السيادة المزعومة في ظل الإحتلال - كريستوفر حرام ونجادي حلال !

 
 
 
شبكة المنصور
ضحى عبد الرحمن - كاتبة عراقية

في البداية " لا تنسوا أختكم هبة الشمري إنها بإنتظار نخوة الشرفاء، فتضامنوا مع الحملة الوطنية لإطلاق سراحها فورا، وهذا أضعف الإيمان".

 

أمران أثارا ضجة غير معقولة في العراق خلال الفترة لقصيرة الماضية وراحت الألسن ذات اللكنة الفارسية تعربد وتهذري بفواحش الكلام في حلقات ممتلئة حقدا ولؤما! أحد الحدثين كان تهجم الشيخ العريفي على السيد السيستاني. فقد قامت قيامة رئيس الجمهورية الطالباني ورئيس الوزراء المالكي ونائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، وأجتمع البرلمان العراقي بسرعة صاروخية ليصدر بيانا يستنكر فيه الهجوم ويطالب السعودية بالإعتذار رغم ان المملكة رفضت تهجم الشيخ العريفي كما أوضح رئيس الديوان الملكي! لكن ذلك لم ينفع حيث إستمر الهجوم الإيراني العراقي المشترك على النظام السعودية اكثر من العريفي نفسه لتفريغ شحنات أحقاد طائفية بغيضة. الأمر الثاني تجلى في تصريح السفير الامريكي في العراق الذي انتقد موقف لجنة المساءلة والمعادلة لإجتثاث أكثر من (517) شخصية رشحت للبرلمان القادم. وإنصياع اللجنة لمؤثرات الاحزاب الإسلامية الحاكمة، مطالبا المرشحين بتعريف الناخب العراقي ببرامجهم السياسية خلال الفترة المتبقية. وداعيا الكتل السياسية الى تقديم انفسهم للمواطنين العراقيين والالتزام بما يعلنونه من برامج انتخابية خلال الدعاية عند توليهم المناصب البرلمانية والحكومية. وربما هذا ما أزعج الحكومة العراقية لسخافة وتفاهة البرامج السياسية للناخبين وإستخدامها لأغراض دعائية مموهة للجماهير الناخبة ينتهي مفعولها مع تسلمهم المنصب ليدخلوا في طوابير أصحاب المليارات!

 

وإنهالت الأحزاب الإسلامية بأسواط من لهيب لتجلد السفير متناسية إنه وليً نعمتهم الذي سحلهم وراء دباباته خلال غزو العراق وسلمهم مقاليد الحكم ليتحولوا من شحاذين على أرصفة الدول لأجنبية والعربية إلى أصحاب نفوذ وجاه وسلطة والأهم أصحاب مليارات. واعتبر كلام السفير تدخلا سافرا في شأن العراق الداخلي الهزيل! ذلك الشأن الخجول من مرأى السفير الأمريكي والعاري حتى من ورقة التوت أمام نجادي. وكما فشل بيان السعودية في رفض تصريح العريفي من تخفيض درجة حرارة الهجوم الأيراني العراقي المشترك كذلك فشل مسعى السفير الأمريكي كريستوفر هيل لتقليل درجة الغليان العراقي. بالرغم من توضيحه بأن حكومة بلاده تحترم مواد الدستور العراقي، بما فيه المادة السابعة الخاصة باجتثاث البعث. وأضاف بأن "اتخاذ القرار جاء في ضوء القلق من محاولة الفصل بقضايا مهمة في وقت قصير من موعد اجراء الانتخابات، كان على هيئة التمييز النظر والفصل فيه". وبالطبع خرجت ضد العريفي والسفير كريسوفر تظاهرات ممولة من قبل الحكومة والأحزاب الإسلامية لإضفاء الصفة الشعبية على موقف الحكومة.

 

رغم معرفة الحكومة والبرلمان العراقي بأن سفير الإحتلال كريستوفر بإمكانه أن يكرر فعلة منظر الزبيدي مع أرفع مسئول في الحكومة العراقية وبرلمانها مع فرق بسيط وهو ان المضروب(المتقندر) سيعيد بنفسه الحذاء لسعادة السفير بعد مسحه بملابسه والتبارك به وربما تقبيله(السفير أو الحذاء لافرق). أثر تخرصات السفيرعقد بحمد الله إجتماعا طارئا حول هذا التدخل السافر واللعين في الشأن العراقي المستقل جدا جدا جدا! وأشار بيان لائتلاف دولة القانون بلسان المالكي"لا نسمح للسفير الاميركي كريستوفر هيل بتجاوز مهامه الدبلوماسية". مؤكدا إستمرار العمل على منع "تسلل القتلة من البعثيين الى مجلس النواب". وحاول فيليب فراين المتحدث بإسم السفير هذه المرة أن يصلح الأمور موضحا بأن السفير يقوم بنفس عمل اي دبلوماسي! فهو يعرض وجهات نظر حكومته حول القضايا التي يمكن ان تؤثر على المصالح الامريكية بحيث لايتجاوز حدود الدبلوماسية المقبولة". ومؤكدا بأن القادة العراقيين "ياخذون بعين الاعتبار وجهات نظرنا ثم يتخذون قرارتهم بانفسهم! ونحن بالتاكيد نحترم السيادة العراقية".

 

لصوص النفط من حزب الفضيلة لم يفوتوا الفرصة فأدلوا بدلوهم في الموضوع لأغراض إنتخابية بحته. فقد انتقد هاشم الهاشمي تدخل السفير الأميركي في الشأن العراقي الداخلي عبر ابدائه الرأي في قرارات المؤسسات التنفيذية وفي أهلية الأشخاص الذين يديرون عملها " بشكل يتجاوز مهام عمله ويخالف الأعراف الدبلوماسية ويثير التساؤل عن دور وتأثير السفارة الاميركية في الشأن العراقي الداخلي". وكم كان بودنا لو تجاوز حزب الفضيلة منطقة الحظر الإيراني ليسمعنا تصريحات مماثلة عن تدخلات السفير الإيراني والقنصل في شئون البصرة التي كانت مثيرة للتقزز.

 

من التهديدات المضحكة ما ذكره سامي العسكري بأن إجتماع الرئاسات الأربع" سيناقش قضية التدخل الأمريكي الكبير في الشؤون الداخلية العراقية خصوصا قرار الهيئة التمييزية الذي سمح للمستبعدين بإجراءات المساءلة والعدالة بالمشاركة في الانتخابات" و بجسارة عسكرية مميزة " طرد السفير الامريكي وتبديل المحكمة التمييزية التي قررت الغاء قرار المسائلة وشمول الجميع بالانتخابات"! مسكين هذا العسكري يبدو أنه شطح بعيدا متصورا بأن "العراق في عام 2010 ليس كما كان في عام 2005" صحيح أنه ليس كذلك لأنه أصبح أسوأ بإداء حكومتكم المعوقة  وبرلمانكم الكسيح. أما طرد السفير فهو أمر مثير للحيرة! سبق أن تحدث عنه عبد العزيز الحكيم وهدد به السفير السابق خليل زاده وكان ردً زادة للطالباني بأنهم(جماعة الحكيم والدعوة) أن لم يكفوا عن الطنين كالذباب فأنهم سيرميهم إلى خارج الحدود ويعيدهم للدول التي زحفوا منها كالجراد للعراق. وسنذكر العسكري بهذا الطرد المزعوم وننعش يه ذاكرته بعد حين. أما موضوع  تبديل المحكمة التمييزية فهو دليل قاطع على صحة فصل السلطات في العراق وإستقلال السلطة القضائية وعدم خضوعها لسلطان السياسيين.

 

الآن! لنترك هذين الموضوعين جانبا مع قناعتنا الكاملة بأنه لا يجوز لأي كان من غير العراقيين يألتدخل في الشأن الداخلي العراقي. فهذا موضوع سيادي محسوم أمره ولا نقاش عليه. والمفروض ان يسري على كل الأجانب ولا يجوز الكيل بمكيالين. فأي أجنبي حكومة أو مؤسسة أو فرد بغض النظر عن جنسيته عربية كانت أو أجنبية لا يحق له أن يتدخل بشأن عراقي سواء كان إنتخابات أو غيرها من الأمور السيادية. ولكن من حقنا ان نتساءل هل الحكومة العراقية والبرلمان يتخذون من هذا الأمر كقاعدة ثابتة يتعاملون بها مع الغير كأسنان المشط؟ الماء يكذب الغطاس كما قيل والموقف الإيراني الأخير الذي سنتحدث عنه يثبت بلا شك إزدواجية المعايير في الحكومة والبرلمان العراقي! فهما متشددين مع التدخل الأمريكي ومتساهلين مع التدخل الإيراني! رغم ان الموضوع سيادي في كلا الحالتين. وهذا يؤكد ما أشار إليه الكثير من المحللين السياسيين والكتاب من تمدد الدور الإيراني في العراق في ظل إنحسار الدور الأمريكي وهو بالطبع بموافقة وتنسيق أمريكي لا يقبل الخطأ. لذلك فإن تحذير رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأدميرال مايكل مولن بأن" ايران تمد نفوذها في لبنان والعراق واليمن وغزة وأنها تسعى لزعزعة الشرق الاوسط" يبدو تافها أزاء حقيقة التوافق والتنسيق بين الطرفين. سيما إنه نوه صراحة بأن بلاده" لاتملك في الوقت الراهن خطة محددة لتوجيه ضربة عسكرية الى ايران".

 

بمناسة إحتفال الملالي في طهران بمناسبة ثورة الخميني والإطاحة بالشاه خطب نجادي كالعادة بجمهوره وبكل صفاقة ورعونية أشاد بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة لإجتثاث البعثيين, والأقبح أنه إستنكر ورفض قرار هيئة التمييز بدحض قرار هيئة المساءلة والعدالة. الأنكى من هذا كله انه أقسم بعدم السماح لعودة البعث! تخيلوا الرئيس العراقي الطالباني لا يرى بأسا من مشاركة البعثيين في الإنتخابات البرلمانية  والرئيس الإيراني نجادي لا يسمح بمشاركتهم! فأيهما الرئيس الفعلي العراق؟ الجواب معروف لا تحتاج إلى حذف إجابتين أو الإستعانة بصديق أو الجمهور فالجمهور مبتلى بهؤلاء الصعاليك. ماذا نسمي تصريح الرئيس نجادي ماعدا أنه ارعن وتافه وسخيف وغير مسئول من جانب مسئول! هل هذا التصريح يتوافق مع مزاعمه السابقة بإحترام سيادة العراق وعدم التدخل بشؤونه الداخلية والعمل الجاد لإستقراره؟ كيف يقسم على أمر لا يخص شعبه وأي تدخل سافر وسافل في الشأن العراقي؟ وهل يسمح نجادي لدول أخرى بأن تتدخل في الشأن الإيراني؟ ولماذا قلب الدنيا مدعيا بأن بريطانيا تدخلت في الإنتخابات الإيرانية الأخيرة وهي وراء الإحتجاجات والتظاهرات التي أندلعت وما رافقها من قمع وإضطهاد وتنكيل ضد الشعب الإيراني أثارت ضجة كبيرة لدى الرأي العام العالمي؟ وهل سيخرج المالكي لجنة(متابعة التدخل الإيراني في الشأن العراقي) المجمدة في فريزر الحكومة ليضيف لها هذه المادة الجديدة. وهل ستبقى كلاب إيران السائبة في العراق تنبح بعدم وجود تدخل إيراني في الشأن العراقي؟ أم ستخرس وتصمت بعد أن صدعت رؤسنا طويلا بنباحها.

 

تصريح نجادي كشف عدة حقائق مرة من أهمها ان الشيطان الأكبر بلع تصريح الشيطان الأصغر صاغرا ولم يعلق عليه! وهذا الأمر يزيل الغطاء ويكشف حجم التنسيق والتفاهم والتعاون بين الشيطانيين. والأهم من هذا إن البرلمان والحكومة من أكبرها إلى أصغرها سكتوا كالبلهاء بدون تعليق فخرست ألسنتهم العاهرة التي كانت تثرثر على العريفي وكريستوفر. التظاهرات الشعبية هذه المرة إنتفت فلم تمولها الحكومة والأحزاب الإسلامية وإعتكف المتظاهرون في بيوتهم هذه المرة فلا أجور ولا حوافز. صمت رسمي وشعبي مطبق ومذهل ينافس صمت المقابر في منتنصف الليل! ويثير الحيرة ويرسم ألف علامة إستفهام عن الدور الإيراني المرعب في العراق. وصمت عربي فاضح ومؤسف لا مبرر له كأنه إعتراف رسمي بأن العراق إنسلخ عن الأمة العربية وأصبح من حصة إيران.

 

كيف نفسر هذه المواقف المتباينة سواء الرسمية أو الشعبية؟ وكيف نفسر تجرؤ نجادي ووقاحته بشكل علني هذه المرة ليتفاخر بقوة نفوذه وسيطرته على خدمه الأذلاء في الحكومة والبرلمان العراقي؟ وكيف نفسر صمت الشيطان الأكبر عن تهور وغرور الشيطان الأصغر؟ هل نجادي هو من سيحصد ثمار العراق المحتل في المحصلة بالرغم من الكلفة الباهظة البشرية والمادية التي دفعتها الولايات المتحدة الأمريكية؟ وأين المراجع الدينية؟ لا نقصد الإيرانيين المرتبطين بدولتهم وحاخامهم الخامنئي ولكن المراجع العراقية؟ يعجز الفم عن التعبير عن موقف المسئولين العراقيين و إحتراما لصمته فأنهم يستحقون ليس كلمة هذه المرة بل بصقة وألف تفوا على وجوههم الكريهة ! والله ثم والله لا يقل عنهم عارا إلا من ينتخبهم ثانية.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٠٥ ربيع الاول ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٩ / شـبــاط / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور