نوايا ألهالكي في الانتخابات الطائفية

﴿ الحلقة الأولى ﴾
 
 
 
شبكة المنصور
زامــل عــبـــد

في ضل الغزو والاحتلال شهدت الساحة العراقية  سلوكيات تمكنت القوى الوطنية والقومية من إزالتها من فكر الفرد او ابعد الفرد من التعامل بها  والانشداد إليها ، ونظرا" للمستجدات التي افرزها الغزو والاحتلال وظهور الأحزاب والتيارات و الحركات  السياسية الدينية على الساحة وإسفافها باستخدام الدين لتحقيق مأربها ومخططاتها التي تتعارض أساسا مع جوهر الدين وأماني وتطلعات الجماهير يتطلب الأمر تأسيس توافق وطني حول إنجاز مهام التحول الديمقراطي  الحقيقي في العراق بعد تحريره ، والذي شهد مرحلة مميزة في حياته السياسية من خلال التجربة الخلاقة التي أنجزها حزب البعث العربي الاشتراكي  وهذا لا يعني ان  تلك المرحلة  لم تشهد بعض المواقف التي اضطرت إليها القيادة السياسية دفاعا عن المصالح الوطنية والقومية والمحافظة على المكاسب المتحققة على مستوى الحياة اليومية ان كانت اقتصادية او ثقافية او علمية  وحتى العسكرية التي بلورة الجيش العقائدي المتمكن من الدفاع عن  الأمة  وردع الأخطار التي تستهدف كيانها ورسالتها الإنسانية ، ومن ضمن ما يتطلب التوصل إلى تسوية للقضية الطائفية بمفهومها المجرد من النعرة المخلة بالوحدة الوطنية و لحمة النسيج الاجتماعي المتآخي أي إعادة صياغة ما يسمى "بالوحدة الوطنية" بين المسلمين والمسيحيين والديانات الأخرى  المتواجدة على الأرض العراقية والتي شابتها التصرفات المرتكزة على القتل والتهجير والتعرض الى بيوت العبادة وهذه لم تكن مألوفة سابقا في المجتمع العراقي  ، هناك مؤشرات لا يمكن أن تخطئها عين المراقب المنصف  وهي

 

  • أن العلاقات الطائفية في العراق وصلت في ظل سنوات الاحتلال إلى أقصى درجات التردي ، ذلك التردي الذي بدأ منذ لحظة دخول الأحزاب والتيارات والحركات المذهبية الطائفية الى العراق من أماكن تجنيدها وإعدادها للعب الدور التخريبي المتمم لإلية الغزو والاحتلال ، وظهورها على السطح لم يكن وليد  لحظة الاحتلال بل إنها مشخصة منذ السبعينات بل ما قبل ذلك وقد تناول حزب البعث العربي الاشتراكي بأدبياته كوتها سلاح سياسي فاعل لإعاقة الثورة وعملية التغير الجذري في بنية المجتمع العربي وصولا الى بنائه بناءا" ديمقراطيا" موحدا وتسمو فيه العدالة الاجتماعية،

 

  •  ولا يزال يتفاقم حتى هذه اللحظة. فمن صدامات مباشرة سقط ضحيتها المئات من القتلى والجرحى ومن حروب كلامية طائفية ساعد على ظهورها نهاية سيطرة الدولة الشرعية على وسائل الإعلام وتشكل وسائط اتصال جديدة ، مثل الفضائيات الغير مسيطر عليها كونها تبث من خارج الخدود ووفق الأجندة المرسومة لها ومواقع الانترنت  والهاتف النقال وغيرها

 

  •  كان لها أن تخرج المكبوت الطائفي الذي يسيطر على عقول واتجاهات ذوي التوجهات الشعوبية والذين تمكنوا من الوصول الى  السلطة بدعم وإسناد الغازي المحتل ووفق أجندة التوافق فيما بين أطراف  التحالف الشرير الا مبريا صهيوني فارسي صفوي

 

  •  يحاول نظام  ألهالكي بخطاباته أن يخفي ذلك بمقولات أو خطابات  أو تصريحات جوفاء  ليعبر عن صلابة الوحدة الوطنية التي يدعيها  تحت مسمى المصالحة الوطنية والحقيقة هي مطاردة وملاحقة كل الوطنيين والقومين الرافضين للاحتلال وما نتج عنه

 

  • وللمتشكك في مدى هذا التردي في العلاقات الطائفية أن يراجع تقارير منظمة حقوق الإنسان عن المسألة ، أو أن يتابع ما ينشر على شبكة الانترنت من حقائق وفضائح يندى لها جبين الإنسانية ان كانت  قتلا او تهجيرا"أو تكفيرا يتبعه سلب كل ما يملك المواطن المستهدف ، لكي يلمس بنفسه مستوى عنف الخطاب الطائفي والنزاع الطائفي تدور حول حقوق مهضومة وكما يسمونها مظلومية أل بيت النبوة عليهم السلام لكي يتلقفها  الوسط المستهدف بهكذا خطاب

 

  • الأمر يصل إلى حرب مستعرة حول قراءة ألتاريخ بين من يرى أن الخلافة سلبت بعد وفاة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وأله وسلم ومن هو في موقف الدفاع عن الدين الحنيف المهدد بالبدع والتزوير الذي استخدمه واستثمره الأعاجم كي لا يتوحد المسلمون حتى أن أصدائه تتردد في الخطاب الطائفي الأقل تطرفا

 

  • المناخ الطائفي في العراق ملوث بفعل التغلغل والهيمنة الصفوية و لا شك في هذا الأمر  ولكن هذا التلوث لم يمنع قوى سياسية تنشط حاليا من أجل التغيير السياسي، أن تحاول إعطاء انطباع ما بأنها قادرة على تجاوز الانقسامات والاحتقانات الطائفية. والأمثلة كثيرة

 

  • يبدو أن الحركات السياسية التي تنشط الآن في التعبئة السياسية  لأغراض انتخابيه بحته تدرك ، أو على الأقل تشعر أن بناء توافق وطني حول مطالب التغيير السياسي يتطلب العديد من الأشياء التي تتعارض مع أجندتها و من أهمها تقديم إجابة  واضحة ومحددة من المسألة الطائفية وإدانة العاملين بها

 

  •  التوافق حول مطالب الاستقلال الوطني الذي يدعون كيف صاغته تلك ألأحزاب أو التيارات أو الحركات السياسية الدينية و المجتمع العراقي أصبح منقسما إلى فئات وجماعات عديدة الأمر الذي يحتاج لتفسير تبعا لانتماءاته الطائفية التي غرسها الغزاة المحتلين ومن والاهم. ووصف مجتمع ما بأنه مجتمع طائفي لا يعني بالضرورة أن طوائفه تصارع بعضها البعض ان كانت هناك قيادة وطنية تنظر الى  المجتمع نظرة واحدة ولا تتدخل بالخصوصيات الذاتية للطائفه والتي لا تتعارض مع الأمن الوطني القومي ، لأن الطائفية قد تقوم على التسامح والتعاون بين الطوائف ان كانت الأجواء غير مشبعة بالفكر الشعوبي الاقصائي السائد حاليا على الساحة العراقية

 

الطائفية هي مدخل أساسي لمشاركة الناس في الشأن العام وفقا للآلية التي تنتهجها حكومة الاحتلال الرابعة وتأسيسا" على قانون إدارة الدولة الذي شرعه الحاكم المدني الأمريكي بريمر والذي اعتمد أساس لإعادة كتابة ما يسمى بالدستور العراقي الدائم ولم يقف بريمر عند هذا القانون بل امتدت يد إجرامه إلى الجيش العراقي والأجهزة الأمنية ووزارة الإعلام والمخابرات وجهاز الأمن الخاص وهيئة التصنيع العسكري وكيانات أخرى من أجهزة الدولة العليا فوضعها على لائحة الشطب من سجلات الدولة العراقية ، وربما كان بول بريمر شخصيا يخطط لبقاء طويل في العراق  وربما لم يكن ليظن أن بلاده يمكن أن تنسحب من العراق في أي يوم من الأيام بفعل الضربات الموجعة التي وجهتها المقاومة الوطنية والقومية والاسلاميه بقيادة القيادة العليا للجهاد والتحرير والخلاص الوطني التي تصدت للاحتلال ورفعت من اللحظة الأولى شعار التحرير أو على الأقل في الأفق المنظور  ولكن الولايات المتحدة التي خططت للصفحة العسكرية في غزو العراق ، أغفلت تماما ما ينبغي عليها أن تفعله لإدارة بلد يحمل تراثا حضاريا عميقا ، وسجلا تاريخيا في مواجهة الأخطار الخارجية بما لا يتيح فرصة لمحتل أن يستقر فوق أرضه دون ثمن يدفعه ، وهذا ما حصل فقد انطلقت مقاومة مسلحة وعلى نحو فاجئ الولايات المتحدة ، فبدأت الإدارة الأمريكية بسلسلة من التدابير التي لا تقل سوء عن قرار الحرب ، فشرع قانون إدارة الدولة العراقية وتشكيل مجلس الحكم ليراكم المزيد من الإخفاقات الأمريكية ، وليضيف تعقيدات مستحكمة على كل الملفات السياسية في العراق  ،  بدأت إفرازاته تظهر تباعا ، وهذا ما سنحاول التعرض له  وأن يكون لانتماء الفرد إلى طائفة ما علاقة مباشرة بسلوكه السياسي أو برؤية المجتمع لدوره في الحياة العامة وتميزت السنوات التي أعقبت الغزو والاحتلال عام 2003  بدرجة مرتفعة من المشاحنات الطائفية وصولا الى استخدام العزل السكاني بالجدار الكونكريتي المشئوم والهدف منه ترويض الفرد العراقي والإقرار بالأمر الواقع والذي وصل إلى أوجه عام 2006 والعمل على  إخلاء بغداد من سكانها الأصليين حيث رفع شعار تشيعها وكان لمليشيات جيش المهدي الدور الإجرامي في هذا الاتجاه ، وإذا كانت انتخابات عام 2005 قد جاءت بنهج المحاصصة الطائفية العرقية الذي وضع أســــــا سه الحاكم الأمريكي بول بريمر ، وتم تثبيته في الدستور المهزلة المعمول به حاليا ، فإنها أدت لاحقا إلى حصول شطر عمودي داخل الائتلاف الموحد تسبب بانشقاقه فيما بعد إلى كتلتين اتضح صورتهما بعد ثلاث سنوات في انتخابات مجالس المحافظات في 31 كانون الثاني  2009  وكذلك أدت نتائج الانتخابات النيابية إلى استبعاد إبراهيم الجعفري من زعامة حزب الدعوة العميل ومجي نوري كامل العلي المالكي محله في زعامة الحزب ورئاسة الحكومة وتعرض الحزب إلى انشقاق جديد

أن الممارسات اللاحقة التي طبعت سلوك حكومة ألهالكي ، لم تتطابق مع الشعارات المرفوعة التي ابتلعتها دهاليز الصراعات السياسية الساخنة بين أطراف جمعتهم في مركب واحد ظروف وربما ضغائن ضد طرف أو أطراف أخرى وخاصة عقد الفكر القومي الثوري الذي يجسده حزب البعث العربي الاشتراكي كونه الاستجابة الحية لحاجات الأمة العربية وإنسانها التواق الى التحرر والمساواة ، ومن المؤكد أن الضغائن لا تصلح تحت أي ظرف لتكون أساسا لتحالفات سياسية ناجحة وخاصة في بلد مثل العراق الذي يريد كل طرف إزاحة الآخرين من طريقه ، مترافقا مع ضجيج عال بالدعوة إلى المصالحة الوطنية والحقيقة هي التصالح في المنافع و التضاد مع إرادة الجماهير المقهورة وتوسيع دائرة العملية السياسية  التي يدعونها  وهنا لابد من إدانة الاستئثار بالسلطة وتغييب الديمقراطية

 

يتبع رجاء"

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٠٥ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٩ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور