الانتخابات العراقية  - ما الذي جرى في واشنطن ؟

 
 
شبكة المنصور
وجدي أنور مردان - بغداد المحتلة

كتبت على محرك بحث جوجل عبارة الانتخابات العراقية القادمة في شهر آذار \ مايس القادم، فتبين أن عدد المقالات والاخبار المنشورة عن هذا الحدث لغاية تاريخ كتابة هذه السطور بلغ 172 ألف مقالة وخبر. تسألت هل يستاهل هذا الحدث، المزور ( من التزوير ) والمحدد نتائجه سلفا سكب كل هذا الحبر وبذل كل هذا الجهد من كتاب الامة؟ ثم طرحت على نفسي سؤالا هل هذه الانتخابات فعلا مصيرية بالنسة للشعب العراقي المنكوب المغيب المختطف؟ كما يتشدق بها كتاب المارينز والعملاء.


في شهر كانون الثاني\ يناير الماضي، دعت واشنطن عدداً من وكلائها وعملائها في العراق لزيارتها واللقاء، على الانفراد مع الرئيس الامريكي باراك أوباما، رئيس الدولة المحتلة للعراق والمسؤولة عن دماره ومأساته. فما الذي جرى في واشنطن؟


كان المعلن هو ان الرئيس الامريكي يرغب في اجراء حوار مع هذه الشخصيات ليستشرف من خلاله مستقبل العراق المليء بالمشاكل، قبل تطبيق خطة الانسحاب الفعلي منه ( والذي نشك عن حدوثه). هذا هو التغليف الدبلوماسي للاستدعاء. فمن جانب ان مسلسل الكذب والخداع والتضليل، لازال يحكم المنطق الامريكي في التعامل مع العراق وقضيته. وأن أمريكا ورئيسها ليس بحاجة الى أراء وكلائها، فلها المئات من مراكز البحوث وأكثر من 1000 دبلوماسي في العراق بالاضافة الى العشرات من محللي وكالة المخابرات المركزية الامريكية ( سي. آي.أي) ومئات الالاف من العملاء، يدرسون ويراقبون الوضع الحالي في العراق من جانب أخر. أن خطط الانسحاب قد أكتملت منذ فترة طويلة وانها قيد التنفيذ. ولكننا لانعتقد بان أمريكا ستنسحب من العراق، ولكنها ستنسحب في العراق!!


على اية حال، شد الرحال الى واشنطن كل من عادل عبد المهدي ومسعود البرزاني وطارق الهاشمي تنفيذاً لأمرسيدهم، الرئيس الامريكي. لماذا تم استدعاء هؤلاء الثلاثة فقط؟ ولم يشمل المالكي و أياد السامرائي و أياد علاوي والجلبي والحاكم بامره علي اللامي؟ أو أي من عملائها الاخرين.هذا الاستدعاء قد صب الزيت على النار، فبات العملاء لايهجع لهم ليل ولايسكن لهم النهار. لان تجاهل ولي النعمة للمنعم عليه أمر يقلق ويحزن في الوقت نفسه. ولعبت الهيستيريا لعبته.


نحن نتوقع ان المحادثات قد جرت على النحو الاتي:
بحث الرئيس الامريكي مع عادل عبد المهدي استمرار الوساطة التي كان يقوم بها المجلس الأعلى منذ سنوات لاستكمال المفاوضات مستمرة بين طهران وواشنطن حول العراق خاصة والمنطقة عامة، وحول البرنامج النووي الايراني، ابلغه الرئيس الامريكي أن تسلمه لرئاسة الوزارة العراقية القادمة مرهون في نجاحه في مهمته في طهران. وأن مهمته في ايران في هذه المرحلة، هي أقناع القادة الايرانيين بتخفيف من لهجة تصريحاتهم الاعلامية وعدم احراج أدراة أوباما في هذا الظرف الحرج الذي تمر به ادارته التي فقدت توازنها. طار عادل عبد المهدي مباشرة من واشنطن الى طهران عارجا الى الدوحة لاسباب معروفة.


يبدوا أن مهمة عادل عبد المهدي في طهران قد فشلت، ولم يسمع الرئيس الايراني ما نقله اليه بل صعد نجاد واجهزة اعلامه من وتيرة الحرب الكلامية الدونكيشوتية، والاصرار على الاستمرار في برنامج ايران النووي وتأكيد لفشل مهمة عادل عبد المهدي، كشف وزير المالية وعضو الإئتلاف العراقي باقر صولاغ عن ترشيحه من قبل المجلس الاعلى الاسلامي لتولي منصب رئيس للوزراء في الحكومة المقبلة. مؤكدا على أن عمار الحكيم "اجرى زيارة الى اقليم كردستان والتقى ببعض قيادات الكتل السياسية وتباحثوا بشأن ترشيحه لمنصب رئاسة الحكومة وحظيت المناقشات بالموافقة.


أما مسعود البارزاني، فقد أبلغه أوباما بأن الدول العربية لاترغب بان يترأس العراق شخصية من الاقلية الكردية، وكان هذا هو سبب عدم انفتاح العرب على العراق الى الان. طلب أوباما من البارزاني بأن يترأس الاكراد مجلس النواب ( البرلمان مع الاحتفاظ بوزارة الخارجية اما بقاء الوزير الحالي أو يرشح أحد الكوادر المتقدمة من حزبه ) وأبلغ ايضا بان المنصبين السياديين ( رئاسة البرلمان ووزارة الخارجية يتقاسمه الحزبين الكرديين الرئيسيين)، ولكي يقبل مسعود البارزاني هذه الخطة جددت أمريكا التأكيد له على الضمانات الامريكية للالحاق كركوك بأقليم كردستان عندما يحين الوقت المناسب لذلك.


أبلغ الرئيس أوباما طارق الهاشمي بالتهيئة لاستلام منصب رئاسة الجمهورية. فسافر الى سوريا ومصر، ومن باب وضع الكحل في العين، زار لبنان ايضا. ليؤكد للامريكان بانه مقبول عربيا ويبلغ ويطمئن حكام العرب بانه قد حصل على الضوء الاخضر الامريكي لرئاسة العراق .


أما ماقيل بانهم بحثوا موضوع ( اجتثاث البعث ) والمرشحين الذين استبعدتهم الهيئة الايرانية هيئة ( المسألة والعدالة ) هو من باب ( الثرد بصف اللكن ) على حد قول المثل العراقي الشعبي.


ان أمريكا جيشت الجيوش ودمرت العراق من أجل اجتثاث عروبة العراق والقضاء على الحكم القومي العربي فيه، والسيطرة على ثرواته النفطية التي أممتها البعث، فهل يعقل أنها تعمل على اعادة البعثيين الى السلطة. لقد أكد ذلك جوزيف بايدن، نائب الرئيس الامريكي والسفير الامريكي في بغداد المحتلة والناطق الرسمي بأسم السفارة الامريكية في بغداد. ثم أن حزب البعث العربي الاشتراكي قد أعلن جهارا نهارا بانه ليس معني بالعملية السياسية الجارية تحت حراب الاحتلال ولا يكون جزءاً منها، لان العملية باطلة برمتها ومن الاساس. فالفزعة الحالية ما هي الا وسيلة من وسائل الدعاية الانتخابية الرخيصة.


فبعد تلك الزيارات، شعر أياد علاوي بأنه قد طاف، عندما لم يستدعى للحج الى البيت الابيض. وشعر بان الرياح لاتجري بما تشتهي السفن. وبما أنه، حسب اعترافه شخصيا، له علاقات مع 16 جهاز مخابرات دولية,تحرك قبل فوات الاوان فشد الرحال الى السعودية، التقى خلالها العاهل السعودي الملك عبدالله وتناول طعام الغداء معه. لانعتقد بانه ذهب ليستجدي الدعم المالي والمعنوي السعودي، او يشرب القهوة العربية هناك، ولكننا نعتقد بانه ذهب متوسلا للملك عبدالله لكي يتحدث مع الرئيس الامريكي باراك أوباما عسى ولعل أن يغير الاخير رأيه والسماح له بترأس الوزارة العراقية القادمة بدلا من عادل عبد المهدي أو غيره، ( يعني انه ذهب يسوى واسطة). وحسب قانون المجرم بريمر، فرئيس الوزراء يجب أن يكون شيعيا. فكلاهما شيعيان، وما أحد أحسن من أحد، لاندري حجم الضمانات والوعود التي حصل عليها من السعودية. ثم شد الرحال الى مصر للقاء الرئيس حسني مبارك لنفس الغرض، اعتقاداً منه بان لمصر والسعودية خاطر لدى الامريكان. وبعد الزيارتين، شد الرحال الى تركيا ليقابل الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الوزراء أوردوغان لاقناعهم للقيام بوساطة اضافية لدى الامريكان. ولايدري بان امريكا لاتشتري هذه الامور بفلس واحد لان المعيار الوحيد لدى أمريكا هو تحقيق مصالحها فقط. ولا تعير للاحد أهمية.


أياد علاوي ارتكب خطأً فاحشا عندما أرسل وفدا كبيرا من حزبه الى ايران لاقناعها بانه مازال صالحا ولم تنتهي مدة صلاحيته للاستخدام.


أن القول بان الانتخابات العراقية بأنها مصيرية للشعب العراقي، برأينا المتواضع، ما هو الا نفخ في قربة مثقوبة، فالشعب العراق ليس له القول الفصل في هذه الانتخابات، لان الخائضين غمارها هم نفس القردة واللصوص والحرامية والعملاء الذين ساهموا في تدمير العراق وبددوا ثرواته وغيبوا شعبه وغسلوا دماغهوحشوها بالخرافات ما أنزل الله بها من سلطان. ان اقصى ما يتمخض عن هذه الانتخابات هو المثل الشعبي العراقي ( الحمار هو نفس الحمار ولكن تغير جلاله). فهم نفس الطائفيين والعملاء والفاسدين. وهناك احتمال ضئيل ان ينجح بعض الوطنيين من الذين لم يتلطخوا بسبة العمالة ولكنهم سيقصون أو يجتثون بعد الانتخابات لان سيف ديموقليتس مسلط على رؤوس كل من يقول الحق بوجه ايران واجندتها.


نختم مقالنا هذا، بما قاله رئيس الوفد البرلماني الاوروبي للعلاقات مع العراق، ستروان ستيفنسون بان هذه الانتخابات تجري على خلفية من «الحيل القذرة و القتل و الفساد و الابتزاز والتخويف، و ان الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة ليس الا وهما» وأضاف ستيفنسون قائلا «ان النخبة الحاكمة مصممة على تدمير خصومها بدلا من العمل على هزيمتهم عبر السعي من اجل الحصول على دعم الناخبين لاحزابهم وسياساتهم». وأكد البرلماني الاوروبي ان ايران تستخدم كل قواها ونفوذها في العراق لتجريد اهلية اي شخص يريد خوض الانتخابات ممن تعتقد انه من الخصوم.ثم حذر ستيفنسون تصريحه من تزايد احتمالات انحدار العراق الى الفوضى خاصة بعد ان اصبح القتل والتفجيرات شيئا عاديا في مشهد الانتخابات، مشددا على «ان النخبة السياسية الشيعية الحاكمة تبدو مصممة على تشكيل حكومة شيعية موالية لطهران بعد الانتخابات، ممهدة الطريق للقبول النهائي للوصاية الايرانية الكاملة على البلاد».


أن الوضع في العراق مفتوح على مصراعيه للاحتمالات كافة.يزداد سخونة كلما أقترب صيف العراق اللاهب.
شدوا رؤوسكم ياكرعين !!!!

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٥ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠١ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور