المرجعية وحقيقة دورها وأسباب وجودها

 
 
شبكة المنصور
حديد العربي

ارتكزت السياسات الإيرانية بكل أشكالها؛ العلمانية، والكهنوتية، على مبدأ كانت كل القوى الامبريالية الصليبية والصهيونية قد تعاهدت وتحالفت على وضعه حجر الزاوية لكل سياساتهم تجاه الأمة العربية وعقيدتها الإسلامية، بل وكان الأداة المثلى التي حققت هذه القوى من خلالها كل التقدم السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي الذي أحرزته خلال القرنين الماضي والحالي.


يقول الجاسوس البريطاني همفر في مذكراته التي ترجمت للعربية دون أي إشارة للمترجم أو الجهة التي قامت بنشرها خوفاً من بطش الأنظمة العربية العميلة التي تكشف المذكرات بعضاً من خفاياها: " ذات مرة ذكرت لبعض رؤسائي في الوزارة[وزارة المستعمرات] اختلاف السنة والشيعة وقلت لهم: إنهم لو كانوا يفهمون الحياة لتركوا النزاع ووحدوا كلمتهم، فنهرني الرئيس قائلا: الواجب عليك أن تزيد الشقة لا أن تحاول جمع كلمة المسلمين" ثم يشير إلى توجيهات رئيسه، سكرتير وزارة المستعمرات البريطانية له قبل عودته إلى بغداد في إحدى مهماته الجاسوسية التي بدأها عام 1710م، حيث يقول له: " مهمتك في هذه السفرة أن تتعرف على هذه النزاعات بين المسلمين وتعرف البركان المستعد للانفجار منها".


ولم يجدوا في الإسلام بركاناً ليفجروه تحت أقدام العرب، لأن الإسلام لم يكن للعرب إلا سكنا وأمناً وأرضاً صلبة وقاعدة راسخة توحد عليها العرب وامتلكوا بفضلها قدرة أداء الدور التاريخي الذي انتخبهم له ربهم تعالى كبناة لأرقى الحضارات الإنسانية، لكنهم وجدوا في المجوسية والطموحات القومية الفارسية المتسترة برداء الإسلام ما يمكن أن يكون بركاناً دائم النشاط ودائب على الانفجار، يعصف بالعرب وعقيدتهم متى أرادوا.


فالنزاع الذي يدور اليوم باسم الإسلام هو ليس نزاعاً إسلامياً في حقيقته، إنما هو نزاع بين العرب والإسلام من جهة، وبين من توغل في صفوفهم بدوافع قومية حاقدة تتخفى خلف مجوسية كافرة تتخذ من الإسلام والتشيع قناعاً خادعاً، تستغل فيه الرعاع والجهلة فتجندهم في مسار تآمرها وحقدها عليهم وعلى مستقبلهم ومصيرهم وكيانهم الاجتماعي.


وإن أي تعويل على المراجع الدينية الفارسية في تصحيح هذا المسار والانحراف يعدُّ جهلاً بحقائق التاريخ والواقع وتجني عليها، فأين كانت هذه المراجع حين تسللت عصابات الإجرام الصفوي الفارسي مع العدوان الهمجي الصليبي الصهيوني على العراق عام 1991م وهي تنفذ أبشع الجرائم ضد شعب العراق المنكوب بالعدوان حين قتلت ومثلت بأجساد ما يربو على ربع مليون "شيعي" عراقي، جلهم من النساء والأطفال؟


وأين كانت حين عاودت هذه العصابات جرائمها القذرة على شعب العراق مع احتلاله عام 2003م من قبل الصليبيين والصهاينة وقد تجاوزت أعداد ضحاياهم حتى الآن المليون ونصف المليون عراقي؟


وأين كانت قبل ذلك حين كان الخونة والجواسيس – ممن تسندهم اليوم وتجهد نفسها في سبيل ترسيخ أقدامهم على أرض العراق والعبث فيه ونهب خيراته – وهم يجوبون مواخير الرذيلة ودهاليز المخابرات الأمريكية والبريطانية والصهيونية باسمها وخلف شعاراتها الزائفة، يزيفون الحقائق، ويزورون الوقائع، ويشوهون الواقع العراقي من أجل إدامة الحصار على شعب العراق – والذي لم يؤثر فيهم بفعل الإمدادات الفارسية وضريبة الخمس – ويوفرون الحجج الواهية ويصوغون الأكاذيب الملفقة لتبرير العدوان والغزو؟


لقد أثبتت وقائع التاريخ تسندها إفرازات الواقع بما لا يقبل الشك، أن هذه المرجعيات التي أنشأها الطوسي لم تكن، ولن تكون إلا أداة من أدوات التآمر الشعوبي الفارسي المستمر على الأمة والإسلام، ساهمت وتساهم اليوم بشكل فاعل في تقويض كيان الأمة وتشويه عقيدتها، بما يجعلها عاجزة عن تحقيق وحدة العرب، التي بها انتصروا على الفرس وأذهبوا إمبراطوريتهم. وليس من بين أهدافها الاقتداء بآل بيت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مطلقاً، فكل ما حققوه حتى اليوم يتقاطع كلياً مع سيرتهم ونهجهم، بل ويمسخ صورتهم البهية الناصعة المتربعة على صدر التاريخ، عدلاً وإحساناً وخلقاً وتجرداً من الدنيا ومغرياتها.


ولن ينال منهم أحد فعذرهم في كل مؤامرة وخيانة هو التقية، فكلهم يعيش بوجهين متناقضين، أينما دارت الريح استداروا بوجوههم معها.


فأي مراجع هذه التي لا يمكن لأحد أن يقع على صدقها مهما تحرى وأجتهد! وآل بيت النبي الطاهر لم يكن لأحدٍ منهم وجه غير وجهه مهما اشتدت عليه المحن والظروف، وإلا لو كانوا كما هم مراجع التشيع الفارسي الذين يتسترون خلف محبتهم والولاء لهم لما قتل أحد منهم، ولما استشهد الحسين بن علي عليهما السلام وهو يتمسك بموقفه العظيم في التصدي للانحراف ومجابهته.

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ١١ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٥ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور