هل سيكون قرار المحكمة العليا الأمريكية أخر مسمار في نعش طموحات الأمة العربية ؟!!!

 
 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد

أصدرت المحكمة العليا الأمريكية يوم الخميس الماضي المصادف 21 يناير/كانون ثاني 2010 قرارا سيسمح بموجبه للشركات الأمريكية صرف كميات غير محدودة من المال لإنتخاب أو هزيمة المرشحين. أكد القرار على أن للشركات الحقوق القانونية المتمثلة بالتعديل الأول للدستور الأمريكي، وأن الحكومة لا تستطيع تحديد خطابهم السياسي. هذا يعني أن الشركات تمتلك الحق على إنفاق الكثير من المال كما يحلو لها للتأثير على نتائج الإنتخابات الأمريكية. قرار المحكمة هذا ألغى القيود القديمة التي أبرمت قبل قرن من الزمن على الشركات والنقابات وجماعات المصالح الأخرى من إستعمال خزائنهم الضخمة لمناصرة مرشح معين. كذلك قد يتناقض هذا القرار مع القرار الذي أصدرته نفس المحكمة عام 1990 والذي يحرم الشركات الخاصة من دفع أموالا بشكل مباشر الى المرشحين أثناء الحملات الإنتخابية إلا إذا دفع عن طريق لجنة للعمل السياسي أنشأت لغرض الحملة الإنتخابية وبهذا يمكن للمساهمين المتبرعين دفع المال الى هذه اللجنة.

 

المعارضون التقدميون الأمريكان لهذا القرار وصفوه بأنه يهدد بتقويض سلامة المؤسسات المنتخبة في الولايات المتحدة. كذلك أنه سيشل قدرة المواطنين العاديين، الكونجرس والولايات المختلفة على إتخاذ إجراءات ضد هيمنة الشركات على العملية الإنتخابية. الرئيس الأمريكي الأسود باراك أوباما وصف هذا القرار بأنه "نصر لشركات النفط الكبرى، بنوك الوول ستريت، شركات التأمين الصحي وغيرها من مجاميع المصالح القوية المتنفذة (اللوبيات) التي تصفف قوتها كل يوم في واشنطن لحجب أصوات الأمريكان العاديين". أحد المشرعين في الكونجرس الأمريكي وصف القرار بأنه أسوأ قرار أصدرته المحكمة العليا منذ قرارها المبرر للعبودية ضد دعوة العبد دريد سكوت الذي قدمها طلبا للتحرر من عبوديته عام 1857.

 

ماذا سيكون لو نفذ هذا القرار الجديد من تأثير على مستقبل السلام العالمي وطموحات الأمة العربية المشتة بأقطارها في الإستقلال والتحرر من التبعية الأجنبية والوصول الى غاية الوحدة المنشودة والتقدم والرخاء لشعبنا العربي من المحيط الى الخليج؟!!!

 

لو نفذ هذا القرار بصيغته الحالية سيكون له تأثير سلبي داخل الولايات المتحدة وخارجها لأنه سيطلق العنان للشركات الكبرى الإحتكارية وذوي المصالح الخاصة – المتمثلة برجال الصناعة والتجارة والمال والصناعات الحربية، وشركات مثل شركة إكسون موبيل، شركة هاليبورتون، شركة إنرون، بلاك ووتر وجودلمان ساكس، إضافة الى مختلف اللوبيات الإقتصادية والسياسية الأخرى ومنها اللوبي الصهيوني – لضخ أموال ضخمة في الحملات الإنتخابية وإختيار المشرعين من أعضاء الكونجرس لتطبيق أجنداتهم المرسومة محليا ودوليا وكذلك بمقدورهم التاثير على إنتخاب رئيسا للولايات المتحدة حسب الوصفات التي يريدونها من أجل خلق جو جديد في العلاقات الدولية، والبدأ بمنحنى جديد في مسيرة الإمبيريالية الأمريكية يهدد السلام العالمي وذلك للإستمرار في محاولة السيطرة على العالم التي بدأها المحافظين الصهاينة الجدد في عهد المجرم جورج بوش الصغير الذي إحتل ودمر كل من أفغانستان والعراق والتي إستمرت على نفس المنوال بعد أن إنتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الذي بدوره وسع العمليات العسكرية الأمريكية التوسعية لتشمل باكستان ومن المحتمل التدخل في اليمن أيضا. على الرغم من حدوثه قبل سنه من إصدار القرار الجديد من قبل المحكمة العليا فإن إختيار باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة لم يكن إختيارا إعتباطيا بل كان إختيارا مدروسا لأنه وكما تبين فيما بعد أنه واقع تحت تأثير الشركات الإحتكارية واللوبي الصهيوني وأن سياسته الخاريجية والداخلية منها لا تختلف عن سياسة سابقه المجرم جورج بوش الصغير بل هي إستمرار لها.

 

عربيا، سيكون لهذا القرار الغريب إن طبق أثر كبير على مستقبل الأمة العربية أرضا وشعبا لأنه وكما هو معروف أن الشركات الإحتكارية الكبرى وجماعات الضغط الخاصة - المعروفة بـ "اللوبي الأمريكي" التي تسهم بصورة كبيرة في تمويل الإنتخابات الأمريكية - تلعب دورا محوريا في تسيير السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية. رأس المال الصهيوني في الولايات المتحدة يتحكم في مجمل الحياة الأمريكية التي تشمل البنوك وبورصات أسواق المضاربات المالية، والتجارة والزراعة والصناعة بمختلف أنواعها، ووسائل الإعلام والسينما والبحوث الطبية والصناعية ... الخ. بمعنى أخر سيكون لرأس المال الصهيوني دور أكبر ومباشر في تسيير السياسات الأمريكية في منطقتنا العربية يصب في مصلحة الكيان الصهيوني، بعيدا عن كل حرج سياسي أو أخلاقي، ويبغي مستقبلا الى تقطيع المقطع وتقسيم المقسم من أرضنا العربية ونهب كل خيراتنا النفطية والمعدنية والمائية وإذلال شعبنا الى يوم الدين، ودق أخر مسمار في نعش طموحات أمتنا العربية المجيدة المتمثلة في الوحدة والتحرر والرخاء والتقدم، لأن امتنا العربية المشتتة بأقطارها مريضة سريريا لا حولة ولا قوة لها بسبب خيانات حكامها الفاسدين والمارقين والجهلة من أبنائها من الذين فقدوا ولائاتهم الوطنية والقومية والأخلاقية والذين ساهموا مساهمة مباشرة في تأخر هذه الأمة العريقة علميا وصناعيا وثقافيا.

 

هل سيكون لرأس المال العربي الموظف داخل الشركات الأمريكية دور في التأثير على القرار السياسي الأمريكي لمراعات المصالح الحيوية للأمة العربية إن طبق قرار المحكمة العليا بحذافيره؟!!!

 

بإعتقادنا أن رأس المال العربي خصوصا "البيترو- دولار" الموظف في الولايات المتحدة في الشركات الإحتكارية الكبرى وخصوصا شركات الصناعة الحربية والبنوك وأسواق المضاربات المالية سيضخ ويستخدم في الحملات الإنتخابية من قبل الشركات الإحتكارية الأمريكية الكبرى واللوبي الصهيوني ليس لخدمة المصالح العربية لأن ليس للمستثمرين العرب اي وزن سياسي داخل أمريكا ولأنهم مجرد تابعين ومرتبطين بالمصالح الصهيوأمريكية بعقود مذلة وطولة الأمد وكما تحدثنا عنها في عدة مقالات سابقة. إضافة أن التحالف الجديد بين الملياردير الصهيوني روبرت مردوخ الذي يبغي شراء 10% من شركة روتانا والأمير السعودي الوليد بن طلال صاحب فضائيات الروتانات في المجال الإعلامي لا يخدم مصالح الأمة العربية أو الإعلام العربي لأن الصهيوني روبرت مردوخ الذي يمتلك قناة فوكس الفضائية - المعادية للعرب - وعدد من الصحف الأمريكية والبريطانية والأسترالية والتركية عدو لدود لكل ما هو عربي. كذلك أن هذه الصفقة ستسمح للأخطبوط الصهيوني إحكام قبضته أكثر فأكثر على الإعلام العربي برمته ونشر الدعايات الصهيوأمريكية المخدرة والمدجنة للعقول في داخل بيوت وغرف نوم العوائل العربية خصوصا في هذه الفترة التي تحارب فيها الفضائيات العربية والإسلامية والتضييق على فعاليتها من قبل الولايات المتحدة بحجة أنها "تحرض على الكراهية والقتل"، حيث أن مجلس النواب الأمريكي قد أقر بأغلبية كبيرة مشروع قانون يسمح للإدارة الأمريكية إتخاذ الإجراءات الصارمة لمعاقبة قنوات فضائية في الشرق الأوسط بحجة التحريض على الإرهاب وإستعمال العنف ضد الأمريكان. القرار يدعو الى فرض العقوبات على مالكي الأقمار الصناعية التي تستخدمها تلك الفضائيات.

 

أخيرا نقول أن قرار المحكمة العليا الأمريكية الجديد يعتبر قرارا خطيرا ليس فقط على سلامة قانون الإنتخابات الأمريكية وشفافية ديموقراطية الإنتخابات أمريكيا وعالميا بل أنه أيضا تحولا خطيرا له مردود عكسي على مستقبل العلاقات الدولية والسلام العالمي، وأن رفضه ودحضه سيعتمد بالدرجة على الخيرين والقوى التقدمية اليسارية في المجتمع الأمريكي لأن هذا القرار قد يؤدي الى هلاك العالم مستقبلا أو إنهيار البعبع الأمريكي المسلح بأعتى الأسلحة الفتاكة التي صنعها العقل البشري المبدع المريض.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الأحد / ٠٩ صـفـر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور