مؤتمر المقاومة العربي الدولي والمأزق الاخلاقي

 
 
 
شبكة المنصور
المحامي فتحي احمد درادكة
ما سأذهب اليه يتعدى مجرد محاولة سياسية لفهم منع ممثل حزب البعث من التحدث في مؤتمر المقاومة، ذلك ان صياغات المؤامرة السياسية التقليدية لا تسمح بتفسير هذا السلوك وحتى اكراهات دافعي الأموال لا تسمح بذلك، ذلك ان متلقي المال يجب ان يتمتع بحد من الحرية فاذا كان في مجال العقائديات وصار يخضع لمطلق اشتراطات دافعي الأموال تحول الى مرتزقة ليس اكثر .

 

واذا كان يلزمنا نظرياً ان نحدد لغة معيارية او قريبة من ذلك لتحديد دلالات المقاومة فانا سنتفق بسهولة انها تشمل كافة صورة الرفض لقوى الظلم والاحتلال وهي بذلك تشمل كافة صور الاداءات اليومية للأفراد من حيث اعتبارها بناء ثقافي شامل يستوعب كامل التصورات المجتمعية اخلاقياً وسياسياً وادبياً، لهذا يكون السلاح والموسيقى والأدب والإعلام في حالة جبهوية موحدة تخلق النسيج الكلي للمقاومة .


ومن محددات البناء الأخلاقي للمقاومة انها بالضرورة تتعاطف وتتعاون مع كافة الحركات التحررية والمقاومة، لهذا كان المناضلون ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا يجابهون الصهيونية، وكان وما زال الاداء الثوري في امريكا اللاتينية قابل للتلاقي مع النهج الثوري للأداء الحضاري العربي، ولا شك ان البعث يمثل هذا النهج – والالتزام الأخلاقي على المقاومة بالشكل الذي قدمناه هو بحد ذاته عمل جوهري من ناحية التأكيد على ان المقاومة مقاومة، فضرورته ليس فقط لقوى المقاومة الاخرى، وانما له ضرورة ذاتية ترتبط بالبناء القيمي لافكار المقاومة بل لفكرة المقاومة ذاتها .

 

هكذا يتضح ان النسيج المقاوم يتمحور حول فكرة اخلاقية تتمثل في الرفض النهائي وعلى كل المستويات لصياغات الظلم وحالئذاً تنجز المقاومة صيرورتها باستخدام الكفاح المسلح، باعتبار ان الخصم رفض ويرفض كافة صياغة العدالة المبنية على الحق البيّن، والحق النهائي في تقرير المصير وحق الشعوب في ثرواتها وسيادتها وعند تحديد الموقف تتراجع كافة الحسابات الضيقة اثنياً ودينياً ومصلحياً وتقدم اطاريح اكثر قوة ومناصرة للحق كما هو .

 

وبالرجوع الى التمأزق السياسي العالمي اخلاقياً نجده يتمثل بشكل مباشر في الفراغ الشاسع بين كافة مقولات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وبين قانون اجتثاث البعث، وهذا يعني ان كافة حركات التحرر وجميع نضالات الشعوب يجب ان تنطلق مباشرة من موقف نهائي تجاه اجتثاث البعث، ذلك ان المأزق الأخلاقي لسياسة القطب الواحدة واحتلال ارض الغير وزعم الديمقراطية هو ذاته رافعة اخلاقية نهائية وناجزة بالنسبة لحركات المقاومة في العالم، وبهذا التصور فان المقاومة العراقية ومساقات حزب البعث هي المحدد الأقوى للصيرورة النهائية لتطور الضمير الإنساني المقاوم ان حزب البعث العربي الاشتراكي بهذه الصفة وبقيادته الشرعية الممثلة بالرئيس عزة الدوري هو ضرورة للبناء الاخلاقي الكوني من ناحية، وضرورة ملحة للانسجام الذاتي للمقاومة مع البناء الاخلاقي المفترض تأسيسها عليه اذا هو بالتحديد من سيحدد مستقبل المقاومة في تاريخ الانسان من الآن وللمستقبل .


ويستند هذا التأسيس على الحقائق السياسية التالية :


1-    اجماع امريكي صهيوني بريطاني على اجتثاث البعث .
2-    توافق ايراني ( فارسي ) مع الأنظمة القطرية العربية على هذا الاجماع .
3-    تجنب كافة منظمات حقوق الانسان الممولة من الغرب لهذه الحقيقة .
4-    تجاهل المنظمات الدولية الخاضعة للقرار الأمريكي لهذه الحقيقة .
5-    امتناع الدول والتي تخضع لاكراهات الإرهاب الأمريكي الصهيوني عن طرح الإشكالية .
6-    انعدام اي صورة من صور الدعم للمقاومة العراقية .
7-    حصار اعلامي حقيقي على هذه المقاومة

 

وامام هذا الوضع كان ينبغي على مؤتمر المقاومة ان يكرس جل اهتمامه لهذا الجانب وخاصة وهذا مهم ومهم جداً ان الحركة الشعبية الثورية في فلسطين على توافق عقائدي تام مع الصيرورة التاريخية للمقولات البعثية وعقائدية الأخير وان كانت ذات ابعاد انسانية وترفض العدوان فانها رفضت وما انفكت وستبقى تقاوم وتسعى لتحرير الأرض العربية كاملة من الغصب الصهيوني، لهذا فان المأزق الأخلاقي والسياسي لمؤتمر المقاومة ادى الى اضعافه بشكل بيّن، مما يلزم استدراك سياسي واعلامي اذا اراد بحق ان يطرح ذاته كمقاومة ضمن مساقات النضال الثوري المتجذر شعبياً والمشبع اخلاقياً وغير ذلك فان تداعيات هذا المأزق غير محدد بسقف انتقادات وتحليلات بل ستنعكس سلبياً على الأداء الكلي للمقاومة كمعطى انساني ضروري لاستمرار تطور الإنسان وتوازن المجتمع البشري، و إذا كان الحال كذلك بالنسبة لتطور الخطاب الثوري على الصعيد الانساني فانة يلزم البحث عن تفسير كيف يغامر مؤتمر المقاومة باستبعاد ممثل حزب البعث من الحديث في المؤتمر وابسط ما يمكن ان يوصف سلوك من هذا القبيل بانة مغامره بالمقاومة ذاتها اذ لا شك ان هذا سينعكس سلبا على مدى تعاطف الشارع العربي من ناحية وعلى التركيبة الثقافية لمن يطرحون ثقافة المقاومة كخيار ثقافي للشعوب العربية والاكثر خطورة ان يكون الاستبعاد يقع في اطار الاستبدال فاذا كان المطروح لدى البعض استبدال الاستعمار الصهيوني باخر تركي او فارسي فان هذا موشر صدام حقيقي ومخبر صادق عن تحالف تاريخي بين كافة الاعداء وهذا يشكل دعوة صريحة للقومية العربية كي تعيد تصنيف قائمة الاعداء .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ١٤ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور