في سبيل البعث مقتطفات من '' إجماع الشعب هو الأقوى ''

 
 
 
شبكة المنصور
زيد احمد الربيعي
من دلائل قوة القضية العربية وبواعث الأمل في نجاحها القريب انها بلغت من الوضوح حداً قلما تيسر لقضية شعب آخر في العالم. وقد خطت هذه القضية في السنوات العشر الأخيرة على أثر الحرب العالمية الثانية خطوات في الوعي والنضج لم تكن لتخطوها الشعوب في عشرات السنين. فقد خرج العرب على اثر الحرب العالمية الأخيرة والطبقة الإقطاعية تقبض على الحكم في جميع أقطارهم وتمثل نضالهم وأهدافهم القومية. واليوم تقف هذه الطبقة في صف، ويقف الشعب العربي كله في صف آخر. قبل عشر سنوات كانت هذه الطبقة تحتكر الوطنية وتنكر على من يعارضها أن يكون له بالوطن صلة أو نسب. واليوم لم يعد لها مناص من أن تتنكر للوطن وحريته وقوميته وتقف مع المستعمر الأجنبي وإسرائيل الغاصبة جهراً وعلانية في صف واحد بغية المحافظة على مصالحها الخاصة الأثيمة.


لقد تحول زعماء الوطنية إلى دعاة سافرين للانكليز والفرنسيين وأمسى الذين كانوا حتى الأمس القريب يستغلون قضية فلسطين ووجود إسرائيل للتهويش والتضليل، واقفين في معسكر واحد مع إسرائيل وحليفتيها المعتديتين، بريطانيا وفرنسا. وافتضح آمر الذين كانوا إلى الأمس القريب في العراق وخارج العراق يضللون باسم الوحدة العربية ويتباكون عليها، فإذا هم عندما انفتح الطريق رحباً وسيعاً أمام هذه الوحدة يقاومونها ويلقون في طريقها بكل ثقل تآمرهم وخيانتهم فيفرضون على العراق عزلة رهيبة لم يعرف لها العرب مثيلا في تاريخهم الطويل، ويعملون جاهدين مع الاستعمار لإعادة تقطيع أوصال الآمة العربية ولتجزئة القطر الواحد إلى طوائف وعصبيات.

 
في هذه الفترة الحاسمة، وفي أبان المعركة المحتدمة بين العرب وأعداء حريتهم، تطرح القضية العربية على هذا الشكل الواضح الذي ينمي وعي الشعب ويشحذ نضاله ويعجل في انتصاره. فالوطنية والقومية وكل ما تتضمنان من فضائل وقيم إنسانية واجتماعية وفردية عادت إلى نصابها ورجعت إلى الشعب صاحب الوطن وبانيه وحاميه، بينما استأثرت فئات المصالح الخاصة والجشع المادي والزعامات المصطنعة باللاوطنية والخيانة.

 
وفي هذه الفترة الحاسمة بالذات يحاول الاستعمار مرة أخرى أن يلقي الغموض في قضيتنا والارتباك في صفنا الشعبي الموحد بلجوئه إلى بعض عملائه من الحكام والمسئولين لإخفاء وحدة الشعب المتحققة وراء وحدة الحكام التي لا يمكن ان تتحقق، ما دام الاستعمار موجوداً في بعض أجزاء وطننا، وما دام ينصب الحكام من صنائعه ويفرضهم على هذه الأجزاء بقوته ونفوذه. فوحدة الصف العربي التي يدعو إليها الحكام العملاء في مثل هذه الحال لا يمكن ان تكون مهمتها توحيد الجهود بل فرض الجمود على الحكومات المتحررة التي تقود الشعب إلى النضال والتي يقودها نضال الشعب إلى التحرر.إننا اليوم نعرف أن وعي الشعب ونضاله هما الأساس. وقد أظهرت المعركة الحاضرة إن صمود مدينة صغيرة قد أنقذ مصر والعروبة وأنقذ معهما مبادئ ومصائر غالية على الإنسانية. ولقد مضى وقت الضعف الذي كنا نحتاج فيه ان نحتمي بمظهر الإجماع والوفاق الكاذبين، ودخلت الأمة العربية طور القوة والنماء السليم الذي يحتاج إلى الوضوح ونور الشمس. فكل تستر على مؤامرات الطبقة الناشرة عن إجماع الشعب العربي والمستعبدة لمصالحها الخاصة سيعوق إيقاظ القوى العربية الشعبية واستلامها لمسؤوليتها التاريخية في حماية الانبعاث العربي الجديد ودفعه إلى الإمام ضد عدوان الاستعمار وصنائعه، دون ان يكسبها هذا التستر شيئاً جدياً في نظر العالم. فالشعوب الحرة لم تبدأ بالتعرف إلى قضيتنا وبتأييدها إلا عندما لمست إن هذه القضية لا تقتصر على رغبات الملوك ومصالح الطبقة المترفة وان وراءها شعباً واحداً مناضلاً اخذ اليوم يخيف الاستعمار العالمي ويزعزع أركانه لأنه لم يعد يخاف من مواجهة مشاكله بصراحة، ومجابهة أعدائه الداخليين بالجرأة والتصميم اللذين يجابه يهما الاستعمار نفسه .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٢٨ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١٤ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور