أهو اجتثاث للبعث أم تزكية له

 
 
 
 
شبكة المنصور
حديد العربي
إن من أعجب العجب وأغرب الغرائب أن تجد الأحزاب التي تولت قوى الاحتلال الصليبية والصهيونية والمجوسية، وجندت كل طاقاتها في سبيل تحقيق غاياتهم وأهدافهم من العدوان على العراق، تتستر خلف مسميات وأهداف كاذبة ومنافقة، تتخذ من الإسلام وعقيدته وتاريخه ورموزه أقنعة خادعة، تشترك مع الشيوعيين في العمالة وتأتلف معهم في الحكم، وهي تعلم إن الفكر الشيوعي يُنكر وجود الله تعالى، ويرى في الدين حالة متخلفة ومعوقة لتطور المجتمعات، بل يعتبره افيون الشعوب.


مع إن تكوين أغلب هذه الأحزاب ارتبط بخدعة تولي آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، واسترجاع حقٍّ لهم في الحكم والإمارة، وكأن آل بيت النبي ما كانوا عبيداً لله، ولا أخلصوا له العبودية، فأين هم ممن يُنكر وجود رب آل البيت وصاحب البيت، أو من يجعل له أبناء وزوجات، أو يتعبد له في السجود لرأس عجل، أو يتعبد للنار الذي يعذب بها الله الكافرين والمشركين والمنافقين؟


تعالى الله عما يصفون


ومع كل هذا تجد هذه الأحزاب ترفع شعارات العداء والحقد والتكفير للبعث فكراً وتنظيما، وتحلل قتلهم، بل توجبه على أتباعها، كما أمرتهم به مرجعيتهم المجوسية انتقاماً لتمريغه لإنوفهم العفنة بالتراب في صولات القادسية الثانية، قادسية صدام الخالدة، رغم علمها أن البعث ليس فكراً إلحادياً ولا تكفيرياً، إنما هو يستلهم العقيدة الإسلامية وخصائصها الحضارية للنهوض بواقع الأمة من جديد، إلى حيث يعبد الله وتطبق شريعة دينه الحنيف، فليس في فكر البعث مفردة واحدة تناقض منهج الإسلام أو تتقاطع معه، وذلك هو سبب حقدهم وتكالبهم ضده.


فهم يعلمون أن البعثيين أصحاب رسالة، وبُناة من الطراز الأول، ومقاتلين من طراز القادة العظام الذين حفروا ذكرهم في صفحات التاريخ بعمق يصعب على الأعداء محوه أبداً، كما يعلمون أن البعث خلال فترة حكمه للعراق والتي امتدت لخمسة وثلاثين عاماً، حقق خلالها منجزات للشعب العراقي وأبناء الأمة ما لم يحققها غيره، ويعجز عن تحقيق مثلها وإن حكم ألف عام، ولم يرتكب خلالها من الأخطاء بقدر الأخطاء التي ارتكبها حليفهم اليوم، الحزب الشيوعي، الذي يتكاتف معهم ويرتع في وكر الشياطين بزريبة أسيادهم الخضراء، خلال أربعة أعوام وبضعة أشهر إبان الحكم الشعوبي القاسمي (1958-1963) مع إنه لم يكن إلا ذيلاً من ذيول تلك السلطة، فما بالك لو كان صاحب سلطة!


فلا زالت أعمدة الكهرباء في الموصل الحدباء تأن وتختزن في ذاكرتها تلك المشاهد البشعة لأجساد حفصة العمري وعشرات الرجال معلقة عليها عارية، بعد أن طالتهم ديمقراطية قطار السلام الشيوعي.

 

كما لا تغيب عن ذاكرة كركوك وشعلتها الأزلية مجازرهم الوحشية. ولا تفارق مشاهد الأجساد العراقية وهي تُسحل بالحبال الشيوعية الشعوبية خيال حصى شوارع مدن العراق من أقصاه إلى أقصاه. كما لا زالت أصداء مهازل محاكمات المهداوي وأساليب السب والشتم والعربدة التي كان يمارسها هو وزمرته على أحرار العراق وعشاق العروبة تتردد في كل أجواء العراق مع الأحكام الجائرة التي كانت تصدرها بحق أشرافه.


ولم تكن تلك المجازر الوحشية إلا بسبٍ وحيد، هو رفض الشعب العراقي المتمسك بعروبته وعقيدته الإسلامية أن يطاوع إجرام الشيوعية في سعيها لتحويل العراق إلى حانة للموبقات والمنكرات ومواخير للرذيلة والعهر والإباحية اللينينية، ومحاولات إفراغ العرب من عروبتهم وسلخ العقيدة الإسلامية من قلوبهم، تماماً كما عادوا اليوم بأقدام الغزاة، هم وكل الأحزاب المعممة بعمائم الشياطين، ليحاولوا تكرار ما فعلوه من قبل.


ومع كل تلك الجرائم التي يندى لها جبين كل شريف وغيور، فلم يتطرق أحد من المتأسلمين لهم باتهام أو حتى بنقدٍ، ولم يجتثهم أحد، لا لكفرهم ولا لجرمهم ولا لعمالتهم.


أليس إذن هذا الاجتثاث الخائب للبعث شهادة وتزكية أرادها الله تعالى لمن أخلص له السعي والنية، من حيث لا يعلمون؟ حين أرغمهم أن يضعوا أنفسهم كخونة ومأجورين وأفاقين ومجرمين في صف الكفر والضلال جمعاً واحداً، ثم أفردوا للبعث وكل الأخيار النجباء الأشراف من أبناء العراق والأمة صفاً مقابلا؟


فالحمد لله الذي أذلّ دعاة الاجتثاث وعجل لهم الخزي بأعمالهم في الدنيا قبل الآخرة، وفضح أكاذيبهم ونفاقهم وبهتانهم وكشف نواياهم وغاياتهم للقاصي والداني جلية واضحة كشمس الهاجرة.


والحمد له، الذي لم يبق في صفهم حتى من يملك أدنى إنسانية، وأضعف إيمان ومواطنة، ونزرا يسيرا من شرف الرجال وعفة النساء.


انه خزي الدنيا وشقاء الآخرة.


فابشروا أيها الباذلون المضحون الصابرون المؤمنون ببيعكم الذي بايعتم، فقد لاحت والله بشائر الظفر، ودنت قطوفها، مصداقها ودليلها أنين الشعب من زاخو حتى الفاو على أيامكم البهية، بنسائه ورجاله، شيوخه وشبانه، وحتى الذين اهتزت أمامهم القيم بعد الغزو فقد انتفضوا على أنفسهم وأصبحوا يطلقون صيحاتهم مدوية مجلجلة، أذهلت العملاء وقضَّت مضاجعهم واضطرتهم للتخبط لا يهتدون إلى سبيل، ولا ينتظرون إلا صفعة صدامية تطرحهم في مستنقع الذلِّ والهوان إلى الأبد.


فأي معجزة بعد هذا تنتظرون، وقد أعزكم الله في الدنيا وأذل أعداءكم، ولكم ما بشركم، ولهم ما وعدهم، والله لا يخلف وعده.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٣٠ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٦ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور