الكلدان وحضارتهم وعلاقتهم بحضاره بني كعب .. والقيم العراقيه العربيه الاسلاميه الاصيله

 
 
 
شبكة المنصور
اعداد المهندس معن باسم عجاج
باحث اكاديمي في شوؤن سهل نينوى
هذه القصه تروي المحبه الحقيقيه للمسلمين والمسيحيين اعراقيين وتؤكد النخوه العربيه العراقيه ...كما انها تؤكد بكل فخر وعبر حقائق يؤكدها تاريخنا المسيحي وبشهاده بابا الفاتيكان ان الاهواز بمحمرتها وعبادانها عربيه عراقيه واليكم قصتي من تاريخ العراق في القرن العشرين

 
قد يستغرب البعض ان في عصر الجاهليه وفي مجتمع يسوده الجهل تبرز امارات رائعه تعلم منها العالم نظم السياسه واصول النظام الجمهوري فلو نظرنا لقبيله قريش مثلا نجد انها شكلت ما يسمى بدار الندوه وهو نوع من النظام الديمقراطي لتاسيس نظام شبيه بالنظام الجمهوري المتقدم في الوقت الحاضر ...بينما نجد ان بني كعب  القبيله العربية على سـبيل المثال أيضاً وفـي العصر الحديث تحديداً أسـست إمارة متحضرة. .. وقبيلة كعب تستحق أكثر من وقفة حضارية لما يتمتع به أعلامها وشعبها من القوه في البناء وعشق السلام والنمو على كافه المستويات ، فقد أسـست هذه القبيلة المتميزة حضارتها الخاصة المستنبطة من الحضارتين العربية والإسـلامية! فهي إمارة ذات طابع ديمقراطي، فقد أنشأت جيشـاً قوياً عدةً وعدداً، وبنت أسـطولاً بحرياً أثار إعجاب الغرب الاوربي والعالم اجمع. وقد كان الناس في زمن الشـيخ سـلمان الكعبي  يعيشون افضل الامان والسلام ولربما لم يعيشها شعب عبر التاريخ.... وقد نقل أحد المستشرقيين الأجانب في احدى كتاباته: لـو أن امرأة شابـة خرجت منتصف الليل من مدينةٍ إلى أخرى تحمل على رأسها طبقاً من الذهب لما تعرض لها أحد... وفي هذا القول إشارة كبيرة لما وصلته إمارة كعب من رقي اداره النظام السياسي، فالأمان ثمرة من ثمار الوعي الحضاري المستند إلى قوة النظام الحاكم ورخاء المحكوم .


فقد استطاع أمير كعب بما يمتلك من قلـب ٍكبيرٍ ومروءةٍ عربيةٍ أن يحتضن الطائفة الكلدانية بعد المذابح التي تعرضت لها على أيدي العثمانييـن وجنودهـم خلال الحرب العالمية الأولى، فضلاً عن التجويع والمصادرة والسبيفحيـن ضاقت الأرض بأشقائنا المسيحيين، لم يجدوا في كل الدنيا موطناً آمناً لهم سوى إمارة كعب التي آوتهم وقدمت لهم المساعدات الإنسانية العاجلة، كما فتحت لهم المدارس وبنت لهم الكنائس. ونقتطف مـن كتاب :الأحواز ”عربستان” إمارة كعب العربية في المحمرة، تأليف الأستاذ المؤرخ علي نعمة الحلو، الطبعة الأولى (1969م) دار البصري للنشر - صفحة 74، تحت عنوان:


علاقة بني كعب مع طائفة الكلدان:
” ذكرنا آنفاً موقف الشيخ خزعل الكعبي الطيب بالنسبة إلى الطوائف الدينية وما قدمـه من مسـاعدات وخدمات للطائفة الكلدانية خلال الحرب العالمية الأولى، فقد تعرضت طوائف الأرمن والسريان والكلدان إلى مجاعات ومجازر عاشت خلالها تلك الطوائف محنة قاسـية، فكثر عدد القتلى والسبايا والمنكوبين. وروى الراوون ما حل بهؤلاء من روايات تقشعر مـن هولها الأبدان. قالوا ”... وكان الناس يهجمون على هذه الطوائف فينهبون المتاع والمـال ويسبون النسـاء ويهلكون الأطفال والرجال، ثـم يتناول العسكريون الجماعات وينفونهم فيهلكون في الطريق جوعاً وعريـاً بعوامل البرد أو بضرب أقفية البنادق. في ذلك الوقت العصيب وجد من كتب له نصيب في الحياة من هؤلاء التعساء من البشر ملجأً أميناً لجؤوا إليه وحصنأ أمنوا فيـه بعد الخوف، فقروا عيوناً وارتاحوا نفوساً. فقد اجتاز بعض الكلدانيين الموصل إلـى بغداد وتعدوهـا إلى البصرة ومنها انتهوا إلى الأحواز، فلقوا فـي حمى العربي الكريم خزعل الكعبـي أمناً بعد الخوف، وراحـة على أثـر التعب، ويسراً أنساهم ما فارقوا من العسر، فحمدوا الله على نعمائه، ولخزعل على عدله وفضله، فباتوا مع إخوان لهم كانوا قد سبقوهم إلى الأحواز هرباً من المذابح والمظالم . فقد بالغ الشيخ خزعل فـي الإكرام والفضل حتى وصل ذلك إلى مسامع أب الآباء مار يوسف عمانوئيل، بطريرك الكلدان. فذكر غبطته هذه النعمة الخزعلية بالثناء وخالص الدعاء.


بعـد أن انتهـت الحرب وعـادت المواصلات إلى مدينة الموصل أخذت ترد على البطريرك يوسف عمانوئيل أنباء أبنائه من جميع الجهات فما جبـر خاطره وأنعش قلبه وأدخل على فؤاده شيئاً من التعزية إلا ما تلقاه من أبنائه المقيمين في الأحـواز، إذ ذكروا لغبطتـه ما كانوا فيه من بحابح العيش ووافر الأمن وسعة اليسار في ظلال أمير عربستان الشيخ خزعل، فأسرع غبطة الأب شاكراً الأمير العربي خزعل على ما خص به أبناءه من الكرم والفضل والعدل والعطف واللطف والرحمـة. وقد أجابـه الشـيخ خزعل قائلاً: إنه ما فعل مع النازلين ملكه مـن الكلدان إلا ما اعتـاد أن يفعلـه مع عموم رعاياه على اختلاف أجناسـهم ومذاهبهم اتباعاً لما يقضي به الإسلام على ملوك المسلمين.


ازداد غبطة البطريرك إعجاباً بإجابة الشيخ خزعل وما اتصف به من عواطف مع الطائفة الكلدانية سـواء بمساواتهم بالحقوق مع جميع رعاياه، أو بإحسـانه عليهم بأرض شادوا عليها كنيستهم ومدرستهم وإمدادهم بالمال بين حين وآخر لقيام أود المدرسة ورعيها الروحي.


رأى البطريرك أن يوفد إلى الشيخ خزعل رسولاً من قبله يكرر على مسامعه الشكر، فأوفد السيد بطرس عزيز، أحد المطارنة. قصد هـذا المطران القصر الخزعلي باسـم الأب البطريرك وذلك في أواخر سنة (1919م) لتقديم الشكر، فوجد صدراً رحباً وثغراً باشاً وعطفاً ولطفـاً وكرماً وكفاً سخيةً، فعاد بطرس عزيز إلى الأب البطريرك وكله ألسنة حمد وثناء. فازداد البطريرك امتناناً من الشـيخ خزعل وشعوراً بوجوب السير إلى الشيخ العربي العراقي المسلم ليقدم بنفسه الشكر والثناء.


ففي أواخر سنة (1919م) ترك البطريرك الموصل قاصداً بغداد ومنها انتقل إلى البصرة، ثم سـعى إلى القصر الخزعلي ليقدم الشـكر للأمير العربي خزعل، صديقه وصديق طائفة الكلدان، فلقي البطريرك بالغ التقدير والحفـاوة والإجلال من لدن الشيخ العربي، وأقيمت وليمة فخمة للبطريرك. وعندما هم البطريرك بالانصراف أهداه الشيخ خزعل سجادة من أبدع ما صنعه مهرة الصناع عليها صورة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام وهو طفل بين أمه مريم ومربيه يوسف النجار. وأتبعها بنفحـة مالية كبيـرة صادرة من الكرم الخزعلي، وقال وهو يقدمها :”أنها لمصرف الطريق أرجو قبولها كهدية من صديق إلى صديق في وجه الشدة والضيق“. وتقبل البطريرك الهديتين شاكراً حامداً وقد قال الشاعر :


وما بطريرك الكلدان أول معجبٍ
برب الندى والجاه سردار أقدس
فكــل عباد الله يروون حمـده
ويتلونـه في كل نادٍ ومجلـس


ثم واصل الأب البطريك سـيره إلـى الفاتيكان عن طريق البصرة. وعندما وصل إلى روما استقبل بكل حفاوة وتقدير. وبعد يوميـن من وصول البطريـرك قابل البابـا بناديكتوس الخامس عشر. وعند اجتماع البطريك بالبابا شرح البطريك ما لاقت طائفـة الكلدان مـن عذاب ومحنـة وحرمان، ثم قال البطريرك:


”ولكن في أثناء هذه، وجد قسم من أبنائي التعساء ملجأً أميناً وحصناً حصيناً وفضلاً وبراً وعطفاً ويسراً. فقال البابا: يتبين لي من حديثك أن الرحمة قد ضاعت من نفوس الناس. فمن هذا الملك الرحيم الذي أولى بعض رعاياك هذه المنن ونظر إليهم بإشفاق فـي أبان محنتهم؟ فقال البطريرك: هو الأمير العربي الجليل معز السلطنة سـردار أقدس الشيخ خزعل خان سـردار عربستان. وهنـا أخذ غبطتـه يشرح بإسهاب إلى البابا ما لقيـه الكلـدان في الأحواز من عظيم الألطاف والنتح وتبرع الشـيخ خزعل بأرض أقيمت عليها كنيسـة ومدرسة، ومسـاعدة الشـيخ في بنائهـا وإدامتها. كان البابا بناديكتوس الخامس عشر يصغي للحديث متأثراً بالحزن العميق على ما أصاب طائفة الكلدان، والامتنان من المحسـن الوحيد الذي ساعد الطائفة في شدائدها، ثم قال البابا: وأنا أساعدك بشكر هذا الملك الرحيم والأمير الشفيق، أشكره لإيوائه أولاد الكلدان الذين نزلوا دياره آمنين مطمئنين ، أشكره لإحسانه إلى أولادي الإكليروس الكلداني، أشـكره لإحسـانه على هؤلاء الأبناء المنكوبين بإعطائه لهم أرضاً ليبنوا عليها كنيستهم ومدرستهم، وأشكره في الأخير لعطفه الدائم عليهم وبرهاناً على عواطف شـكري أهدي إليه وسام القديس غريغوريوس من رتبة كومندور، مع البدلة التي يلبسها فرسان هذا الوسام والسيف الذي يشكونه، لأن أولئك الفرسان كانوا وما يزالون مظهر الرحمة والعطف والكرم.“


صورة البراءة البابوية:
ويتابع المؤرخ علي نعمة الحلو فيقول
”وفي صباح اليوم التالي أرسـل كاتم أسرار الدولة البابوية إلى جاثليق بابل البراءة الرسولية بوسام القديس غريغوريوس من رتبـة كومندور (فارس) مع البدلة التي يلبسـها الفرسان الحاصلون على هذه المنحة الرسولية والسـيف الذي يشكونه. وفي ما يلي نص البراءة البابوية المشار إليها حرفياً.
” من البابا بناديكتوس الخامس عشر،
إلى صاحب العز والشرف الشيخ خزعل في الأحواز.


بهذا الشرف السامي نهديك السلام،
قد تحققنا مما أبلغنا بطريرك الكلدان في بابا العالي المقام أنك بحصولك على رتبة الملك السامية تكرمت على البطريرك المذكور بأرض واسعة في الأحواز حيث الآن كنيسة على اسم سيدة الحبل الطاهر، وألحقت بها داراً لخدام الرعية مع مدرسة، وإنك في مدة هذه الحرب الهائلة أخذت بناصر المسيحيين وأديت للأساقفة الأجلاء ولا سيما للبطريرك الكلداني البابلي الإكرام الفائق وجدت عليه بسوابغ النعم وعليه أردنا أن نقدم لك عربوناً خاصاً عن حبنا ومعرفتنا الجميل. فبقوة هذا الرقيم نخولك وسام القديس غريغوريوس الكبير من رتبة قوماندور (فارس ) ومن صنفه المدني، فنقررك بهذه الرتبة ونحصيك في عداد فرسانها الأشراف، ومن ثم نمنحك أن تتشح بالثوب الرسمي لهؤلاء الفرسان ودرجتهم الخاصة، وأن تحمل الوسام الموافق له وهو كناية عن صليب القطر من ذهب مثمن الزوايا ذي ساحة حمراء في وسطه صورة القديـس غريغوريوس الكبير، الذي يعلق بالعنق بشريط من حرير أحمر ذي أطراف صفراء. وحذراً من وقوع بعض الاختلاف بالثوب والصليب المذكورين، ها نحن أمرنا بأن يرسل لك صورتهما.


أعطي في رومية ماربطرس تحت خاتم الصياد في 14 من شهر نيسان سنة 1920، وهي السادسة من حيريتا.
الإمضاء والختم البابوي الكردينال جاسباري سلطة صورة القديس بطرس
كاتم أسرار الدولة البابوية حول الصورة الاسم البابوي


عاد البطريرك قاصد سوريا، ليسـير براً إلـى مدينة الموصل في العراق. وكان وصوله إليها في ربيع سنة (1921م). وكان في نيته السير إلى بغداد فالبصرة حيث يحمـل الهدايا البابويـة إلى الشيخ خزعل سردار أميرها العربي.“


ويروي المؤرخ السيد علي نعمة الحلو أنه في صيف سنة (1921) توجه الشيخ خزعل إلى مدينة الأحواز لتفقد أوضاع عشـائره والاهتمـام بمعايشـهم بعد أن أجدبت بهم الأرض لانحباس الأمطار في ذلك العام والعام الذي قبله. فاغتنم القس ماروثا حكيم كنيسـة الكلدان فـي الأحواز هذه المناسبة فأقام احتفالاً فخماً للشيخ خزعل في مدرسته مثل فيه أبناء الطائفة رواية (السَمَوءل)، وتلوا بين يدي الشيخ خزعل خطب وقصائد الترحيب. وسمع الأمير خزعل بأذنيه شـكر القوم ما ضاعف عطفه عليهم. وفي اليوم التالي أرسل بيد عبد المسيح الإنطاكي صاحب العمران الذي كان في معيته، مبلغ عشرة آلاف قران، أي نيفاً ومائتي جنيهاً مصرياً تنشيطاً للمدرسة وإعانة لراعي الكنيسـة، فهللت الطائفة بهذه المنحة وكبرت، وبادر القـس ماروثا فأرسـل إلى جريدة ”العراق“ التي تصدر في بغداد رسالة ضافية ذكر فيها الاحتفال ومنحة الشيخ خزعل، أمير عربستان.


وفي ذات يوم صيف السنة المذكورة (1921 م) وبينما كان البطريرك جاثليق بابـل عاكفاً فـي مكتبه يطالع ما ورد عليه في البريد من تحاريـر وصحف عثـر على مقالة القس ماروثا في جريدة العراق، فجدد في قلبه الشكر لخزعل الأمير العربي. ودق الجرس فدخل عليه كاتم أسراره فقال له ”كنت عازماً أن أحمل بنفسي وسام القديس غريغوريوس الذي أرسله معي سيدنا البابا بناديكتوس الخامس عشر إلى عظمة السردار أقدس“، ثم أرسل على القس أنطون زبوني من بغداد. وبعد أسـبوع حضر القـس زبوني إلى الموصل فسلمه البطريرك الوسام والبراءة ورسـالة شكر إلى أمير عربستان وأمره أن يسـرع إلى الإمارة العربيـة ليقدم الهدية إلى الأمير خزعل، وأمره أن يصحب معه إلى عربستان الكهنة ورجال الطائفة في البصرة والعشار. وعاد زبوني إلى بغداد ومنها قصد البصرة في القطار.


إلى الشرق حيث أقام خمسة عشـر يوماً في القاهرة ومنها حسنة جديدة لخزعل العربي:
حفلة الوسام:
وفي الساعة العاشرة والنصف سار اليخت قاصداً المحمرة. وكانت الموسيقى طيلة الطريق تصدح بالأناشـيد حتى إذا ما وصل اليخت إلـى مقابل القصر الخزعلي فـي الكمالية، كان القصر رافعاً شارات الزينة وثلة من الجيش العربي كانت واقفة لتحية الوسام البابوي. ثم مر اليخت الخزعلي باليخت البحري سـردار أقدس وكان فيه الحرس البحري مصطفين للتحية فحيوا الوسام بالإجلال.


استأنف اليخت مسيره حتى إذا ما عبر إلى نهر بهمشير ماراً بدائرة الكمرك وقف موظفو الكمرك لتحية الوسام، ثم صار اليخت مقابل الشارع الخزعلي في المحمرة وقد تجمع الناس في الشـارع على ضفاف النهر لتحية الوسام البابوي السامي المار به اليخت. وبعد أن مر اليخت بالقصر الخزعلي أمر الشيخ جاسب بالطعام فمدت الأسمطة وعليها من الطعام الشهي الذي طبخ بالطريقتين العربية والفارسـية. ثم واصل اليخت سيره حتى وصل محطة السيارات في المحمرة في الساعة الثانية عشر تماماً، وهنا نزل الضيوف إلى البر حيث اسـتقلوا عشر سـيارات أرسـلها الشيخ خزعل لنقلهم إلى الأحواز، وكانت جميع المناطـق التي مـر بها الوفد تكرم ضيوف أمير الإقليم العربي خزعل، وكان من بين الذين أقلتهم السـيارات إلـى الأحواز أنطون الزبوني المندوب الطريركي ومنصور نائب البطريرك في البصرة والقس فرنسيس توماي نائب البطريرك في العشـار، والخواجات بهجت فرج وأنور موسـى توما وبهجت موسـى تومـا وجاني خياط المحامي ويعقوب يوسف وتوما داوود توما ورزوق داوود توما وبولس أنطون زنبقية ويوسف كرومي ويوسف مومي وكنعان عبد وإلياس هرمز موسـى واسـطفان بنـي والشـيخ جاسب مع حاشيته. وقد تخلف عن المسير معهم كثيرون فقد أمر الشيخ جاسب بإعادتهم إلى البصرة على اليخت الخزعلي مع الإجلال والتكريم حيث وصلوها في المساء.


على أبواب الأحواز:
في السـاعة الواحدة والنصف مـن بعـد ظهر ذلك اليوم سارت السيارات قاصدة الأحواز تسير بمحاذاة أنابيب النفط الممتدة من مسجد سليمان حيث المنبع إلى عبادان مستودعه العمومي. وكان المركـب يلاقى على طول الطريق بالترحاب من رجال الدرك حيث كانوا يقدمون أنواع المرطبات من مختلف الفاكهة ومنهـا البطيخ الذي يسـميه عرب الأحواز ”الرقي“. وقبـل أن يصل الموكب إلى الأحواز بنحو سـاعة اسـتقبلته ثلاث سـيارات تحيط بها ثلة من الجيـش العربي بأسلحتها، وكان في تلك السـيارات الشيخ عبد الحميد حاكم الأحواز وكيشـور بن عبد المجيد والشيخ عبد الكريم أبناء الشيخ خزعل ومعهم كاتم أسرار الشيخ خزعل عبد الصمد خان والحاج أبو الحسن خان مشيـر تجار عربسـتان، وهما من أصل إيراني. وكان هؤلاء يستقبلون الموكب بالإنابة عن الشيـخ خزعل. وترجل من في المركب وتمت مراسيم التحية والسلام، ثم واصل الجميع المسير إلى الأحواز.


عاشـت الأحواز أعراسـها بالحدث العظيم ، وقد أقيمت الزينات في كل مكان، وخرج الناس بانتظار الموكب والهدية البابوية، والموسيقى الخزعلية تعزف أشجى الألحان. وكان من في الأحواز يعيشون سـاعات سـعادة وأفراح، وكان القصر الخزعلي قد زين بالشارات ووقف قسم من الجيش العربي وقد فرش القصر بأنفس الفرش.
وفي ساعة العصر وصل الموكب مدينة الأحواز، فهرع الناس لاستقباله، وسار الموكب في شوارع المدينة بين جموع المشاهدين حتى وصل الموكب الخزعلي وصدحت الموسيقى بالسلام الخزعلي بعـد أن ترجل أعضـاء الموكب ثم دخلوا القصر، فكان الأمير العربي باستقبالهم. وبعد مراسيم التحية والسلام ألقيت الخطب والقصائد. وفـي المسـاء أقيم أضخم احتفال شهدته هذه المدينة في تاريخها الحديث. وتقدم زبوني بالهدية إلى الشيخ خزعل باسم البابا وجميع أطراف طائفة الكلدان، وسلمه البراءة البابوية التي ألقيت على الناس. ومكث الوفد الكلداني عدة أيام في الأحواز معززاً غادرها بكل حفاوة وتقدير مع الهدايا السنية إلى المحمرة ومنها باليخت الخزعلي إلى البصرة.

 

من كتاب ( قبائل كعب من الماء الى الماء ) تأليف عقيل ابو دايم الكعبي
من صفحة327الى 344 مطبعة موسسة البلاغ بيروت الطبعة الاولى سنة 2007   

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٠٦ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢١ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور