في رحاب الإمام الحسين عليه السلام

يا قمر بني هاشم وفخر عدنان ((رائد الكرامة والفداء في الإسلام))

﴿ الحلقة الثامنة ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
زامــل عــبـــد
سيدي يا قدوة الثوار والأحرار قد تألقت في ســماء هذا الشـرف ، رمزاً للبطولات وعنواناً للتضحية والفداء ، فقد رأيت الحكم الأموي السحيق يسوس المجتمع نحو الدمار الشامل ويسحق الكرامات  ويقضي على الحريات  ويمتصّ الأقوات ويقود المجتمع إلى حياة بائسة لا ظلّ فيها للعدل الاجتماعي والعدل السياسي ، فرفعت راية التحرير مع أخيك أبي الأحرار وسيّد الشهداء الامام الحسين عليه السلام الذي جسّد آمال الشعوب وطموحاتها ، وسعى لتحرير إرادتها ، وإعادة كرامتها


فتح العباس عليه السلام عينيه في عيني  أمير المؤمنين علي عليه السلام ، و رافق السبطين الحسن والحسين عليهما السلام خلال فترة طفولته وشبابه ، بقي مع أمير المؤمنين أربعة عشر عاماُ في أصعب مراحل حياة الإمام علي عليه السلام في الخلافة ليواجه الناكثين والقاسطين والمارقين ، الذين شنوا عليه الحروب والغزوات وكان العباس يمر مع أمير المؤمنين بتلك الظروف الصعبة ، ويرافق التطورات التي حدثت فيوماً شاهد معركة الجمل ، ويوماً آخر معركة صفين ، ويوماً ثالثاً معركة النهران ، ولقد أبلى العباس بلاءً حسناً في معركة صفين التي طالت ثمانية عشر شهراً بين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه من جهة ، وبين معاوية بن أبي سفيان وجيشه من جهة أخرى ، وكما أن أباه خاض المعارك وهو لا يزال في مقتبل عمره وكشف الكروب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في معركة بدر وأحد وخيبر وغيرها ، كذلك ظهرت من العباس وهو لا يزال في مقتبل العمر شجاعة فائقة في يوم صفين ، ومما يروى في هذا المجال أنه في بعض أيام صفين ، خرج من جيش أمير المؤمنين شابٌ يعلو وجهه نقاب تعلوه الهيبة وتظهر عليه الشجاعة وكان يقدر عمره بخمسـة عشـــر عاماً وأخذ يطلب المبارزة من أصحاب معاوية فهابه الأعداء ، فندب معاوية إليه واحداً من أشجع أهل الشام يسمى أبو الشعثاء فقال أبو الشعثاء (( يا معاوية إن أهل الشام يعدونني بألف فارس ،

 

فلا أخرج إليه وإنما أرسل إليه أحد أولادي )) وكان عنده سبعة فأرسل ابنه الأول فبارز صاحب النقاب فقتله صاحب النقاب ، ثم أرسل أبو الشعثاء ابنه الثاني فقتله أيضا فأرسل الثالث والرابع والخامس والســـادس والسابع ، فقضى عليهم جميعاً فساء ذلك أبا الشعثاء وأغضبه فبرز إلى صاحب النقاب وهو يظن أنه قادرُ على مواجهة ألف فارس مثله وقال (( لأثكلن عليك أمك )) فشد عليه صاحب النقاب وألحقه بأولاده السبعة ، فهاب كل أصحاب معاوية ذلك الرجل ، ولم يجرؤ على مبارزته أحدٌ فيما بعد أدهش هذا الموقف ليس العدو فقط وإنما الصديق أيضا ، وعرف أصحاب الإمام علي من هذه البسالة أنها لا تعدو الهاشميين ، ولكنهم لم يعرفوا من هو ذلك البطل الباسل فلما رجع إلى المخيم الإمام أزال النقاب عن وجهه فإذا هو قمر بني هاشم العباس عليه السلام وينقل هنا أن الإمام علياً كان يتبادل مع العباس أحيانا ما يلبسه ولده من أجل تعمية على العدو فقد نص الخوارزمي في كتابه المناقب أنه (( خرج من عسكر معاوية رجلٌ يقال له كريب وكان شجاعاً قوياُ يأخذ الدرهم فيغمزه بإبهامه فتذهب كتابته ، فنادى بين الصفين (( ليخرج إلي علي )) ، فبرز إليه مرتفع بن وضاح الزبيدي فقتله كريب ،

 

 ثم برز إليه شرح ابن أبي بكر فقتله كريب ، ثم برز إليه الحرث بن الحلاج الشيباني فقتله كريب أيضاً فساء ذلك أمير المؤمنين فدعى ولده العباس وكان تاماً كاملاً من الرجال بالرغم انه لم يتجاوز السادسة عشر من عمره ، وأمره أن ينزل من فرسه وينزع ثيابه فلبس علي عليه السلام ثياب ولده و ركب فرسه وألبس ابنه العباس ثيابه هو وإنما فعل ذلك حتى لا يهرب كريب منه جبناً إذ عرف من هو الذي يبارزه ، فلما برز إليه أمير المؤمنين ذكره الآخرة وحذره بأس الله وسخطه ، فقال كريب (( لقد قتلت بسيفي هذا كثيراً من أمثالك )) فلما هجم على الإمام ، فتلقى الإمام ضربته بالدرقة ، ثم ضربه على رأسه بسيفه فشقه نصفين ، ومرت الأيام وقتل أمير المؤمنين سلام الله عليه بسيف عبد الرحمن بن ملجم ألمرادي الفارسي ، وجرى ذلك ما جرى على الحسن بن علي سلام الله عليه ، وكان العباس عليه السلام يقف مع الإمام خلال تلك السنوات العشر التي تولى الإمام الحسن مقام الإمامة فيها ، وشارك مع الإمام في دفع حيل معاوية وكشف زيفه وخداعه ،

 

وتحمل مع أخويه الإمامين الحسن والحسين ما تحمله السبطان مثل سب معاوية للإمام أمير المؤمنين ومصادرة حقوقهم ومطاردة أصحابهم وغير ذلك ، لقد مرت ظروفٌ صعبة على أهل البيت عليهم السلام وكان العباس يتحمل قسطاً من تلك الصعاب ، حتى إذا التحق الإمام الحسن بالرفيق الأعلى مسموماً مغدوراً  كان العباس ممن رثى أخاه وصبر بنيه على ما ألم بهم وشارك العباس أخواه الحسين ومحمد بن الحنيفة في تغسيل الإمام الحسن وتكفينه وتشييعه ، وكان ممن شاهد منع بني أمية دفن جثمان الإمام الحسن عن قبر جده، ولولا وصية الحسن بأن لا تراق محجمة الشيعة في تشييعه ودفنه ، لولا ذلك لما صبر أبو الضيم الفضائل على ما جرى على الإمام الحسن بعد وفاته وبقي العباس في جوار أخيه الحسين مع بني هاشم إلى أن حل عام 60 من الهجرة ،

 

ومات معاوية بن أبي سفيان وتولى يزيد سدة الحكم من بعده ، و أرسل يزيد بن معاوية إلى واليه على المدينة المنورة رسالة يطلب فيها منه أخذ البيعة من الحسين بن علي عليه السلام قسراً ، أن لم يبايع طوعا ً، وأمره بأن يقتل الحسين إن امتنع عن ذلك ، حينما استدعي الإمام إلى قصر الإمارة في المدينة المنورة اصطحب معه جمعاً من بني هاشم بزعامة العباس عليه السلام ، وأمرهم بأن يحيطوا بدار الإمارة ، حتى إذا سمعوا صوته ، اقتحموا الدار ، وأنقذوه وهكذا فعل العباس وبنو هاشم ، حيث أغلط مروان بن الحكم القول لأبي عبدا لله عليه السلام وانبرى الإمام قائلاً (( إنا أهل بيت النبوة ، بنا فتح الله وبنا يختم ، ويزيد شارب الخمور وراكب الفجور، وقاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله )) ، و رفع عليه السلام صوته مما دفع بني هاشم لاقتحام دار الإمارة ، وإنقاذ الإمام الحسين عليه السلام في تلك الليلة


وكان عليه السلام حامل لواء الامام الحسين في كربلاء والمفاوض مع  قادة جيش عبيد الله (( أتى أمر من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن ســـعد يستحثه على المنازلة ، فركبوا خيولهم وأحاطوا بالحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه ، فأرسل الحسين عليه السلام أخاه العباس ومعه جملة من أصحابه، وقال سلهم التأجيل إلى غد إن استطعت فذهب عليه السلام إلى قادة العسكر وتكلّم معهم على التأجيل فأجّلوه )) وبهذا أعطى الإخوة معناها الإيماني الصادق وبعدها من حيث الوفاء  للدور الذي أريد له ان يكون في مثل واقعة ألطف والظروف المحيطة بها والنهاية التي بها قوم الدين  وهي العبرة التي  تعمق الإيمان وصدق الجهاد لدى طالبي الحرية والآباء وليس العبرة بدموع مذروفة ونياح الذي أريد ان يسود بين متبعي منهج أل بيت النبوة من قبل مروجي البدع والضلالة كي يتمكنوا من الإسلام والمسلمين


سلام عليك سيدي يوم ولدت ويوم انتقلت للرفيق الأعلى ويوم تبعث شاهدات

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٥ مـحـرم ١٤٣١ هـ

***

 الموافق  ١١ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور