ما بين أياد السامرائي وهوشيار زيباري ضاع الخيط والعصفور

 
 
 
شبكة المنصور
ضحى عبد الرحمن - كاتبة عراقية
بئر الفكه الرابع سيكون خاتمة كشف حساب البرلمان العراقي و حكومة المالكي والدبلوماسية العراقية المتراجعة للخلف دائما وابدا منذ الإحتلال البغيض. فرئيس البرلمان إياد السامرائي لا عفا الله عنه الذي رفض مناقشة المجلس لموضوع الفكه بأعتباره بئر نفط هامشي لا يستحق كل هذه الضجة أو تخصيص جلسة للنواب النوام, إستفاق فجأة من غفوته المصطنعة ليعترف لنا بأن" إجراءات الحكومة العراقية لم تكن بالشكل المطلوب، فهناك تقصير واضح موجود سواء من وزارة الخارجية أو الحكومة بشكل عام بشأن إحتلال بئر الفكه". حسنا! هناك تقصير بالشكل المطلوب ولكن ما هو يا ترى الشكل المطلوب؟ وأين كان مجلسكم منذ إحتلال البئر ولحد الأن ؟ ولماذا رفضتم دعوة المجلس لمناقشة الإحتلال؟ ولماذا لم يتم إستدعاء( بشفافية أكبرإستضافة) المالكي ووزير خارجيته من قبل مجلسكم لمحاسبتهم على تقصيرهم وتبصيرهم بالشكل المطلوب؟


وكيف سمح أياد الساموراي لنائبه همام حمودي بتبسيط موضوع الإحتلال من خلال التصريح بأنه لا يستحق تلك الضجة وأن هناك من يريد تصعيد الموقف( كالعادة شماعة البعث وتنظيم القاعدة)؟ ولماذا لم يترأس الساموراي الوفد الذي طار إلى القاهرة برئاسة المالكي طالما ان نظيره علي لارجاني كان يترأس الوفد الإيراني؟ وهل قام مجلس النواب بدوره بالشكل المطلوب ليطالب الحكومة ووزارة الخارجية التصرف بالشكل المطلوب؟ وهل يدرك إياد السامرئي بأن وزارة الخارجية هي جزء من الحكومة العراقية وليس جهة منفصلة عنها ليشير بأن هناك تقصير من الحكومة ومن وزارة الخارجية؟ أو انها فعلا تعود لحكومة إقليم كردستان وليس للحكومة المركزية! ولماذ قلل نواب المجلس الأعلى للثورة الإيرانية/ فرع العراق، ونواب حزب الدعوة من أهمية البئر علما أن الأحتياطي النفطي فيه ما يقارب نصف مليار برميل(480 مليون). وما هو موقف أياد الساموراي من موضوع ( الآبار المشتركة) وهل إستدعى باقر صولاغ وزير المالية ليأنبه عن تفريطه لمصالح العراق؟ وهل فكر بأن يستدعي الشهرستاني وزير النفط ليستفسر منه عن وثيقة( توحيد الآبار) وكيف تسنى له أن يقترف هذه الجريمة الكبرى؟ لذلك يمكن تلخيص دعوة الساموراي بأنها "كلمة حق أريد بها باطل".


بلا شك ان إداء وزارة الخارجية بإعتبارها الضلع الأول في هذا الأزمة كان ضحلا ولكنه يتناسب مع ضحالة الوزارة منذ عهدها الزيباري الأغبر, فالخبراء في هذا المجال القانوني تم إجتثاثهم أو إحالتهم على التقاعد لغاية في قلب بريمر والجلبي, وأصبحت الوزارة فارهة الغفل وفارغة العقل! فمن يفاوض الجانب الإيراني ومن يفهم القانون الدولي مثلما كان يفهمه رياض القيسي وأكرم الوتري ووسام الزهاوي وسعيد الموسوي وعبد المنعم القاضي وفاروق زيادة والأنباري وغيرهم من جهابذة الدبلوماسية العراقية ومن يعوض تلك الكفاءات أو يحل محلها؟ الأطباء البيطريون أم طبيب الأسنان أم المختصون في اللغة العربية والزراعة وشؤون الحوزة العلمية الذين عينوا سفراء؟


يفترض بوزارة الخارجية منذ اليوم الأول للإحتلال الإيراني لبئر الفكه  أن تستدعي السفير الإيراني في بغداد كاظمي قمي وتسلمه مذكرة إحتجاج! وهذا ما لم يحصل كما أفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن مصدروصفه بسياسي مطلع مضيفا" باِن تسريبَ هكذا معلومات هدفــُه أغراضٌ سياسية" واصفا هذه الإدعاءات بأنها تتعارض معحقيقةِ العَلاقاتِ الإيرانية العراقية الحالية". لكن هل يمكن لوزارة زيباري فعلا أن تقدم على هذه الخطوة السليمة والمتعارف عليها بروتوكوليا في مثل هذه الحالات التي تمثل إنتهاكا جسيما لسيادة الوطن؟ الجواب بالتأكيد كلا! فالوزارة المعوقة مع كل هذه التحديات الإيرانية السافرة لم تجرأ على إستدعاء السفير وإنما القائم بالإعمال للإستفسار منه عن إحتلال الفكة بكل حياء وخجل؟ لأن زيباري يدرك جيدا بأن السفير حسن كاظمي قمي سيمزق مذكرة الإحتجاج أمام عينه بكل عنجهية وغطرسة ويرميها بوجهه المنتفخ عمالة!!! هذا إذا لم يصفعه ويطالبه بإعتذار عن تلك الوقاحة. فأختصر زيباري الطريق على نفسه.


ولم تجرأ الوزارة الكسيحة على الرد بما تفوه به كاظمي قمي السفير الإيراني في بغداد من صلافة ووقاحة بنفي " قيام قوة ايرانية بالسيطرة على بئر نفطية في منطقة الفكة جنوب العراق" وتماديه بإنكار كل شيء" لم يقع أي حدث في منطقة الفكه، لم تدخل اي قوة عسكرية ايرانية مطلقا الى الاراضي العراقية، وإنما يوجد مخفر حدودي ايراني على بعد مائة مترا من البئر". عجبا كيف تتواجد القوات الإيرانية على بعد(100) مترا عن البئر والبئر يبعد عن الحدود الإيرانية(250) مترا؟ أليس هذا دليلا على إنتهاك تلك القوات لحرمة الأراضي العراقية؟ ولم يقف السفير عند هذا الحد من التهجم بل تجاوز كل الحدود عندما حمل الجانب العراقي مسئولية الأزمة، مبررا وجود قوات عسكرية عراقية قرب بئر الفكه هو السبب وراء ردة الفعل الإيراني"القوات العراقية زحفت باتجاه المنطقة بعدها تقدم الايرانيون ثم انسحب الجانبان الي مواقعهما"! نتساءل على قلة خبرتنا بالقانون الدولي: هل هناك ضررا أم خطئا أو تجاوزا عندما تتواجد قوة عسكرية عراقية في أرض عراقية؟ أو ترفع علما على أرض عراقية؟ إذن لماذا تشكل قوات تسمى بقوات الحدود(حرس الحدود) وما هي واجباتها؟ و أين يفترض ان يكون تواجدها؟ داخل المدن مثلا أم على الحدود؟ ثم ماذا كانت تفعل القوات الإيرانية على الحدود إن كان هناك خطأ ما؟


حتى لو أفترضنا جدلا حدوث ذلك! أليس من المفروض ان تعالج الجارة المسلمة المسألة عبر القنوات الدبلوماسية بدلا من دفع قواتها لإحتلال البئر سيما أنها تدعي الحفاظ على أمن العراق وسيادته! فلماذا إستعراض القوة إذن وتضخيم المسألة بدلا من إحتوائها من الجانب الإيراني؟ ولماذا يقع اللوم علينا فقط؟ المثير في الأمر أن هذا السفير(وهذه يمكن أول مرة تحصل في التأريخ الدبلوماسي) ينتقد الحكومة والبرلمان العراقي ويحملهما مسئولية الإحتلال قائلا" الحكومة والبرلمان العراقيين يتحملان مسؤولية هذه الخروقات باعتبارهما ممثلي الشعب وواجبهما الدفاع عن الأراضي العراقية". إذن أليس من حقنا أن نحمل حكومة نجادي وبرلمان لاريجاني مسئولية الأعمال الإرهابية التي تحصل في العراق وتدفق الأسلحة الإيرانية والإرهابيين ودعم الميليشيات الإجرامية؟


 أما السفير العراقي في طهران( المله محمد مجيد عباس) فهو" محروس من عين البشر وأولهم عيوني" يذكرنا بصورة القرود الثلاثة(عمي، صم و بكم) عندما يتعلق الأمر بمصلحة العراق بالطبع و(مبصركالنسر وسميع كالجرذ ونباح كالكلب) عندما يتعلق الأمر بمصلحة إيران! والرجل لا يمكن أن نلومه فهو إيراني الجنسية وتهمه مصالح بلده إيران، وهذا أمرمهم وحيوي ومن متطلبات المواطنة الحقيقيه! فالعيب ليس فيه وإنما فيمن سواه سفيرا وعينه في طهران!


كما أن الوزارة وقفت جامدة أمام تهجم القنصل الإيراني على التظاهرات التي أندلعت في كربلاء وعمت بقية المحافظات العراقية, وأي وزارة تحترم نفسها كان من المفروض ان تلجم هذا القنصل المسخ وترميه إلى خارج الحدود بإعتباره( جرذا غير مرغوب فيه), فليس من حق القنصل أن يتدخل في الشئون الداخلية للبلد الذي يعمل فيه لأن عمله فني وليس سياسيا, فلا يشترط في القنصل أن يكون دبلوماسيا كما هو معروف. فما بالك وهو يهدد ويتوعد المواطنين هذه المرة"نزل ويدبج على السطح" كما يقول المثل العراقي!


لا أعرف كيف يفسر لنا زيباري تصريحه عابر القارات من أفريقيا إلى آسيا ـ من أرض الكنانة ـ بأن" مذكرات وزارة الخارجية العراقية هي من كانت وراء انسحاب الإيرانيين من الفكه" فأي نصر دبلوماسي كاذب حققته مذكراته والقوات الإيرانية ما تزال ماسكة الفكه ولم تتزحزح منها بعد؟ وأية مذكرات يتحدث عنها وقد إستمعنا لمسئولين إيرانيين انكروا تسلمهم أية مذكرة من وزارة زيباري؟ فلماذا هذا الدجل والكذب الرخيص؟ وإذا خلصنا إلى سلامة النية! فلماذا لا يراعي الدقة والموضوعية والتأني قبل أن يطلق العنان للسانه؟ وهل سيكون موقف زيباري بنفس الرخاوة والميوعه لو أحتلت إيران بئرا نفطيا في إقليم كردستان؟


لم يفرغ زيباري كل ما في جوفه من غازات دفعة واحدة بل على دفعات ليبقى الجو مفعما بالروائح الكريهة فقد إعترف بأن " إيران تنتهك الحدود العراقية منذ عام 2006 وإن الفنيين العراقيين الذين يعملون في الآبار النفطية الحدودية يتعرضون لإستفزازات من الإيرانيين الذين يطلقون عليهم النار ويعتقلونهم في بعض الأحيان"! يا للهول!!! فأين كانت وزارة الخارجية خلال السنوات الثلاث الماضية من هذا الشأن السيادي؟ ولماذا لم تحتج على هذه التدخلات سيما أنه تمخض عنها زهق أرواح وتعويق عراقيين أبرياء؟ ولماذا نكست الوزارة رأسها عندما جرى الحديث عن التدخل الإيراني في الشأن العراقي، وشكلت لجنة لتقصي هذا الأمر؟ وهل زودت الوزارة الزيبارية اللجنة المالكية(لتجميد التدخل الإيراني في الشأن العراقي إلى يوم يبعثون) بتفاصيل تلك التدخلات؟ وهل مسئولية وزارة الخارجية كما نوه زيباري " أن أكبر ملف لدى وزارة الخارجية هو الملف الإيراني" جمع الوثائق والملفات حتى يغطيها الغبار؟ أم عرض تلك الملفات على الرئاسة والبرلمان وتقديم التوصيات لمعالجتها، وكذلك إطلاع الرأي العام والعربي والإسلامي والدولي على تفاصيلها، وتثبيت الحق العراقي أمام تلك الإنتهاكات لدى الأمم المتحدة؟ والأهم من هذا كله أن يطلع عليها الشعب العراقي المسكين ليميز صديقه من عدوه! بدلا من إيهامه بأن أشد أعدائه هو أصدق أصدقائه؟ أو لكسر تلك الأفواه ذات الرائحة الكريهة التي ماتزال تنكر التدخل الإيراني في الشأن العراقي وتستميت في الدفاع عن جارة السوء والضلالة لأسباب طائفية.


أما دعوة متقي وزيباري لتشكيل لجنة ثنائية لدراسة الحدود فأمرها غريب كذلك! فلماذا هذ اللجنة والحدود واضحة ولاتحتاج إلى دراسات وتحقيقات فالخرائط موجودة في وزارة زيباري وأن كانت قد فقدت فهناك نسخة من إتفاقية عام 1975 مودوعة لدى الأمم المتحدة إضافة إلى نسخة أخرى لدى الجامعة العربية وكذلك الجزائر بإعتبارها الوسيط بين الطرفين. ويمكن للزيباري أن أراد فعلا أن يضمن مصلحة العراق ولنا شكوك في ذلك! أن يستعين بكوادر وزارة الخارجية القدامى على سبيل الإستفادة من خبرتهم. ولا نظن ان تلك الصفوة الوطنية ستبخل عليه بالمعلومات والوثائق المتيسرة لديها، ليس من أجل عيون زيباري ووزارته الكسيحة! ولكن من أجل المصلحة الوطنية وعدم إضاعة الجهود التي أفنوا أعمارهم فيها لخدمة العراق ونصرة مصالحه الوطنية ... ولنا عودة.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٧ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور