديمقراطية والنزاهة والمصالحة من وجوههم وظهروا على طبيعتهم الحقيقية فأشهروا سلاح الإجتثات والتصفية والتهجير والثأر والانتقام من المكون العربي المناهض وباشروا هذه المرة بلا خجل وتردد باجتثاث شركائهم في العملية السياسية التي طالما وصفوها ونعتوها بالديمقراطية والحرية والشرعية الانتخابية وعدوها انجازا يقنعون بها الناس بأنها أسست لدولة قانون وستمهد لبناء وإعمار العراق المنكوب.


وحقيقة الأمر أن ما أسفر عنه مشروع غزو العراق بعد سبع سنوات هو تنصيب لعصابة حكم قتلت ونهبت وسلبت وأفسدت وأثرت وقدمت العراق هدية وغنيمة لإيران في نهاية المطاف وان إكذوبة العملية السياسية اليوم قد بانت واتضحت . جاء ذلك مصداقا لموقف المقاومة الوطنية والقوى الرافضة والمناهضة للإحتلال عندما أعلنت أن ما حققه الغزاة بالقوة لا يمكن دحره وإفشاله إلا بالقوة ووقفة صمود وتحدٍ وبسالة.


ظل العالم العربي مسلوب الإرادة والمبادرة أمام مسيرة الأحداث بذريعة عدم التدخل بشؤون العراق الداخلية وتبنت الجامعة العربية مشروع المصالحة الوطنية لكنها تنصلت من تبعيات متابعته وفضح أساليب إفشاله واستمرت باعترافها الرسمي وعينت بديلا عن ممثلها السفير (مختار لماني) الذي استقال احتجاجا على موقف الجامعة التي يمثلها ولا يستبعد بأنها ستمضي قدماً اليوم لإرسال مراقبيها لرعاية هذه المهزلة الانتخابية حتى بعد أن أعلن الرئيس الإيراني احمدي نجاد تدخله السافر بالشأن العراقي في منع البعثيين من الترشيح وهو الموقف الذي تتبناه عصابة الحكم في بغداد . ماذا سيسفر عنه الموقف العربي المترتب على المستجدات السياسية من مواقف سواء كانت على صعيد الأنظمة والحكومات أو الجامعة أو الشعوب .

 

إن مئات الألوف من العراقيين اليوم تتشبث للنزوح والحصول على سمات دخول الى دول عديدة من أجل الخلاص من موجة العنف والتصفية والاعتقالات التي تقترفها عصابة المنطقة الخضراء الحاكمة لان هذه العصابة أرادت لهذه الانتخابات أن تكون مجزرة إجتثاثية وإقصائية حاسمة لكل المكون العربي الرافض للنفوذ الإيراني المتسلط على الرقاب من خلال الأحزاب الدينية والطائفية والميليشيات التابعة لها؛ في النجف وكربلاء يتم ترحيل وتهجير العرب وعوائلهم بشعار اجتثاث البعث وفي بغداد يتم فصل الموظفين والضباط بشكل جماعي من وظائفهم ومناصبهم ؛وتهدد محافظات البصرة والجنوب بقطع النفط والانفصال عن العراق إذا لم يتم إجتثاث المعارضين والبعثيين من الانتخابات القادمة؛ فهل سيسكت العرب والعالم الإسلامي متفرجا على هذه التهديدات والأحداث؟ وهل ستبقى الحكومات العربية تعترف بسلطة عصابة كهذه كحكومة تمثل العراق بحق؟ وإذا كانت الاتفاقية الأمنية التي أبرمتها الولايات المتحدة مع العصابة الحاكمة وشرَّعتها برلمانيا قد تعهدت بحماية العراق من أي عدوان خارجي؛ أين مظاهر تفعيل هذه الاتفاقية في وقت تشتد فيه أزمتها النووية مع إيران وتمهد لإنسحاب مشرف من العراق كما تدعي فيما يصرح قائدها العسكري (الجنرال بيترويس) بأن هيئة العدالة والمساءلة هي أداة تنفيذية لأوامر فيلق القدس الإيراني ويدعمه بالمصداقية تصريح احمدي نجادي الأخير؟ ولماذا لا تدرج قضية هذا النفوذ والتدخل الإيراني الفاضح جنبا إلى جنب مع قضية المشروع النووي الإيراني لاستقطاب رأي عامٍ دوليٍ وأُوروبي لمجابهة إيران وأطماعها؟ هل كان صدام الذي جمعت من اجل إسقاطه جيوش العالم اخطر على البشرية من خطورة المشروع الإيراني كما تؤكد الولايات المتحدة بشأن خطورته إعلامياً اليوم للعالم كله ؟


إن الأحداث والمستجدات التي تحيط بموجة الانتخابات العراقية وخطورة ما ستحدثه هذه الانتخابات والإجراءات التي ترافقها ومن ثم تداعيات نتائجها في العراق والمحيط العربي المجاور لم تعد خافية ولا سرية فالعراق اليوم بعد أن تم تسييس قضائه وتم اجتثاث أي محاولة لإحداث تغيير في واقعه او إصلاح عمليته السياسية كما اجتهد الكثير من الساسة المشاركين بهذه الانتخابات والذين تم اجتثاث مشاركتهم فيها يقف على مفترق طرق بين أن يستمر التخطيط لتقسيمه واجتثاث جذورامتداد هويته وانتمائه ووحدة كيانه وبين أن يصبح مسرحاً لمزيد من الدماء والاقتتال الطائفي ومنطلقا لتمرير مخططات الطائفية والهيمنة والنفوذ الإيراني إلى محيطه العربي.


وبين هذا الطريق وذاك تقف المقاومة العراقية وقواها المناهضة بوجه مشروع الغزو تثبت الأحداث يوما بعد يوم مصداقية ما ذهبت إليه وتؤكد شرعية وصدق نهجها حين اختارت طريق السلاح والمقاومة رافضة للعملية السياسية عن وعي وفهم عميق بعدم جدواها ؛ فهل ستقف الأنظمة العربية وقفة مستجدة لإسناد هذه المقاومة والقوى المناهضة لها بعد أن أصبحت هي الأمل الوحيد للعراقيين والعرب من اجل التغيير وانجاز مشروع التحرير والاستقلال الشامل والحفاظ على العراق كيانا موحدا وعربيا.


ماذا تنتظر حكومات العالم العربي ذات العلاقة والصلة الوثيقة بسياسة البيت الأبيض ولماذا لا تتحرك باتجاه الضغط لتتحمل الولايات المتحدة وهي دولة احتلال مسؤوليتها من أجل تقويم سياستها وتغيير نهجها أمام خطورة ما وصل إليه الوضع العراقي ومخاطر هذا الوضع على امن المنطقة العربية واستقرارها؟ هل لهذا الصمت العربي حكمة أم أنه اعتراف بعدم وجود ثقل للعرب أمام سياسات حليفتهم المزعومة؟ والله قد مللت من تكرار قولة الشاعر العربي إبراهيم اليازجي قبل أكثر من مئة عام:
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب

 
القدس العربي - كاتب عراقي
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ٠٣ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٧ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور