لكي لا تختلط الأوراق وتطمس الحقيقة

 
 
شبكة المنصور
رابطة أهل الحق - نصير الشيخ

أنا وكثير ممن يؤمن أو يدعي العروبة والوطنية على مستوى الإفراد والجماعات والأحزاب بمن فيها تجار الشعارات نقول إن الأمة العربية بخصالها ومميزاتها من حيث التأثير في الوسط العالمي إنسانيا واقتصاديا وحضاريا كانت ولا تزال مطمعا لقوى الاستعمار قديمه وحديثه فهي تمثل نقطة التقاء طرق التجارة العالمية رغم تطور وسائط النقل الحديثة وهي من أغنى دول العالم نفطيا فضلا عن أنها تمثل اكبر تحدي للكيان الصهيوني الذي زرعه أعداء الأمة في قلبها ولأسباب كثيرة إن شئت عدد كما كتب التاريخ وقد بنى الغرب حضارته واقتصاده على ما أنتجته الأمة علميا واقتصاديا فكانت الاحتلالات العسكرية احد وأنجع أدواته للسيطرة على الأمة ومقدراتها ومن ثم تجزئتها إلى دويلات صغيرة نصب عليها حكام هم من صنيعته لازلنا نتعايش معهم وهم سبب مباشر في ضياع الحقوق العربية والوقوف بوجه قوى التحرر في الأمة وإحباط مشاريعها الوحدوية بل أن هؤلاء الحكام هم سبب نكسات الأمة عبر تأريخها فهم قاوموا ويقاومون كل نزعة لقيام أي جهد عربي مقتدر سواء على صعيد الدفاع العربي المشترك أو التكامل الاقتصادي والأدهى من ذلك كانت دولهم مسرحا للانطلاق نحو احتلال بلد عربي كان يمثل شوكة في عيون أعداد الأمة ومشاريعهم كمشروع ما يسمى بتصدير الثورة الإيرانية إلى دول المنطقة أو مشاريع أمريكا في ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير وأن دولا بعينها لا تخفى على احد شاركت مشاركة فعلية عسكريا ولوجستيا ومعلوماتيا في هذا الاحتلال وأن هذه الرؤى لازلنا نعتمدها في تقييم واقع الأمة وإرجاعه إلى مسبباته أي إننا نعتبر استهداف الأمة قائما وسيبقى وان كل الملابسات التي تحصل لها أنما هي نتيجة تخطيط استعماري دقيق ومستمر تشترك فيه أجهزة مخابرات دول عديدة عالميا وإقليميا وعربيا فضلا عن معاهد متخصصة أنشأت لهذا الغرض وان أي تبرير يجري تسويقه ضد هذا البلد أو ذاك وان كانت بعض الأفعال تبدو شماعة لأهدافهم ولكن مسبباتها هي تلك القوى الاستعمارية وشبكات التأمر الداخلي والإقليمي ... وعبر التأريخ مرت كثير من الحوادث ضد هذه الأمة ومصالحها فكانت محاولات إجهاض ثوراتها وانتفاضاتها مستمرة تارة تحت يافطة حقوق الإنسان وتارة عن الديمقراطية وافتعال الحروب الإقليمية ودعم الحركات الانفصالية المتمردة في حين هناك دولا عدة ممن ارتضت الخنوع هي أكثر انتهاكا لحقوق الإنسان وتكبيل الحريات وهي بمنأ عن تخرصات قوى الاستعمار بل تدعمها بكل أشكال الدعم العسكري واللوجستي .. أذن هل من المنطق أن نقول على دول بعينها ان أفعالها سبب استهدافها أم المنطق يقول أن عنادها وتمردها ضد قوى الشر وانحيازها لإرادة شعبها ومصالحه المشروعة وتوجهاتها الفكرية قوميا وإنسانيا هي سبب الاستهداف ومن أعطى تفويضا لهذه القوى أن تستخدم قوتها الغاشمة ضد شعوب العالم المتحرر . وإذا ما أردنا أن نستعرض ما يهمنا كأمة مستهدفة فلا بد أن نعرج على شواهد وأفعال من واقعها عبر محطات قريبة لنقول إن احد واهم أسباب هذا الاستهداف هو الكيان الصهيوني البغيض ودفاع قوى الشر عنه رغم احتلاله لجزء مهم وحيوي من الأمة فلسطين الحبيبة وإذاقة أبنائها في الداخل الأمرين يصاحبه دعم كبير من كل القوى العالمية بمن فيها التي تدعي الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان وجرائم الكيان الصهيوني البشعة لا حصر لها بل إن لهذا الكيان أطماعا تمتد إلى كامل المنطقة العربية لتحقيق حلمه المنشود ( من النيل إلى الفرات ) ولهذا فهو يعد العدة لهذا الحلم ويبني ترسانته العسكرية بما فيها النووية لتحقيقه إزاء صمت دولي مطبق في حين يحارب هؤلاء أي نزوع للعرب لامتلاك ابسط مقومات حق الدفاع المشروع عن النفس بل إنها تحارب أي مشروع علمي وحضاري ليعزز من قدرتها على المواجهة والنهوض كأمة متحررة ومتطورة واستهداف مفاعل تموز النووي للأغراض السلمية دليل على ذلك فضلا عن فرض الحصار الشامل والجائر على شعب العراق جاوز ثلاثة عشر عاما حرم من ابسط مقومات الحياة تحت ذرائع شتى لا يرضاها العقل الإنساني الحي وكذلك استهداف العراق الحر عبر تأريخه الممتد من ثورة تموز 1968 حتى احتلاله عام 2003 حيث تخطت هذه الثورة من وجهة نظر القوى المعادية حدود الثورات المسموح بها لما تحمله من توجهات قومية يقف في مقدمتها العمل على إزالة الاحتلال الصهيوني لفلسطين والأراضي العربية الأخرى وتحقيق وحدة الأمة وقد جرب الكيان الصهيوني أفعال هذه الثورة من خلال المشاركة الفعلية والفاعلة في كل حروب الأمة كحرب 1973 والدفاع عن لبنان وآخرها توجيه ضربات مزلزله ب 39 صاروخا زعزعت وأرهبت هذا الكيان المسخ عام 1991 وان احتلال العراق وتدمير جيشه وبناه التحتية وإنهاء دوره العربي والإقليمي يمثل حلما منشودا لهذا الكيان فهو أكثر المستفيدين من هذا الهدف وباحتلال العراق تحقق التوازن الإستراتيجي بينه وبين العرب على حد تعبير المجرم شارون وقادة كيانه إما الجانب الآخر لاستهداف الأمة فهو اقتصادها واهم مصادر قوتها وهو النفط حيث تشير الدراسات العالمية إن أخر برميل نفط في العالم هو عربي وعراقي تحديدا لذلك كانت أمريكا تضع الخطط للسيطرة على منابع النفط العربية واستنفاذها بكل طاقتها وهي اليوم تطبق خطة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كيسنجر الذي اقترح في خطته عام 1975 على الساسة الأمريكان احتلال منابع النفط في الخليج وما احتلال العراق ونهب ثرواته إلا شاهد على ذلك وان تذرع أمريكا وقادتها بالدفاع عن النظام العالمي الجديد ماهي إلا أكذوبة ثبت إفلاسها ( قال الرئيس الأمريكي بوش الأب بعد خروج القوات العراقية من الكويت في معرض خطابه – لم نأتي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي وإنما جئنا للدفاع عن مصالحنا والمحافظة على امن إسرائيل ) وهو صادق بهذا التصريح فكل أفعال أمريكا اليوم بعد احتلال العراق تثبت ذلك فهي تقود اكبر عملية نهب منظم لثرواته وحصلت على اكبر التراخيص النفطية لشركاتها كما جعلت من ارض العراق مسرحا للمخابرات الصهيونية والشركات الإسرائيلية في شماله فضلا عن شراء آلاف العقارات في العاصمة بغداد فيما استطاعت على صعيد الواقع السياسي العربي فرض مشاريع للتطبيع مع هذا الكيان حيث لم يجرء أي كيان عربي بتبني هكذا مشاريع قبل احتلال العراق ...

 

إن الأمة اليوم تعيش أسوء مراحلها التاريخية فقد أصبحت دولها مطية لتحقيق مشاريع الغرب المستعمر وفرض إرادته عليها فهي مسلوبة الإرادة كليا بما دفع دولا إقليمية كإيران لفرض أجنداتها في العراق كمقدمة لاحتلاله والعرب في سبات عميق أزاء هذه الأفعال كما تدخلت إيران في اليمن من خلال دعم المتمردين الحوثيين وهكذا فقد العرب ابسط مقومات الدفاع عن حقوقهم وتاريخهم والسبب في ذلك هو تخليهم عن واجبهم القومي والرضوخ لإرادة أمريكا وحلفائها بل وقيادة التآمر على العراق .

 

ولهذا فأن أي مبرر لأفعال أعداء الأمة اليوم في ضوء هذه المعطيات البسيطة يعد خيانة عظمى وجبن ما بعده جبن فمسلسل التآمر لازال مستمرا كالتهديد لسوريا والسودان ومحاولة زعزعة استقرارها تحت شتى الذرائع ... إن الواجب يفرض اليوم على أبناء الأمة الوقوف بحزم حيال كل المشاريع التي جاءت بها أمريكا ومقاومتها وعلى شعب العراق العظيم أن يكون كما كان درع الأمة وان ينتفض على مشروع المحتل الأمريكي وأكاذيبه بتحقيق ( الديمقراطية ) من خلال الانتخابات الزائفة وعليه إن يساند مشروع المقاومة الوطنية الشريفة فهي صاحبة الحق في أعادة هيبة الأمة من خلال تحرير هذا البلد وإخراج المحتل الغازي مهزوما ومن ثم بناء عملية سياسية حقيقية تستثني قوى الاحتلال وخدمته فهم جلادو الشعب وقتلته وبأفعالهم هدروا ثروة البلاد وتراثه ومزقوا وحدته الوطنية أرضا وشعبا . لذلك فأننا ندعو كل صاحب حس وطني شريف أن يتمعن جيدا بكل سياسات الغرب عبر التاريخ وخصوصا ما يطبقه على ارض العروبة ومنها العراق ليكتشف أي أذلاء وخونة ومأجورين اولاءك الذين طبلوا لمشاريعه وساعدوه على احتلال بلدنا العزيز وإقصاء نظامه الوطني وبالتالي يكتشف جيدا إن ما ذهب إليه قادة العراق الشرفاء من تصورات منطقية وعقلانية واقعية كان الحق بعينه لأنه بني على فهم حقيقي لواقع الأمة وأطماع أعدائها ولم يكن هؤلاء القادة مخطئين يوما في تصوراتهم أذا ما أنصفنا التاريخ بمجرد استرجاع بسيط له وربط دقيق للأحداث لنكتشف جميعا ونظهر الحقيقة كما هي ناصعة جليه رغم إنها راسخة في ضمير الشرفاء والخيرين في الشعب والأمة والإنسانية .. ولكي لا تختلط الأوراق عن قصد أو من غير قصد ، فالشمس لا يحجبها الغربال .

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت  / ١٣ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٧ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور